«رايتس ووتش» تتهم مصر بانتهاك حقوق سجناء «العقرب» وتصفها بـ«حياة القبور»

الأربعاء 28 سبتمبر 2016 06:09 ص

اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» السلطات المصرية بانتهاك حقوق السجناء وتحدثت عما وصفته بأنه انتهاكات خطيرة في سجن العقرب الشديد الحراسة بالقاهرة.

وفي تقرير نشر اليوم الأربعاء 28 سبتمبر/أيلول، ذكرت المنظمة أن النزلاء في هذا السجن، ومعظمهم سجناء سياسيون، يعانون من العزلة والضرب والحرمان من الطعام والدواء. وتابعت أن تلك الانتهاكات المعتادة قد تكون أسهمت في وفاة بعض النزلاء.

وجاء في التقرير الذي صدر في 58 صفحة بعنوان «حياة القبور: انتهاكات سجن العقرب في مصر»، أن موظفي سجن العقرب يقومون بضرب النزلاء ضربا مبرحا وعزلهم في زنازين «تأديبية» ضيقة، مع منع زيارات الأهالي والمحامين، وعرقلة رعايتهم الطبية.

ويوثق التقرير المعاملة القاسية واللاإنسانية للسجناء على أيدي عناصر وزارة الداخلية المصرية، إذ اعتبرت المنظمة أن هذه المعاملة قد ترقى إلى مصاف التعذيب في بعض الحالات، وتنتهك المعايير الدولية الأساسية لمعاملة السجناء.

حسب التقرير، استمرت الانتهاكات في سجن العقرب، الذي يُحتجز نزلاؤه في زنازين دون أسرّة نوم أو مستلزمات النظافة الشخصية الأساسية، دون مراقبة من النيابة أو جهات الرقابة الأخرى، وراء جدار من السرّية شيدته وزارة الداخلية.

وقابلت «هيومن رايتس ووتش» 20 من أهالي النزلاء المحتجزين بسجن العقرب، ومحاميَين اثنين وسجينا سابقا، واطلعت على سجلات طبية وصور للسجناء المرضى والمتوفين.

وقال أقارب السجناء إن الظروف في سجن العقرب تدهورت كثيرا في مارس/آذار 2015، عندما عيّن الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» اللواء «مجدي عبد الغفار» وزيرا للداخلية.

وبين مارس/آذار وأغسطس/آب 2015، حظر مسؤولو وزارة الداخلية جميع زيارات الأهالي والمحامين، وعمليا جرى عزل السجن تماما عن العالم الخارجي.

التدخل في العلاج الطبي

يتدخل مسؤولو وزارة الداخلية بشكل منتظم في العلاج الطبي الخاص بنزلاء سجن العقرب. أثناء الفترة التي مُنعت فيها الزيارات، منعوا الأهالي من تسليم العقاقير الطبية غير المتوفرة في صيدلية السجن. حتى عند السماح بالزيارات يصادر الحراس أحيانا بشكل متعسف العقاقير الطبية، ويُخرجون أقراص الدواء من عبواتها ويرمون بعضها أو يخلطون الأدوية ببعضها في الحقائب، ما يعني أن في أغلب الأحيان لا تُسلم جميع الأدوية إلى الصيدلية، على حد قول الأهالي.

رفض الأمن الوطني ومصلحة السجون طلبات من السجناء بالنقل إلى خارج سجن العقرب لتلقي العلاج الطبي، رغم تصديق النيابة على بعض هذه الطلبات، وخالفوا تعليمات الأطباء عندما أعادوا سجناء قبل انتهاء علاجهم، على حد قول عدة عائلات. لم تخبر سلطات سجن العقرب على الإطلاق تقريبا الأهالي عند مرض النزلاء، أو لدى نقلهم للعلاج في عيادات أو مستشفيات خارج السجن.

ذكر التقرير أنه بين مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول عام 2015 مات على الأقل 6 من نزلاء العقرب وراء القضبان. وقابلت المنظمة أهالي 3 من المتوفين إذ اتضح أن اثنين من المتوفين شُخِّصا بالسرطان والثالث بالسكري.

وقال الأهالي إن السلطات منعت السجناء من تلقي العلاج أو تسلم الدواء في الوقت المناسب، ورفضت النظر في أمر الإفراج المشروط عنهم لأسباب طبية، ولم تحقق في وفاتهم.

وفي هذا السجن يحتجز العديد من أعضاء حزب «الحرية والعدالة» التابع للإخوان المسلمين، بينهم نائب المرشد العام للإخوان المسلمين «خيرت الشاطر»، إذ قابلت «هيومن رايتس ووتش» ابنته «عائشة الشاطر»، التي وصفت حياة النزلاء في السجن بـ«حياة القبور».

وذكرت المنظمة أن جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية هو الذي يدير سجن العقرب فعليا، مستعينا بسلطات تتجاوز سلطات القضاء.

وتابعت «هيومن رايتس ووتش» أن الوضع لم يتبدل كثيرا في سجن العقرب منذ عام 2015، مضيفة أنه يحتجز في هذا السجن نحو 1000 سجين، بحسب تقدير الأهالي.

وبين السجناء معظم القيادات العليا للإخوان المسلمين، وأعضاء في جماعة «الدولة الإسلامية» المتطرفة، وصحفيون وأطباء.

الانتهاكات البدنية والنفسية والإضراب عن الطعام

أدت الظروف المزرية في سجن العقرب ببعض المعتقلين إلى بدء إضراب عن الطعام في فبراير/شباط 2016، وبحلول الشهر التالي، انضم إليه ما لا يقل عن 57 نزيلا، بحسب أحد الأقارب. ردت السلطات، ممثلة في اللواء «حسن السوهاجي»، مساعد وزير الداخلية لشؤون السجون، بتهديد بعض النزلاء المضربين بالعنف، في حين تعرض بعضهم للضرب. بحلول أغسطس/آب 2016 القليل فقط من السجناء استمروا في الإضراب، بحسب أحد الأقارب.

تعرض أعوان السجن بالضرب المبرح لنزيل مضرب عن الطعام، كان – وبحسب قول طبيب شاورته أسرته – يعاني على الأرجح من الصرع. أدى الضرب إلى إصابته إصابات خطيرة واستلزم علاجا في مستشفى السجن، على حد قول شقيقه وأحد أقاربه الآخرين. تم إعطاؤه مهدئات قوية هو وسجين آخر دون موافقتهما، وبعدها فقد الرجل الثاني وعيه لمدة يوم ونصف تقريبا وتقيأ دما.

وأمضى الشامي – مراسل الجزيرة – شهرا في سجن العقرب، وكان مضربا عن الطعام. قال لـ هيومن رايتس ووتش إن المسؤولين حاولوا مرتين إنهاء إضرابه عن طريق إطعامه قسرا، وأعطوه مهدئا قويا دون موافقته أثناء إحدى تلك المحاولات.

وطالبت المنظمة وزارة الداخلية المصرية بإنهاء فورا حظر الزيارات التعسفي، وضمان الزيارات المنتظمة للأطباء إلى السجن مع إتاحة الرعاية الطبية بانتظام، بالإضافة إلى تزويد النزلاء بالمستلزمات الأساسية للنظافة الشخصية والراحة.

واعتبرت المنظمة أنه يجب أن تسمح الحكومة المصرية بزيارة مراقبين دوليين للسجن، وتشكل لجنة وطنية مستقلة لها سلطة إجراء زيارات غير معلنة للسجون وأماكن الاحتجاز الأخرى، وأن تحيل الشكاوى إلى النيابات العامة المختصة.

كما طالبت «هيومن رايتس ووتش» النيابة العامة المصرية بإجراء التحقيق في وفيات السجناء، وتوجيه التهم إلى المسؤولين في سجن العقرب الذين لهم صلة بأي أعمال تعذيب أو معاملة قاسية أو لاإنسانية.

المصدر | هيومن رايتس ووتش

  كلمات مفتاحية

العقرب هيومن رايتس ووتش مصر