«ستراتفور»: الطريق إلى الموصل.. كيف يبدو المشهد الميداني مع بداية المعركة؟

الاثنين 17 أكتوبر 2016 03:10 ص

بعد أشهر من التحضيرات المكثفة، بدأت معركة الموصل سريعًا. وخلال معظم العام الماضي، كانت القوات العراقية تتدفق شمالًا وتعد الضروريات اللوجستية اللازمة للهجوم. وأعلن رئيس أركان الجيش العراقي «عثمان الغانمي» في 13 أكتوبر/ تشرين الأول أن التحضيرات اكتملت، وأعطى رئيس الوزراء «حيدر العبادي» الإشارة ببدء الهجوم في وقت مبكر من اليوم 17 أكتوبر/تشرين الأول. وبنظرة على الوضع حول الموصل والقوات التي تجهزت للهجوم يمكننا أن نحصل على توقع مبدئي لما سيأتي لاحقًا.

المدينة

تقع الموصل في شمال العراق على ضفاف نهر دجلة، الذي يتدفق جنوبًا عبر المدينة باتجاه بلدة القيارة، موقع قاعدة جوية استراتيجية. والمدينة محاطة بسهول نينوى في الشمال والشرق ويحيط بها جبال بادوش وعطشان في الغرب والشمال الغربي، بالقرب من العديد من الطرق الرئيسية. يمر الطريق السريع رقم 1 عبر الصحراء في الشمال باتجاه الموصل قبل الشروع بين جبال بادوش وعطشان. ويتجه الطريق السريع رقم 80 نحو المدينة عبر سهول نينوى من الجنوب والشرق من نهر دجلة، ويؤدي الطريق السريع رقم 2 من أربيل في الغرب إلى الموصل قبل التوجه شمالًا نحو دهوك.

قبل أن يسيطر تنظيم الدولة على المدينة في 2014، كانت الموصل هي ثاني أكبر المدن العراقية من حيث عدد السكان. وشكل السنة غالبية سكان المدينة، وكانت الموصل تاريخيًا موطنًا للأقليات من الأكراد والتركمان والأشوريين والأرمن والأقلية اليزيدية كذلك. ولكن خلال فترة احتلال تنظيم الدولة للمدينة، تعرضت هذه الأقليات للاضطهاد وأجبروا على الخروج، وفر الكثير من السنة من المدينة، وهو ما قلص حجم سكان المدينة من 2 مليون إلى 750 ألف نسمة. ومع ذلك، ستكون عملية تحرير الموصل هي العملية الأكبر للجيش العراقي في الحضر.

في الوقت الحالي، تحاط المدينة من 3 جهات. يتمركز مقاتلو البيشمركة الأكراد على بعد 15 إلى 20 كيلومتر شمال وشرق الموصل، ويتواجدون جميعًا في الأرض الجبلية المطلة على سهول نينوى. تشغل القوات الأمنية العراقية الخطوط الأمامية، وهي تشق طريقها جنوبا على بعد 50 كيلومتر في منطقة قاحلة خالية من السكان. يعد الغرب هو الرابط المتبقي فقط بين الموصل وباقي الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة. ومنذ نجح الأكراد في هجوم في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2015 بأخذ سنجار وقطع الطرق الرئيسية المؤدية للغرب بما في ذلك الطريق الرئيسي الواصل بين الموصل والرقة، تعتمد الدولة الإسلامية في إمداداتها على طرق ثانوية عبر الجبال.

القوات

تم حشد من 40 ألف إلى 50 ألف مقاتل تقريبًا من أجل تحرير الموصل، تشمل أربعة ألوية من البشمركة، تستكمل بحلفاء محليين يتراوح عددهم بين 10 آلاف إلى 15 ألف مقاتل. تشكل ألوية قوات الأمن العراقية أرقام 9 و15 و16 و37 الجزء الأكبر من التحالف. كما سيكون هناك وحدات فرعية من الشرطة والميليشيات السنية تحت الطلب لدعم القوات العراقية، بالإضافة إلى آلاف من وحدات الحشد الشعبي ستكون متواجدة حول القوات للمساعدة. وفي الوقت ذاته، تقدر أعداد قوات (الدولة الإسلامية) داخل الموصل في حدود ألفين إلى 7 آلاف مقاتل.

الطريق إلى الموصل

سوف تجري المعركة على مراحل منفصلة. في المرحلة الأولى، التقدم نحو الموصل، يهدف التحالف إلى هدفين: تضييق الخناق حول الموصل ووضع المدينة تحت الحصار، وبدء التحضيرات لاختراق المدينة. ستكون قوات البشمركة بتواجدها في الشمال والشرق مفيدة جدًا في المرحلة الأولى. ومن خلال موقعهم، سيحاول الأكراد التقدم للأسفل باتجاه سهول نينوى وباتجاه الموصل. وبفعلها ذلك، لن تضيق الخناق فقط حول الموصل، ولكنا ستشتت انتباه «الدولة الإسلامية» وتفتح طرقًا بديلة للوصول إلى الموصل. وفي الوقت الذي ستتعامل فيه البشمركة في غالبية القتال في المرحلة الأولى، بمساعدة حلفائهم وقوات الأمن العراقية، سيتحرك الجزء الأكبر من القوة البشرية العراقية باتجاه الموصل من مواقعهم في الجنوب عبر الطريق السريع رقم 1 والطريق السريع رقم 80 على الضفة الأخرى من نهر دجلة. وستلعب قوات الكوماندوز العراقية وقوات العمليات الخاصة دورًا هامًا في قيادة الهجوم من الجنوب ومساعدة البيشمركة في المناطق الرئيسية.

ومن المتوقع إجراء عمليتين ثانويتين خلال تلك المرحلة. ستهدف العملية الأولى لتقليص سيطرة الدولة الإسلامية على جيب الحويجة جنوب شرق القيارة وشرق الطريق السريع رقم 1، والتي يمكن للجماعة المسلحة أن تطلق من خلالها هجماتها على الخطوط اللوجستية العراقية الرئيسية المؤدية للموصل. وسيساعد دفع تنظيم الدولة الإسلامية للخلف بعيدًا عن نهر دجلة في سحب القوات من خطوط الإمداد الدفاعية الحرجة. ومن المستحب التقدم أيضًا باتجاه جبال أدايا وعطشان وزامبر، لوضع الضغط على آخر خطوط الإمداد لتنظيم الدولة في الموصل. ويبدو أن قوات الحشد الشعبي الشيعية ستلعب دورًا مركزيًا في كلا العمليتين، وهو ما سيعطيهم دورا هاما في الوقت الذي يتجنبون الصراع الذي ربما ينتج مع السكان السنة المحليين في الموصل.

ووراء هذه الحملات، يمكن أن تشكل العمليات الثانوية في الشمال أيضًا، بما في ذلك الطلعات الجوية على تل عبطة وتل عفار وقاعدتها الجوية والقرى جنوب سنجار، دورًا كبيرًا في معركة الموصل. ستجبر مثل تلك المهام الدولة الإسلامية على إضعاف قواتها بإرسال تعزيزات للمناطق الأخرى، وحرمان الموصل من الوحدات الإضافية. وبالنسبة للتحالف، فكلما كان عدد مقاتلي الدولة الإسلامية في المناطق الحضرية في المدينة قليلًا في القتال، كلما كان ذلك أفضل.

بوضع هذا في الاعتبار، سيكون على القوات العراقية أيضًا تقرير ما إذا كانت الموصل ينبغي أن تطوق بالكامل أو بشكل جزئي خلال المرحلة الأولى. وفي معارك أخرى سبقت لتحرير مناطق أخرى من سيطرة تنظيم الدولة في سوريا والعراق، كان من الأفضل ترك طريق يسمح لقوات تنظيم الدولة بالهروب. ويرجع سبب ذلك أن القتال ضد التنظيم يفضل أن يكون في مناطق مفتوحة وليس في مناطق حضرية داخل المدينة. وليس فقط لان القتال داخل الحضر في المدينة يكون صعبًا، ولكن لأنه يكون مدمرًا أيضًا، وهو ما يريد التحالف تجنبه نظرًا لوجود كثافة سكانية عالية في الموصل بالإضافة إلى وجود مواقع تاريخية. ولكن في معارك أخرى كمعركة منبج، بدلًا من أن يستخدم تنظيم الدولة الفجوة في الهروب، فقد استخدمها في جلب تعزيزات إضافية. ولكن في هذه الحالة هنا، إذا لم يستخدم التنظيم الطريق في الهروب، فإن قوات الأمن العراقية والبشمركة ستقوم بإغلاقه.

طريق طويل وبطيء

وستتكشف المرحلة الأولى من القتال على الأرجح بعد عدة أيام، إن لم يكن أسابيع. ومع تقدم التحالف في المدينة، سيحاول تنظيم الدولة البقاء وإلحاق خسائر بها، وخاصة باستخدام الأجهزة والعبوات الناسفة. وربما تحاول المجموعة حتى الحفاظ على بعض الوجود في البلدات الرئيسية في سهول نينوى. ولكن التنظيم من المرجح أن التنظيم سيسعى للمحافظة على معظم قوته من أجل معركة الموصل الرئيسية، وسيحاول الاستفادة من المناطق الحضرية التي يسيطر عليها والدفاعات التي أنشأها هناك. بالإضافة إلى ذلك، سوف يسعى التنظيم للتمركز في مواضع داخل المدينة ليستفيد بالتواجد السكاني للحد من تهديدات الغارات الجوية.

وكما هي الصعوبة في أي معركة صعبة ومعقدة، من الممكن حدوث أخطاء خلال عملية استرجاع الموصل. فهناك خطر واضح من احتمالية حدوث اقتتال داخلي في التحالف بين الجماعات المتنوعة والمختلفة التي جمعها الصراع. سوف نتتبع المعركة عن كثب ونشاهد تقدمها وتحركها نحو الموصل، لنرى ما تخبئه الأيام.

  كلمات مفتاحية

الموصل معركة الموصل الدولة الإسلامية الحشد الشعبي الحكومة العراقية