استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«ترامب» هزم الاستطلاعات أيضا

الخميس 10 نوفمبر 2016 04:11 ص

وانتخب دونالد ترامب رئيسا، وهذه لحظة تاريخية أخرى، تأتي بعد تاريخية انتخاب أول رئيس أمريكي أسود، فالأمة التي انتخبت أول رئيس أسود في تاريخها، قبل ثماني سنوات، انتخبت رئيسا متعصبا، وعنصريا يوم أمس، والمفارقة هنا، أنه انتخب بسبب تعصبه وعنصريته، إضافة إلى عوامل أخرى معقدة. 

يعكس انتخاب ترامب فشل النخب السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة، فالإعلام الأمريكي فشل مرتين. الأولى في عكس توجهات الشعب الأمريكي الذي انتخب ترامب في النهاية، بينما اعتبر الإعلام فوزه مستبعدا. كانت أغلب استطلاعات الرأي تظهر فوز هيلاري كلينتون، على الرغم من تغيرات العشرة أيام الأخيرة مع فتح مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي أي) ملفات إيميلات هيلاري مرة أخرى. بين 21 استطلاعا للرأي قبل يوم الانتخابات، نشرها موقع "ريل كلير بوليتكس"، رجح اثنان فقط فوز ترامب. 

فشل الإعلام في عكس تنوع الأمريكيين، خصوصا الذين يعجبهم خطاب ترامب العنصري والمتعصب، فالإعلام الذي يحفل بالتعددية هنا عجز بجدارة عن إبراز شريحة واسعة من الشعب، يخالف خطابها خطاب التقليد الليبرالي السياسي الذي انتقده ترامب كثيرا، عندما شدد على مصطلحات كـ"الإرهاب الإسلامي" ونعته المكسيكيين والأمريكيين الأفارقة بنعوت عنصرية، في عبارات كانت مستفزة للإعلام الليبرالي، لكنها أثرت في جماهيرية ترامب قطعا. 

فشل الإعلام التقليدي، أيضا، في التأثير على الناخبين، فكل الصحف والقنوات التلفزيونية التي استنفرت قطاعا عريضا من الديمقراطيين والجمهوريين، وغيرهم، للهجوم على ترامب، فشلت في صد هديره الشعبوي. وكان ترامب على حق، هنا، عندما تحدث عن تزوير الإعلام استطلاعات الرأي، ربما لم يحدث تزوير بالمعنى الحرفي، لكن الإعلام كان يعكس رغبات النخبة، لا تنوع الأمريكيين، علاوة على فشله في التأثير بهم. 

الأخطر من فوز ترامب بالرئاسة أنه جاء موازيا لاحتفاظ الأغلبية الجمهورية بمراكزها في مجلسي الشيوخ والنواب، بعد انتخابات الكونغرس أمس. كان الرئيس باراك أوباما مقيدا بسيطرة الجمهوريين على المجلس التشريعي الذين عارضوا كثيرا من مشاريعه ومخططاته، أما ترامب فيأتي ليحول الصراع لتفاوض داخل الحزب الجمهوري نفسه، في ظل احتفاظ الجمهوريين بالأغلبية في الكونغرس. صحيح أن الجمهوريين، ولاسيما المؤسسة التقليدية، نأت بنفسها عن ترامب، باعتباره معركة خاسرة، إلا أن نجاحه سيلزم الحزب بإعادة صياغة العلاقة بينه وبين الرئيس الأمريكي الجديد.

يحتاج ترامب دعم المؤسسة الجمهورية التقليدية التي يقودها بول رايان، وتسيطر على الكونغرس، وهؤلاء بحاجة لقوة الرئيس، فالمصالح هنا متبادلة وحتمية، تجعل احتمالية التباينات ضئيلة، على الرغم من العلاقة المتوترة بين الجانبين، قبل هذه اللحظة. 

سيؤثر عهد ترامب كثيرا في مستقبل الولايات المتحدة، كدولة، فستكون حقبة ترامب، على الأرجح، فترة اختيار أكثر من قاض في المحكمة العليا، وإذا حدث هذا في ظل سيطرة الجمهوريين على الكونغرس، فمعناه أن المؤسسة التي عكست، إلى وقت قريب، تنوع أمريكا، بوجود قضاة محافظين وليبراليين، فإن ترامب (والجمهوريين) سيختارون قضاة أكثر محافظة، ستؤثر قراراتهم في أمريكا عقدا أو اثنين. 

يعيش العالم لحظات ترقب، مع الساكن الجديد للبيت الأبيض. وقد توازى انتخاب ترامب رئيسا في الولايات المتحدة، بما يمثله من شعبوية، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مع صعود اليمين المتطرف في أوروبا، كلها تعبيرات عن أزمة النخب الليبرالية التقليدية في العالم الغربي. الخطوط العامة لهذه اللحظة أن أفكار التعددية الثقافية والسياسية والانفتاح الاقتصادي وبناء التكتلات الكبرى على أسس ليبرالية وديمقراطية، لم تكن مصير "العالم الحر" كما يروج.

كان أوباما بمثابة الرئيس المثالي في النظام الغربي التقليدي. كان رئيسا مثقفا، وديمقراطيا، يحتفي بالتعددية العرقية والدينية، بل يمثلها باعتباره أول رئيس أسود في أمريكا. بعد هذا الرئيس تحديدا، ينتخب الأمريكيون رئيسا آخر، يمثل النقيض تماما. بل أسوأ من النقيض، انتخب الأمريكيون رئيسا داعب أكثر غرائز البشر بدائية، متمثلة ببناء "جدار" بينهم وبين "الآخر" الذي يهدد أمنهم واقتصادهم.

* بدر الراشد - كاتب صحفي سـعودي

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة دونالد ترامب هيلاري كلينتون باراك أوباما الإعلام التعصب العنصرية الحزب الجمهوري