برلمان مصر يقر قانون المنظمات المدنية رغم انتقادات حقوقية واسعة

الثلاثاء 29 نوفمبر 2016 05:11 ص

وافق البرلمان المصري، اليوم الثلاثاء، بشكل نهائي على قانون جديد لتنظيم عمل المنظمات غير الحكومية يقول منتقدوه إنه يقيد عمل المجتمع المدني، ويقضي عمليا على نشاط المنظمات الحقوقية.

كان مجلس النواب (البرلمان المصري) وافق على القانون بشكل مبدئي منتصف الشهر الجاري، لكنه أجرى تصويتا نهائيا عليه اليوم بعد مراجعة مجلس الدولة لبنوده ومواده وإدخال بعد التعديلات عليه.

وتم إقرار القانون بعد موافقة أكثر من ثلثي أعضاء المجلس عليه.

و«مجلس الدولة» هو أحد الهيئات القضائية الكبرى في مصر، ويختص بنظر القضايا الإدارية، وبه قسم للفتوى، وقسم آخر للتشريع.

ولا يحتاج القانون الجديد إلا لتصديق الرئيس «عبد الفتاح السيسي» عليه ليبدأ العمل به؛ وهي خطوة شكلية.

وقال نشطاء وعاملون في مجال التنمية في مصر لـ«رويترز» في وقت سابق هذا الشهر إن مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد يتضمن قيودا مشددة من شأنها منع العمل فعليا في مجال حقوق الإنسان وإعاقة عمل المنظمات الخيرية.

ويقول نشطاء في مجال حقوق الإنسان إنهم يواجهون أسوأ حملة أمنية في تاريخهم تحت حكم «السيسي»، ويتهمون حكومته بتقويض الحريات التي اكتسبها المصريون عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، التي أنهت حكم «حسني مبارك» بعد 30 عاما في الحكم.

وندد «علي عبد العال»، رئيس البرلمان المصري، الموالي في غالبته للنظام، بعد إقرار القانون اليوم الثلاثاء بما وصفه «باللغط»، الذي أثير حول القانون، وانتقادات بعثات دبلوماسية وجهات دولية له.

وقال: «استطيع القول إن القانون لبى مطالب مؤسسات المجتمع المدني ومتطلبات الحفاظ على الأمن المصري».

وقال النواب، الذين صاغوا مشروع القانون، إنه ضروري لحماية الأمن القومي. وكثيرا ما اتهمت الحكومة منظمات حقوق الإنسان بتلقي تمويل أجنبي لنشر الفوضى، ويخضع عدة أشخاص لتحقيقات تتعلق بالتمويل الأجنبي.

بنود القانون الجديد

ويحظر القانون على المنظمات المحلية والأجنبية الانخراط في أي عمل سياسي أو أي عمل يضر بالأمن القومي والنظام العام والآداب العامة أو الصحة العامة. واعتبرت جماعات حقوقية هذه الاشتراطات وسيلة لقمع المعارضة.

ويمنح القانون الحكومة سلطة تقرير من يحق له تأسيس جمعية أهلية وأهدافها.

ويلزم الجمعيات بالعمل وفقا «لخطط الدولة للتنمية»؛ وهو ما يضع قيودا شديدة على العمل الذي قد تقوم به في مجالات لا تعتبرها الحكومة ذات أولوية.

ويمكن أن يحبس رؤساء الجمعيات والمنظمات الذين ينقلون مقر كياناتهم بدون إبلاغ السلطات لمدة سنة.

وتضمنت التعديلات، التي أُدخلت على القانون، رفع الحد الأدنى للمبلغ المطلوب لتأسيس جمعية أو منظمة أهلية إلى 50 ألف جنيه (نحو 2785 دولارا) بدلا من عشرة آلاف جنيه.

ووفقا للقانون الجديد قد تؤدي الأبحاث الميدانية واستطلاعات الرأي التي تتم بدون موافقة مسبقة من السلطات بالباحثين إلى السجن وكذلك التعاون مع مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة بدون موافقة.

كذلك، يجرم القانون مجموعة من الأنشطة المذكورة بشكل فضفاض، مثل أي عمل للمنظمات غير الحكومية «ذي طابع سياسي» أو «ضمن نطاق» الأحزاب السياسية أو النقابات العمالية. ولا يحدد مشروع القانون هذه المصطلحات؛ ما يجعلها مفتوحة لتفسير السلطات.

وقالت الأمم المتحدة إن القانون يحول المجتمع المدني عمليا إلى فرع للحكومة.

وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير لها أمس الإثنين إن القانون الجديد «سيمنع المنظمات غير الحكومية المستقلة من العمل؛ لأنه سيجعل عملها وتمويلها خاضعين لمراقبة السلطات الحكومية بما في ذلك الأجهزة الأمنية».

ونقل التقرير عن «سارة ليا ويتسن»، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة قولها إن البرلمان «يحاول ... تفادي تدقيق الجمهور بالتعجيل في اعتماد قانون من شأنه حظر ما تبقى من جماعات المجتمع المدني المستقلة في البلاد».

وأضافت: «إذا مرر هذا القانون فسيكون من المضحك القول بأن مصر تسمح بعمل المنظمات غير الحكومية لأنه سيجعلها تحت رقابة الأجهزة الأمنية».

ودعت المنظمة الحقوقية الدولية «السيسي» إلى رفض التوقيع على القانون، مطالبه الحكومة بإعداد مشروع جديد، مع الأخذ برأي المنظمات غير الحكومية المستقلة، وبما يتوافق مع الدستور المصري والقانون الدولي.

وقال «ماينا كياي»، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إن القانون الجديد «سيدمر المجتمع المدني في البلاد لأجيال وسيحوله إلى ألعوبة في يد الحكومة».

وسيؤثر القانون على 47 ألف جماعة محلية و100 أجنبية تعمل في مصر، وفقا لتقديرات حكومية. وفي وقت سابق، وصف «ناصر أمين»، عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» شبه الحكومي، القانون بـ«الكارثي».

ويأتي صدور القانون في وقت تحقق فيه السلطات المصرية مع عشرات الجماعات الحقوقية المستقلة بمزاعم تلقيها تمويلا أجنبيا بطريقة غير مشروعة، وهي جريمة بموجب المادة 78 من قانون العقوبات، الذي عدّله «السيسي» في عام 2014، لتصير العقوبة المحتملة لذلك السجن لمدة 25 عاما.

وجمّدت محكمة جنايات القاهرة التي تُشرف على التحقيق الذي يستهدف الجماعات الحقوقية المنتقدة للحكومة، أصول 3 مجموعات و5 حقوقيين في سبتمبر/أيلول الماضي.

ومنعت السلطات أيضا أكثر من 12 حقوقيا من السفر، تمهيدا لتوجيه اتهامات جنائية لهم على الأرجح.

وسيمنع القانون الجديد الجماعات غير الحكومية من العمل دون ترخيص ضمن ما تدعوه «المناطق الحدودية». ويشمل ذلك أجزاء من شبه جزيرة سيناء (شمال شرق)، التي تشن فيها الحكومة حملة مكافحة إرهاب مسيئة، والحدود الجنوبية مع السودان، مكان احتجاج جماعات نوبية للحصول على حق العودة إلى أرض أجدادها.

ورفضت الحكومة منذ عام 2013 السماح بذهاب معظم الصحفيين أو أي جماعات حقوقية إلى شمال سيناء، مكان الاشتباكات؛ ما صعّب التأكد مما إذا كانت القوات المسلحة ملتزمة بالقانون الدولي.

  كلمات مفتاحية

مصر قانون المنظمات المدنية تمويل أجنبي هيومن رايتس

منع ناشطة حقوقية مصرية من السفر وتجميد أموالها

السلطات المصرية توقف حسابا بنكيا لـ«مركز حقوقي»