«علم الأعراق».. الخطيئة الأكبر في تاريخ العلم

السبت 24 ديسمبر 2016 04:12 ص

العلم هو واحد من أعظم الاختراعات التي وصلت إليها البشرية، لقد كان دائماً مصدر إلهام وفهم، كما إنه رفع الستار عن الجهل ووقف بوجه الخرافة، وكان الطريق نحو النمو الاقتصادي والاجتماعي منقذا عددا لا يحصى من الأرواح، لكن التاريخ أيضا يظهر أن العلم لم يكن نعمة بشكل كامل.

بعض الاكتشافات حملت لنا الضرر أكثر من الخير، ويوجد خطأ ما لن تقرأ عنه أبدا في القوائم المنتشرة على الإنترنت، أسوأ خطأ ارتكبه العلم كما نعتقد، هو تقسيم الناس إلى أعراق مختلفة.

لماذا يتربع «الأعراق» على عرش ذنوب العلم؟

العلم ارتكب أخطاء كثيرة مثل اختراع الأسلحة النووية، والوقود الأحفوري، ومركبات الكلوروفلوروكربون، هناك أيضاً البنزين المحتوي على الرصاص والـدي دي تي، كما توجد النظريات الواهية والاكتشافات المشكوك فيها مثل الأثير المضئ، وتوسع الأرض، والقوة الحيوية، وعلم الفراسة، وكثير من الأشياء الغريبة المشابهة.

ولكن نظرية الأعراق هي الذنب الأكثر وطأة لأنها تسببت في بؤس لا يوصف لكثير من الناس، واستخدمت لتبرير أعمال بربرية مثل الاستعمار والعبودية وحتى المذابح والإبادات العرقية، بل إنها تستخدم حتى الآن لشرح عدم التساوي الاجتماعي، وما تزال ملهمة لليمين المتطرف في أنحاء العالم.

كيف بدأ الذنب العظيم؟

تم اختراع الأجناس البشرية بواسطة علماء الأنثروبولوجيا مثل «يوهان فريدريش لومنباخ» في القرن الثامن عشر، في محاولة لتصنيف الأنواع الجديدة من الناس التي أدى الاستعمار الأوروبي إلى الاحتكاك بها ومواجهتها.

منذ البداية، كان لهذا العلم طبيعة تعسفية وغير موضوعية، وفي معظم الأوقات كانت الأعراق تقسم على أساس اختلاف الثقافة أو اللغة بين مجموعات من الناس بدلاً من البيولوجيا، وبقيت هذه الطريقة في التقسيم مسلّما بها حتى القرن العشرين، عندما بدأ علماء الأنثروبولوجيا في تفسير اختلافات الأعراق من ناحية بيولوجية، وقد اعتمدوا على ذلك في شرح فروقات السيكولوجية والذكاء والتعلم والمستوى الاجتماعي بين مجموعات مختلفة من الناس.

نقد قديم: هذا ليس علماً .. إنه «طبق عجة»!

لكن نظريات تقسيم الأعراق لم تسلم من النقد، بسبب كون بعض نظرياتها مستحيلة التطبيق، أحد أشهر الانتقادات التي واجهت نظرية الأعراق كان ما قالته عالمة الأنثروبولوجيا الأمريكية آشلي مونتاجو التي كتبت في عام 1941: «طبق العجة الذي يعرف باسم الأعراق لا يوجد له وجود خارج المقلاة النظرية، التي أوجدت بفضل حرارة خيال الأنثروبولوجيين».

علماء الأنثروبولوجيا .. هل يؤمنون أم يكفرون بالعرق؟

اختلاف العِرق له صدى سياسي وجماهيري في هذا العصر، فماذا يعتقد العلماء بشأنه؟ هل يظنونه ما يزال صالحاً؟

نشر مؤخراً مسح على أكثر من 3000 عالم أنثروبولوجيا، أجرته الباحثة «جينيفر فاجنر» مع فريقها، وقد كشف المسح الطريقة التي يفكر بها هؤلاء العلماء.

الباحثة الرئيسية وفريقها طلبت من العلماء أن يخبروها بردود فعلهم على 53 جملة تعلق على علم الأعراق، منها أسئلة تتساءل ما إن كان حقيقياً، أو ما إن كان عليه لعب دور في الطب، كما سألت عن دور العرق في الاختبارات الجينية التجارية، وما إن كانت كلمة «عِرق» سوف يستمر استخدامها في المستقبل أم لا.

وكانت أكثر جملة استحثت ردود أفعال كاشفة لطريقة تفكير العلماء هي «يمكن تقسيم البشرية إلى أجناس بيولوجية»، حيث رفضها بشكل عادي أو صارم 86% من المشاركين، وكذلك كان رفض العلماء للجمل المشابهة، التي تتعلق بالتقسيم على أساس بيولوجي.

نفهم من هذا أن هناك إجماع واضح من علماء الأنثروبولوجيا أن الأعراق ليست شيئاً حقيقيا، وأن معظم علماء الأنثوبولوجيا لا يعتقدون بوجود ما يسمى بـ«العِرق» في العلم.

رغم هذا .. هناك نتائج مزعجة

كانت هناك نتائج مزعجة مخفية في نتائج البحث، مثل كون علماء الأنثروبولوجيا الذين ينتمون إلى مجموعة مميزة، والتي تعني في الولايات المتحدة الرجال أو النساء البيض، كانوا أكثر تقبلاً لفكرة وجود الأعراق من المجموعات غير المميزة.

هؤلاء العلماء المنتمين للمجموعة المميزة مثلوا 75% من العلماء الذين جرى عليهم المسح، ولديهم قوة وتأثير على هذا المجال، أي إنهم الأشخاص الذين يقررون ما هو البحث الذي سيتم عمله، وما البحث الذي سيحصل على التمويل، كما إنهم من يدرب الجيل القادم من علماء الأنثروبولوجيا، وهم الوجه المعروف لدى الجمهور للإجابة عن القضايا المثارة.

هل ستقوم حرب قريبة ضد علم الأعراق؟

ما نفهمه هو أن علماء الأنثروبولوجيا مثلهم مثل كل الناس، قد يتأثرون بالانحياز اللاواعي، العائد إلى حالتهم الاجتماعية والثقافية، لهذا عليهم أن يتحدوا ذلك بشكل واعي، وأيضا عليهم أن يعطوا صوتا أكبر للمجموعات التي تنتمي تاريخيا إلى مجموعات «غير مميزة».

الدراسة دلت أيضاً أن هناك إجماعاً بين العلماء قائم على عقود من الأدلة الجينية، أن التنوع البشري لا يمكن عزوه إلى تصنيفات تسمى «أعراق».

لكن، إذا خرجنا من أبراجنا العاجية، فإننا سندرك بوضوح أنه لا يوجد طبقة سياسية أو مجتمع أوسع يتبنى هذه النظرية بشكل قوي ضد الأعراق في الوقت الحالي.

المصدر | آي لوف ساينس

  كلمات مفتاحية

علوم زائفة نظرية الأعراق الأنثروبولوجيا