لا مغـريات لشـراء الدولار في 2017

الأربعاء 11 يناير 2017 12:01 م

مع انطلاق مسيرة رفع أسعار الفائدة الأمريكية وعجز ماريو دراغي رئيس البنك المركزي الأوروبي عن التخلص من إدمان التيسير الكمي يتساءل الكثير من المستثمرين: من سيقدم على شراء اليورو خلال عام 2017؟ لكن الجواب بسيط جداً لأن العالم كله حريص على شراء اليورو والمشكلة عام 2017 ستكون في الأغلب إن كان هناك من يرغب في شراء الدولار.

ولعل منطقة الشرق الأوسط تقدم مثالاً حياً على الإقبال على شراء اليورو. فرغم انتعاش أسعار النفط تبقى عدة دول في المنطقة عرضة للعجز المالي. وتقول معلومات صندوق النقد الدولي إن السعودية مثلاً ستعاني عجزاً مالياً يساوي 10% من ناتجها الإجمالي المحلي هذا العام. ولتغطية العجز في موازناتها سوف تلجأ دول الخليج لبيع جزء من احتياطاتها من الأصول التي تحتفظ بها صناديقها السيادية.

ولا بد من تصور احتمال بيع السعودية جزءاً من حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية لتمويل مدفوعات الخزانة من رواتب الموظفين الحكوميين، وسوف يشتري هؤلاء أو قسم منهم منتجات أوروبية منها سيارات «بي إم دبليو» على سبيل المثال باليورو. فما الذي يحدث؟ تلقائياً تبيع السعودية الدولار وتشتري اليورو. وبغض النظر عن كون أحد طرفي العملية سندات خزانة والطرف الآخر سيارات،فإن ما يجري في أسواق العملات هو نفس العلاقة أياً كانت أطرافها.

وعندما تشتري دول الشرق الأوسط أصولاً ما فإنها تفضل أن تكون أصولها في الولايات المتحدة فالبنوك المركزية في هذه الدول تشتري أصولاً أمريكية تعادل ضعف باقي أصناف الأصول. وعندما تشتري هذه الدول سلعاً ومنتجات فإنها تشتري من أوروبا ضعف ما تشتريه من الولايات المتحدة. وهكذا عندما تقرر دول الشرق الأوسط بيع الأصول وشراء السلع فإن النتيجة الطبيعية هي بيع الدولار وشراء اليورو.

وهذه المعادلة ليست حكراً على دول الشرق الأوسط بل إن معظم دول العالم حريصة اليوم على شراء اليورو لأنها تفضل المنتجات الأوروبية على الأمريكية. وربما يكشف الميزان التجاري لمنطقة اليورو لدى مقارنته مع الميزان التجاري الأمريكي بعض هذه الحقائق. والصين من جانبها تميل للاحتفاظ بالأصول الأمريكية وتفضل شراء المنتجات الأوروبية. ولا يختلف الأمر كثيراً في دول آسيان أما في إفريقيا فتصل واردات الدول من السلع الأوروبية إلى ضعف مستويات وارداتها من أمريكا. وقد يختلف الأمر في دول الأمريكيتين قليلاً.

فلماذا نعتقد أن اليورو لن يجد له مشترين خلال العام الحالي وسط كل هذا التفضيل للسلع الأوروبية؟

وخلال عام 2016 قتل الأمريكيون أنفسهم ليجدوا من يقرضوه دولارهم. فمعدلات الفائدة الأمريكية لا تزال حتى الآن أعلى منها في أوروبا التي تتعامل بالفائدة السلبية.

والعائد على السندات الأمريكية أعلى من العائد على السندات الأوروبية حيث لا تزال نسبة كبيرة منها تتداول بالنطاق السلبي. وكان أداء الأسهم الأمريكية أفضل من أداء أسهم منطقة اليورو بنسبة تصل إلى 15% حيث كان أداء الأسهم الأوروبية سلبياً بوجه عام. وتبذل الولايات المتحدة كل ما بوسعها لإقناع المستثمرين بشراء الدولار ومع ذلك لا تزال تداولات اليورو أكبر من تداولات الدولار بنسبة 4% عما كانت عليه بداية عام 2016.

ومشكلة الأمريكيين أنهم بحاجة إلى بيع دولاراتهم للأجانب بشكل يومي كي يحولوا دون تراجع قيمة عملتهم. وخلال الشهور التسعة الأولى من عام 2016 كان ينبغي بيع 2.7 مليار دولار للأجانب يومياً. وهذا الرقم يزيد على حجم الناتج الإجمالي المحلي اليومي لبلد مثل هولندا. وفي أي يوم يعرض فيه الأجانب عن شراء الدولار تتراجع قيمته. وهذا مهم للغاية حالياً لأن الأجانب يريدون التريث وترقب بوادر تحركات الإدارة الجديدة قبل أن يقرروا حجم ما يشترون الأمر الذي ينعكس على ثبات الدولار.

لهذا فإن السؤال ليس من الذي سوف يشتري اليورو لأن العالم كله مضطر لشرائه لتمويل مشترياته من السلع الأوروبية. وينبغي على الأمريكيين البحث عن المزيد من المغريات لتحفيز الأجانب على شراء الدولار.

ويبدو أن الحديث عن احتمالات رفع أسعار الفائدة مرتين خلال عام 2017 سيخلق عقبات جديدة أما تسويق العملة الأمريكية لأن إقناع الأجانب بشرائها سيتطلب جهوداً ضخمة.

  كلمات مفتاحية

الدولار أسعار الفائدة الأمريكية اليورو التيسير الكمي أسعار النفط عجز الدول النفطية بيع سندات أمريكية تداول بالنطاق السلبي تداولات اليورو