«إيكونوميست»: شركات الطيران في الشّرق الأوسط تواجه ضغوطا غير مسبوقة

الأحد 19 مارس 2017 05:03 ص

في أبريل/نيسان الماضي، ادّعت شركة طيران الاتّحاد، ومقرّها إمارة أبوظبي، أنّ عام 2015 كان العام الخامس على التوالي تحقيقًا للنمو في الأرباح، بصافي أرباح للعام قيمتها 103 مليون دولار. وقد أعلن «جيمس هوجن»، المدير التنفيذي للشركة، أنّ هذه النتيجة تثبت أنّ طيران الاتّحاد «شركة طيران مربحة على نحوٍ مستدام».

لكن بعد أقل من عام، سيغادر السيد «هوجن» نفسه، والمدير المالي «جيمس ريني»، في إطار ما سمّي بـ «المراجعة الاستراتيجية على مستوى الشركة» من أجل «تحسين الكفاءة والإنتاجية والإيرادات». وبالذّهاب إلى شركة طيران الإمارات، ومقرّها دبي، نجد أنّها قد ألغت طلبات للحصول على 12 طائرة إيرباص A38 استجابةً لانخفاض في الأرباح وصل إلى 75%. أمّا الخطوط الجوية القطرية، التي تكمل عقد شركات الطيران الثلاثة الكبرى، فقد تخلّت عن خططٍ لإنشاء فرعٍ لها بالسّعودية. بعد سنواتٍ من النمو السريع والمتواصل، تتعرّض شركات الطيران الخليجية للأزمات.

لكن لا ينبغي أن يسبّب تراجع الأرباح وضعف المبيعات قلقًا كبيرًا لدى عمالقة الصناعة. فقد يرجع السبب إلى انخفاض أسعار النّفط والمخاوف حول الإرهاب التي دفعت إلى العزوف عن السفر والترحال للأعمال والترفيه، لكن على أي حال فالاقتصاد العالمي قوي ومتماسك. وإذا كانت الشركات الثلاثة قد استطاعت الصمود في الأزمة المالية العالمية عامي 2007 و2008، فإنّها بالتأكيد تستطيع مواجهة أيًّا ما كان في عام 2017. ولا تزال لديها ميزات منتجاتها من رحلات طويلة أساسية، وتمتّعها بموقعٍ طبيعي جعلها محطّة توقّف أساسية في الرحلات من آسيا إلى أوروبا وما وراءها.

لم تساعد شركات الطيران نفسها دائمًا. وخلال فترة إدارة السيد «هوجن»، قام بالاستثمار في 7 شركات طيران متأزّمة، ووحّدها تحت مظلّة مجموعة طيران الاتّحاد. واحدة من هذه الاستثمارات، وهي جت إيرويز الهندية، تحقّق الآن أرباحًا جيّدة. وهناك اثنتان أخريان، طيران صربيا وطيران سيشل، كافحتا من أجل الوصول إلى منطقة الأرباح. بينما تلاشت تلك المكاسب أمام الخسائر الفادحة في اثنتين من المغامرات، طيران برلين وطيران أليطاليا. وفي حين أعلنت شركة طيران الاتّحاد بفخر عن حصيلة 5 مليون راكب وعائدات بقيمة 1.4 مليار دولار عن طريق شركائها في عام 2015، تمّ تجاهل الخسائر تمامًا. وحاولت حكومة أبوظبي، المساهم الوحيد في شركة الطيران، أن تلتف حول الوضع بتأجير 38 طائرة من برلين إلى شركة الطيران الألمانية لوفتهانزا. لكنّ الصفقة وصلت إلى وضعٍ مؤسف. فقد وجّهت لوفتهانزا الطائرات إلى شركة يورو وينجز، وهي شركة تقدّم طيران منخفض التكلفة، وتنافس جزئيًا الشركات الخليجية.

راهنت الاتّحاد على الاستثمارات الأجنبية لأنّها كانت في حاجة لتعزيز النمو العضوي بغذاء غير عضوي. لم يحدث هذا أبدًا في حالة الشركات الأقدم والأكبر، في دبي وقطر. وعلى الرغم من أنّ كليهما يعاني أيضًا، فإنّ المشكلة تتجاوز ضعف الطلب وعدم الاستقرار السياسي. وقد حذّر «تيم كلارك»، رئيس طيران الإمارات، من «العاصفة التي تتشكل». وأشار إلى أنّه قد حذّر في التسعينات من أمرٍ ضحك عليه الجميع وقتها بسببه. لكنّ هذا الأمر بدأ يتحقّق، وبعد محاولات فاشلة عديدة، بدأت شركات ناشئة، مثل إير شاتل النرويجية وإير آسيا إكس، بالعمل على إدارة رحلات طويلة دون مزيد من الرفاهيات. ومع انخفاض أسعار الوقود وتطوّر تكنولوجيا الطيران، استطاعت تلك الشركات الحصول على مزيد من الاستدامة. وهذا ما يقلق شركات الطيران الخليجية التي طالما قدّمت رحلاتها ذات محطّة الوقوف الواحدة في صورة البديل الأفضل للرحلات دون توقف باهظة الثمن.

وفي الواقع، تدعو هذه الميزة السعرية نفسها للقلق. فقد قضت شركات الطيران الأمريكية الكبرى العامين الأخيرين في الضّغط على «باراك أوباما» للحدّ من حقوق النقل لدول الخليج، متّهمةً إيّاها بالقيام بممارسات ضدّ المنافسة. وقد نشرت دليلًا على حصول الشركات الخليجية على 42 مليار دولار كمساعدات حكومية غير عادلة. لكن لم يكن ذلك كافيًا لإقناع الإدارة الليبرالية المنفتحة على العلاقات الخارجية الودودة والعولمة السريعة.

ومع ذلك، لدى «ترامب» أولويات مختلفة. وبعد تعهّده بوضع «أمريكا أوّلًا». قد يكون الرئيس «ترامب» أقلّ تسامحًا مع الاتّهامات المتصوّرة. وينمو مثل هذا التدقيق في الجانب الآخر من المحيط، حيث يعمل المشرّعون بالدول الأوروبية على فرض رسوم على الشركات الأجنبية التي تستغل الدعم في ميزة تجارية. وإذا تمّ إقراره، فقد تخضع شركات الطيران الخليجية لنفس النوع من تحقيقات المنافسة التي أجبرت العديد من شركات الطيران الأوروبية لإعادة أموال حصلت عليها كمساعدات من الدولة بطريقة غير شرعية.

لم توقف هذه الرياح المعاكسة طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية عن زيادة قدراتها بـ 7% هذا الصيف. (ستقلّص الاتّحاد قدرتها بـ 1%). وستكون معظم الشركات الناضجة سعيدة مع هذه السرعة. لكن بالنّسبة لشركات الطيران الخليجية التي اعتادت التوسّع بوتيرة من رقمين لأكثر من عشر سنوات، فإنّها تشعر بالركود. ومع مغادرة السيد «هوجن» هذا العام، وتلميح السيد «تيم» لخروجه أيضًا، بهذا قد يغادر قريبًا اثنان من مهندسي الطفرة التي حدثت في الطيران الخليجي. وسيكون العبء على من سيأتي بعدهما لمواجهة فترة الكساد التي تلي أي فترة للنمو السريع.

  كلمات مفتاحية

طيران الاتحاد طيران الإمارات الخطوط الجوية القطرية أزمة الطيران الخليجي