الغارديان: المال قد يكون لعب دورا في رئاسة السعودية للجنة المرأة بالأمم المتحدة

السبت 29 أبريل 2017 08:04 ص

قالت صحيفة الغارديان البريطانية إنه من المرجح أن يكون المال لعب دورا في انتخاب السعودية هذا الأسبوع لرئاسة لجنة حقوق المرأة والمساواة في الأمم المتحدة.

وتم انتخاب السعودية في اقتراع سري الأسبوع الماضي بالأمم المتحدة، لـ 54 دولة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وحصلت على 45 صوتا. وبذلك ستتمتع السعودية لفترة 2018-2022 بحق التصويت والإشراف على العديد من الآليات والقرارات والمبادرات التي تؤثر على حقوق المرأة في جميع أنحاء العالم.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا القرار أثار غضب المدافعين عن حقوق الإنسان والمرأة، وكثير منهم يشيرون إلى سجل البلاد الكئيب مع حقوق المرأة كدليل على أن الأمم المتحدة حولت ظهرها إلى المرأة السعودية.

 وفي عام 2016 صنف التقرير السنوي للفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي السعودية رقم 141 من أصل 144 بلدًا من حيث المساواة بين الجنسين.

وقالت الصحيفة «في حين أننا قد لا نعرف أبدًا الدول الأعضاء التي صوتت لمقعد السعودية في اللجنة، أو لماذا فعلوا ذلك، بدأ البعض بالفعل التكهن بأن المال لعب دورًا في ذلك إلى حد ما.

وأضافت أن «8 من أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، من بينهم أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، تبيع الأسلحة إلى السعودية التي تعد أكبر مستورد للأسلحة في العالم، وقد اشترت أسلحة بقيمة 4.2 مليار دولار من بريطانيا، و760 مليون يورو من ألمانيا و20 مليار دولار من الولايات المتحدة في عام 2015 وحده».

وبعيدًا عن كونها حليفًا رئيسيًّا في الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط، فإن الولايات المتحدة هي أيضًا ثاني أكبر مستورد للنفط من السعودية.

ولفتت الصحيفة إلى أن المرأة السعودية لم تحصل إلا مؤخرًا على حق التصويت. ومع ذلك، وعلى الرغم من الخطوات التي وصفتها بالهامشية نحو التقدم، لا يزال البلد يدعم السياسات التي لا تمنع النساء من القيادة فحسب، بل تشترط قانونًا على النساء أن يحصلن من الأوصياء الذكور على إذن للقيام بالمهام اليومية الأساسية، وهي سياسة تعرف باسم نظام الوصاية، وبدأت الدولة أيضًا في استخدام الرسائل النصية لمراقبة النساء في السعودية، بجانب الحصول على إذن الأوصياء الذكور عند مغادرة البلاد.

وقالت «ربما يكون الأمر صحيحا بشأن تطوير حقوق المرأة، حيث إن رؤية المملكة 2030 وخطة التنمية الاقتصادية في البلاد تهدف إلى زيادة عمالة الإناث كوسيلة لتنويع اقتصاد البلاد المعتمد على النفط، إلا أن الناشطات في مجال حقوق الإنسان والناشطين يرون أن السعودية هي أسوأ مكان للنساء في العالم، وما زالوا يشككون في حصول السعودية على رئاسة اللجنة.

وفي وقت سابق، قالت صحيفة بيلد الألمانية الشعبية الواسعة الانتشار إن منظمات حقوق الإنسان ومنظمات مدافعة عن حقوق المرأة شعرت بالذهول حين علمت أنه تم اختيار السعودية لقيادة لجنة شؤون المرأة في الأمم المتحدة.

ونقلت الصحيفة عن بعضهم قولهم "كيف يمكن لدولة تنتهك حقوق النساء أن تنتخب في هيئة أممية تدافع عن هذه الحقوق».

وذكرت صحيفة الإندبندت البريطانية أن «هيليل نوير»، المدير التنفيذي في منظمة مراقبة الأمم المتحدة (UN Watch) ، انتقد هذه الخطوة قائلا إن «انتخاب السعودية لحماية حقوق المرأة هو كمن يضع مشعل الحرائق مسؤولا عن إطفائها»، وذلك في إشارة إلى وضع المرأة في السعودية.

وقال «نوير» إنه «من السخف انتخاب المملكة العربية السعودية لحماية حقوق المرأة، وتابع «كل امرأة في السعودية تفرض عليها من أحد الذكور اللاتي تربطهم بها صلة قرابة، ليتخذ جميع القرارات نيابة عنها، وذلك منذ ولادتها وحتى نهاية حياتها. وأضاف "النساء في السعودية تمنع من قيادة السيارات».

يشار إلى أن 23 بلدا من الدول الأعضاء في المجلس هي دول توصف بالديمقراطية الليبرالية، بما في ذلك الولايات المتحدة وأستراليا والبرازيل واليابان والنرويج وأندورا والبوسنة والهرسك و10 دول من الاتحاد الأوروبي.

وذكرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الدولية (UN Watch) أن عددا من الدول الأوروبية على الأقل صوتت لصالح منح السعودية عضوية في اللجنة الأممية الخاصة بتمكين المرأة والمساوة بين الجنسين.

يشار إلى أن السعودية اختيرت في عام 2013 عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ما أثار في حينها انتقادات واسعة للمنظمة الدولية.

اتهامات عابثة

وكانت وزارة الإعلام السعودية قد انتقدت في وقت سابق شبكة (فرانس 24) الفرنسية، بعد مزاعم روجتها الشبكة عن ملف المرأة داخل المملكة.

واتهمت وكالة وزارة الإعلام الخارجي السعودية (فرانس 24) بـ«الافتراء، والعبث» فيما تناولته من معلومات وصفتها بالمغلوطة والمحرفة، وتسيء للمملكة والمرأة السعودية على السواء.

وأكدت الوزارة (عبر حسابها الرسمي على تويتر) أن فرانس 24 وقعت في جملة أخطاء، وتجاهلت ذكر حقائق وإنجازات جديدة تؤكد التطور الذي حققته المرأة السعودية.

وقالت وكالة الوزارة -في سياق ردها على فرانس 24- إنها فبركت قصصا عن المملكة، وإن تلك القصص مليئة بالتزييف وتعوزها الدقة.

وقالت الوكالة إن فرانس 24  نشرت نصاً مزيفاً وعبثياً عن المرأة السعودية أنه لا يمكنها الخروج من المنزل دون أن يكون معها أحد من أفراد أسرتها من الذكور.

وأشارت الوكالة إلى أن الشبكة الفرنسية حملت الكثير من الأخطاء والمعلومات المفبركة التي قالت فيها إن السعوديات لا يمكنهن السفر دون ولي الأمر، موضحة أن التقرير تجاهل  الإنجازات والتطورات التي حققتها المرأة السعودية، بحسب ما نقلت صحف سعودية.

الإنجازات

وفي 2013، سمحت السلطات السعودية للمرأة بالمشاركة في مجلس الشورى، وأعاد الملك الراحل «عبد الله بن عبد العزيز» تشكيل مجلس الشورى، وأقر تعيين 30 سيدة بنسبة 20% من مقاعد المجلس الذي يضم كذلك 120 عضوا من الرجال.

وفي 12 ديسمبر/ كانون أول 2015، شاركت المرأة السعودية، لأول مرة، في الانتخابات البلدية، ترشحا وانتخابا.

وفي ديسمبر/ كانون أول الماضي، أقر الملك «سلمان» تعيين 30 سيدة، في مجلس الشورى الجديد، ليسير على ذات النهج السابق، في التعاطي مع دور المراة في مجلس الشورى.

وارتفع عدد النساء العاملات بنسبة 50% بين عامي 2010 و 2015.

وفي عام 2012 منحت المحكمة رخصة المحاماة لأول امرأة، قبل أن تنشئ «بيان الزهران»، المحامية في جدة، أول مكتب محاماة تقوده امرأة، أما كليات الحقوق في الجامعات النسائية فقد بدأت في تخريج دفعات جديدة من المحاميات.

ومنذ 2014، سمحت السلطات السعودية بتأنيث محال بيع الملابس النسائية الداخلية وأدوات التجميل، وفساتين السهرة والعرائـــس والعبـــاءات النــسائــيـــة والإكسسوارات، ومحال العطورات النسائية، ومستلزمات رعاية الأمومة، والجلابيات، والأحذية والحقائب، والجوارب والملابس والأقمشة النسائية.

قبل أن تضاف إليهم في أبريل/ نيسان 2016، أربع مهن جديدة، يسمح للمرأة للعمل فيها ليلا، هي العمل في المطابخ، ومحال المنتزهات الترفيهية العائلية، إضافة إلى العمل في المحاسبة في بيع التجزئة، ومستلزمات المحال النسائية، في ظل سعي المملكة لتأنيث وظائف أخرى.

كما أن «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، أبدت رغبتها في استحداث وظائف نسائية ضمن كوادرها.

ووفق تقرير صدر لمجلس الغرف السعودية، فإن المرأة السعودية اقتحمت في السنوات القليلة الماضية مجال المقاولات الذي كان حكراً على الرجال، إذ بلغت نسبة السيدات العاملات بهذا المجال نحو 36.6% من إجمالي عدد سجلات سيدات الأعمال.

وفي أغسطس/ آب الماضي، بدأت المديرية العامة للسجون بإعداد مدربات في المجال العسكري عبر تدريب منسوباتها لهذا الغرض، لتحقيق الاكتفاء الذاتي في إعداد المدربات لمنسوبات السجون.

وبات النساء والرجال يعملون جنبا إلى جنب مع بعضهم البعض في عدد من الوزارات، وتم ترك النساء الأجنبيات يكشفن شعرهن دون توبيخ.

مجالات وامتيازات أخرى، دخلتها وحصلت عليها المراة السعودية، خلال الشهور والسنوات الأخيرة، لم تكن متاحة في الماضي.

ففي عام 2002، سمح للسعوديات أول مرة باستخراج هوياتهن الشخصية الخاصة، رغم معارضة واسعة، على صورة الهوية، واقترحوا البصمة بديلاً لها، لكن السلطة لم تعّر اهتمام لمطلبهم ولا لاعتصامهم أمام الديوان الملكي، وجعلتها إلزامية عام 2013 على جميع النساء السعوديات.

وفي أغسطس/ آب 2013، صدر أول قانون في تاريخ السعودية يجرم العنف الأسري بهدف حمايتها منه

وشهر يناير/كانون ثان الماضي، سمح لأول مرة منذ 16 عاما، بمهرجان «جائزة الملك عبد العزيز» لمزاين الإبل بحضور النساء، ضمن عائلات لفعاليات المهرجان.

وخلال شهر فبراير/شباط، افتتحت مصممة الأزياء وسيدة الأعمال «منال الحسن» مالكة العلامة التجارية «MESKI» معملها النسائي الأول بالعاصمة الرياض الذي يضم نخبة من الخياطات السعوديات، وهو الأول من نوعه في العاصمة الرياض باعتباره معملاً نسائيًا خاصًا لتصميم الأزياء والعباءات.

عقبات

بيد أن العادات والتقاليد والموروث الثقافي لنظرة المجتمع إلى المرأة، لا يزال أحد أهم الأسباب التي جعلت من المرأة السعودية متأخرة عن نظيرتها في المجتمعات الأخرى حتى بين النساء العربيات في الحصول على كامل حقوقها.

فالمملكة لا تزال تحظر على المرأة قيادة السيارة، قد سجنت سيدات سعوديات لأنهن كسرن هذا الحظر، وعمدن إلى القيادة بأنفسهن فتم إيقافهن وسجنهن، وآخرهن «لجين الهذلول» و«ميساء العمودي».

كما تحتاج المرأة السعودية، إلى موافقة ولي الأمر (الأب أو الزوج أو الابن) للسفر خارج المملكة، كما أن موافقته ضرورية كي تتمكن من العمل أو الدراسة أو الزواج، وحتى تلقي العلاج الطبي.

وتواجه المرأة السعودية، صعوبات منتظمة عند إجراء معاملات مختلفة من دون أحد أقاربها الذكور، مثل استئجار شقة أو رفع دعاوى قضائية.

إلى جانب القيود الصارمة على ملابس وهيئة المرأة في بعض الأماكن العامة، مما يتسبب في انتقادات من جانب المجتمع الدولي حول وضع المرأة في السعودية.

المرأة السعودية أيضا محرومة من فتح الحساب البنكي أو إجراء أي معاملات مالية من دون حضور ولي أمرها.

ومنذ منتصف عام 2016، يواصل مغردون في تفعيل وسم يحمل عنوان «سعوديات نطالب باسقاط الولاية»، الذي أثار جدلاً واسعاً، ودخل قائمة الوسوم الأكثر تداولا على «تويتر»، أكثر من مرة.

يذكر أن مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ «عبد العزيز آل الشيخ»، هاجم، الدعوات التي انتشرت بكثافة خلال الشهور الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبة بإسقاط ولاية الرجل عن المرأة السعودية؛ واصفاً تلك الدعوات بأنها «جريمة تستهدف المجتمع السعودي المسلم».

وفي تقرير سابق، ذكرت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، أن نشطاء في مجال حقوق المرأة دعوا الحكومة السعودية بشكل متكرر إلى إلغاء نظام ولاية الرجل، وهو ما وافقت عليه الحكومة في 2009 و2013، بعد المراجعة الدورية الشاملة للسعودية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وتضيف المنظمة: «وبعد هاتين الجلستين، اتخذت السعودية خطوات محدودة لإصلاح بعض جوانب نظام ولاية الرجل، ولكن التغييرات التي أحدثتها تبقى ناقصة وغير فعالة، وهي لا تكفي. مازال نظام ولاية الرجل إلى اليوم دون تغيير تقريبا».

وتواجه حملة «إسقاط الولاية» المتواصلة بشكلٍ أساسي بيروقراطية الحكومة وأنظمتها، بما يفترضه ذلك من الحاجة إلى إصلاحٍ تشريعيّ عميق لعلاقة المواطِنة بالدولة، ومواجهةٍ مع المؤسسة الدينية التي ستهتمّ بحماية معاييرها ونفوذها التشريعي، ومواجهةٍ سياسية تخصّ مفهوم «وليّ الأمر» بمستوياته المتعددة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية المرأة حقوق المرأة