حملة استدعاءات جديدة لحقوقيين مصريين على خلفية قضية «التمويل الأجنبي»

السبت 13 مايو 2017 02:05 ص

شنت السلطات الأمنية في مصر، حملة على عدد من الحقوقيين والعاملين بمنظمات المجتمع المدني، حيث قامت باستدعائهم للتحقيق ووجهت إليهم اتهامات تتعلق بالإضرار بالأمن القومي وهدم أعمدة الدولة.

كشف ذلك، بيان وقعته 16 منظمة حقوقية، وصل «الخليج الجديد» نسخة منه، مشيرا إلى أن المحقق معهم، عدد من محامي مركز «هشام مبارك» للقانون، والحقوقي «محمد زارع» من مركز «القاهرة لدراسات حقوق الإنسان»، وذلك على خلفية القضية رقم 173 لسنة 2011، والخاصة بالمنظمات الحقوقية، والمعروفة إعلاميا باسم «التمويل الأجنبي».

وأضاف البيان أنه «للمرة الخامسة، خلال أقل من شهر، مثل السبت، محامون من مركز هشام مبارك للتحقيق على ذمة القضية، وذلك بعد التحقيق مع مدير المركز المحامي مصطفى الحسن في 13 أبريل/ نيسان الماضي، ومواجهته بتهم تلقي أموال للإضرار بالمصلحة الوطنية، وهدم أعمدة الدولة الأساسية الجيش والشرطة والقضاء، وإنشاء كيان يمارس عمل الجمعيات دون تسجيل، وأخيرا تهمة التهرب من سداد ضريبة إيرادات».

يشار إلى أن مركز «هشام مبارك»، مسجل كمكتب محاماة وليس كجمعية أهلية، ويعمل بالأساس على تقديم الدعم القانوني للمستضعفين من المواطنين المصريين، دون تلقى أتعاب مادية.

وبحسب البيان، ينتظر أن يمثّل بعد غد الإثنين، الحقوقي «محمد زارع» من مركز «القاهرة لدراسات حقوق الإنسان»، للتحقيق في القضية نفسها، وذلك بعد أن مثل اثنين من العاملين السابقين بالمركز للتحقيق خلال الأسابيع القليلة الماضية.

«حيث وجه لهما القاضي اتهامات لا سند لها، واستخدم الترهيب للضغط عليهما بهدف الإدلاء بمعلومات عن عمل المركز والقائمين عليه، ومحاولة الاستدلال منهما عن زملاء سابقين وحاليين بالمركز لإضافتهم لقائمة المتهمين»، وفقا للبيان.

ويعد هذا هو التحقيق الأول مع «زارع»، الممنوع من السفر منذ عام كامل (دون تحقيق أو استدعاء)، بناء على طلب قضاة التحقيق في القضية نفسها.

و«زارع» حقوقي مصري مرشح ضمن القائمة النهائية لجائزة «مارتن اينالز» المرموقة، والتي تمنح سنويا لأهم وأبرز المدافعين عن مبادئ حقوق الإنسان حول العالم، ولكنه هو وزملائه من المنظمات الحقوقية المستقلة المصرية مهددين باتهامات تزج بهم في السجون لدفاعهم عن المبادئ نفسها.

وقال بيان المنظمات الحقوقية، إن «هذه التحقيقات المستمرة منذ أكثر من عامين، والمتواترة مؤخراً، تكشف عن نية الدولة المبيتة للانتقام من المنظمات الحقوقية، من خلال توظيف القضاء في معركة سياسية ضد تلك المنظمات، أملًا في إسكات أصواتهم المندد بالانتهاكات الجسيمة التي ترتكب يومياً وبشكل غير مسبوق بحق المصريين».

ولفت البيان إلى أن «الدولة أعدت للحقوقيين عريضة اتهامات مقلقة تعمد قضاة التحقيق مواجهة الحقوقيين بها على سبيل الترهيب، ناهيك عن استغلال التحقيق مع العاملين السابقين بالمنظمات لانتزاع معلومات تحت الضغط، من أجل تعزيز إدعاءات الأجهزة الأمنية الملفقة، اعتمادًا على نبرة التهديد».

واعتبرت المنظمات أن «الهدف من تلك الاتهامات والاستدعاءات هو ترويع وتنفير جموع المصريين من التعامل مع منظمات المجتمع المدني المستقلة».

وأكدت المنظمات أنها ستواصل الوفاء بالتزامها الأخلاقي تجاه كافة الضحايا من المواطنين المصريين، أيًا كان انتمائهم السياسي أو الديني أو العرقي، وآياً كان الثمن الذي ستدفعه، مشددة على ضرورة أن تتوقف الدولة فوراً عن ملاحقة المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان.

وأضاف البيان: «إن التحقيقات الجارية بحق المنظمات الحقوقية، تكشف مهازل الانهيار التام لمنظومة العدالة في مصر، وكيفية تحكم الأجهزة الأمنية في إدارتها على نحو غير مسبوق، وتوظيفها لخدمة أهداف الإدارة السياسية الأمنية الحالية، بداية من اختيار قضاة التحقيق في القضية بالاسم وطريقة انتدابهم بالمخالفة للقانون، مرورًا بكم هائل من الانتهاكات لضمانات المحاكمة العادلة شابت القضية في جميع مراحلها، حتى أنه تم استدعاء العاملين بالمجتمع المدني للتحقيق دون السماح لهم بالإطلاع على أوراق القضية، والمبنية بالأساس على تحريات كيدية للأجهزة الأمنية».

وتابع البيان: «وبموجب هذه التحريات وحدها- ومن دون تحقيق- صدرت معظم قرارات التحفظ على الأموال والمنع من السفر على المتهمين في القضية، فضلاً عن الاستدعاءات التليفونية غير القانونية وما تحمله من نبرات تهديد بالضبط والإحضار حال عدم الامتثال لها، ناهيك عن عدم السماح للماثلين للتحقيق بالإطلاع حتى على قرارات انتداب قضاة التحقيق كأحد أبسط ضمانات التحقيق النزيه».

ولفتت المنظمات الحقوقية إلى أن «هذه الحملة المسعورة ضد العاملين بالمجتمع المدني لا يمكن أن تُفهم بمعزل عن كونها محاولة من النظام الحاكم للتغطية على فشله المستمر في مواجهة التحديات الأمنية المتجددة، بما فيها وقف نزيف الدم المستمر كنتيجة للعمليات الإرهابية المستمرة التي تستهدف المواطنين المصريين».

وختم البيان: «إذ يجدر بنظام الحكم في مصر التركيز على معالجة فشله المتواصل في التعامل مع القضايا المصيرية التي تهدد البلاد بدلا من تسخير المؤسسات الأمنية والدبلوماسية والسياسية والقضائية المختلفة وموارد الدولة المالية للتنكيل بالعاملين في المجتمع المدني».

القضية رقم 173 لسنة 2011، وجهت اتهامات إلى 43 من المصريين والأجانب، بتلقي معونات من بعض الدول بلغت 60 مليون دولار، من خلال 68 منظمة حقوقية وجمعية أهلية تعمل بمصر بدون ترخيص.

وأعادت النيابة، العام الماضي، فتح التحقيقات مرة أخرى فيها، رغم صدور حكما في القضية في يونيو/ حزيران 2013، بإدانة بعض المتهمين ومعاقبتهم بأحكام حبس تتراوح بين سنة واحدة و5 سنوات.

يذكر أن 11 حزبا ومنظمة، بالإضافة إلى لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، طالبوا في وقت سابق، بوقف استهداف المدافعين عن حقوق الانسان، مؤكدين أن المجتمع المدني المستقل هو أساس لأي حياة ديمقراطية، ووقف كافة الإجراءات العدائية المتخذة ضد المنظمات الحقوقية والقائمين عليها، ومنها المنع من السفر، وكذلك إيقاف القضية 173 لسنة 2011.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التمويل الأجنبي مصر حقوق الإنسان استدعاءات تحقيق