استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

فلسطين «قربان العرب» في الشرق الأوسط الجديد؟

الأحد 11 يونيو 2017 09:06 ص

ليس من الاسلام بشيء ذبح الاطفال والشيوخ والنساء بدم بارد، وليس من الاسلام تفتيت جثث الضحايا بعمليات انتحارية. وليس للإسلام علاقة بسبي النساء وهتك اعراضهن وبيعهن في اسواق النخاسة. وليس من تعاليم الاسلام استخدام الابرياء دروعا بشرية. 

كما ليس من الاسلام بالتأكيد حرق البشر وهم احياء، وقطع رؤوس متطوعين للعمل الخيري، وتقديم المساعدات لضحايا الاضطرابات العربية. وليس للاسلام صلة بالقتل على اساس ديني وطائفي، أو مذهبي أو عرقي أو على الهوية.

فالاسلام الذي يدعيه المتطرفون والارهابيون والقتلة والمجرمون، غريب علينا، فهو ليس الاسلام الذي ترعرعنا في كنفه، وليس الاسلام الذي تعلمناه في صغرنا في مدارسنا ومن آبائنا واجدادنا. ومن يمارسونه هم ليسوا منا ولا نحن منهم، ولا دينهم من ديننا، فلهم دينهم ولنا ديننا. والاسلام الذي يمثله «داعش» وتسميته بالدولة الاسلامية، وغيره من التنظيمات الظلامية، غرضه ربط اسم الاسلام دوما بالإرهاب، وصور الذبح والقتل والتخلف، وهو بعيد عن الدين الحنيف، دين التسامح وحب الناس والجار، واحبب لاخيك ما تحب لنفسك، الذي يؤمن به أكثر من مليار ونصف مليار مسلم،

وليس هو اسلام الخلفاء الراشدين والصديقين والسلف الصالح. واتباعه لا يأخذون بوصايا ابو بكر الصديق في وداع جيش اسامة بن زيد بن حارثة، في طريقه لبلاد الشام:

«يا أيها الناس، قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمآكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام، فإن أكلتم منها شيئاً بعد شيء فاذكروا اسم الله عليها. وتلقون أقواماً قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب (اي تأهبوا للقتال)، فاخفقوهم بالسيف خفقاً (ضربا خفيفا)».

إن ما ارتكب وما سيرتكب من مجازر وجرائم وفظائع وبشاعات، حتى في شهر رمضان الفضيل، في لندن ومانشستر وباريس وبروكسل وبرلين واسطنبول، وفي ليبيا وسوريا والعراق وباكستان، واخيرا في ايران، اعمال شيطانية اجرامية جبانة ومدانة دون تحفظ. وتبرير هذه الاعمال الوحشية البربرية بما يرتكبه ما يسمى بـ«التحالف الدولي ضد الارهاب» الذي جدده في الرياض ووسع قاعدته الرئيس ترامب، خلال القمة الامريكية/ الاسلامية، من مجازر وقتل وذبح للاطفال والنساء والشيوخ الابرياء وتدمير للقرى والمدن والبيوت، في سوريا التي كان اخرها قبل ايام، وفي اليمن وليبيا والعراق والصومال،، وأعمال التخريب والتمزيق الجغرافي، في هذه البلدان، هو تبرير مرفوض. 

إن من يُذبح من هؤلاء الابرياء في الشوارع الاوروبية والعربية والاسلامية، باسم الاسلام، هم ليسوا اعداءنا ولا محتلينا، وربما الكثير منهم مؤيد ومناصر لقضايانا. ان بعض هذه العواصم، خاصة الغربية، شهدت فعاليات احتجاجية من اجل القضايا العربية بدءا من غزة وحتى العراق، لم تشهدها ولن تشهدها أي عاصمة عربية.

وشهدت لندن خصوصا اكبر حشد معارض للحرب ضد العراق عام 2003، لم تشهده، لا من قبل ولا من بعد، تظاهرة شارك فيها اكثر من ثلاثة ملايين شخص، لمنع رئيس الوزراء حينئذ توني بلير من الدخول في الحرب مع جورج بوش الابن. نحن نتحدث عن حرب شارك فيها معظم الدول العربية، منها خدمة لمصالحها الامنية، ومنها خدمة لمصالح اقتصادية، ومنها من كان يطمع بفتات امريكي. 

وفي الوقت نفسه فإن هذه الجرائم والفظائع لن تردع القوى الكولونيالية عن مواصلة تنفيذ مخططاتها الاستعمارية في منطقتنا، وانما ستساعد في اشعال الفتن وحالة الاستقطاب، وستبقى اسواق الانظمة العربية مفتوحة امام شركات السلاح الامريكية والبريطانية، لإهدار مزيد من مليارات الدولار على صفقات سلاح لا تستخدم الا لقتل بعضنا بعضا، وأخرها صفقة السلاح التي عقدتها حكومة الرياض مع ترامب، بقيمة 110 مليارات دولار، يضاف اليها نحو300 مليار لصفقات اخرى.

هذه مبالغ كان يمكن ان تسد ديون العالم العربي بأسره، وتسمح للرياض ببسط سياساتها على مجمل المنطقة، دون ان تطلق صاروخا واحدا. وليست هذه هي صفقة السلاح السعودية الاولى والاخيرة في السنوات الماضية، فقد سبقتها صفقات اخرى، مع لندن التي كان آخرها صفقة بقيمة 4.5 مليار دولار.

وتثير هذه الصفقات مع لندن جدلا واسعا في الاوساط السياسية البريطانية، حول اخلاقيات تزويد السعودية بهذا السلاح، الذي يفتك باهل اليمن، باطفاله ونسائه وشيوخه، في حرب ضروس ضد الحوثيين الذين انقلبوا على النظام ويتلقون الدعم من ايران.

وتتهم السعودية ايضا بتمويل الارهاب، وهذا ما أكده يوم الثلاثاء الماضي وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون. في إطار رده على خلفيات الارهابيين الثلاثة الذين نفذوا عملية «لندن بريدج» شرق وسط لندن التي قتل فيها8 ابرياء، وجرح اكثر من40 آخرين، معظمهم سياح أجانب. وقال جونسون وهو السياسي، فالت اللسان دوما، إن السعودية من بين الدول التي تمول الدعاة المتطرفين.

وتتهم احزاب المعارضة الحكومة البريطانية، لا سيما وزارة الداخلية، بالتستر على مضمون تقرير حول مصادر «تمويل الارهاب»، وسط تسريبات تفيد بان محتويات هذا التقرير تركز على دور حكومة الرياض في تمويل الارهاب.

وحسب صحيفة «الاندبندت» البريطانية فان نتائج التحقيقات في التمويل الخارجي للمجموعات الاسلامية المتطرفة، التي أمر بها رئيس الوزراء السابق ديفيد كامرون عام 2015 كجزء من صفقة مع حزب الليبراليين الديمقراطيين، لدعمه في توسيع رقعة القصف الجوي البريطاني، ليشمل «داعش» في سوريا الى جانب العراق، قد لا ترى النور لحساسية محتوياته.

يذكر ان التحقيقات جرت بينما كانت تريزا ماي وزيرة للداخلية، وكان يفترض ان تنشر نتائجها في ربيع 2016.

واخيرا يبدو ان بعض المسؤولين السعوديين والإماراتيين، لا يرى الارهاب الا عبر عيون ترامب ونتنياهو، انه فقط «الارهاب الفلسطيني»، وتناسوا في احاديثهم، ارهاب «داعش» وأخواته وجرائهما وتعاليمها بالقتل والذبح وتدريبهما لجيل من الشباب، والدعم المعنوي والمالي الذي يقدمه البعض لهما.

فمثلا وزير الخارجية السعودي عادل الجبير يزج باسم حركة حماس بين تنظيمات الارهاب، ويطالب بمقاطعتها، رغم ان قائمة الاسماء التي صدرت عن اجتماع ممثلين عن السعودية ومصر والامارات والبحرين، المطلوب التعامل معها، لم تتضمن اسم فلسطيني واحد، لا من حماس ولا من الجهاد الاسلامي ولا من غيرهما.

وكان عبد الحميد الحكيم مدير مركز ابحاث في جدة، رفيق اللواء المتقاعد انور عشقي في «رحلة العشق التطبيعية لاسرائيل» اكثر كرما في حديثه للقناة التلفزيونية الاسرائيلية الثانية، بالاشارة لا الى حماس فحسب، بل للجهاد الاسلامي، ولم يشر ولو بكلمة واحدة لا لارهاب الدولة الذي تمثله اسرائيل، ولا الى احتلالها لفلسطين، ولا ارهاب «داعش» ولا «القاعدة».

وبات شبه مؤكد ان القضية الفلسطينية ستكون القربان الذي سيحاول العرب تقديمه على عتبات الشرق الاوسط الجديد (مشروع شيمعون بيريز) والسلام الاقليمي (رؤية نتنياهو) الذي تنتقل فيه اسرائيل من خانة العدو الى خانة الحليف والصديق، وهما موضوعان اشار اليهما الحكيم في لقائه التلفزيوني.

وفي الختام سأسمح لنفسي بالحديث نيابة عن معظم الفلسطينيين، لاقول للجبير والحكيم وامثاله من التطبيعيين المتأسرلين، قد تكون ومن تمثلون قادرين على الانحراف، لكن محاولتكم ستفشل في حرف البوصلة عن فلسطين، التي ستبقى قضيتها أم القضايا بعدالتها وإرادة شعبها، هذا الشعب الذي تكالبت عليه كل قوى الشر والطغيان اسرائيلية وبريطانية وامريكية وعربية، على مدار قرن، ولا يزال صامدا مصمما على تحقيق النصر طال الزمان أو قصر.

* عـلي الصالـح كاتب فلسطيني

  كلمات مفتاحية

فلسطين «قربان العرب» التطبيع مع إسرائيل «التحالف الدولي ضد الارهاب» الرئيس ترامب القمة الامريكية/الاسلامية الشرق الأوسط الجديد الاسلام القتل الطائفي المذهبية المتطرفون الارهابيون «داعش» تنظيم الإمارات السعودية تمويل اٌرهاب نتنياهو

قيادي في «حماس» يكشف ملامح من «صفقة القرن»