استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل الانقسام هو معضلة القضية؟

الأحد 11 يونيو 2017 09:06 ص

لا خلاف على أن وحدة أي شعب في مقاومة الاحتلال هي أمر رائع، ما يمنحه المزيد من القوة في مواجهة عدوه، ولا شك أن الانقسام في الساحة الفلسطينية أمر مؤسف، ونتمنى لو نستيقظ ذات صباح على وحدة شاملة.

على أن ما نسمعه منذ سنوات حيال الانقسام في الساحة الفلسطينية بين «فتح» و»حماس» يكاد يلخص التيه الذي تعيشه القضية في هذا البعد، ما يعني بمفهوم المخالفة أن عودة الحال إلى ما كان عليه قبل صيف العام 2007، سيخرج «الزير من البير»، كما يقول المثل الشعبي، وسيحقق الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وسيعيد اللاجئين؛ على اعتبار أن حلم التحرير الكامل ليس متاحا في الوضع الراهن، ولم يعد مطلبا للبعض أصلا.

والحال أن هذا الكلام لا صلة له بالواقع من قريب أو بعيد، اللهم إلا في حالة واحدة، وقد تكون المسيرة طويلة أيضا، والحالة التي نعني هي نفض القيادة الفلسطينية يدها من لعبة التفاوض والسلطة التي تعمل في خدمة الاحتلال، وتعلن انتفاضة شاملة في كل الأرض الفلسطينية حتى يندحر الاحتلال بدون قيد أو شرط عن الأراضي المحتلة عام 67. فهل هناك عاقل يقول إن القيادة الحالية تفكر في أمر كهذا، وهي التي رفضت المقاومة حين أجمع عليها الشعب الفلسطيني بكل قواه، بما في ذلك قيادته في انتفاضة الأقصى؟!

التيه الراهن لا صلة له بالانقسام، وتعنت الاحتلال لا يمت إلى هذا البعد بصلة، فقد فاوض ياسر عرفات رحمه الله الصهاينة زمنا طويلا دون انقسام، حتى يئس من الأمر في قمة كامب ديفيد صيف العام 2000، وكذلك فعل عباس ثلاث سنوات بعد عرفات، وكانت النتيجة لا شيء، بل إن الاستيطان كان يتعزز خلال المفاوضات أكثر من ذي قبل.

وإذا جئنا للحقيقة الماثلة أمامنا فيما يتعلق بخطاب إنهاء الانقسام، فلا نجد سوى خطاب يتحدث عن انتخابات للسلطة فقط، وليس كما في التفاهمات السابقة، لمنظمة التحرير (أعني المجلس الوطني). والنتيجة أنه لا يريد سوى استعادة الشرعية التي فقدها في انتخابات 2006، وحيث يعتقد بقدرته على ذلك بتحالف مع بعض القوى الأخرى، ومن خلال بعض «الشطارة»، لا سيما أن مسدسا لا يزال مصوبا باتجاه رأس الشعب الفلسطيني، ويقول له: إما أن تنتخب «فتح»، أو هو الحصار من جديد (فوز حماس من جديد ليس مستبعدا بالطبع).

هذا ما يريده عمليا من المصالحة، والنتيجة هي ضمُّ قطاع غزة للتعاون الأمني مع الغزاة في الضفة، ومعه العبث التفاوضي، ولاحقا تكرار تلك المقولات الممجوجة حول السلاح الواحد الذي يعني مصادرة سلاح المقاومة (بعضهم يتحدث عن ذلك مسبقا)، والخلاصة هي تكريس سلطة تعمل في خدمة الاحتلال، وهو جوهر وجودها في واقع الحال، وانتظار ما يعلم الجميع أن لن يأت دون مقاومة.

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو:

كيف يتم تجاهل الانتفاضة الراهنة رغم صعودها وهبوطها، ومسلسل الاستيطان والتهويد الذي يتصاعد أمام أعيننا، مع تجاهل أكبر لغطرسة طروحات الاحتلال حيال المفاوضات، ورفضه حتى مجرد تجميد الاستيطان لاستئناف التفاوض (سيذهبون إلى التفاوض دون تحقيق هذا الشرط كما تردد أول أمس).. كيف يتم تجاهل ذلك كله والذهاب نحو انتخابات لسلطة تحت الاحتلال لن تزيد الوضع إلا انقساما على انقسامه الراهن؟!

ما الذي سيترتب على هذه الانتخابات غير تكريس مشروع السلطة التي تعيش تحت عباءة الاحتلال وتوفر له الأمن، بينما تنتظر «عطاياه» من أموال الجمارك والضرائب، ويتسوَّل قادتها بطاقات الفي آي بي من أجهزة العدو الأمنية؟! وقد يتطور الأمر إلى حل مؤقت بدويلة على 10 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية بدون قدس ولا سيادة.

إن المطلوب هو وحدة ميدانية على خيار مواجهة الاحتلال، وإذا كانت قيادة السلطة تقول أنها مع المقاومة الشعبية (الحقيقية طبعا؛ بما تعنيه من اشتباك مع حواجز العدو، وعصيان مدني وإعلان مناطق محررة)، فلتطرح هذا الخيار، بينما ينحصر الحديث عن الانتخابات في تلك المتعلقة بمنظمة التحرير، ويتم التوافق على إدارة مدنية للضفة والقطاع لا صلة لها بالسياسة؟

وحدها انتخابات المجلس الوطني في الداخل والخارج (لأن ثلثي الشعب يعيشون في الخارج) لإعادة تشكيل منظمة التحرير، إذا كانوا معنيين بانتخابات بالفعل، وتوحيد الجميع تحت لوائها هي المنطقية، أما التعامل مع السلطة بوصفها دولة، فهو تشويه لحقيقة الصراع مع العدو، ووضع للعربة أمام الحصان، وخضوع لشروط سلطة صُممت لخدمة الاحتلال.

الأزمة في حقيقتها هي أزمة «فتح» التي ينبغي أن تصحح مسارها وتستعيد دورها كحركة تحرر تمَّ تحويلها إلى حزب سلطة لم يغادر منذ خسر الانتخابات هاجس استعادة الشرعية في انتخابات جديدة، فضلا عن الإصرار على برنامج التفاوض.

وإذا ما صححت الحركة مسارها بالفعل، فإن توحّد سائر القوى في ميدان المقاومة سيكون ممكنا كمسار واقعي لتحرير الأرض، وبعد ذلك يمكن الحديث عن منافسة على القيادة والسلطة وفق أسس ديمقراطية.

* ياسر الزعاترة كاتب صحفي أردني/فلسطيني 

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية

الانقسام الفلسطيني قضية فلسطين وحدة الشعب مقاومة الاحتلال انقسام الساحة الفلسطينية «فتح» «حماس» إخراج «الزير من البير» الدولة الفلسطينية القدس عودة اللاجئين حلم التحرير الكامل القيادة الفلسطينية لعبة التفاوض والسلطة خدمة الاحتلال الانتفاضة الشاملة الأراضي المحتلة عام 67