دراسة: المرأة أقوى من الرجل وأطول عمرا

الاثنين 12 يونيو 2017 06:06 ص

هل النساء أضعف من الرجال؟ قد يقول غالب الناس «طبعًا»، ولكن أليس المرزة هي التي تلد، وتهتم ببيتها وأسرتها إضافة لعملها إن وُجِد، كما تعيش بمعدل أطول من الرجل.

الكاتبة «أنجيلينا سايناي» حاولت في مقال لها بجريدة «الغارديان» البريطانية معرفة سبب مرونة جسد المرأة وقدرته على الصمود أكثر من الرجل، والأهم البحث وراء لمَ أن النساء هن الأطول عمرًا من الرجال.

تقول «أنجيلينا»: «منذ أربعة أعوام حسب ما نقل موقع هافينغتون بوست، أُجري لي نقل دم في جهدٍ محموم من الأطباء لمساعدتي في البقاء على قيد الحياة، وكنتُ راقدةً في سريرٍ بأحد المستشفيات بعد ولادة ابني في اليوم السابق. وكانت عائلتي في غاية السعادة، فقد أنجبتُ لهم صبيًا. وكانت البالونات الزرقاء تملأ الغرفة احتفالاً بأنَّ هناك طفلًا قد بدأ رحلته ليصبح رجلاً بعد أعوام. ولم يكن سيصبح قرة عيني فحسب، بل هو من سيفتح لي في يوم من الأيام برطمانات المربى، وهو البطل الذي سيقوم بالإصلاحات المنزلية بنفسه، ويتخلص من القمامة. لقد وُلِدَ ليكون قويًا لأنَّه ذكر».

وتتابع أن «القوة البدنية يمكن تعريفها بطرق مختلفة. وكان الشيء الذي لم أتعلمه بعد هو أنه تحت جلدنا نحن النساء، يتدفق مصدر قوة لم يفهمه العلم حتى الآن بشكل تام. فقدرتنا على النجاة والصمود أكبر من الرجال، والأهم من ذلك هو أننا ولدنا بهذه القدرة».

ويقول «ستيفن أوستاد»، الخبير الدولي المُتخصص في الشيخوخة، ورئيس قسم البيولوجيا بجامعة ألاباما الأميركية: «إلى حدٍّ كبيرٍ في كل مرحلةٍ عمرية، يبدو أنَّ قدرة المرأة على البقاء على قيد الحياة أكبر من الرجل». وعلى مدى ما يقرب من عقدين من الزمن تقريبًا، كان «أوستاد» يدرس واحدةً من أفضل الحقائق المعروفة والخاضعة للأبحاث الآن في علم الأحياء البشرية؛ وهي أن النساء يعشن حياة أطول من الرجال. وتُبين قاعدة بيانات طول العمر الخاصة به أنه في جميع أنحاء العالم، وبالعودة إلى السجلات القديمة قدر الإمكان، تتفوق النساء على الرجال بنحو خمس أو ست سنوات. ويصفهن «أوستاد» بأنهن «أكثر قوة».

وتؤدي هذه الشدة، أو الصلابة، أو القوة الخالصة، مهما كان مُسماها، وهي القدرة على البقاء على قيد الحياة، إلى كسر الصورة النمطية عن النساء، وفقًا للكاتبة. التي قالت أن «المرأة القوية جسديًا تقريبًا تُعَد أسطورة. فنحن ننظر إلى الرياضيات العظيمات كما لو أنهن مخلوقات من عالم آخر. ولم تستطع الأسطورة اليونانية عن نساء الأمازون المحاربات سوى تصور أنهن قويات مثل الرجال، وبهذا يكسرن قوانين الطبيعة».

وتتابع «نحن لسنا كذلك، فنحن النساء العاديات لدينا نصف قوة الجزء العلوي من جسم الرجال فحسب. ونحن أقصر بنحو ست بوصات، اعتمادًا على المكان الذي نعيش فيه. ونحن نمتلك نوعًا من القوة، لكنها قوة عاطفية وفكرية. ونقول لأنفسنا إن القوة لا تكمن في أجسادنا».

ويقول «أوستاد» إن الأمر ليس كذلك. و«أوستاد» هو واحد من بين مجموعة صغيرة من الباحثين الذين يؤمنون بأن المرأة قد يكون لديها مُفتاح إطالة الحياة. ففي أواخر مراحل الشيخوخة، تُصبح الفجوة بين الجنسين أوضح.

وحسب تقرير لـ«بي بي سي»، تعيش النساء بنسبة تقرب من 5% أكثر من الرجال. وكما ذكرت إحدى المقالات مؤخرًا، فإن «أفضلية البقاء هذه، اللافتة للنظر بثباتها، تعمل لصالح النساء مقارنة بالرجال في مراحل الحياة الأولى والأخيرة أيضًا، وفي مجمل الحياة تُلاحَظ في كل بلد وفي كل عام، وحيثما توجد سجلات معتمدة للمواليد والوفيات. لعلنا لا نجد نمطًا أكثر قوة من هذا في علم الأحياء البشري».

ووفقًا لإحصائية صادرة عن المجموعة العالمية لبحوث علم الشيخوخة، فإن 43 شخصًا فقط حول العالم يتجاوزون سن الـ110 أعوام. ومن بين هؤلاء المُعمِّرين هناك 42 امرأة.

وكشفت مقابلة مع «فيوليت براون»، أكبر مُعمِّرة على مستوى العالم حاليًا، تبلغ من العمر 117 عامًا وتعيش في دولة جامايكا، أنها تستمتع بأكل السمك والضأن. وكانت تعمل كعاملة بالمزارع. ويكشف أسلوب حياتها القليل من الأدلة حول كيفية بقائها لفترة طويلة على قيد الحياة. ولكن أحد العوامل التي نعرفها التي ساعدتها في البقاء هو كونها امرأة.

 

فرص النساء للحياة أعلى وهن أجنة!

ومع ذلك فهناك القليل من الأبحاث الغريبة لشرح التفسير البيولوجي وراء ذلك. وما يعرفه العلماء هو أن هذ الأمر لا يظهر في الفترة العمرية الأخيرة من الحياة فقط. فهو موجود منذ لحظة ولادة الفتاة. 

وتقول «جوي لاون»، مديرة مركز صحة الأم والبالغين والإنجاب وصحة الطفل في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي: «عندما نكون في وحدة حديثي الولادة، ويولد صبي، نعلم أنّه، من الناحية الإحصائية، احتمال موته أكبر لكونه صبيًا فقط». وتوضح «جوي» أن مليون طفل يموتون في يوم ولادتهم كل عام على مستوى العالم.

ولكن في حالة تلقِّيهم نفس المستوى من الرعاية بالضبط، فإن الذكور إحصائيًا يكونون في خطرٍ أكبر بنسبة 10% من الإناث. ما يجعل قوة الأطفال الإناث الكبيرة لا تزال لغزًا بشكل عام.

وتُشير الأبحاث التي نشرها علماء في جامعة أديلايد الأسترالية عام 2014 إلى أن مشيمة الأم قد تأخذ سلوكًا مختلفًا وفقًا لجنس الطفل، وتبذل المزيد من الجهد للحفاظ على الحمل وزيادة المناعة ضد العدوى. ولأسباب غير معروفة، ربما تكتسب الفتيات قدرة أكبر على البقاء على قيد الحياة في الرحم.

وأيًا كان مصدر تلك القوة، يبدو أن المرأة تصبح محمية ضد المرض في المستقبل. وتقول «كاثرين ساندبرغ»، مديرة مركز دراسة الاختلافات بين الجنسين في الصحة والشيخوخة والأمراض في جامعة جورجتاون الأميركية: «يُصاب الرجال بأمراض القلب والأوعية الدموية في وقت مبكر أكثر بكثير عن النساء. وكذلك تكون سن بداية ارتفاع ضغط الدم لدى الرجال مبكرًا. وهناك فروق بين الجنسين في معدلات تطور الأمراض».

ووجد «أوستاد» أنه في الولايات المتحدة عام 2010، تُوفيت النساء بمعدلاتٍ أقل من الرجال، وكان 12 من أصل 15 من الأسباب الأكثر شيوعًا للوفاة تشمل السرطان وأمراض القلب، وذلك عند تعديلها حسب العمر.

هذا فيما عدا ثلاثة استثناءات، منها أن احتمال موت الجنسين نتيجة مرض باركنسون أو السكتة الدماغية متساوٍ تقريبًا، وأن النساء كن أكثر عرضة من الرجال للموت نتيجة مرض الزهايمر. وقال «أوستاد»: «بمجرد أن بدأتُ في الدراسة، وجدت أنَّ المرأة لديها مقاومة لجميع الأسباب الرئيسية للوفاة تقريبًا».

 

ما أسباب طول عمر النساء؟

وأشارت «بي بي سي» إلى أن هناك العديد من الآليات المحتملة التي تؤدي لطول عمر النساء، بداية من مجاميع المادة الوراثية، والتي تُعرف باسم الصبغيات أو الكروموسومات، الموجودة ضمن كل خلية. توجد تلك الكروموسومات في شكل أزواج، وللإناث زوجان من الكروموسومات «إكس»، وللذكور كروموسوم «إكس» و «واي».

لعل هذا الاختلاف هو ما يغير بمهارة الطريقة التي تعمر بها الخلايا. بامتلاك كروموسومين من نوع «إكس»، فإن الإناث يمتلكن نسخًا مزدوجة من كل جين، أي أن لديهن احتياطيًا في حال اختلال عمل أحدها.

أما الذكور فليس لديهم ذلك الاحتياطي. النتيجة هي أن عمل العديد من الخلايا قد يصيبه الاختلال عبر الزمن، مما يجعل الذكور معرَّضين بشكل أكبر لمخاطر الإصابة بالأمراض.

ومن البدائل المحتملة الأخرى فرضية «قلب المرأة الراكض»، وتقول هذه الفرضية إن معدل ضربات قلب المرأة يتسارع خلال النصف الثاني من الدورة الشهرية، مما له نفس منافع القيام بتمارين معتدلة. النتيجة هي تأخير مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية في مراحل لاحقة من الحياة. أو قد تتعلق المسألة ببساطة بالحجم فقط.

ولفتت «أنجيلينا» في مقالها في «الغارديان» إلى أنه حتى عندما يتعلق الأمر بالسعال ونزلات البرد اليومية، تتميز المرأة عن الرجل. وتضيف: «إذا نظرت إلى جميع أنواع العدوى المختلفة، ستجد أنَّ النساء لديهن استجابة مناعية أكثر قوة. وإذا كانت هناك عدوى سيئة حقًا، فإنها تبقى على قيد الحياة بشكل أفضل».

وإذا كان الأمر يتعلق بمدة الإصابة، تستجيب النساء بشكلٍ أسرع. وتُعَدُّ الهرمونات أحد التفسيرات لذلك. فالمستويات المرتفعة من هرمون الأستروجين والبروجسترون يُمكن أن تحمي المرأة ببعض الطرق، وليس فقط من خلال جعل أجهزة المناعة لديها أقوى، ولكن أيضًا من خلال جعلها أكثر مرونة، ما قد يُساعدها في الحفاظ على صحة الحمل. فنظام مناعة المرأة يكون أكثر نشاطًا في النصف الثاني من دورة الطمث، عندما تكون قادرة على الحمل.

 

مواطن ضعف النساء

وعلى الجانب السلبي، فإن استجابة المناعة القوية أيضًا تجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والتصلب المتعدد. فالجسم جيد للغاية في مكافحة العدوى التي تهاجم خلاياه. وهذا قد يُفسر لماذا تميل النساء إلى الشكوى من الألم والمرض بشكل أكبر من الرجال.

ويقول «أوستاد» عن ذلك: «يُعد ذلك أحد السلبيات المصاحبة لقدرة المرأة على البقاء على قيد الحياة بشكلٍ أفضل. فهي تبقى على قيد الحياة، ولكن ربما ليس بشكلٍ سليمٍ تماماً كما كانت من قبل».

والعامل الآخر هو ببساطة أن الرجال يموتون بنسبة أكبر. ويضيف «أوستاد»: «يرجع جزء من السبب في أن عدد النساء اللاتي يُعانين من سوء الصحة أكثر من الرجال إلى حقيقة أن النساء نجوا من أحداث كان من شأنها أن تقتل الرجال، وبالتالي فإن الرجال المقابلين لهن الذين أُصِيبوا بنفس الأمراض لم يعودوا على قيد الحياة».

 

الاختلافات الاجتماعية

وعندما يتعلق الأمر بالفارق البيولوجي في الجنس، فإن كل شيء ليس دائمًا كما يبدو. وعلى الأقل فإن بعض الاختلافات بين الجنسين في الصحة والبقاء على قيد الحياة قد تكون اجتماعية، ما يعكس اختلافًا في سلوكيات الجنسين.

فقد تكون النساء أكثر طلبًا للحصول على المساعدة الطبية على سبيل المثال، وقد يكون لدى الرجال أنظمة غذائية أسوأ أو يقومون بأعمال أكثر خطورة. ومع ذلك، فإن «أوستاد» و«كاثرين» مقتنعان بأن الطبيعة تتسبب في القدر الأكبر من تلك الظاهرة.

 

كيف نجت النساء رغم الصعوبات؟

وإذا كانا محقين، فإن ذلك يُثير معضلة علمية أعمق. فأجسامنا تكيفت على مدى آلاف السنين مع بيئاتنا. فما الذي قد يكون أعطى الجسد الأنثوي قدرًا أكثر بقليل من هذه القوة السحرية في مسيرة تطورنا في الماضي؟ وكيف ولماذا قد يكون أحد الجنسين قد طور من قدرته على البقاء على قيد الحياة بخلاف الآخر؟

توفر الدراسات عن مجتمعات الصيد وجمع الثمار، أي قبل ظهور المستوطنات الثابتة والزراعة، بعض الأدلة. فكثير من علماء الأنثروبولوجيا الذين يدرسون المجتمعات القبلية في إفريقيا، وأميركا الجنوبية، وآسيا، وأستراليا يعتقدون أن البشر في وقت مبكرٍ كانوا يعيشون حياة متساوية تمامًا، ويتقاسمون مسؤولية الغذاء والمأوى وتربية الأطفال. فنموذج «فلينستون»، حيث تمكث الزوجة في المنزل والزوج يُحضّر لحم الخنزير، بعيد عن نموذج الحياة في الماضي. وبدل من ذلك، تُظهِر الأدلة أن المرأة كانت تؤدي على الأقل نفس العمل البدني الذي كان يقوم به الرجل، ولكن مع العبء الإضافي لتربية الأطفال.

ويقول «ميلفين كونر»، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة إيموري في أتلانتا، الذي أمضى سنوات من العمل الميداني في مجتمع صيد وجمع الثمار في إفريقيا: «هناك إجماع عام الآن على أن مجتمعات الصيد وجمع الثمار، وإن لم تكن المساواة فيها تامة، كانت أقل تفاوتًا، ولا سيما فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين. وبسبب حجم نشاط الجماعة، على الأرجح كان من المستحيل على الرجال استبعاد النساء».

  كلمات مفتاحية

المرأة الرجل أقوى قوة الجنس البشري التطور دراسة تطور الجسم الصحة الحياة

دراسة حديثة: ملامح وجه المرأة تحدد صفاتها الشخصية ومستقبلها

للمفاجأة .. عقول النساء لا تختلف كثيرا عن عقول الرجال!

العناق.. طبيب يداوي العشاق فقط!

دراسة: تعيين المرأة في الحكومات يقلل نسب وقوع الفساد

بايدن يحتفل بعامه الثمانين.. 3 رؤساء وملوك عرب سبقوه لهذا العمر