حقيقة إقالة مدير مكتب «البشير» لتآمره مع دول خليجية

السبت 17 يونيو 2017 08:06 ص

قال المغرد السعودي الشهير «مجتهد» إن إقالة الرئيس السوداني «عمر البشير» لمدير مكتبه «طه عثمان» جاءت على ما يبدو بعد رصد مكالمة له مع السعودية والإمارات تآمر فيها لتحويل موقف السودان ضد قطر بأي وسيلة.

من جانبها، أوضحت الأكاديمية الأردنية والباحثة السياسية الدكتورة «فاطمة الوحش» أن إقالة «عثمان» المقرب من الإمارات جاءت بعد أن كشفت الاستخبارات التركية تحركاته ومحاولة انقلابه.

وأقال «البشير»، الأربعاء الماضي، مدير مكتبه ووزير الدولة بالرئاسة الفريق «طه عثمان» من مناصبه، وتم اقتياده لمكان مجهول، قبل السماح له بالمغادر للسعودية برفقة زوجته، بعد وساطات سعودية بالسماح له بالمغادرة بعد اقتياده من المطار إلى جهة غير معلومة.

وأشارت التفسيرات المتداولة على صفحات الصحف السودانية، إلى الربط بين هذه الإقالة والدور المحتمل لـ«عثمان» في الانقلاب بتخطيط وتمويل دولتين خليجيتين ودولة عربية مجاورة، خصوصا بعد نجاح السلطة في الحصول على تسجيلات تثبت خطته للانقلاب على الحكم بالتنسيق مع كلتا الدولتين، وتسريب صورة لتحويل بنكي إلى حسابه ببنك أبوظبي، بقيمة 30 مليون دولار.

وكان مصدر صحفي محلي ذكر أن الاهتمام بما يتم تداوله حول إقالة الفريق «طه عثمان» يرجع إلى المساحات الواسعة التي أتيحت للرجل ليلعب فيها أدوارا ظلت محل إخفاق طيلة السنوات الأخيرة.

وقال المصدر إنه منذ العام 2014 بدأ نجم «عثمان» في الظهور وبات يزداد لمعانا كلما انحلت عقدة من تعقيدات العلاقات السودانية الخليجية، لا سيما فيما بين الخرطوم والرياض وأبوظبي إلي أن جاءت عملية «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية ضد «الحوثيين» في اليمن والذي يعتبر «عثمان» المهندس الأساسي في ترتيب مشاركة القوات السودانية فيها.

وذكر المصدر أن مساحات «عثمان» توسعت أكثر حينما أعلن هو عن قطع السودان لعلاقاته مع إيران الحليف الاستراتيجي طيلة سنوات العزلة، وعندما أعلنت واشنطن في يناير/كانون الثاني الماضي تخفيف العقوبات المفروضة علي السودان حيث نسب «عثمان» الفضل في تخفيف العقوبات لنفسه ولأدواره التي لعبها مع ولي ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان».

وأشار المصدر إلى ظهوره عقب أزمة التراشق بين السودان ومصر وهو يحمل رسالة من «البشير» إلي الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» رغم وجود لجان من الخارجية معنية بملف العلاقات بين الخرطوم والقاهرة، بجانب حضوره الملفت في القمة الإسلامية الأمريكية التي عقدت في مايو/أيار الماضي، بالرياض ومصافحته الباسمة للرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» الذي رفض حضور «البشير» للقمة رغم دعوة العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز» المسبقة له.

رجل الخليج

وظل كان «عثمان» على مدار 10 سنوات الأخيرة، رجل السعودية القوي في السودان، والمسؤول الأول عن توسيع صلاحيات ونفوذ المملكة على الأراضي السودانية، فضلا عن مساعيه الدائمة لهندسة مواقف السودان الخارجية، حسب ما تقتضيه بوصلة المملكة الخارجية.

ولعب الفريق «عثمان دور الوسيط كذلك للأمير الشاب «محمد بن سلمان» في الاتصال ببعض الدول الأفريقية، وبالتحديد إثيوبيا وإريتريا وموريتانيا، مستخدما صلاته الوثيقة التي تجمعه بقادة هذه الدولة، للاندماج في تحالف «عاصفة الحزم»، الذي كان الراعي الأساسي له الأمير السعودي الشاب، فضلا عن تنظيم 40 زيارة للرؤساء دول أفريقية للسعودية.

وكان «عثمان» إحدى الأذرع التي استخدمها «بن سلمان» لتسويقه داخل بلاده وخارجها؛ إذ أخذت تصريحات «عثمان» تمتدح حكمة «بن سلمان»، وتثني على جهوده لدى الولايات المتحدة الأمريكية لرفع العقوبات عن السودان.

وكانت آخر زيارة رسمية لـ«عثمان» للمملكة، بعد تمثيله للرئيس السوداني «عمر البشير»، للمشاركة في القمة العربية الإسلامية الأمريكية، بعد اعتذار «البشير» عن المشاركة فيها، لأسباب فسرها مراقبون آنذاك كونه صادرا بحقه قرار من «المحكمة الجنائية الدولية» على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم حرب.

وفي دلالة واضحة على التوتر الملحوظ في العلاقات بين السودان والإمارات، وعدم قدرة الأخيرة على إخضاع بلاد وادي النيل لسيطرتها، وإدراجها ضمن مناطق نفوذها الخارجي، انسحب رئيس الحكومة حاكم دبي الشيخ «محمد بن راشد آل نهيان» خلال كلمة «البشير» في المؤتمر الاقتصادي المصري الذي عقد في مارس/آذار 2015.

وأعطى الانسحاب الضوء الأخضر لرجل السودان النافذ من جانب الدولة العربية؛ كي يكون وسيطا بينها وبين بلاده، في سبيل تذليل الصعوبات التي تحول دون توسيع النفوذ الإماراتي داخل السودان، وإخضاع حكم «البشير» للسطوة الإماراتية.

وتجلت أدوار هذه الوساطة في لقاءات رسمية بين «عثمان» وولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» بقصر الشاطئ، مبعوثا عن الرئيس السوداني، وأخرى مع «منصور بن زايد»، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، خلال العام الماضي، ساهمت في إذابة الجليد بين البلدين، وإحياء النفوذ الإماراتي داخل السودان، بعد فترات خفوت وقطيعة دامت لسنوات.

وتكللت مساعي «عثمان» بنشاط ملحوظ للاستثمارات الإماراتية على الأراضي السودانية بقيمة تقدر بـ20 مليون دولار أمريكي، وزيارة استثنائية  للرئيس السوداني «عمر البشير» إلى دولة الإمارات، في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، برفقة الفريق «عثمان»، لرفع درجة التنسيق بين الجانبين.

ومنحت الإمارات لرجلها القوي مقابلا ثمينا حيال أدواره ووساطاته الممتدة، والتي شملت منحه حق احتكار تصدير جمال السباق لها، ولعدد من الدول، وهي تجارة تدر ملايين الدولارات.

المصدر | الخليج الجديد + ساسة بوست

  كلمات مفتاحية

السودان الإمارات السعودية قطر البشير عثمان محمد بن زايد محمد بن سلمان انقلاب