رويترز: ارتفاع الخسائر الروسية في سوريا في 2017

الأربعاء 2 أغسطس 2017 03:08 ص

توضح بيانات وزارة الدفاع الروسية أن 10 من رجال القوات المسلحة في روسيا سقطوا قتلى في القتال الدائر في سوريا حتى الآن خلال العام الحالي.

غير أن رويترز تقدر أن عدد القتلى الفعلي للروس من الجنود والمشاركين في القتال بعقود خاصة لا يقل عن 40 قتيلا وذلك بناء على روايات أسر القتلى وأصدقائهم ومسؤولين محليين.

ويفوق هذا الرقم للقتلى في سبعة أشهر تقدير رويترز لعدد القتلى الروس من رجال القوات المسلحة والمتعاقدين في سوريا على مدار الأشهر الخمسة عشر السابقة وهو 36 قتيلا فيما يشير إلى زيادة كبيرة في معدل الخسائر البشرية في ميدان القتال مع تزايد الدور الروسي.

وأغلب الوفيات التي توصلت إليها رويترز أكدها أكثر من شخص واحد بما في ذلك أشخاص كانوا يعرفون القتيل أو مسؤولون محليون.

وفي تسع حالات تأكدت رويترز من صحة تقارير عن قتلى في وسائل الإعلام المحلية أو وسائل التواصل الاجتماعي وذلك بالرجوع إلى مصدر آخر.

وربما تكون هذه البيانات متحفظة بعض الشيء إذ أن القادة العسكريين يحثون أسر القتلى على التزام الصمت على حد قول أقارب وأصدقاء لعدد من المقاتلين القتلى سواء من رجال الجيش الروسي أو من أصحاب التعاقدات الخاصة.

والعدد الحقيقي للخسائر البشرية في الصراع السوري موضوع حساس في روسيا التي تقدم وسائل الإعلام فيها تغطية إيجابية لتطورات الصراع وذلك قبل الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل التي يتوقع أن يفوز فيها الرئيس فلاديمير بوتين.

ويعد حجم الخسائر البشرية العسكرية في أوقات السلم سرا من أسرار الدولة منذ وقع بوتين مرسوما قبل ثلاثة أشهر من بدء روسيا عملياتها في سوريا. ورغم أن روسيا تكشف عن بعض القتلى فهي لا تذكر الرقم الإجمالي للخسائر البشرية.

وربما يسهم في تفسير بعض التناقضات في المعلومات أن روسيا لا تعترف صراحة بأن متعاقدين يخوضون القتال إلى جانب الجيش إذ أن وجودهم في سوريا يمثل فيما يبدو مخالفة لحظر قانوني على مشاركة المدنيين في أعمال قتالية في الخارج كمرتزقة.

نفي روسي

وقال «ديمتري بيسكوف» المتحدث باسم الكرملين في مؤتمر صحفي عبر الهاتف الأربعاء إن أي مواطنين روس يقاتلون مع القوات الحكومية في سوريا عبارة عن متطوعين ولا علاقة لوزارة الدفاع الروسية بهم.

وقال «بيسكوف» «إذا كان هناك مواطنون روس في سوريا فهم متطوعون والدولة لا علاقة لها بهم».

من ناحية أخرى نقلت وكالات أنباء روسية عن وزارة الدفاع نفيها تقرير رويترز عن ارتفاع الخسائر في الحملة العسكرية الروسية بسوريا ووصفته بأنه كذبة من الألف إلى الياء.

ونقلت الوكالات عن «إيجور كوناشينكوف» المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية قوله «ليست هذه المرة الأولى التي تحاول رويترز من خلالها، وبأي وسيلة، تشويه العملية الروسية التي تهدف إلى تدمير إرهابيي الدولة الإسلامية وإعادة السلام إلى سوريا».

وكانت الحكومة نفت في السابق أنها لا تعلن أرقام الخسائر بالكامل في سوريا التي دخلت موسكو الصراع الدائر فيها منذ ما يقرب من عامين دعما لرئيس النظام السوري بشار الأسد أحد أوثق حلفائها في الشرق الأوسط.

وتمر شهور على مقتل جنود قبل أن تعلن روسيا دون ضجة عن حدوث بعض الخسائر بما في ذلك سقوط متعاقدين عسكريين.

 وتحصل أسر القتلى على أوسمة وفي بعض الأحيان تطلق السلطات المحلية أسماء الجنود القتلى على المدارس الذي درس فيها هؤلاء الجنود أثناء طفولتهم.

ومن بين القتلى الأربعين حصلت رويترز على أدلة أن 21 منهم من المتعاقدين و17 من جنود الجيش. ولم يتضح وضع القتيلين الآخرين.

مهمة غامضة

ولا يعرف الكثير عن طبيعة العمليات التي يشارك فيها الروس في سوريا. فقد ركزت روسيا في البداية على توفير دعم جوي لقوات النظام السوري غير أن معدل الخسائر البشرية يشير إلى تزايد التدخل البري.

فآخر مرة سقط فيها أحد الطيارين الروس في سوريا كانت في أغسطس/ آب 2016 كما أن روسيا منيت بأول خسائر جسيمة على الأرض هذا العام في يناير/ كانون الثاني عندما سقط ستة متعاقدين عسكريين قتلى في يوم واحد.

وسبق أن نشرت رويترز تقارير عن وجود فروق بين تقديراتها للخسائر البشرية والأرقام الرسمية غير أن الفارق اتسع بشكل ملحوظ هذا العام.

وكشفت السلطات الروسية أن 23 من رجال الجيش قتلوا في سوريا على مدار 15 شهرا في 2015-2016 في حين توصلت رويترز إلى أن عدد القتلى بلغ 36 قتيلا بمن فيهم المتعاقدون.

ومن المتعاقدين الخاصين الذين لم تعترف السلطات رسميا بمقتلهم في سوريا الكسندر بروموجايبو (40 عاما) من مدينة بيلورشينسك في جنوب روسيا. فقد قال صديق طفولته أرتور ماروبيان لرويترز إنه قتل في سوريا في 25 أبريل/ نيسان.

ويقول ماروبيان الذي زامله أثناء الدراسة إن بروموجايبو سبق أن شارك في القتال في حرب الشيشان مع وحدة خاصة من قوات المظلات الروسية.

وقال إن صديقه القتيل كان يواجه الصعوبات في تدبير نفقاته أثناء العمل حارسا في بلدته وكان يحتاج للمال لبناء بيت يعيش فيه مع زوجته وابنته الصغيرة.

وفي العام الماضي، قرر الانضمام إلى صفوف المتعاقدين العسكريين الذين يعملون مع وزارة الدفاع الروسية في سوريا وحصل على وعد بالحصول على مرتب شهري يبلغ 360 ألف روبل (6000 دولار) أي تسعة أمثال المرتب العادي في روسيا.

وتقول مصادر متعددة إن المتعاقدين العسكريين يُرسلون سرا إلى سوريا تحت قيادة رجل اسمه الحركي واجنر.

ومن الناحية الرسمية لا توجد في روسيا شركات عسكرية خاصة. ولم تستطع رويترز الاتصال بقادة المتعاقدين الروس في سوريا من خلال معارفهم.

وقال «ماروبيان» متذكرا آخر حوار دار بينه وبين صديقه «قلت له إن في ذلك خطورة وإنه لن يحصل على المال دون مقابل لكني لم أستطع إقناعه».

ويقول «ماروبيان» إنه حصل على عرض العمل في منشأة عسكرية تتبع وكالة المخابرات العسكرية الروسية بالقرب من قرية مولكينو. وتتبع الوكالة وزارة الدفاع وليس لها متحدث باسمها.

ولم يرد الكرملين على طلبات للتعليق على ذلك.

وقد توجه «بروموجايبو» إلى المنشأة لإجراء اختبارات اللياقة البدنية وفشل مرتين في اجتيازها. ولم يُقبل إلا في المرة الثالثة بعد أن فقد 55 كيلوجراما من وزنه عقب تدريبات استمرت سبعة أشهر.

وقال «ماروبيان» غادر (روسيا) في فبراير (شباط)" مضيفا أنه لم يعلم بمقتل صديقه في سوريا إلا عندما أعيدت جثته إلى بلدته في أوائل مايو/ أيار.

وقال شخص آخر كان يعرف «بروموجايبو إنه مات في سوريا.

ولم تستطع رويترز التوصل إلى الموقع الذي لقي فيه بروموجايبو حتفه في سوريا.

وفي أواخر مايو/ أيار، قال «ايجور ستريلكوف» الزعيم السابق للمتمردين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، والذي ظل على اتصال بالمتطوعين الروس الذين انتقلوا إلى ساحات القتال في سوريا، إن متعاقدين عسكريين من روسيا قاتلوا مؤخرا بالقرب من مدينة حمص السورية إلى جانب مقاتلي حزب الله اللبناني المدعوم من إيران.

تغطية شواهد القبور

وتم نقل «جينادي برفيلييف» اللفتنانت كولونيل بالجيش الروسي والبالغ من العمر 51 عاما إلى سوريا للعمل كمستشار عسكري.

وقد قتل في قصف خلال رحلة استطلاعية في 8 أبريل/ نيسان حسبما قاله زملاء سابقون له في مدرسة شيليابينسك العسكرية العليا لقيادة الدبابات.

وقال أحد الزملاء ويدعى «بافل بيكوف» لرويترز «أصابت عدة جرامات من المعادن قلبه».

وأكد زميل سابق لرويترز أن «برفيلييف» قتل في سوريا في رحلة استطلاعية.

ولم يظهر اسمه في الإخطارات الرسمية لوزارة الدفاع عن القتلى العسكريين في سوريا.

ودُفن في مقبرة عسكرية جديدة تخضع لحراسة مشددة خارج موسكو يتعين على زوارها إبراز جوازات سفرهم ويسألون عند المدخل عن القبر الذي يريدون زيارته.

وعلى شاهد قبر برفيلييف كانت صورته تغطي اسمه وتاريخ وفاته.

وكانت الصور تغطي أيضا الأسماء وتواريخ الوفاة على قبور عدد آخر من قتلى القوات المسلحة في سوريا دُفنوا على مسافة قريبة.

وكانت الأسماء واضحة على قبور أخرى ليس أصحابها من بين الضحايا الذين سقطوا في سوريا.

وسئل «اندري سوسنوفسكي» المسؤول بالمقبرة عما إذا كان ذلك تدبيرا خاصا من تدابير السرية فقال إن الأسماء مغطاة مؤقتا لحين التمكن من إقامة شواهد مناسبة.

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

روسيا سوريا بوتين مقابر الأسد القوات الروسية

87 مليار دولار خسائر سوريا خلال 8 سنوات