استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عن أي انتخابات يتحدثون والعراق مقسم؟

السبت 12 أغسطس 2017 02:08 ص

ما يشغل بال وأعمال وآمال رموز الطبقة السياسية العراقية الطافية على سطح السلطة وما حولها، والطاغية باستبدادها بمغانمها، ليس البحث في معالجة أسباب تعاظم مخاطر العنف والتطرف والإرهاب في العراق، أن كان «داعشيا» أو «قاعديا» أو بعثيا أو سنيا أو شيعيا أو كرديا.

وليس الكيفية التي تتم بها إزالة الآثار الكارثية لعمليات التحرير والتدمير شبه الكامل والشامل لأغلب المدن والأقضية والنواحي والقصبات العراقية من سنجار نزولا حتى جرف الصخر، مرورا بأيسر الموصل ويمينها والحويجة وبيجي وتلعفر، وكل وحدات محافظات صلاح الدين والأنبار وديالى، ومناطق حزام بغداد.

وليس تقصي عوامل الفشل المطبق لما يسمى بالعملية السياسية المعلنة في العراق منذ احتلاله عام 2003 وحتى الآن، وليس الوقفة المخلصة لوضع اليد على أسرار إخفاقات خطط إعادة إعمار العراق، رغم مخصصاتها الفلكية التي تجاوزت 260 مليار دولار، التي يشهد على فسادها واقع المدن الخربة في جنوب ووسط العراق، والأزمات المزمنة في خدمات الماء والكهرباء والصحة والتعليم والطرق والجسور.

وليس الانهماك في إيجاد الصيغ المناسبة لتعزيز دور البطاقة التموينية للمساهمة في رفع المستوى المعاشي لفقراء العراق، الذين يتجاوز عددهم 12 مليونا، وبحسب إحصاءات وزارة التخطيط العراقية لعام 2016 فإن نسبة الفقر تخطت 35%، خاصة بعد صعود أرقام النازحين إلى ما يقارب 5 ملايين نازح، وليس معالجة النسب المخيفة للبطالة التي تجاوزت 40 في المئة، بحسب وزارة العمل العراقية، بالاضافة للبطالة المقنعة التي يفضحها الرقم الخرافي لأعداد الموظفين الحكوميين، 4 ملايين ونصف المليون، في حين كان عددهم قبل 2003 مليونا وربع المليون.

ما يشغلهم هو تعزيز حصصهم ومغانمهم وبكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، التي سيعيد إنتاجها التحاصص الانتخابي المزمع انجازه في 20/ 4/ 2018، فالمفوضية الجديدة التي سيقرها برلمانهم هي كسابقتها 9 مفوضين لا يجري تمرير أسمائهم إلا اذا ضمنت الكتل المتنفذة وجود من يمثلها بينهم، وهؤلاء عبارة عن أذرع تطول كل شاردة وواردة في توابيت الأصوات. مايشغلهم هو التكيف مع الحالة العامة والظهور بمظهر المستجيب لتطلعات الناس بالتغيير، حيث تحامل الأغلبية على الخطاب الطائفي والديني المتشدد.

ومن هنا راح المتهافتون يتلحفون بعباءات جديدة عناوينها لا تفارق مفردات الوطن والتمدن، منهم عمار الحكيم الذي أعلن خروجه من «المجلس الأعلى» وشكل تنظيما جديدا اطلق عليه اسم «تيار الحكمة الوطني» الذي سيستفيد من تجربة كتلة «دولة القانون» التي يرأسها نوري المالكي، حيث نجح في الانتخابات السابقة حين جمع كتلا صغيرة في تجمع كبير نواته حزب الدعوة، وعليه فالحكيم سيستقطب كتلا اخرى للتحالف معه بما فيها كتلة المجلس التي يقودها همام حمودي، وأي كتلة صغيرة أخرى تتخادم معه، ومثله فعل سليم الجبوري عندما سجل قائمته الانتخابية باسم «وطن»، ومحمود المشهداني الذي انفرد بقائمة بعنوان جديد هو «وحدة ابناء العراق».

وكما هو واضح فإن جميع الكتل تقريبا كيفت نفسها مع متطلبات قانوني الاحزاب والانتخاب الجديدين، اللذين وضعا أصلا لخدمة من مررهما حيث سيكون الاكثر استفادة من مزاياه هو الأكثر انقساما إلى كتل أصغر سرعان ما تتكتل مجددا تحت خيمة نيابية واحدة، وفي المقبل من الأيام سيتماهى المتبقون مع السابقون كي لا تفوتهم مغانم الحصاد الجديد.

بحسب نائب رئيس مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات كاطع الزوبعي، فإن المفوضية قادرة على إنجاز ما مطلوب منها من استحقاقات. فبعد إقرار قانون الاحزاب أصبح هناك 94 حزبا مسجلا ومؤهلا للمشاركة بالانتخابات المقبلة بشقيها المحلي للمحافظات والعامة للبرلمان الاتحادي، لكن أغلب المتابعين لا يرون ذلك، لأن المشكلة تكمن في الخلافات السياسية بين الكتل البرلمانية حول إقرار نهائي للقانون الانتخابي، الذي يريد أن يفصله كل طرف على مقاساته.

وحتى نظام سانت ليغو الانتخابي لم يسلم من تجاوزاتهم، والأهم من ذلك، الأجواء العامة التي لا تتيح للملايين المشاركة الحرة، إضافة إلى إصرار قيادة اقليم كردستان على اجراء استفتاء للانفصال عن العراق، بعد أن استكملت شروط استقلالها الذاتي، إداريا وسياسيا وأمنيا وحتى اقتصاديا، وبعد أن ضمنت سيطرتها العسكرية والإدارية على أغلب المناطق المتنازع عليها، بما فيها محافظة كركوك.

وبعد أن كرّس واقع العملية السياسية غير الوطني سلوكها الانعزالي والاستقطاعي والانفصالي، وهي مستفيدة بابتزازها للوهن العراقي باكثر من استفادتها من تداعيات الانفصال نفسه، وتدريجيا هي لم تستبق من عوامل الوحدة مع العراق إلا على الشكلي منها كبقاء ممثليها في البرلمان العراقي، ورفع العلم العراقي إلى جانب علم كردستان، لتجنب العتب عليها من قبل الدول المتنفذة، مثل أمريكا والاتحاد الاوروبي وايران وتركيا.

عمليا طبق اقليم كردستان أجندة كونفدرالية بشعارات فيدرالية وهو الآن يطبق أجندة انفصالية بشعارات كونفيدرالية.

ثلث سكان العراق في حالة نزوح والأغلبية في حالة انعدام للاستقرار الامني والمعاشي، وما زالت أحلام الهجرة تراود مئات الالوف من الشباب العراقي عامة ومن الاقليات خاصة، التي لا تستطيع حماية نفسها من أذى وعنف وإرهاب المتنفذين وميليشياتهم، وهنا ليس تنظيم «داعش» وحده من يمارس أعمال التنكيل، فمن هجر الصابئة والمسيحيين وحتى السنة من مناطق الجنوب وبغداد ليس «داعش» وإنما الميليشيات الشيعية، لان داعش لم يصل البصرة ولا ميسان ولا بغداد أو واسط.

السلاح منفلت والامن غائب وقانون القوة هو السائد، 65 ميليشيا مسلحة تتوزع مدن العراق في الجنوب والوسط، وبعد تأسيس الحشد الشيعي اصبح ضالتها فهي تحتمي به على اعتباره تنظيما شرعيا برعاية الدولة، وبإمرة القائد العام للقوات المسلحة، وبعد انطلاق الحملات العسكرية التي شاركت بها هذه الميليشيات كان سلوك اغلبها سائبا وطائفيا وثأريا وارهابيا لان العقيدة الوطنية غائبة عنه.

فالولاء الاقوى للمرشد وقاسم سليماني، ومن الواضح أن للنسبة العالية من البطالة دورها الكبير وراء تطوع كل من هب ودب من شباب الجنوب والوسط لتلك الميليشيات، وهو السبب نفسه الذي يشرح أسباب تزايد عمليات السطو والخطف والابتزاز في والجنوب والوسط وعلى أيدي منتسبي تلك الميليشيات ذاتها. 

الآن قادة هذه الميليشيات يعتبرون انفسهم اصحاب فضل ويدعون بانهم هم من وقف بوجه «داعش» وعليه يطالبون بحصة في الحكم تناسب تضحياتهم وحصانة تحميهم من أي ملاحقة قانونية، وعليه يتوجس الأهالي شرا من موعد الانتخابات المقبلة لانها ربما تكون مجهزة بكل انواع اسلحة الحشد ومن خلفهم فيلق القدس برعاية المالكي وصاحب فيلق بدر وكل الاسماء المتداولة.

* جمال محمد تقي كاتب عراقي

  كلمات مفتاحية

العراق الطبقة السياسية العراقية العنف والتطرف الإرهاب في العراق «داعش» عمليات التحرير التدمير شبه الكامل والشامل العملية السياسية إعادة إعمار العراق الأزمات المزمنة البطاقة التموينية