فيلم وثائقي يكشف تفاصيل اختطاف 3 أمراء سعوديين معارضين

الأربعاء 16 أغسطس 2017 11:08 ص

بثت قناة «بي بي سي» العربية فيلما وثائقيا كشف تفاصل جديدة متعلقة باختطاف 3 أمراء من «آل سعود» انشقوا عن النظام وأصبحوا معارضين له واتخذوا من أوروبا مقرا اختياريا لهم، حيث عرف الأمراء الثلاثة بانتقادهم العلني والدائم للسلطات والمسؤولين ونظام الحكم في السعودية.

وأشار التقرير إلى وجود أدلة تؤكد أن الأمراء الثلاثة اختطفوا وتم ترحيلهم إلى السعودية، وعقب ذلك انقطعت أخبارهم بالكامل.

كما أكد التقرير أن عملية الاختطاف جاءت متسقة مع برنامج حكومي تقوده الدولة بشكل منهجي لاختطاف المنشقين والمعارضين السعوديين.

وظهر في الفيلم الوثائقي الأمير «خالد بن فرحان آل سعود» الذي يعيش في ألمانيا (لاجئ سياسي) وقدم إفادته عن نظام الحكم في المملكة، وقال إن مصير الأمراء المعارضين لنظام الحكم وهم داخل المملكة هو التضييق عليهم ماديا وإذا شعروا بخطورة أي أمير يتم وضعه تحت الإقامة الجبرية.

كما عبر عن خشيته هو أيضا من إجباره على العودة إلى الرياض والاختفاء بعدها، مؤكدا أنهم كانوا 4 أمراء معارضين مقيمين في أوروبا ينتقدون العائلة المالكة وأساليب حكمها في السعودية وحتى هذه اللحظة اختطف 3 أمراء.

وأوضح التقرير أن الأمراء الثلاثة كانوا مع النظام الحاكم بالمملكة قبل أن يتركوه وينخرطوا في نشاطات سياسية سلمية معارضة للنظام السعودي، ما استدعي تدبير عمليات اختطافهم واقتيادهم دون إرادتهم إلى العاصمة السعودية الرياض، وكان ذلك في الفترة بين سبتمبر/أيلول 2015 وفبراير/شباط 2016.

عملية الاختطاف الأولى

ومنذ وصول الأمير «سلطان بن تركي بن عبدالعزيز» لجنيف بسويسرا في عام 2002 كان ينتقد بصورة علنية الحكم في المملكة العربية السعودية، وأجرى عددا من المقابلات للحديث عن سجل بلاده في حقوق الإنسان وتفشي الفساد بين الأمراء والمسؤولين في مؤسسات الدولة، وكان يدعو إلى الإصلاح الشامل في البلاد ومحاسبة المجرمين، وطالب من الدولة نبذ الإرهاب وحتى إن كان صادرا من مسؤولين بالحكومة، وربما لم تجد هذه التصريحات قبولا في الرياض فجمدوا حسابات الأمير البنكية.

وفي صباح يوم 12 يونيو/حزيران 2003 تلقى الأمير «سلطان بن تركي» دعوة لتناول الإفطار قدمها له الأمير «عبدالعزيز بن فهد» ابن الملك الراحل «فهد بن عبدالعزيز»، وفعلا استجاب «سلطان» لدعوة الأمير «عبدالعزيز» وجاءته سيارة لتقله إلى قصر في ضواحي جنيف وفيما يبدو أن القصر هو قصر الملك الراحل «فهد بن عبدالعزيز».

وخلال اللقاء الذي حضره وزير الشؤون الإسلامية حينذاك الشيخ «صالح آل الشيخ»، طلب الأمير «عبدالعزيز» من الأمير «سلطان» العودة إلى السعودية ومن ثم الشروع في حل كل الخلافات والنزاعات مع القيادة هناك، ولكن «سلطان» رفض العرض.

وبعدها بقليل خرج الأمير «عبدالعزيز» من الغرفة لإجراء مكالمة هاتفية وتبعه أيضا «صالح آل الشيخ»، وبعد خروجهم بلحظات داهم الغرفة رجال ملثمون قاموا بضرب «سلطان» وتقييده ثم حقنوه بإبرة في عنقه ثم أخذوه إلى مطار جنيف ونقلوه إلى المملكة عبر طائرة مجهزة بطاقم طبي كانت تنتظرهم في مدرج المطار ولم يفق من التخدير إلا بعد أيام من وصوله الرياض.

ويروي «إدي فيريرا» مسؤول الاتصالات الخاص بالأمير «سلطان بن عبدالعزيز» بعد ذهاب الأمير إلى دعوة الإفطار كنا في انتظاره ولكنه تأخر، وبعد الظهيرة جاء زائرين للفندق لم نتوقع حضورهم وهما السفير السعودي لدى سويسرا ومدير عام الفندق وطلبوا منا مغادرة الجناح، وأخبرونا بأن الأمير تم نقله إلى الرياض.

يذكر أن الأمير «سلطان بن تركي بن عبدالعزيز» كان قد تعرض للاختطاف مرة أخرى في يناير/كانون الثاني 2016، ومعه 18 شخصا من حاشيته وكثير منهم من دول غربية بينهم أطباء وممرضات وحراس شخصيين، وذلك بعد أن تم استدراجه حيث كان ينوي زيارة والده في القاهرة فغدر به عبر توفير طائرة خاصة له تقله للقاء والده في مصر، وفي الفيلم الوثائقي يصف اثنان من حاشية الأمير «سلطان» بأنهم أدركوا أن الطائرة التي كانوا على متنها لم تكن ذاهبة إلى القاهرة وإنما تم تحويل وجهتها إلى الرياض وكان حينها الأمير نائما.

وأضافوا أن الأمير «سلطان» عندما قام من نومه ونظر من النافذة عرف ذلك فقام بمقاومة الطاقم وكان يصرخ وذهب إلى كابينة القيادة وبدأ يطرق الباب ويتقاتل مع المضيفين السعوديين الذين كانوا يحملون أسلحة آلية من أجل إخضاعه والسيطرة عليه وعلى الوفد المرافق له.

وقالوا إنه عندما هبطت الطائرة كان في استقبالها العشرات من السيارات والآليات العسكرية بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الجنود السعوديين المدججين بالسلاح.

وعند الهبوط كان الأمير «سلطان» يصرخ طالبا من طاقمه إبلاغ السفارة الأمريكية، وقامت القوات العسكرية باعتقال الأمير «سلطان» وقاموا بسحبه وركله ومن ثم أخذوه بسيارة غير مميزة ولا تحمل لوحات، ومنذ ذلك التاريخ لم يظهر الأمير «سلطان» إلى العلن مرة أخرى.

كما أحتجز طاقم الطائرة والوفد المرافق للأمير لمدة 3 أيام بالمملكة العربية السعودية، وصودرت أجهزتهم الإلكترونية وجوازات سفرهم حيث تم مسح كل الملفات الموجودة فيها قبل إعادتها لهم مرة أخرى، وفي اليوم الثالث للاعتقال تم إطلاق سراح حاشية الأمير وسافروا واحدا تلو الآخر إلى بلدانهم بعد أن اعتذر لهم ضابط سعودي عن الإزعاج الذي سببوه لهم وطلب منهم التوقيع على أوراق ووثائق مكتوبة باللغة العربية.

كما قدم الفيلم الوثائقي أدلة جديدة حول اختطاف الأمير «سلطان» بما فيها سجله الطبي الصادر من مستشفى الملك فيصل بالرياض الذي يشير إلى أن الأمير تعرض لعملية تخدير في جنيف قبل أن يتم نقله إلى الرياض، وهذا ما يؤكد إدعاء الأمير «سلطان» بأنه تعرض لعملية حقن في العنق ومن ثم اختطفه 5 رجال كانوا ملثمين، وتجاهلت السلطات السويسرية والسلطات في الغرب عملية اختطاف الأمير «سلطان» والأمراء الآخرين.

وقام الأمير «سلطان» حينذاك برفع دعوى قضائية جنائية في جنيف متعلقة بعملية اختطافه التي وصفها بالجريمة الإرهابية وكانت ضد مسؤولين سعوديين كبار هما الأمير «عبدالعزيز بن فهد» ووزير الشؤون الإسلامية «صالح آل الشيخ»، ولا تزال القضية قائمة.

اختفاء الأمير الثاني

وكشف الفيلم الوثائقي اختطاف أمير سعودي أخر هو الأمير «تركي بن بندر آل سعود» الذي كان مسؤولا بارزا في جهاز الأمن السعودي وبرتبة رائد وكان من مهامه ومسؤولياته حماية وتأمين العائلة المالكة، ولكن خلافا حول ميراثه مع السلطة جعله يتعرض للسجن وعندما خرج منه هرب إلى فرنسا ليقيم فيها.

وقبل اختطافه كانت هناك محاولات لإقناعه بالعودة إلى المملكة مرة أخرى، وفي إحدى المرات اتصل به مسؤول رفيع بوزارة الداخلية «خالد السالم» طالبا منه العودة إلى المملكة، مؤكدا له أن الجميع يتطلعون إلى عودته، ولكن الأمير «تركي» استغرب من هذا الاتصال لأنه ظل يستقبل رسائل من ضباط بوزارة الداخلية هددوه فيها بأنهم سيسحبونه على الأرض مثل ما فعلوا مع الأمير «سلطان بن تركي»، فرد عليه السالم بأنهم لن يلمسوه وتعهد له بذلك.

وكان الأمير «تركي» قد سجل المحادثة كاملة وقام بنشرها وحظيت بتفاعل واسع وذلك خلال شهر يوليو/تموز 2015، ولكنه عقب ذلك مباشرة اختفى أثره ولا يعرف مكانه حتى اللحظة.

وفي الوثائقي، يقدم رجل بريطاني صديق للأمير «تركي» إفادة تقول إن الأمير «تركي» كتب مذكرة قبل اختفائه في عام 2015، قال فيها إنه يخشى أن تقوم الحكومة السعودية باختطافه أو اغتياله، وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015 نشرت صحيفة عربية خبرا يفيد بإلقاء القبض على الأمير «تركي» أثناء استعداده لمغادرة إحدى الدول العربية متوجها إلى فرنسا وقد تم احتجازه في سجن هناك، وبعدها بأيام تم ترحيله إلى الرياض بناءا على طلب السلطات السعودية.

اختطاف الأمير الثالث

الأمير الثالث الذي كشف عنه الفيلم الوثائقي هو الأمير «سعود بن سيف النصر» والذي كان يتحدث قبل اختطافه بأنه يعتقد أن السلطات السعودية تسعى إلى اختطافه أو اغتياله، وذلك لأنشطته المعارضة للنظام الحاكم في الرياض.

وفي عام 2015 طلبت شركة من الأمير «سعود بن سيف النصر» أن يكون شريكا تجاريا وهم يحتاجون لأسمه لأنهم يعتزمون الاستثمار في دول الخليج والسعودية بصورة خاصة وسوف تكون لديه نسبة من الأرباح وأقنعوه بذلك، فسألهم عن المطلوب منه فقالوا له سوف تأتي إليك طائرة خاصة لتأخذك إلى العاصمة الإيطالية روما، وذلك لإنهاء عقود الشراكة، ومنذ ذلك الحين لم يسمع أي خبر عن الأمير «سعود بن سيف النصر».

وعلى الرغم من كل التقارير والوثائق التي تم نشرها حول اختطاف الأمراء الثلاثة، إلا أن السلطات السعودية لم تصدر أي بيان أو تعليق عن الأدلة الجديدة المتعلقة بالأمراء الثلاثة المختطفين.

  كلمات مفتاحية

السعودية سعود بن سيف النصر سلطان بن تركي تركي بن بندر أمراء اختطاف معارضة نظام الحكم

«الغارديان» تكشف تفاصيل جديدة حول اختطاف أمراء سعوديين معارضين