سودانيون مرحّلون من السعودية.. المستقبل يخيفهم

الجمعة 18 أغسطس 2017 12:08 م

بدأت السعودية في ترحيل الآلاف من السودانيين ضمن حملتها «وطن بلا مخالف»، التي تستهدف إنهاء الوجود غير الشرعي للأجانب على أراضيها، ويتوقع أن تطال نحو 51 ألف سوداني.

ترحيل انقلبت معه حياة الآلاف من الأسر السودانية رأسا على عقب؛ فكثير منهم عاش في السعودية بطريقة غير شرعية، ولم يزر السودان لسنوات طويلة تصل إلى نحو عشرين عاما، ليُجبروا بعدها على العودة قسرا، ومواجهة مستقبلا مخيفا هناك، حسب تقرير لصحيفة «العربي الجديد».

ومن هؤلاء «محمد» (40 عاما)، الذي وصل إلى السعودية في 2006، عندما قصدها لأداء العمرة.

بعد ذلك، قرر التخلف والبحث عن عمل لتحسين وضعه ووضع عائلته.

وتراكمت السنوات لتصل إلى نحو 11 عاما، لم يسع خلالها إلى تقنين وضعه، ولم تتح له ظروف عمل مناسبة لذلك.

ويقول «محمد»: «على الرغم من الرعب الذي عشته طيلة السنوات الفائتة؛ خوفا من ضبطي وترحيلي إلى السودان، فإنني لم أكن أملك خيارا آخر، لا سيما أن ظروفي الأسرية ووفاة والدي وأنا في الخامسة عشرة من عمري جعلتني أتحمل المسؤولية باكرا، وأترك مقاعد الدراسة وأعمل في أشغال هامشية، إلى أن نجحت في الدخول إلى السعودية من خلال العمرة، والعمل فيها وإرسال المال إلى أسرتي في السودان».

المستقبل في السودان يخيف «محمد»، خصوصا «أنني لم أنجح طوال سنوات غربتي في تأمين ما يسندني عند عودتي إلى البلاد، كذلك لا أتقن أي مهنة يمكن أن تدر المال علي، لا سيما وأن كل الأشغال التي مارستها في السعودية هامشية، لكن دخلها كان يعينني وأسرتي فلا أضطر إلى مد اليد».

ويضيف: «ما يؤلمني هو أنني عدت كما ذهبت، من دون أن أملك أي شيء، لأبدأ في السودان من نقطة الصفر، وأنا أعلم جيدا أن أي عمل أقوم به اليوم لن يكفيني دخله لمدة أسبوع؛ نظرا إلى الوتيرة المتسارعة في ارتفاع الأسعار وصعوبة الحياة في السودان وقلة المردود».

المأساة لم تطل فقط مخالفي الإقامة، بل امتدت، أيضا، إلى غير المخالفين من السودانيين، الذين يصل عددهم إلى نحو مليون شخص، الذين بات عليهم اتخاذ قرار صعب بتشتيت شمل عوائلهم حتى يمكنهم مواجهة أعباء الحياة.  

ويأتي ذلك بعد أن قررت السلطات السعودية فرض رسوم على المرافقين للأجانب، والتي تبلغ مائة ريال سعودي شهريا عن كل مرافق هذا العام لتتضاعف العام المقبل وتصل إلى مائتي ريال وهكذا دواليك حتى تصل إلى 400 ريال في العام 2020.

السوداني «عبدالله» (45 عاماً) اضطره قرار فرض الرسوم الجديدة إلى إرسال عائلته الصغيرة إلى السودان، على أن يبقى هو هناك ويحاول العودة من حين إلى آخر (مرة سنوية) ليقضي وقتا مع صغيراته الثلاث وزوجته، يقول: «عملت سائقا خاصا لدى إحدى الأسر السعودية ونجحت في لم شمل أسرتي إنما بصورة غير شرعية نظراً إلى الرسوم السعودية العالية، لكنني وخوفاً من العقوبات التي أعلن عنها، قررت إعادتهن إلى البلاد والعودة إلى السكن الجماعي».

«محمد» و«عبدالله» يختصران حال نحو 8 ملايين أجنبي في السعودية ترهقهم القرارات الاقتصادية السعودية الأخيرة القاضية بفرض رسوم على الوافدين، فضلا عن قرار ترحيل المخالفين.

في السياق، أعلنت الحكومة في الخرطوم عن حزمة إجراءات للتعاطي مع ملف المغتربين العائدين من السعودية، والتعامل مع الوضع الطارئ الجديد لما له من تبعات اقتصادية واجتماعية وسياسية.

وفي هذا الصدد، ألف مجلس الوزراء السوداني لجنة من الوزارات المختصة، من بينها المالية والخارجية والداخلية، فضلاً عن المؤسسات المعنية ذات الصلة لمتابعة ملف العائدين.

وعمدت إلى استحداث فريق طوارئ في المطارات والموانئ لاستقبال هؤلاء، والاتصال بالجهات المانحة محليا ودوليا للمساهمة في توفير فرص للأعمال والصناعات الصغيرة للعائدين على المدى المتوسط.

وفي هذا الصدد، أكد الأمين العام لجهاز المغتربين السودانيين، «كرار التهامي»، على أن البلاد قادرة على استيعاب المستجدات التي تتعلق بالعائدين من السعودية، لافتا إلى خبرات البلاد المتراكمة في معالجة الظروف الطارئة للعودة الطوعية أو القسرية لرعاياها من الخارج.

ويتخوف متخصصون في علم الاجتماع من التأثيرات السلبية لعودة المغتربين الفجائية، الذين سوف يضطرون إلى مواجهة ظروف اقتصادية قاسية.

ويحذرون من أن الأمر قد يفرز جملة من السلبيات تصل إلى حد ارتفاع معدلات الطلاق وسط العائدين، وظهور حالات إدمان للهروب من الواقع، فضلا عن زيادة حدة التوتر والخلافات لأتفه الأسباب كنوع من التعويض.

  كلمات مفتاحية

السعودية السودان العلاقات السعودية السودانية وطن بلا مخالف