كيف ستنجو «الكويت» أشد مدن العالم حرارة من التغير المناخي؟

الأحد 20 أغسطس 2017 11:08 ص

على مدى سنوات، زادت حرارة الطقس في الكويت على نحوٍ ثابت، وكثيراً ما تصل درجة الحرارة في الدولة الخليجية إلى 50 مئوية في الصيف، وحصلت العام الماضي على لقبٍ مشؤوم لكونها أكثر الأماكن حراً على سطح الأرض؛ إذ وصلت درجات الحرارة إلى ارتفاعٍ مذهل بلغ 54 درجة مئوية، وفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية.

لكن وبينما تخطط العاصمة للاستعداد لمواجهة التغيُّر المناخي واشتداد الحر، تزداد المخاوف بشأن السكان ممَّن ليس بإمكانهم الاحتماء من الحر، وتُثار أسئلة حول كيفية النجاة في مدينة استهلاكها للطاقة كثيف مثل الكويت في الوقت الذي تتضاءل فيه مصادر النفط والمياه.

ويمثِّل العمال المهاجرون نحو 70% من تعداد السكان بالكويت، يعمل معظمهم بمواقع البناء شبه المستمر للمجمَّعات الإدارية والتجارية الجديدة على امتداد البلاد، ومع أنَّ القانون يحظر العمل في الخارج بين 12 ظهراً و4 عصراً، لكنَّه شُوهِد العديد منهم يكدّون في العمل أثناء أشد ساعات النهار حرارةً دون اعتبار للقوانين.

وفي زيارةٍ قامت بها صحيفة «الغارديان» البريطانية إلى الكويت، شاهدت الصحيفة عشراتٍ من العمال بموقع بناءٍ بالقرب من مطار الكويت الدولي وهم يعملون بعد الساعة 12 ظهراً بوقتٍ طويل في درجة حرارة بلغت 47 مئوية، وبينما كانوا يصعدون على السقَّالات وسط هيكل مجمَّعٍ تجاري مستقبلي، حاول بعضهم الاحتماء بالظل الموجود بالموقع، بينما ارتوى آخرون من زجاجة مياة لتبرِّد أجسامهم، ولسخرية القدر، كان العمال يركِّبون مكيَّفاً للهواء آنذاك.

ويُتوقَّع أن تزداد الظروف سوءاً بالنسبة للرجال والنساء المُجبَرين على العمل في الهواء الطلق؛ فوفقاً للهيئة العامة للبيئة، سيرتفع متوسط درجة الحرارة السنوي في الكويت بين عامي 2010 و2035 بنسبة 1.6% لتصبح 28.7 درجة مئوية، الأمر الذي يعني درجات حرارة صيفية أكثر قيظاً والمزيد من العواصف الرملية التي كثيراً ما تضرب مدينة الكويت وغيرها بالفعل.

تزايد لاستهلاك الطاقة وتضاؤل للنفط والمياه

يتوقّع «محمد الراشد» من معهد الكويت للأبحاث العلمية «أنَّنا سنكون بحاجةٍ لاستهلاك 30% من نفط البلاد لتوليد الكهرباء والمياه بحلول 2030».

ويجري توفير 99% من الماء العذب بالكويت عن طريق عملية التحلية، وهي عملية مُستهلِكة للطاقة في حد ذاتها وتعتمد على النفط بدرجةٍ كبيرة.

ويقول الراشد إنَّه رغم امتلاك «الكويت» ثاني أكبر مخزونٍ من المياه بين دول الخليج، فإنَّ هذا المخزون يكفي استهلاك 9 أيامٍ فقط، مع أنَّه قد يكفي 50 يوماً إذا ما جرى ترشيده، وفي كلتا الحالتين، فمن الواضح أنَّ «الكويت» تتَّجه نحو أزمةٍ وجودية في عالمٍ عليه أن يتعلَّم الحياة دون نفط.

وكان أحد الحلول التي قدَّمتها شركة «AGi» هو إعادة النظر في طريقة تصميم المباني؛ فقد عرضوا بديلاً للهياكل الضخمة الزجاجية التي تعتمد على تكييف الهواء بصورةٍ مستمر، وصُمِّمت مبتكرات الشركة كي تستهلك طاقةً أقل منذ البداية، وهي غالباً ما تستوحي في ذلك فكرة أبراج الرياح الفارسية التقليدية، المبنيَّة من الطين النضيج وتحوي نوافذ تُختار أماكنها بعناية بعيداً عن الشمس، وتسحب تلك الأبراج الهواء من الخارج، ثم تُمرِّره على بركةٍ من الماء في مستوى الأرض لتبرِّد المبنى بأكمله من خلال باحةٍ مركزية.

ومن المُقرَّر بناء هذا المشروع بالتعاون مع شركات تشييدٍ كورية جنوبية، ومن المتوقّع أن تتَّسع لما يتراوح بين 25 ألفاً و40 ألف مسكن.

سيتطلَّب التأقلم مع درجات الحرارة الآخذة في الارتفاع تحوُّلاً جذرياً في طريقة التفكير المتبعة في «الكويت»، خاصةً فيما يتعلّق بالأشخاص الأقل حظاً، وقال مدير البناء المذكور آنفاً، مُشيراً للمقاولين الذين يُجبِرون العمال على العمل في الخارج في ظل ظروفٍ قاسية: «لا يمكننا التحكُّم بكيفية سير تلك الشركات، وبالطبع إنَّه أمرٌ مروِّع أن أرى العمال يباشرون العمل بعد انتصاف النهار في هذا الحر، لكن ماذا بوسعنا أن نفعل؟ إنَّها قوانينهم».

  كلمات مفتاحية

الكويت درجة الحرارة التغيير المناخي

"الجو نار".. العمل بالهواء الطلق صيفا "معاناة" للعمال في دول الخليج