استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بشار والطائفية.. كيف ربح «مجتمعاً متجانساً»؟!

الأربعاء 23 أغسطس 2017 10:08 ص

في واحدة من تجلياته "التنظيرية"، قال بشار الأسد أمام مؤتمر لوزارة الخارجية بحسب نص وكالة "سانا": "خسرنا خيرة شبابنا وبنية تحتية كلفتنا الكثير من المال والعرق لأجيال، صحيح؛ لكننا بالمقابل ربحنا مجتمعا أكثر صحة وأكثر تجانسا بالمعنى الحقيقي وليس بالمعنى الإنشائي أو بالمجاملات، هذا التجانس هو أساس الوحدة الوطنية، تجانس العقائد، تجانس الأفكار، التقاليد، العادات، المفاهيم، الرؤى، على تنوعها واختلافها".

وأضاف "قد يقول قائل الآن، أي وحدة وطنية؟ كلنا نسمع الآن كلاما طائفيا، نفس هذا الكلام سمعناه بعد جرائم الإخوان المسلمين في الثمانينيات، لكنه كان عابرا. ليس المهم ما هو الموجود على الألسن، المهم ما هو موجود في النفوس، ولو كان هذا البعد التقسيمي الذي نسمعه -نسميه البعد التقسيمي- الآن في أماكن مختلفة من مجتمعنا، لو كان موجودا في النفوس لكانت سورية سقطت منذ زمن بعيد ولكانت الحرب الأهلية التي يتحدثون عنها في الإعلام الغربي وحاولوا إقناعنا بها لكانت  الآن أمرا واقعا".

ورأى بشار أن "المرحلة الأخطر كانت في السنة الأولى من الحرب، لأن البعد الطائفي كان موجودا في النفوس قبل الحرب كالنار تحت الرماد، ولكن إلى حد معين ربما لو انتظرنا سنوات وتغلغل هذا البعد أكثر في نفوس السوريين واندلعت هذه الحرب ربما كنا رأينا واقعا مختلفا أخطر بكثير. فإذن الواقع الحالي، وتماسك المجتمع بالشكل الذي نراه اليوم هو حقيقة، الدور الأساسي فيه هو للمجتمع، لتاريخ المجتمع، للتاريخ التراكمي للمجتمع، قد يكون هناك دور للدولة، دور للحقائق، هناك دروس تعلمناها من الحرب، ولكن لو لم يكن المجتمع بطبيعته هو مجتمع غير طائفي لما صمدت سورية بهذا الشكل".

هذه فقرات من خطاب بشار، ودعونا نتأمل في هذه الهرطقة الإنشائية السخيفة التي ينطوي بعضها على اعتراف بحقائق مثيرة. ولا حاجة للتوقف عند الحقيقة التي يتجاهلها بشار دائما في الحديث عن سبب صمود نظامه، وهي أنه كان على وشك السقوط في 2012، فتدخلت إيران، وحين عجزت جاءت دولة كبرى (روسيا). 

لنبدأ بقوله إن "البعد الطائفي كان موجودا في النفوس قبل الحرب كالنار تحت الرماد"، وهذا اعتراف بالغ الأهمية، لكنه لا يضيف اعترافا بالسبب الحقيقي لوجود الطائفية قبل الحرب.

لم يقل إن سبب تلك الطائفية يتمثل في هيمنة طائفة لا تتعدى نسبتها 10 في المئة من السكان على مفاصل الدولة الأمنية والعسكرية، ثم تغوّلها في الألفية الجديدة على المجال الاقتصادي، ونهبها لثروات البلد (قصة رامي مخلوف مجرد مثال)، ومشاركتها للناس في أرزاقهم بسطوة الأمن والتخويف.

هنا تتبدى المفارقة المثيرة للسخرية، إذ كيف يتحوّل الموقف من طائفية تحت الرماد قبل الثورة إلى انسجام بعدها، وبعد أن قتل النظام وهجّر الملايين من الشعب؟!

هنا يتبدى البعد الهتلري بتعبير المفكر المعروف عزمي بشارة، والذي تلخّصه عبارة بشار: "خسرنا خيرة شبابنا وبنية تحتية كلفتنا الكثير من المال والعرق لأجيال، صحيح؛ لكننا بالمقابل ربحنا مجتمعا أكثر صحة وأكثر تجانسا".

كيف ربحنا مجتمعا أكثر صحة وتجانسا؟ بقتل وتهجير الملايين، وبتركيع من تبقى!!

في مناسبة أخرى مع بداية الثورة، نقل عن بشار قوله خلال لقاء بحضور قاسم سليماني وقادة من حزب الله: “لقد قمنا بتلقينهم درسا في “حماة” أسكتهم 40 عاما، وسألقنهم درسا يسكتهم لمئة عام”، والمقصود هنا هي الغالبية السنيّة في سوريا.

إنها الحرب الطائفية المفضوحة، ففي ذات الخطاب، وجّه بشار الشكر لخامنئي ونصر الله، وروسيا بالطبع، ولم يقل لماذا لا يكون هذا اللون المذهبي لمن شكرهم (لبوتين موقفه المناهض للإسلام السنّي أيضا)، وأين بقية الأمة في السياق، ولماذا وقفت في غالبيتها الساحقة ضده؟!

عموما لم تنته الحرب بعد، والغالبية التي يطاردها بشار في سوريا، هي ذاتها التي يطاردها خامنئي لإعادة تشكيل حقائق التاريخ في المنطقة، وهي غالبية لها تراثها في مقاومة الغزاة والطغاة، وهي لن تستسلم، وستتواصل المعركة بأشكال شتى، حتى يأتي المعتدون إلى كلمة سواء، والأيام بيننا.

* ياسر الزعاترة كاتب صحفي أردني/ فلسطيني 

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية

سوريا الطائفية بشار الأسد الوحدة الوطنية الحرب الأهلية السورية هرطقة إنشائية سخيفة الدولة الأمنية العسكرية