استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حروب «داعش».. ماذا بعد؟

الأحد 3 سبتمبر 2017 03:09 ص

تبدو منطقتنا مجدداً على شفا تغيير ستتّضح معالمه خلال فترة وجيزة، مما يشمل اليمن على سبيل المثال، وذلك لتوضيح حجم ومدى هذه الدينامية التي تلوح..

ولكن، وبتركيز أكثر على المتحقق، فقد أعلن رئيس الوزراء العراقي «حيدر العبادي» عن إنهاء وجود «داعش» في العراق، إثر نجاح معركة تحرير «تلعفر» من هذا التنظيم، وهي وُصفت بأنها كانت كفتح «باب جهنم»، وأن صعوبتها تجاوزت بكثير معركة تحرير «الموصل» نفسها، ثاني مدن البلاد وعاصمة محافظة «نينوى».

وهذا تطور كبير في الوضع العراقي، يعدّل كثيراً في موازين القوى، وفي طبيعة المشهد الذي يواجه استحقاق الاستفتاء المقرر من طرف واحد في «كردستان». 

وتسود حيال «سوريا»، التي تَهجَّر نصف شعبها ودُمِّرت مدنها، قناعة بأنه لا مخرج من الحرب العبثية التي فقدت كل بواصلها، سوى التفاوض مع النظام القائم، وقد وهن، ولكنه مسنود من قوى إقليمية ودولية، ومع قوى لم يكن يخطر في بال أحد أنها يمكن ان تُفاوَض، ومنها النصرة وحتى «داعش» نفسه.

كان التفاوض قائما منذ مدة، ولكن على نطاق محلّي محصور بالتبادل الأشبه بالصفقات من قبيل تسليم معتقلين مقابل إدخال تموين إلى بلدة هنا أو هناك، أو انسحاب المسلحين مقابل عدم قصف المكان.. إلخ، وهو أدى في السنوات الاخيرة إلى حلّ مشاكل كثيرة في مناطق متنوعة، حتى اكتسب صفة العرف المحمود.

ولعل الألفة مع هذه الممارسة هي من بين ما سهّل المفاوضات الأخيرة واسعة النطاق التي طالت «جرود عرسال»، ومناطق في أقصى سلسلة الجبال الشرقية من لبنان.

وهي أدت إلى صفقات ناجحة بين المتفاوضين (السلطات اللبنانية وحزب الله والسلطات السورية والتنظيمات المسلحة كالنصرة وداعش..) أخرجت أولاً، في مطلع أغسطس/آب أكثر من ألف مقاتل ينتمون إلى «جبهة النصرة» برفقة سبعة آلاف لاجئ مدني سوري من «عرسال» إلى «إدلب»، في مئات الباصات التي قطعت حوالي 300 كيلومتر داخل الأراضي السورية تحت أعين وإشراف الصليب الأحمر الدولي، وقوات التحالف الدولي التي تحلق طائراتها في الأجواء بلا انقطاع.

وفي السياق نفسه خرج مقاتلون من «سرايا أحرار الشام» مع آلاف المدنيين الآخرين إلى مناطق «القلمون» و«يبرود»، ثم كانت المفاجأة بخروج مقاتلي «داعش» بالطريقة نفسها مع نهاية أغسطس/آب، ونقلهم إلى مدينة «البوكمال» في طرف «دير الزور»، وهي تاريخياً معبر حدودي مع العراق.

وبينما جرت العملية الأولى بسلاسة، دون اعتراض من أي جهة ــ ربما على أساس أن تنظيم «النصرة» بات ينظر إليه كطرف معتدل!ــ أثارت العملية الثانية التي نفذت منذ يومين صخباً شديداً؛ قصفت الطائرات الأميركية الطريق التي تسلكها القافلة لـ«عرقلة تقدمها»، وهو إجراء شكليّ للتعبير عن الاستياء ليس إلا، وهذا بعد إعلان قوات التحالف بأنها «تراقب القافلة وستتخذ الإجراء المناسب»، ثم تراجعت لإدراكها وجود مدنيين بين المسلحين، ما يمنعها من قصفهم.

وهو ما لم يمنع المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي في التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، «بريت ماكغورك»، من التغريد قائلاً: «يجب قتل إرهابيي تنظيم الدولة الإسلامية في ميدان المعركة، وليس نقلهم في حافلات..»، كما أثارت العملية استياء واسعاً في العراق، شمل كلّ القوى السياسية دون استثناء، بما فيها العبادي نفسه، الذي اعتبر نقل مسلحي «داعش» إلى حدود المنطقة التي جرى تحريرها استفزازا للشعب العراقي.

لكن، وعلى ذلك كله، فالسؤال الكبير يتعلق بالغد القريب: ماذا سيحل بـ«إدلب» التي نقلت إليها قوات «جبهة النصرة»، وكذلك «القلمون» و«البوكمال» وحتى «الرقة» التي يقال إن الجثث تتراكم في طرقاتها دون أن تجد من يزيحها أو يدفنها؟

تقول قيادة عمليات التحالف الغربي إنها قتلت حتى الآن 45 ألف مقاتل من «داعش»، يرجّح أن يشمل تعدادهم هذا الكثير من المدنيين، سواء من أهلهم أو من المرغمين على مخالطتهم.

فهل سيصيب بؤر تجمع هؤلاء المقاتلين التدمير الكامل والقتل الذي سيشمل مدنيين كثر ما زالوا هناك؟ ثم هل من الممكن أصلا إبادة «داعش» و«النصرة» ومن هم على شاكلتيهما؟

ولو كان ذلك غير ممكن ولا معقول، فهل من تصوّر لمخارج تطرح على عشرات ألوف المقاتلين من المنطقة كلها ومن أطرافها أيضاً؟

وإلا فهم إما سيتشظون في العالم كلّه ويصبحون قنابل موقوتة، وذئاب مفردة كما يسمّون، أو قد يمهّد وضعهم الراهن لولادة النسخة الرابعة (أو الخامسة) من الظاهرة، بعد «المجاهدين» الأفغان في أواخر سبعينات القرن الماضي، ثم «المجاهدين» من البوسنة والهرسك بعد ذلك بعقد ونيف من الزمن، ثم «القاعدة» التي لمعت مع عملية 11 سبتمبر/أيلول 2001، ثم «داعش» بدءاً من 2004...

لاسيما وأن الأساس الذي نشأت عليه هذه الظواهر المتصلة، وغيرها مما لا يرتبط بها وإنمّا يعبّر عن مقدار مشابه من الغضب، هذا الأساس لم يضمحل بل ازداد قوة: انسداد الأفق أمام الأجيال الشابة، وتدهور التعليم والطبابة والسكن والعمل وكل الخدمات، والقمع والإفقار والاحتقار.. كذلك ازدادت قوة حدة الاستخفاف بالشعوب وبمصائرها الذي تبديه القوى المسيطرة في عالمٍ يزداد هو نفسه تفككاً.

* د. نهلة الشهال كاتبة وناشطة لبنانية محرر «السفير العربي».

المصدر | السفير العربي

  كلمات مفتاحية

سوريا العراق لبنان حروب مصير إدلب جبهة النصرة الرقو القلمون