أٌعدت العدة في مصر لحفل كبير يقام اليوم الخميس، بمناسبة افتتاح مشروع شق تفريعة جديدة من قناة السويس، والمعروف إعلاميا بـ«قناة السويس الجديدة»، وسط تغطية إعلامية صاخبة من ناحية، وجدل حول مدى جدواها من ناحية أخرى.
يتضمن المشروع حفر مجرى ملاحي (تفريعة) مواز لقناة السويس بطول 35 كيلومترا وبعرض 317 مترا وبعمق 24 مترا ليسمح بعبور سفن بغاطس يصل إلى 66 قدما، كما يقع المجرى الملاحي الجديد من الكيلو 60 إلى الكيلو 95 من القناة القديمة.
كما يتضمن توسيع وتعميق تفريعة البحيرات الكبرى بطول حوالي 27 كيلومترا وتفريعة البلاح بطول نحو عشرة كيلومترات ليصل إجمالي طول مشروع القناة الجديدة إلى 72 كيلومترا.
ويسهب المسؤولون ووسائل الإعلام في التحدث عن مزايا المشروع، لكن هناك شكوك جدية في جدوى المشروع وأنه لا طائل منه للبلاد ولو في المستقبل القريب على الأقل.
«أحمد الكمالي»، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية في القاهرة، يقول، إن التوقعات «مجرد أمنيات»، موضحا: «لم تتم دراسة جدوى- أو لم نعرف بذلك- لتقييم جدوى المشروع».
ويرى «وليم جاكسون» من مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس»، إنه لكي يحقق المشروع الإيرادات المستهدفة يجب أن تزيد حركة التجارة العالمية بنسبة 9% سنويا حتى 2023، بينما لا تزيد التقديرات لمتوسط النمو لحركة التجارة العالمية خلال السنوات الأربع المقبلة على 3%.
ومنذ 2011 لم تحقق قناة السويس زيادة في الإيرادات توازي النمو في حركة التجارة العالمية.
ويقول «جاكسون» إنه بينما ارتفع حجم التجارة العالمية بمتوسط 2.9% بين 2011 و2014 فإن إيرادات القناة ارتفعت بواقع 2% فقط خلال نفس الفترة.
من جهته، يرى «مايكل فرودل»، من مؤسسة «سي ليفل جلوبال ريسكس» للاستشارات ومقرها الولايات المتحدة، أن قناة السويس ربما تواجه خطرا آخر من توسعة لقناة بنما يتوقع أن تكتمل في 2016 إذ قد تؤدي لاجتذاب حركة المرور من الطريق بين آسيا وأمريكا الشمالية.
أبـعــاد سـياســية
وتعد قناة السويس أكبر مصدر لدخل مصر بالعملة الصعبة إلى جانب السياحة وصادرات النفط والغاز وتحويلات العاملين في الخارج.
وكانت القناة الأم قد افتتحت عام 1869 ويبلغ طولها نحو 160 كيلومترا وهي أقصر طريق بحري بين آسيا وأوروبا إذ تختصر 15 يوما من زمن الرحلة في المتوسط.
بينما تكلفت التفريعة الجديدة ثمانية مليارات دولار تم جمعها بالعملة المحلية من المصريين من خلال طرح شهادات استثمار بفائدة 12% لمدة خمس سنوات.
ويقر متخصصون بأن لمشروع التفريعة الجديدة أسبابا سياسية ربما كانت أكبر من أسبابه الاقتصادية، حيث يقول «أحمد الكمالي»، إنه لو أن هناك أي فوائد سريعة للتوسعة فقد تكون «سياسية وليست اقتصادية».
وأضاف مشيرا للتقلبات التي عاشتها مصر منذ: «ستوحد (القناة) الشعب حول مشروع قومي يمكن للناس الالتفاف حوله».
وتقول شركة «ميرسك لاين» للخطوط الملاحية وهي أكبر عملاء قناة السويس، إنه رغم التوفير الذي ستحققه التوسعة الجديدة لقناة السويس في تكاليف الوقود للسفن الأكبر حجما، فإن الشركة لن تزيد عدد سفنها العابرة للقناة خلال العام الحالي.
ويوضح «محمد شهيب»، مدير فرع «ميرسك لاين» في مصر: «العام الماضي مرت لنا 1400 سفينة في القناة، سيمر نفس العدد من السفن تقريبا هذا العام».
فيما يشير «نيكولاس سارتيني»، النائب البارز لرئيس مجموعة «سي.إم.ئي. سي.جي.إم»، الفرنسية وهي ثالث أكبر مجموعة سفن في العالم والتي تسير في القناة سفينتين تقريبا كل يوم إن التفريعة الجديدة «لن تغير الكثير بين عشية وضحاها».
ويضيف أن مصر «تستثمر على المدى البعيد لتصبح لديها قناة أكبر قادرة على استيعاب العدد المتزايد من السفن الأكبر حجما».
أما «طارق فهمي» أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، فيؤكد أن «المشروع له خلفية سياسية قائمة على أنه أول إنجاز للنظام ... لكن المنطق الاقتصادي غير متوافر. غير صحيح أنه بعد افتتاح القناة الجديدة بساعات سيكون هناك دخل من المشروع».
غير أن هناك متفائلين بإمكانية أن يمهد المشروع لقيام منطقة استثمار تطل على القناة، حيث يرى «حلمي شعراوي»، الخبير الشؤون الإفريقية: «واضح أنه بداية منطقة استثمار. مطلوب من الحكومة أن تطلق وعدا قويا بتيسير الاستثمار وحماية الاستثمارات في مصر كلها وليس في منطقة القناة وحدها».
فيما يذهب النيابي السابق «البدري فرغلي»، الموالي للسلطات الحالية، إلى أن «هذه المنطقة تمثل المشروع القومي للشعب المصري..أتوقع أن تتهافت شركات العالم كله على الاستثمار على ضفاف القناة.. نحن نعمر ضفاف القناة. نحن لا نشق مجرد تفريعة».
ويقول «مهاب مميش» رئيس هيئة قناة السويس في مقابلة سابقة مع رويترز إن «الهدف من قناة السويس الجديدة ومشروع تنمية منطقة القناة هو تنويع وزيادة إيرادات القناة من 5.3 مليار دولار إلى 13.226 مليار دولار بحلول عام 2023».
ويضيف: «المجرى الملاحي الجديد يتيح مرور السفن في القناة من الاتجاهين مما يقلل زمن عبور القناة من 22 ساعة حاليا إلى 11 ساعة تقريبا ويجعلها أسرع قناة في العالم».
كما تقول الحكومة المصرية إن القناة الجديدة ستكون نواة منطقة استثمار عربي وأجنبي في مجالات بناء وصيانة السفن وتخزين البضائع والصناعات المختلفة.
ومع بلوغ معدل البطالة حوالي 13% تأمل مصر في توفير نحو مليون فرصة عمل في إطار مشروع تنمية إقليم قناة السويس حتى عام 2030.