خيارات صعبة: هل يمكن للولايات المتحدة إيقاف الحرب في اليمن؟

السبت 15 أغسطس 2015 11:08 ص

تقود المملكة العربية السعودية، حليف الولايات المتحدة، حربا ضد المتمردين الحوثيين في اليمن. ولكن بعد ما يقرب من خمسة أشهر، فإن الحوثيين قد حصنوا أنفسهم في الأراضي التي احتلوها، واكتسبت القاعدة والدولة الإسلامية (ISIS أو ISIL) أرضا جديدة، وخلقت الحرب كارثة إنسانية، مع أكثر من 4000 قتيل وتحذيرات من مجاعة وشيكة من قبل وكالات الإغاثة.

ودعمت الولايات المتحدة الحل السياسي في الوقت الذي توفر فيه المعدات العسكرية، والدعم اللوجستي والاستخباراتي في المجهود الحربي.

باعتراف الجميع، تواجه إدارة «أوباما» خيارات صعبة. وقد عانت العلاقات مع المملكة العربية السعودية بشأن الاتفاق النووي الإيراني كثيرا، ومع تعدي الصراع اليمني على حدود المملكة، ووجود خلافات سياسية حساسة على كيفية التعامل معها تهدد توتر العلاقة بشكل اكبر.

لكن المفارقة الحالية في موقف الولايات المتحدة أنه سوف يضمن فقط المزيد من الشيء نفسه حيث سحب اليمن نحو مزيد من دوامة الحرب الأهلية التي ستدمر البلاد وتهدد أمن شبه الجزيرة العربية. وإذا كانت الولايات المتحدة لا تتدخل الآن لوضع حد، فإن التكاليف المرتبطة بها سوف تستمر في الصعود.

أشعل الحوثيون الصراع عن طريق الاستيلاء على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، ثم السير نحو الجنوب والشرق، سعيا للسيطرة على البلاد كلها.  وقد أعطتهم السهولة التي أخذوا بها صنعاء في قيادة حكومة الرئيس «منصور هادي» انطباعا خاطئا بأنه لا يوجد أي قوة ذات مصداقية سوف تقف في طريقهم.

في اليمن، هناك مجموعة متنوعة واسعة من الجهات الفاعلة السياسية والقبلية والعسكرية قاومت هذا الاستيلاء على السلطة.

وقد قلل الحوثيون من ضرورة تقاسم السلطة في البيئة السياسية المنقسمة في اليمن وبالغوا بشدة في الجنوب. في هذه المناطق ذات الأغلبية السنية الشافعية من البلاد والمقيمين هناك يرفضون بشدة هيمنة أي جماعة من الزيدية (الشيعية)، مثل الحوثيين.

المملكة العربية السعودية لا يمكن أن تتسامح مع التقدم السريع للحوثي. والمملكة، وجنبا إلى جنب مع تسع دول معظمها عربية قامت بتحريك حرب جوية لتري الحوثيين حدود قوتهم، والأهم من ذلك لإرسال رسالة لإيران (الحليف الوثيق للحوثي كما ترى الرياض) أنه لن يسمح لها بنشر نفوذها إلى ما هو أبعد من ذلك.

وبعد أن فعلت ذلك بطريقة مدمرة، تباطأ التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين، ولكن حتى وقت قريب فشل التحالف في تحقيق أي مكاسب. ولكن هذا تغير في يوليو/ تموز عندما تحول المد ضد الحوثيين في الجنوب من خلال المقاتلين اليمنين بدعم من قوات التحالف والقوة الجوية حيث استولوا على مدينة عدن. ومنذ ذلك الحين توسعت مكاسب التحالف في الجنوب والشرق، حيث المعارضة المحلية للحوثيين تبدو أقوى.

ولكن حتى لو استمرت قوات التحالف في البناء على المكاسب التي تحققت مؤخرا، فإن قوة التمرد تكمن في المرتفعات الشمالية حيث بدأوا الحفر هناك استعدادا لمعركة طويلة. وتاريخيا كانت عمليات التوغل العسكرية في هذا المكان  دموية ومكلفة.

بدلا من الضغط من أجل نصر تام، فإن السعودية لديها ربما نظرة مختلفة، مهمة أكثر للتحقيق في الاعتبار: نحت قوس من منطقة يهيمن عليها السنة يبعد ويعزل المرتفعات الزيدية الشمالية.

مع الأمل أن الجنوبيين سيواصلون انتصاراتهم في المعركة الحالية، ومع بعض القبائل التي تعمل في مكافحة الحوثي في ​​الشمال، يمكن للسعودية تأمين السيطرة على المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية، مع الحفاظ على الحوثيين محاصرين في أقصى الشمال.

من الناحية النظرية، يمكن لمثل هذه الأراضي أن تكون مجدية اقتصاديا، لاسيما إذا كان شملت حقول النفط والغاز في مأرب، ويمكن من الناحية النظرية أن يترك الحوثيون للعيش في المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي أو في نهاية المطاف ولكن بعد الضغط لإبعادهم عن صنعاء على الأقل.

 وهذا السيناريو قد يكون جذابا للسعوديين، فمن المرجح أن يتم فتح صندوق (باندورا) لعدم الاستقرار، نحت منطقة من دولة الجنوب يتطلب قوات برية ساحقة لإقامة الحدود المصطنعة التي من المرجح أن تواجه تحديا مستمرا.

ومن التحديات أن المناطق التي يمكن إدراجها هي أيضا ليست متجانسة  قبليا ولا متجانسة سياسيا.

فصائل الحراك الانفصالي الجنوبي تسعى لاستقلال أراضي الجنوب الشيوعي السابق. وهم على الأرجح  سيبدون مقاومة أي محاولة لربط أراض أخرى بهم. وسوف يصيب هذه الفصائل التجزئة الداخلية ضد بعضها البعض مرة واحدة حين يزول الخطر الحوثي الذي يوحدهم. في نهاية المطاف، ستظل المملكة العربية السعودية في مواجهة التمرد الحوثي الذي يتركز الآن على حدودها الجنوبية.

إن كلا الخيارين للمملكة العربية السعودية يعني استمرار التورط في مستنقع اليمن. و بدون سلطة مركزية قوية لفرض القانون والنظام، فإن تنظيم القاعدة وداعش سيواصلان الانتشار في المجتمعات الخاضعة لسيطرتها، ولاسيما في الجنوب، وستنمو لتصبح أكبر تهديد للمصالح الدولية واليمنية.

في الواقع، فإن الفوضى والإحباط المتزايد من الشباب اليمني يعد حافزا قويا للانضمام للمنظمات المتطرفة التي يفوق بالفعل معدل الاستنزاف الناجم عن هجمات الطائرات بدون طيار.

وفي الوقت نفسه، فإن المعاناة الإنسانية تستمر في الارتفاع. وبالفعل قد وصلت نسب كارثية. وقد صنفت الأمم المتحدة اليمن (أزمة فئة 3) أي على قدم المساواة مع سوريا والعراق، وجنوب السودان.

منظمات مثل أوكسفام، أطباء بلا حدود، وهيومن رايتس ووتش، وثقت انتهاكات  لقوانين الحرب من كلا الجانبين مع خسائر بشرية كبيرة.

الولايات المتحدة لديها كل من المصلحة الوطنية الأمنية والواجب الأخلاقي للتدخل دبلوماسيا، ولكن بقوة، لوقف القتال.

محليا، لابد من التوفيق بين الفصائل السياسية والقبلية. ولابد أن يحظى المبعوث الخاص للأمم المتحدة «إسماعيل ولد الشيخ أحمد»، بدعم قوي من الولايات المتحدة وبشكل مثالي، ويمكن التوسط في حل سياسي برعاية دول مجلس الأمن  بين الفصائل المتحاربة في اليمن.

وقد فتحت مكاسب التحالف بابا لفرصة التوصل إلى تسوية حقيقية خاصة أن الحوثيين لأول مرة عرضوا تنازلات من خلال جهد وساطة الأمم المتحدة في مسقط في 9 أغسطس/آب، ويجب على الولايات المتحدة الاستفادة من هذه الفرصة، والضغط على الحكومة اليمنية في الرياض و مؤيديهم السعوديين لدعم حل سياسي يعالج المخاوف الأمنية المشروعة ويخفف من خطر الحوثيين.

وقد دفعت اليمن ثمنا باهظا للحرب الباردة الإقليمية بين المملكة العربية السعودية وإيران. وفي الآونة الأخيرة، دفعت المحادثات النووية المملكة العربية السعودية نحو رد عسكري على حدودها الجنوبية ولم تقم الولايات المتحدة باعتراضات جدية على ذلك بأي طريقة مجدية خوفا من مزيد من استعداء المملكة.

وفي حين أن الاتفاق النووي أمر حيوي في حد ذاته، على المدى الطويل حيث سيحكم قدرة  طهران من امتلاك السلاح النووي وكذلك الحال بالنسبة لتأثيرها السياسي في المنطقة.

الآن الاتفاق مع طهران سيكون على المحك: هل يمكن إطلاق حقبة جديدة لحل النزاعات في الشرق الأوسط على هذا الأساس؟ أم أن  جهد مجموعة P5 + 1 جهد مجرد  فقط  لكي تنجح في الحد من قدرات إيران النووية على حساب مشكلات المنطقة؟

  كلمات مفتاحية

اليمن عدن الحوثيين الولايات المتحدة السعودية عاصفة الحزم الاتفاق النووي

الحكومة اليمنية.. بين الهدنة ومواصلة قتال الحوثيين

بعد 5 أشهر من «عاصفة الحزم».. ماذا بقى من اليمن في قبضة «الحوثي»؟

«رويترز»: دفة الحرب في اليمن تتحول لصالح دول الخليج

«ستراتفور»: ماذا يعني الانتقال من «عاصفة الحزم» إلى «إعادة الأمل»؟

«ستراتفور»: الخيارات المعقدة للمملكة العربية السعودية في اليمن

«ستراتفور»: أوراق اللعبة في اليمن تتركز في يد دول الخليج وقوى الحراك الجنوبي