الجيوش الخمسة الأشد فتكا في الشرق الأوسط

الأحد 30 أغسطس 2015 01:08 ص

من السهل أن ننظر في جميع أنحاء الشرق الأوسط في الوقت الراهن ولا نرى شيئا سوى الصراع. لقد قتل أكثر من ربع مليون شخص في سوريا خلال السنوات الأربع والنصف الماضية نتيجة للحرب الأهلية في ذلك البلد، وقتل ما يقرب من أربعة آلاف شخص في الحرب الأهلية الدائرة في اليمن. وكان 1132 عراقيا قد قتلوا في أعمال الإرهاب والعنف في شهر يوليو/ تموز وحده. ولا تأخذ هذه الأرقام في الحسبان الملايين من المدنيين الأبرياء الذين شردوا من منازلهم أو أجبروا على الفرار من بلدهم منذ اندلاع حركات الربيع العربي لأول مرة في عام 2011. كما أنها لا تتطرق إلى مساحات شاسعة من العالم العربي، ولا سيما في العراق وسوريا واليمن التي يبدو أنها غير قابلة للحكم إلى حد كبير أو أنها تقع ضمن مجال المنظمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أو «الدولة الإسلامية».

باختصار، فإن المنطقة تقع في منتصف تحول جذري يتحدى مفهوم الدولة القومية القوية وفكرة الحدود الدائمة. وفي كثير من الحالات، فإن الجماعات الإرهابية التي تحاول قلب الوضع الراهن لمصلحتهم الخاصة (الدولة الإسلامية أولا وقبل كل شيء) ساهمت في حالة من الفوضى والوضع الإنساني الرهيب الذي تعاني منه أسر عديدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وفي الوقت ذاته، فإن الجيوش التقليدية مسؤولة في بعض الحالات عن مقتل المدنيين الأبرياء وتدمير البنية التحتية الوطنية.

وفيما يلي قائمة تضم خمسة جيوش في الشرق الأوسط هي الأكثر نشاطا اليوم في المنطقة، هذا النشاط الذي في كثير من الأحيان ينتج عنه وفيات وإصابات لا داعي لها بين المدنيين المحاصرين في منتصف منطقة حرب.

1. سوريا

بينما تركز الولايات المتحدة وشركاؤها في أوروبا اهتمامها على وحشية «الدولة الإسلامية» في بلاد الشام، يبقى الجيش العربي السوري هو السبب الرئيسي وراء عمليات القتل في هذا البلد. وفي الواقع؛ فإنه منذ أن خرج مئات الآلاف من السوريين إلى الشوارع في ربيع عام 2011 للمطالبة بالإصلاح السلمي، كان ذلك سببا في إطلاق حكومة الرئيس «بشار الأسد» العنان لشن حملة منهجية من العقاب الجماعي على كل من يجرؤ على التفكير في أخذ هذه السلطة منه أو مشاركته فيها. وقد وصف «فريدريك هوف»،المسؤول السابق عن الملف السوري في الخارجية الأمريكية، ما يحدث بــ «استراتيجية القتل الجماعي» التي ارتكبها الجيش السوري ضد شعبه بشكل خاص.

من كل الصراعات الحالية في الشرق الأوسط اليوم، ليس هناك ما يشبه الحرب الأهلية في سوريا في بشاعتها واستعارها ، والتي أودت بحياة ما يقدر بنحو 250 ألف شخص، وتشريد نصف سكان الدولة قبل الحرب. إن هذه الأرقام المروعة كان يمكن لها أن تكون بعيدة عن هذا المستوى المرتفع لولا استراتيجية الحرب التي يتبناها «نظام الأسد»: قصف الأحياء المليئة بالمدنيين بالبراميل المتفجرة العشوائية وبدون توجيه لأهداف بعينها، واعتقال والتعذيب حتى الموت للنشطاء السياسيين والمقاتلين المتمردين الذين يقعون في شباك الحكومة، وإغلاق وإخضاع مناطق الضواحي حتى ينهكها الحصار، ومنع وصول الغذاء والدواء إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، والتجاهل التام للقانون الدولي الإنساني في سعيه للحصول على انتصار في حربه الشاملة.

«لقد كان القصف العشوائي على المناطق المأهولة بالسكان المدنيين عنصرا رئيسيا في استراتيجية القوات الحكومية السورية في الصراع الذي يدور»، بحسب «باولو سيرجيو بينهيرو»، رئيس اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة في الجمهورية العربية السورية. وباختصار، شن جرائم حرب هو حجر الأساس في استراتيجية الجيش السوري.

2. المملكة العربية السعودية

تحاول المملكة العربية السعودية من الناحية التاريخية الحفاظ على جنودها داخل حدود المملكة. عندما تسعى الرياض إلى استعراض قوتها في المنطقة، فإنها عادة تحاول أن تختار مزيدا من الوسائل السرية: كتابة الشيكات للحلفاء من أجل التأثير في الرأي العام، وتمويل الحكومات التي تواجه مشكلة في دفع فواتيرها، وإرسال أموال وأسلحة إلى قوات بالوكالة لضمان أن يكون للسعوديين دور في اللعبة. ومع ذلك؛ فقد تغير هذا التكتيك بمجرد أن سيطرت مليشيات الحوثي على العاصمة اليمنية صنعاء، وحاولت الاعتداء على ميناء عدن، حيث كانت الحكومة المدعومة من السعودية بقيادة الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي» في مراحلها الأخيرة.

منذ شهر مارس/أذار الماضي، قامت المملكة العربية السعودية بتشكيل تحالف من الدول العربية السنية لاسترداد الأراضي من الحوثيين. وشنت المملكة والتحالف الذي تقوده آلاف الغارات الجوية على مواقع للحوثيين عبر الأراضي اليمنية. وكلما طال أمد الصراع، كلما كان هناك مزيد من الضربات والغارات الجوية السعودية على الأرجح على المناطق المأهولة بالسكان والهياكل المدنية المفككة. ووفقا لمجموعة أطباء بلا حدود، فقد قتلت طائرة سعودية حوالي 65 مدنيا في تعز الأسبوع الماضي عندما انفجرت القنابل التي أطلقتها في المنازل والمباني الأخرى التي لا تعتبر أهدافا مشروعة في زمن الحرب. وتماما كما تتسبب الضربات الجوية مزيد من الحصار والتجويع، فإنها تمنع وصول شحنات الأسلحة الإيرانية إلى المسلحين الحوثيين.

ولسوء الحظ، كان لهذا الحصار نفس التأثير في تباطؤ تدفق المعدات الإنسانية إلى البلاد، والتي تحتاجها بشكل ماس وعاجل مثل الوقود والغذاء والدواء والمهن الطبية، وبحسب الأمم المتحدة فإن 80٪ من سكان اليمن في حاجة ماسة الآن إلى مساعدات إنسانية.

3. إيران

من حيث الإنفاق العسكري الخالص والقدرة التقليدية؛ فإن الجيش الإيراني ليس مؤثرا بدرجة كبيرة. لقد خضعت طهران لحظر من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على الأسلحة،سواء تصدير أو استيراد .والقادة العسكريون الايرانيون لم يتمكنوا من اللحاق بمنافسيهم في مجلس التعاون الخليجي، لا سيما المملكة العربية السعودية، ما زاد من شرائها الأسلحة في كل عام منذ عام 2002. وتنفق طهران أقل من 20 مليار دولار على معدات عسكرية، في حين أن دول مجلس التعاون الخليجي تنفق مجتمعة 115 مليار دولار، نسبة ما يقرب من 6:1.

ومع ذلك، فإن جمهورية إيران الإسلامية لديها شبكة فعالة بشكل لا يصدق من الوكلاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط الذي يعطي طهران القدرة على إبراز نفوذها في العالم العربي الذي تهيمن عليها حكومات معادية أو تقاوم أي تدخل إيراني كبير. المعدات العسكرية الإيرانية التقليدية لا تعد شيئا بالمقارنة مع الشبكة غير المتماثلة من الوكلاء الإرهابيين الذي نموا وترعرعوا على مدى العقود الثلاثة الماضية تحت سمعها وبصرها: حزب الله في لبنان، ونظام «الأسد» في سوريا، والحوثيين في اليمن، والعديد من المليشيات الشيعية في العراق، و بعض شرائح من طالبان في أفغانستان. وربما قتل ما لا يقل عن 500 جندي أمريكي بالأسلحة التي تم توفيرها من قبل الإيرانيين إلى المليشيات الشيعية في العراق، وأعداد لا تحصى فقدوا حياتهم في أفغانستان، ويرجع ذلك جزئيا إلى علاقة طهران بطالبان.

ولكن أكبر ضحايا التدخل الإيراني كانوا السوريين، حيث يموت الآلاف من الناس كل شهر على أيدي النظام الذي كان ليختفي قبل عام لولا وجود الدعم الإيراني.

4. مصر

يعتبر الجيش المصري عموما أكبر وأقوى جيش في منطقة الشرق الأوسط بأسرها. والعلاقة الدفاعية في القاهرة مع وزارة الدفاع الأمريكية طويلة وعميقة، وقامت الولايات المتحدة بتزويد مصر بـ 76 مليار دولار من المساعدات الخارجية منذ عام 1948، بينما تقدر المنحة السنوية ب 1.3 مليار دولار في شكل المساعدات العسكرية للجيش المصري منذ عام 1987، أي أنها تأتي مباشرة بعد إسرائيل من حيث الدعم الأمريكي العسكري. ويتلقى الضباط المصريون تدريباتهم في أكاديميات الخدمات في الولايات المتحدة لمدة سنة واحدة، وتعد مصر هي المستهلك الرئيسي لطائرات إف – 16 الأمريكية ودبايات إم1إيه1.

مع كل هذه المعدات التي يمتلكها الجيش، لا يمكن أن نفترض جدلا أن الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» يستعد لحرب كبيرة مع دولة مجاورة. لم تدخل مصر في حرب مع دولة أخرى منذ عام 1973، عندما خاضت حربها مع إسرائيل من أجل استعادة الأراضي في شبه جزيرة سيناء التي فقدت لمدة ست سنوات. والآن يوجه الجيش قوته ونشاطه ضد مواطنيه، وخاصة تيار الإسلام السياسي. وقد كان أحد أبرز تلك التعقيدات وأكثرها تأثيرا في تاريخ وقت السلم توغل جيش مصر في ميادين رابعة العدوية والنهضة في 14 أغسطس / آب 2013. وفي ذلك اليوم؛ قام الجيش بعملية تطهير لعشرات الآلاف من أنصار جماعة الإخوان المسلمين الذين تظاهروا احتجاجا على الإطاحة بحكومة الرئيس «محمد مرسي»، فيما يمكن أن يوصف بأنها كانت حملة الأرض المحروقة. ووصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» ما دار يوم 14 أغسطس/آب بـ«أسوأ عملية قتل جماعي في التاريخ الحديث للبلاد»، حيث قتل ما لا يقل عن 600 من المتظاهرين، وتركت ساحات كبيرة وواسعة في حالة خراب.

وكان هذا الحدث مثالا حيا على نتيجة ما يمكن أن يحدث عندما يتم الضغط على الجيش المصري إلى زاوية ويُدفع للرد على موقف تعتبره القيادة أزمة أمنية وطنية.

5. إسرائيل

لا يوجد هناك جيش في حالة استعداد دائمة للرد على أي تهديدات في أي لحظة سوى جيش الدفاع الإسرائيلي. وشاركت دولة إسرائيل في أربع حروب (واحد مع حزب الله، وثلاثة مع حركات فلسطينية في قطاع غزة) خلال السنوات التسع الماضية، والتي تسببت في مقتل مدنيين وتدمير الممتلكات، وتصاعد مشاعر الاستياء بين الإسرائيليين من جهة والعرب من جهة أخرى.

صراع الصيف الماضي الذي استمر 51 يوما مع حركة «حماس» وحركة الجهاد الاسلامي الفلسطينيين في غزة هو واحد من أفضل الأمثلة على مدى الضرر الذي يمكن أن يلحقه الجيش الإسرائيلي بأعدائه. فردا على وابل متواصل من الصواريخ وقذائف الهاون الفلسطينية على المدن الإسرائيلية، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية الجرف الصامد في 7 يوليو / تموز 2014، تلاها غزو بري وجيز في أجزاء من غزة كان ينظر إليها على كونها معاقل لنشاط «حماس». وقتل 67 جنديا إسرائيليا، ولكن ذلك كان في مقابل 1462 مدني فلسطيني، ثلثهم من الأطفال. وتضررت آلاف المنازل، وهدمت أحياء بكاملها في الصراع، بما في ذلك مدينة الشجاعية شرق غزة، حيث قتل 60 فلسطينيا في يوم واحد. وكانت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق التي دفع بها مجلس حقوق الإنسان بعد توقف القتال دقيقة بشكل ملحوظ في حديثها عن القوة العسكرية، حيث أفادت أن إسرائيل استخدمت مع مقاتلي «حماس» أكثر من ستة آلاف ضربة جوية تسببت في آلاف الأطنان من النفايات والحطام، بما في ذلك مدرسة للأمم المتحدة لجأت العائلات النازحة إليها من مناطق أخرى من غزة.

ومن النتائج التراكمية للصراع: كانت هناك هدنة طويلة الأمد تشبه إلى حد كبير الوضع قبل أن تبدأ الحرب، فقد وعد الجيش الإسرائيلي ومقاتلو «حماس» بوقف إطلاق النيران في أراضي كل منهما.

خاتمة

أحد المبررات الرئيسية لتركيز وزارة الخارجية لفترة طويلة من الوقت والاهتمام الدبلوماسي بالمشاكل في الشرق الأوسط هو الجانب الإنساني. ففي حين يحب الرئيس «باراك أوباما» التحدث عن المصلحة القومية للولايات المتحدة، السبب الرئيسي الذي يدفع الولايات المتحدة للمساعدة في حل الصراع في سوريا واحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية المتوقفة هو تجنيب الأسر البريئة التي تعيش في المنطقة إراقة الدماء التي أصبحت أمرًا معتادا. وللأسف، فإن الاحتمال الوارد جدا في كل من هذه القضايا المستمرة من قبل فترة حكم «أوباما» تؤكد أن الإسرائيليين والعرب يحتاجون إلى أن يكونوا مستعدين لما هو أسوأ.

  كلمات مفتاحية

الجيش المصري الجيش السوري إسرائيل إيران قتل المدنيين

السعودية تتقدم 3 مراكز في تصنيف أقوى الجيوش ومصر تتراجع 5 مراكز

«ناشيونال إنترست»: أسلحة السعودية الخمسة الأشد فتكا

نفقات الدفاع السعودية زادت 17% في 2014 متفوقة على أكثردول العالم إنفاقا عسكريا

الشرق الأوسط أنفق 150 مليار دولار على التسلح عام 2013 .. الإمارات والسعودية تتصدران عربيا

الجيوش العربية تُبعث من جديد على وقع الربيع العربي

السعودية تتقدم بالتصنيف العالمي لأقوى جيوش العالم في 2016

صفقات السلاح ترفع ترتيب دول الخليج بين أقوى جيوش العالم في 2016