ما الذي قد تعنيه رئاسة «ترامب» بالنسبة إلى دول الخليج؟

الجمعة 26 فبراير 2016 05:02 ص

رغم ما يحمله ذلك من إشكاليات بالنسبة للكثرين، فقد أصبح من المرجح بشكل متزايد أن يصير «دونالد ترامب» هو المرشح الرئاسي للحزب الجمهوري. وليس مستبعدا أيضا أن يصبح هو الرئيس الـ45 للولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني المقبل. ما الذي تعنيه رئاسة «ترامب» لدول الخليج العربية الغنية بالنفط؟

القادة في العواصم الخليجية، كما في أماكن أخرى في جميع أنحاء العالم، يتابعون بشغف الانتخابات التمهيدية الرئاسية في الولايات المتحدة. بعد كل شيء، فإن هذه الدول الست تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة من أجل حماية أمنها، وتحرص على الحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة. في مايو/أيار الماضي، فإن الرئيس «باراك أوباما»، الذي تختلف معه هذه الدول، قد طمأن قادة دول الخليج حول التزام الولايات المتحدة الصارم تجاه أمنهم. وهو الوعد الذي تود هذه الدول أن تراه يتواصل مع الساكن للقادم للبيت الأبيض.

وكانت تعليقات «ترامب» حول دول الخليج غير مطمئنة بشكل كبير. في أغسطس/آب 2015، قال «ترامب» أنه ليس من كبار المعجبين بالمملكة العربية السعودية. وتوقع «ترامب» أن المملكة العربية السعودية سوف تكون في ورطة كبيرة في وقت قريب، وأنها سوف تكون في حاجة إلى المساعدة مؤكدا أن الولايات المتحدة لن يكون لديها ما تقدمه لبلد يجني مليار دولار يوميا. وأضاف أن السبب الرئيسي لتحالف الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية يوما ما هو حاجتها إلى النفط السعودي والذي يرى أن بلاده لم تعد بحاجة إليه بعد الآن.

بعد دعوة «ترامب» المثيرة للجدل في ديسمبر/كانون الأول الماضي لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، فقد أصدر قادة دول مجلس التعاون الخليجي بيانا عبروا فيه عن مدى قلقهم من إزاء تزايد الخطاب العدائي، العنصري واللاإنساني ضد اللاجئين بشكل عام والمسلمين بشكل خاص. وهناك عدد من رجال الأعمال الخليجيين، بما في ذلك الأمير السعودي «الوليد بن طلال» و«خلف الحبتور» رجل الأعمال الشهير في مجال التطوير العقاري في دبي، قاموا مؤخرا بانتقاد «ترامب» بشكل علني مؤكدين أن رئاسته سوف تدفع دول الخليج إلى سحب استثماراتها من الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من هذا القلق، ربما يكون هناك بعض التقارب بين مواقف دول الخليج و«ترامب» بخصوص إيران. وعلى الرغم من ترحيبها بالاتفاق علنا، فإن دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء عمان، لديها تحفظات جدية بشأن الاتفاق النووي الإيراني الذي تم التفاوض عليه دون استشارتهم. بالنسبة إلى زعماء دول الخليج، فقد كانت المفاوضات النووية فرصة ضائعة لإجبار إيران على الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. في هذا الصدد فإن «ترامب» ودول الخليج ربما يكونان في مركب واحد. في مقابلة إذاعية في سبتمبر/أيلول الماضي، انتقد «ترامب» الاتفاق النووي مع إيران ووصفه بأنه «مروع ومثير للضحك»، قائلا: «إنه واحدة من العقود الأكثر غباء التي رأيتها في حياتي». ويضيف: «لم أر اتفاقا أحادي الجانب بهذا الشكل في حياتي».

وفي نفس المقابلة، اعتبر «ترامب» اجتماع «قاسم سليماني»، قائد وحدة القدس في الحرس الثوري الإيراني، وربما العدو اللدود رقم واحد لدول مجلس التعاون الخليجي، مع الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» بأنها «ليست جيدة بالنسبة لنا». وقال إنها تنم عن غياب الاحترام التام للولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن «ترامب» الرئيس ربما يختلف بشكل كبير عن «ترامب» المرشح. على الرغم من الانتقادات التي وجهها «ترامب» للصفقة النووية مع إيران فإنه قد لا يكون مستبعدا أن يقوم بتغيير رأيه إذا قام «بوتين»، الذي أوضح أنه بإمكانه العمل معه بشكل جيد، بإثبات مزاياها.

قام «ترامب» بتغيير لهجته تجاه السعودية عدة مرات. في خطاب ألقاه في يونيو/حزيران الماضي، فقد قال: «أنا أحب السعوديين. إذا كانوا يواجهون مشاكل فإن علينا أن نقدم المساعدة». هذا التقلب في ميول «ترامب» هو أحد الأسباب التي تجعل دول الخليج تفضل شخصا أكثر قابلية للتنبؤ مثل «هيلاري كلينتون» التي خبروها وعملوا معها لعدة سنوات.

أحد الأمور التي تقلق دول مجلس التعاون الخليجي بشأن «ترامب» أيضا هي عدم امتلاكه المعرفة الرئيسية حول اللاعبين الإقليميين. وقد كان «ترامب» شديد الصراحة حين اعترف لـ«هيو هيويت» أنه لا يعرف سوى القليل عن زعيم حزب الله «حسن نصر الله»، و«أيمن الظواهري» زعيم تنظيم القاعدة و«أبو محمد الجولاني» قائد جبهة النصرة و«أبوبكر البغدادي» زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية». وكان تعليله لهذا الأمر أنه بحلول الوقت الذي يصل فيه إلى المكتب البيضاوي فإن جميع هؤلاء سوف يكونون قد رحلوا على الرغم من أن العديد منهم يشغلون مواقعهم منذ عقود من الزمن.

موقف «ترامب» بخصوص سوريا غير واضح لدول مجلس التعاون الخليجي أيضا. في أكتوبر/تشرين الأول، دعا «ترامب» دول الخليج إلى الاستيلاء على مساحة كبيرة من الأرض في سوريا من أجل إقامة منطقة آمنة. في فبراير/شباط الحالي غير «ترامب» موقفه بشأن هذه المسألة، قائلا: «سأبني منطقة آمنة في سوريا. وسوف أجعل دول الخليج تدفع ثمنها». يبدو موقف «ترامب» في مصر، قضية سياسية إقليمية رئيسية أخرى، أكثر استقرارا ويتلاءم بشكل كبير مع مواقف دول الخليج. حتى عام 2011، وكان موقف «ترامب» في مصر، والتي وصفها بأنها «تتحول إلى مرتع للإسلام الراديكالي» لا يختلف كثيرا عن مواقف بعض العواصم الخليجية. وفي عام 2012 فقد قام «ترامب» بالتغريد بالقول: «مصر تعيش في فوضى تامة. كان يجب علينا أن ندعم مبارك بدلا من تركه يسقط مثل الكلب».

وقد قوبلت دعوة «ترامب» إلى مراقبة المساجد في الولايات المتحدة وحظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة بصدمة كبيرة في الأوساط الحاكمة في دول الخليج. في حين تتعامل الحكومات الخليجية مع موجة ارتفاع التطرف والهجمات المسلحة، فإن ما يفرض أن تكون أكبر ديمقراطية في العالم تقوم بحظر دين كامل، وهو ما يعني أن أيا مما تفعله تحت شعار مكافحة الإرهاب ينبغي ألا يكون محل انتقاد.

ومن شأن رئاسة «ترامب» أن تقوض تلك المناقبية العالية التي تبشر بها الولايات المتحدة في الدول الأخرى. بعد كل شيء، سيكون من المثير للسخرية أن تقوم أمة ما تدعو إلى حظر هجرة أبناء دين معين بتوبيخ بلدان أخرى لسجلها في مجال حقوق الإنسان. وقد اتخذت الدول الست في مجلس التعاون الخليجي في الآونة الأخيرة عددا من الخطوات المثيرة للجدل لتشديد الأمن الداخلي الخاص بها. بالنسبة لهم، فإن إيجاد آذان صاغية لأفعالهم في واشنطن يوم 20 يناير/كانون ثان 2017، لن يكون تغييرا غير مرغوب فيه.

المصدر | سلطان القاسمي - معهد الشرق الأوسط

  كلمات مفتاحية

السعودية الولايات المتحدة الانتخابات الأمريكية دونالد ترامب الخليج ترامب الرئاسة الأمريكية

«الوليد بن طلال» يحرج «ترامب» بعد نشره صورة مفبركة يهاجمه فيها

«فوكس نيوز» .. هـكذا مهدت طريق «دونالد ترامب»

«الوليد بن طلال»: «ترامب» عار على أمريكا .. والأخير يصفه بـ«الأمير البليد»

«ترامب» يتعهد بترحيل اللاجئين السورين حال انتخابه رئيسا للولايات المتحدة

«دونالد ترامب»: أنا أحب المسلمين .. وسأفكر بترشيح مسلم بإدارتي

الشارع الأمريكي يتفاعل مع مبتعث سعودي يحارب عنصرية «ترامب»

«ترامب» 1988: في الكويت يعيشون كالملوك فلماذا لا يدفعون لنا 25% مما يكسبونه؟

«ترامب»: على المسلمين بذل المزيد لمنع الهجمات الإرهابية

«كلينتون» أم «ترامب»: كيف ينظر السعوديون إلى الانتخابات الأمريكية؟

في انتظار «المخلص» الأميركي

كيف سينظر الرئيس الأمريكي القادم إلى السعودية؟

الرئيس الأمريكي القادم .. جدول أعمال لأمن الخليج وسوريا والعراق

«ترامب» يدعو لمناطق آمنة في سوريا تتحمل تكلفتها دول الخليج

السعودية لا تشعر بالتفاؤل تجاه أي من «كلينتون» و«ترامب»