«هارفارد بيزنس ريفيو»: أضواء على خطة الإصلاح الاقتصادي في السعودية

السبت 21 مايو 2016 12:05 م

قالت دراسة لـ«هارفارد بيزنيس ريفيو» إن الرؤية الإصلاحية الاقتصادية السعودية الجديدة (2030) لا تقتصر فقط على تغيير السياسيات الاقتصادية، وإنما تبديل من ينفذونها من السياسيين والوزراء، فضلا عن تقليص الإجراءات البيروقراطية.

وكشفت الدراسة أن تغيير السياسيات الاقتصادية في السعودية بدأ قبل إعلان الخطة في مارس/أذار، عبر تقليص بنود الطاقة والخدمات وغيرها.

وأشارت الدراسة التي أعدتها «لورا القطيري»، المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط والباحثة بمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة في لندن، إلى أن التعديل الوزاري الذي جري في المملكة أوائل شهر مايو/أيار الحالي هو «أكثر من مجرد تغيير سياسي» في المملكة المحافظة، ولكنه جزء من عملية إعادة هيكلة أساسية لاقتصاد البلاد القائم على النفط منذ سنوات.

وبرغم تأكيدها أن خطة الإصلاح الاقتصادية قد يواكبها «احتمال ضئيل للإصلاح السياسي»، حيث سيظل النظام الملكي التقليدي يلعب الدور الأكبر في عملية الإصلاح الاقتصادية، بمشاركة محدودة من الرأي العام في صنع السياسات، إلا أشارت إلى تغييرات كبيرة في بنية الحكومة السعودية والمسؤولين.

لماذا التغيير؟

وتشير الدراسة إلى أن من أسباب استعجال القيادة السعودية الحالية في خطة الإصلاح الاقتصادية الجديدة هي التحديات التي تواجهها المملكة كزعيم إقليمي، وتأثيرها القيادي في سياسات النفط في العالم، وعدم الرغبة في فقدان ذلك في ظل تقلص عوائد النفط بعد انخفاض الأسعار.

وتشير في هذا الصدد إلى أن خطة الإصلاح قد بدأت منذ أوائل العام الجاري 2016، في قطاعات اقتصادية متعددة، بما في ذلك تقليص دعم الطاقة وأسواق العمل، والمعاشات التقاعدية، والصحة.

على سبيل المثال، في يناير/كانون الثاني 2016، أعلنت المملكة العربية السعودية تخفيضات بعيدة المدى في الدعم المحلي للطاقة والمياه، وهو إجراء لم تقدم عليه القيادات السعودية السياسية السابقة، بسبب تحمل الدولة كل شيء من دعم النفط إلى رعاية مواطنيها بتوفير فرص العمل، والإعانات، وتوفير الطاقة الرخيصة.

ولكن مع تزايد التحديات تحدث الإعلام عن رؤية 2030، وهي خطة إصلاح شاملة تهدف إلى فطم المملكة العربية السعودية عن الاعتماد على النفط، بشكل عاجل.

وقالت إنه «تمشيا مع هذه الخطوات، التي كسرت تقاليد موجودة منذ عقود داخل المملكة، جاءت التغييرات الكبيرة في بنية الحكومة السعودية والمسؤولين،بما يشير لسعي القيادة الحالية لمزيد من الإصلاحات في مواقع النظام العليا».

وتشير في هذا الصدد إلى قرار تغيير وزير البترول السعودي المخضرم «علي النعيمي»، وتوليه «خالد الفالح» على رأس وزارة أنشأت حديثا تتولى مهام الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، لدمج المسؤوليات بين وزارة البترول ووزارة الكهرباء والمياه التي ألغيت.

لماذا الآن؟

وحول أسباب تعجيل القيادة السعودية بهذه الإصلاحات، تشير الباحثة إلى أن هذه الإصلاحات لم تأت من قبيل الصدفة، ولكنها استهدفت الحافظ علي الدور العالمي الكبير للمملكة العربية السعودية في أسواق النفط كمنتج ومصدر رئيسي، وصانع للقرار داخل منظمة أوبك، كسبب أول.

أما السبب (الثاني)، فيرجع إلى اعتماد السعودية في 90% من إيراداتها الحكومية على صادرات النفط، مما يجعل الميزانية، وبالتالي الدولة نفسها، تعتمد بشكل كبير على مصدر واحد للدخل، يتحكم فيه التقلبات الكبيرة في أسعار النفط العالمية، ومن ثم يؤثر على دور المملكة كقوة مالية كبري، وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها لمواطنيها.

أما السبب (الثالث) الذي دفع القيادة السعودية للتعجيل بخطة الإصلاح فيرجع إلى ارتكازها على احتياطيات أجنبية كبيرة تعادل 570 مليار دولار بحسب أرقام مارس/أذار الماضي، ما سيحمي البلاد من أي عواقب فورية لاستمرار تراجع أسعار النفط لعدة سنوات مقبلة.

وتقول الدراسة إن المملكة سحبت 100 مليار دولار من احتياطاتها الأجنبية، أي ما يقرب من سدس إجمالي قيمة الصندوق خلال عام واحد فقط، ولو استمر الاقتصاد علي وضعه ونفقاته الحالية فإنها سوف تخسر المزيد. لهذا جاءت خطة الإصلاح لتنويع مصادر الدخل بخلاف النفط وتقليص النفقات.

مردود هذه الإصلاحات

وتشير دراسة «هارفارد» إلى قناعة المراقبين الخارجين بأن الخطوات الإصلاحية الأخيرة في المملكة، والرؤية التي أطلقت حديثا حتى عام 2030، تشكل تحديا كبيرا لدولة مثل السعودية بعدد عدد سكان أكبر من كل دول الخليج والتزامات أكبر، وفي ظل أهداف وخطط حكومية أكبر واقتصاد سعودي كبير ومعقد من الناحية السكانية.

فالسعودية، على خلاف دول الخليج الأصغر مثل الإمارات، وقطر، والكويت، لديها مجتمع كبير نسبيا وإقليميا وغير متجانسة من الناحية الاقتصادية، كما أنها مطالبة بالتعامل مع صناعات واسعة، في ظل، هياكل إدارية وسوق عمل قد يشكل تحديات ويأخذ سنوات عديدة لإصلاحه.

ولكن الدراسة تشير إلى أنه لا إصلاح  بدون ألم، وسنوات عملية الإصلاح الاقتصادي المقبلة ستكون بالتالي هي الأكثر تعقيدا في عملية الإصلاح الشاملة.

وتشير إلى أن خطة الإصلاح سوف تتطلب بالتالي تقليص البيروقراطية التقليدية، وربط التوقعات الشعبية بالتقييم الواقعي لأي جزء من الاقتصاد، وتقليل مركزية الدولة وتدخلها وجعل البيروقراطية خاضعة للمساءلة.

مصير شركة النفط المملوكة للدولة

وحول مصير شركة أرامكو السعودية، المملوكة للدولة، تشير الباحثة إلى أن بيع جزء من حصتها وأسهمها هو خطوة كبيرة لتمهيد الطريق نحو ربط العائد بالدخل والأرباح، ما يعني التحوط وإدارة الشركة مثل غيرها من صناديق الثروة السيادية.

وتقول الباحثة إن بيع جزء من الشركة للأجانب، وربط البعض لذلك بالاستقرارا لسياسي في المملكة، سوف يخلق اختلالا في العقد السياسي التاريخي، ويعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع والدور الذي يجب أن تلعبه الدولة في الاقتصاد.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية أرامكو الإصلاح الاقتصادي أسعار النفط رؤية 2030

«بلومبيرغ»: التغييرات الحكومية السعودية جزء من خطة الإصلاح الاقتصادي

«رؤية 2030» السعودية: تغييرات اقتصادية مهّدت لها تحولات سياسية

إعادة النظر في العقد الاجتماعي.. السعودية تواجه مستقبلها في رؤية 2030

«بلومبيرغ»: لماذا تخشى السعودية المضي قدما نحو الإصلاح الاقتصادي؟

«واشنطن بوست»: مستقبل محفوف بالمخاطر للسعودية في ظل تناقص عائدات النفط

«ستراتفور»: كيف يمكن أن تؤثر سياسة النفط السعودية على خطط الإصلاح الاقتصادي؟

لماذا لا تستطيع دول الخليج الاستغناء عن العمال الأجانب؟

«تسونامي ديموغرافي» في السعودية ... كيف تهدد التركيبة السكانية خطط الإصلاح؟

السعودية: التنويع الاقتصادي لا يزال بعيدا والإصلاح يواجه عوائق كبيرة

«بيزنس إنسايدر»: الاقتصاد السعودي يعاني بسبب تكاليف الاقتراض