استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عدوى التعصب الديني

الأربعاء 25 مايو 2016 04:05 ص

هل التعصب الديني ينتقل بالعدوى أم ثمة ردود فعل وبيئة تساعد على تفقيس بيضه؟ فما أن يبدأ في مكان ما وضد مجموعة ما، إلا ويجد ردود فعل تنمو في تربة خصبة اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، سواء على المستويين الداخلي أم الخارجي. وتشير بعض الإحصاءات إلى أن 70% من سكان العالم، أي ما يقارب ستة مليارات من البشر، يعيشون في دول تفرض قيوداً صارمة على الحرية الدينية، سواء كانت رسمية أم عبر مشاعر عداء ضد أتباع الديانات الأخرى.

وخلال العقود الأربعة الماضية شهد العالم موجة شديدة من التعصب الديني، مترافقة مع عنف وإرهاب وهدر صارخ لحقوق الإنسان، سواء اتخذ شكل حروب أم نزاعات مسلحة دولية أم أهلية، وعلى نحو مباشر أم غير مباشر.

لقد تجاوز التعصب الديني حدود البلدان وأصبح في زمن العولمة عابراً للقارات، وظاهرة «فوق قومية» تستطيع الزوغان من القوانين والأنظمة المرعية، وخير مثال على ذلك نموذج «داعش» الأكثر تعصباً وعولمة ووحشية على الصعيد الدولي، بعد تنظيم القاعدة، فتراه وبكل سهولة ينتقل من المشرق العربي إلى المغرب العربي، فبعد احتلال ثلث أراضي كل من العراق وسوريا، وفرضه عليها نظاماً يعود إلى القرون الوسطى، ظهر وهو يضرب في سيناء وفي ليبيا وتونس وغيرها.

وإذا كان الغرب مستودع الحضارة البشرية وما أنجزته من علوم وتكنولوجيا وعمران وجمال وآداب وفنون، ولا سيما في القرنين ونيف الماضيين، فإنه ليس بريئاً من لوثة التعصب الذي يتخذ أشكالاً مختلفة، تارة الحفاظ على الهوية، وأخرى يتم توظيفه عنصرياً، إضافة إلى كراهية الأجانب، ولا سيما العرب والمسلمين، وقد حاول مؤتمر ديربن ضد العنصرية الذي انعقد في عام 2001 أن يعالج موضوع التعصب والكراهية للأجانب بما فيه التعصب الديني، خصوصاً وأن فيروساته أصابت شعوباً عديدة.

وقد حاول بعض فقهاء القانون الدولي والمختصين بحقوق الإنسان، أن يؤطّروا الموضوع بالدعوة إلى إبرام اتفاقية دولية ملزمة تحظر التعصب الديني، وذلك مع الأخذ بنظر الاعتبار بعض الإعلانات والقرارات التي اتخذتها بعض المؤتمرات الدولية، والوثائق التي صدرت عنها، والعمل على تطويرها بما ينسجم مع المبادئ العامة الآمرة في القانون الدولي، أي الملزمة في الحال وفي المستقبل، وكما تسمى باللاتينية Jus Cogens.

ولا ينتهك التعصب الديني قواعد القانون الدولي فحسب، بل يمتد إلى انتهاك القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، خصوصاً التي تتعلق بحظر التمييز والحض على الكراهية والدعوة للعنف والعنصرية والإرهاب وانتهاك حرية التعبير، وبقدر ما يكون التعصب الديني انتهاكاً بذاته لمنظومة الحقوق والحريات، فهو في الوقت نفسه يعتبر انتهاكاً لحقوق أخرى.

إن خطر التعصب الديني يزداد كلما انتقل من ممارسة فردية قد تكون معزولة بسبب مرض نفسي أو لعلاقات عائلية غير طبيعية، أو لوضع اجتماعي، إلى ممارسة جماعية، أي أن تقوم مجموعة تحت عناوين مختلفة مثل الاستعلاء وادعاء الأفضليات وزعم امتلاك الحقيقة لممارسة عنفية أو إرهابية ضد مجموعة بشرية أخرى وانتهاك لحقوقها. 

وكان كارل ماركس على حق حين قال منذ وقت مبكر: «إن شعباً يضطهد شعباً آخر لا يمكن أن يكون حراً»، لأن من يمارس الاضطهاد ضد الآخر، فإنه يمارسه ضد إنسانيته أيضاً، وبالتالي، فإن العنف الموجّه ضد الغير، هو عنف موجه نحو الذات أيضاً، الأمر الذي يحتاج إلى معالجة سيسيو ثقافية قانونية تربوية، بحيث يتم في الآن ذاته وقف العنف والاضطهاد ضد الآخر، وهو ما سيؤدي إلى وقف العنف الموجه إلى الذات أيضاً.

المتعصبون لا يميزون بين آخر وآخر، إنهم ضد كل آخر، بسبب من «أدلجتهم»، سواء كان هذا الآخر من أبناء البلد الواحد، أم أجنبياً، وكل آخر حسب وجهة النظر هذه هو غريب، وكل غريب مُريب، وأحياناً تمارس التعصب دولة من خلال قوانين تبرر لها احتلال أراضي الغير، بل وتقوم بطرد السكان الأصليين من بلادهم، وهو ما عملت عليه «إسرائيل» منذ تأسيسها في عام 1948، وهي تسعى اليوم لتتحول إلى «دولة يهودية نقية».

ويعتبر تعيين مقرر خاص بالتعصب الديني من مجلس حقوق الإنسان في عام 1986 إنجازاً مهماً، وفي العام 2000 استبدلت التسمية إلى «المقرر الخاص لحرية الدين والمعتقد..»، ولا زال الفقه الدولي، إضافة إلى القضاء الدولي، غير موحد إزاء موضوع الموقف من التعصب الديني، ويشوب بعض وجهات نظره الغموض والإبهام، وإذا كانت بعض القوانين الوطنية قد اتجهت صوب بعض الإجراءات التنفيذية والآليات القانونية المعتمدة. 

وإن كان لكل بلد فهمه وتفسيره وقوانينه، فإن مثل هذا الأمر لا زال بحاجة إلى جهد دولي كبير للتوصل إلى ما هو مشترك، خصوصاً باعتماد آليات قانونية غير تقليدية، وقبول شكاوى وزيارات ميدانية، إضافة إلى جهود المقرر الخاص والخبراء المستقلين لتقييم أثر التعصب الديني وانطباق بعض الممارسات على توصيفه، لأنه يشكل تهديداً للسلم الأهلي والأمن الوطني، مثلما هو تهديد للسلم والأمن الدوليين.

* د. عبد الحسين شعبان باحث ومفكر عربي.

  كلمات مفتاحية

التعصب الديني التسامح الإسلام حقوق الإنسان الأمن السلم الطائفية المذهبية

«دين الأغلبية»... فشل الدول الإسلامية فى اختبار الديموقراطية

«دين الأغلبية».. الكاثوليكية والبروتستانتية فى اختبار الديموقراطية

«دين الأغلبية».. نماذج من البوذية والهندوسية واليهودية

روحنة الدين .. أنسنة الفكر

من يتاجر بالدين؟!

تحرير الدين