فشل الانقلاب: الطبقة الوسطى المتدينة ترسم مستقبل تركيا على حساب النخبة الكمالية

الخميس 21 يوليو 2016 12:07 م

لا تزال المشاهد الغريبة لمحاولة الانقلاب العابرة في تركيا حاضرة في أذهاننا: مذيعة قناة TRT تعلن تحت تهديد السلاح أن الجيش قام بالسيطرة على البلاد. مذيعة قناة «سي إن إن» التركية تحمل جهاز آيفون يظهر الرئيس منتفخ العينين، بينما يدعو الناس للنزول إلى الشوارع. مروحيات كوبرا تمطر الرصاص على الحشود، ودعوات الصلاة خلال الليل ومشاهد قوات الجيش المشاركة في الانقلاب مذعورة بينما يتم اقتيادها من قبل الشرطة والمدنيين. إعدام أحد الجنود من بعض الغوغاء من أنصار الرئيس، ومشاهد السوريين المبتهجين الذين يتندرون حول الفوضى في تركيا في الوقت الذي لا يزال فيه بلدهم قابعا تحت الحصار. 

ومن بين كل المشاهد كان هناك مشهد متقن علق في ذهني بينما كنت أتابع أحداث يوم 15 يوليو/تموز. كانت الساعة تقترب من الثالثة صباحا أي بعد مرور حوالي 5 ساعات على بداية التحرك الانقلابي. الانقلاب كان يظهر بالفعل علامات على التحلل، بينما كان فريقنا يتحلق حول الشاشة ليتابع الطائرة الأيقونية الصغيرة التي كانت تتبع رحلة الرئيس «رجب طيب أردوغان» إلى مطار أتاتورك في إسطنبول. كان مدبرو الانقلاب الراغبون في التخلص من رأس الدولة التركية لا يزالون يسيطرون على طائرات «إف-16» في الهواء مما يزيد من مخاطر الرحلة القصيرة لـ«أردوغان» من بقعة أجازته في مارماريس إلى مقر الإمبراطورية في إسطنبول. كان المشهد مشوقا ومفعما بالتساؤلات حول إذا ما كان الرئيس سوف ينجح في العودة بأمان. بعد عدة دقائق، كان الظهور الجريء للرئيس، الذي كان لا يزال يرتدي بدلته ورابطة عنقه عبر تطبيق فيس تايم على قناة NTV متعهدا بتطهير الجيش ممكن قاموا بالانقلاب». (في الصورة: الرئيس التركي لدى وصوله إلى مطار أتاتورك بإسطنبول فجر السبت الماضي)

كان «أردوغان» يتحدث بلهجة قوية ويتوعد بالانتقام بينما تنتصب خلفه صورة قاتمة لـ«مصطفى كمال أتاتورك» يشهد تغير مصير الجمهورية التي بناها قبل تسعة عقود.

العديد من المراقبين تسرعوا في تأطير الانقلاب على أنه تكرار للتاريخ: الجيش يتدخل من أجل الدفاع عن المبادئ العلمانية للجمهورية الأتاتوركية في مواجهة النظام المدني الإسلامي تماما كما فعل خلال الحقبة من الستينات إلى نهاية التسعينات. ولكن هذه القراءة للسياسة التركية تبدو مفرطة في التبسيط وعفا عليها الزمان. تركيا في القرن الحادي والعشرين لا تعيش تحت رحمة بنادق النخبة العلمانية والقوات المسلحة كما أنها لا تخضع للهيمنة الحصرية لمعسكر متجانس من الإسلاميين. خطوط الصدع تركيا هي أكثر تعقيدا بكثير، ويعد فهمها أمرا بالغ الأهمية ليس فقط لفهم جذور محاولة الانقلاب الجريئة، ولكن أيضا لاستشراف المستقبل الجيوسياسي للبلاد. 

الانقسام ما بين الإمبراطورية والدولة القومية

تعاني تركيا من أزمة هوية لا مفر منها. إذا كان لنا أن نخط رسما دماغيا لتركيا الموسعة فإننا نرى صورة لأمة ممزقة بين الحرس العلماني القديم المتركز في إسطنبول وبحر مرمرة، والمرتبط مع آسيا وأوروبا وبين المناطق الأكثر محافظة في الأناضول شديدة الارتباط بالعالم الإسلامي. استخدم «أتاتورك بقايا الإمبراطورية العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الثانية من أجل بناء بلد تغذيها القومية وتسترشد الفلسفة الغربية.

من وجهة نظره، فإن بقاء الدولة التركية كان يرتبط بالتخلي عن الإمبراطورية متعددة الأعراق ومترامية الأطراف لصالح التركيز على دولة قوية متحيزة جغرافيا تطل على البحر المتوسط والبحر الأسود. كتب «أتاتورك» شهادة وفاة الإمبراطورية وشهادة ميلاد الدولة القومية. من أجل إبقاء تلك الدولة على قيد الحياة، فإنه اعتقد أن الجيش لابد أن يتحمل مسؤولية الحفاظ على روح علمانية قوية. عندها فقط ستكون تركيا قادرة على إدارة فعالة لعلاقاتها مع الغرب مع تجنب المشاحنات القاتلة في الأراضي الإسلامية خارج حدودها. 

وفي الوقت نفسه، فإن «أتاتورك» كان بحاجة إلى وسيلة لربط الأمة ببعضها البعض. بدلا من محاولة القضاء على دور الإسلام بشكل تام، فإنه قام بإضفاء الطابع المؤسسي على الدين وإنشاء رئاسة الشؤون الدينية من أجل إخضاع الدين لشروط الدولة، ولتمييز المواطنين الأتراك من بقية غير المسلمين في الإمبراطورية. البوسنيون والألبان والشركس اندمجوا إلى حد كبير في الهوية التركية الجديدة في حين أن الأقلية الكردية في البلاد، ذات الأغلبية الإسلامية، قد تم تجريدها أيضا من تميزها العرقي وصاروا يعرفون على أنهم «أتراك الجبل». وفي الوقت نفسه، فإن الهويات المستندة إلى الإسلام نجحت في الصمود على أطراف تركيا.

كانت هذه طبيعة تركيا القرن العشرين. لمدة عقود، هيمنت السياسة العلمانية والإمبراطوريات التجارية في حين تم تهميش محيط الأناضول. وكان من المتوقع أن تندمج الأقليات في الهوية الوطنية التركية. ولكن بدءا من السبعينيات، بدأ المحافظون في البلاد في البحث عن سبل لبناء نفوذهم. اضطلعت بجزء كبير من هذا الجهد الحركة الشعبية التي يقودها رجل الدين البارز «فتح الله كولن»، الذي ورث تركة «سعيد النورسي» في محاولة دمج الإسلام بالعلم والتعليم الغربيين. باختصار، رأى «كولن» أن تركيا لا ينبغي أن تنأى بنفسها عن الغرب في احتضانها للإسلام، ولكن بدلا من ذلك عليها أن تأخذ أفضل ما في العالمين. 

من أجل تشكيل تركيا وفق هذه الصورة، كان «كولن» يحتاج في البداية إلى ملء مؤسسات الدولة بالمؤمنين بأفكاره. في خطبه، دعا «كولن» أنصاره إلى التحرك في شرايين النظام دون أن يلاحظ أحد وجودهم قبل أن يصلوا إلى مراكز السلطة. كانت هذه ببساطة هي خطة المحافظين المتدينين تحت قيادة« كولن»، وكذا كل القادة الذين رغبوا في تقليده. وقد استغلوا فرصة ضعف التحري عن الخلفيات في الانضمام إلى قوات الدرك، المسؤولة عن تأمين المناطق النائية في البلاد، من أجل بناء وجودهم في صفوف قوات الأمن. في نفس الوقت، تم بناء شبكات مثيرة للإعجاب تربط بين رجال الدين الأناضوليين وبين أسواق منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا متحدين هيمنة عمالقة العلمانية في إسطنبول. ظهرت المدارس ووسائل الإعلام جيدة التمويل. وصعد رجال الحقبة الجديدة في تركيا من القضاة والمعلمين والسياسيين ورجال الشرطة والطيارين وجنرالات الجيش الذين احتضنوا الهوية الإسلامية بينما حافظوا على موطأ قدم لهم في الغرب. 

مع نهاية الثمانينيات، وبمساعدة البيئة الأمنية المضطربة للحرب الباردة، كان لا يزال لدى الجيش السلطة المؤسسية اللازمة للإطاحة بأي حكومة مدنية تنحرف عن النموذج العلماني الأتاتوركي. ولكن في فترة السلام النسبي في التسعينات بعد نهاية الحرب الباردة، كان على الجيش أن يستخدم وسائل أكثر دهاء للإطاحة بالحكومة الإسلامية من السلطة فيما عرف بـ«الانقلاب ما بعد الحداثي». وفي مطلع هذا القرن، فإن قدرة الجيش على إطفاء الحالة «الإسلاموية» عبر إطاحة بسيطة وسريعة ضعفت إلى حد كبير.

مدعوما بقدرته على صناعة طفرة اقتصادية كبيرة، نشأ حزب العدالة والتنمية ونما ليكتسب قوة هائلة منذ مطلع الألفية، وحظي بقاعدة دعم امتدت من إسطنبول إلى قلب الأناضول. ومع زيادة نفوذ الحزب وحلفائه، فإنه سعى لتحييد نفوذ القوة التي طالما عرقلته لسنوات عديدة. أطلقت الحكومة حملة المطرقة الثقيلة ومحاكمات «أرجينيكون» والتي هدفت إلى اجتثاث الدولة العميقة المزعومة المكونة من الضباط والسياسيين والقضاة ورجال الأعمال الذين تحدوا تركيا الجديدة. وبحلول منتصف العقد الأول من القرن الحالي، توغل الإسلاميون بالفعل في عمق الجيش وكانت وسائل الإعلام التي تديرها جماعة «كولن» على صلة وثيقة بالمخابرات وتعمل على ابتزاز العسكريين. من خلال سلسلة من المحاكمات، كثير منها رأسها قضاة من حركة «كولن»، تم تطهير الجيش وصفوف القوات الجوية، وتم ملء قوات الدرك والبحرية بالأشخاص الموالين.

الصدع في صفوف الإسلاميين الأتراك

ليس هناك شك في أن «أردوغان» استفاد من إضعاف الجيش لصالح حركة «كولن»، ولكنه أيضا بدأ يشعر بالقلق من تنامي قوتهم. من منفاه الاختياري في بنسلفانيا، بدأ «كولن» في فرض نفسه سياسيا وأعرب علنا عن رفضه لسياسات «أردوغان». وفي عام 2013، عندما حاول «أردوغان» تعزيز أوراق اعتماده مع العالم العربي من خلال الاستفادة من المواجهة بين تركيا و(إسرائيل) حول حادثة أسطول مرمرة، انتقد «كولن» موقف «أردوغان» المناهض لـ(إسرائيل). ولكن القشة التي قصمت ظهر البعير جاءت في أواخر عام 2013 عندما حاولت حركة كولن الاستفادة من نفوذها داخل السلطة القضائية وقامت بتسريب تسجيلات صوتية زعمت تورط الدائرة المقربة من «أردوغان»، بمن فيهم نجله «بلال»، في قضية فساد. 

ومنذ ذلك الوقت أصبحت الفجوة بين حركة «كولن» وبين «أردوغان» غير قابلة للجسر. في عام 2014، بدأ المدعي العام المنتمي لحركة «كولن» في استهداف أحد حلفاء «أردوغان» الرئيسيين، رئيس الاستخبارات «هاكان فيدان»، من خلال اتهامه بالتورط في محادثات سرية مع حزب العمال الكردستاني. (يبدو أن كولن كان يشعر بالاستياء أن أردوغان وفيدان كانا يديران محادثات سلام مع حزب العمال دون إشراك حركته). في العام نفسه، انتقد «كولن» بشكل صارخ حملة «أردوغان» ضد المحتجين في حديقة «جيزي بارك» حتى أنه استعان بأحزاب المعارضة العلمانية المعارضة جذريا لحركته من أجل محاولة تقويض حزب العدالة والتنمية الحاكم. ومع تعمق الصراع، قرر «أردوغان» بأنه سيكون أفضل حالا إذا قام بتحجيم نفوذ حركة «كولن» في الوقت الذي لا يزال فيه يمتلك القدرة على ذلك. مجهزا بنفس الأسلحة التي استخدمتها حركة «كولن» في مواجهة الجيش، أطلق «أردوغان» حملة محلية ودولية لتقويض حليفه الإسلامي السابق.

منذ عام 2014، أغلقت الحكومة التركية مكاتب وسائل الإعلام التابعة لحركة «كولن» إضافة إلى البنوك والشركات، كما قامت بإغلاق المدارس وإقالة القضاة. ولكن تطهير الجيش بقى المهمة التي لم تكتمل. يعرف «أردوغان» أن أكبر تهديد لحكمه يكمن هناك، ولكن قرر أن يعالجه على مراحل. ويبدو أن «فيدان» قد اشتم ريح انقلاب قيد التحضير، ولكنه تردد في اعتقال المتورطين في التخطيط له قبل اجتماع المجلس العسكري الأعلى في مطلع أغسطس/آب. ومع إدراك مدبري الانقلاب أن غطاءهم كان ينكشف، فقاموا بتسريع خطتهم الزمنية وإطلاق الانقلاب في وقت مبكر ووضع خطتهم موضع التنفيذ في 15 يوليو/تموز. ولكن حقيقة أنهم يمثلون مجرد فصيل داخل المؤسسة العسكرية تسبب في فشل تحركهم. إضافة إلى كونهم قاموا بالسير على سيناريو تقليدي قادم من العصور الغابرة، حيث حرصوا على السيطرة على وسائل الإعلام التي تديرها الدولة في حين أنهم تجاهلوا بشكل تام الإعلام الخاص.

تفوقت المشاعر المناهضة للانقلاب على مشاعر معارضة «أردوغان»، كما اتضح من الحشود الضخمة في الشوارع وبيانات الوحدة ضد الانقلاب التي أدلت بها الأحزاب السياسية الرئيسية في البلاد. بدأ الانقلاب ينهار بعد ساعتين فقط من بدايته، وخلال 24 ساعة كان قد انهار تماما.

وقت غير مناسب للإلهاء

كل هذه الخلفية تفسر كيف وصلت تركيا إلى هذه النقطة العنيفة، ولكن الطريق للأمام سوف تكون أكثر تعقيدا. وستكون النتيجة الأكثر إلحاحا للانقلاب الفاشل هي عملية تطهير موسعة جديدة. حتى كتابة هذه السطور، تم القبض على الآلاف من الجنود والقضاة. ولكن حتى تكون الأمور واضحة، فإن حركة «كولن» لا تمثل التحدي الوحيد لحكم «أردوغان». وبالرغم من أن تسلل حركة «كولن» في صفوف الجيش كان عاملا رئيسيا في محاولة الانقلاب، فقد تم استخدام أنصار «كولن» فقط كأداة من قبل المنشقين لمحاربة «أردوغان» تماما كما تم استخدامهم من قبل من قبل حزب العدالة والتنمية لتوسيع نفوذه.

ومع ذلك فإن الرئيس لا يزال يستخدم وصف الكيان الموازي للمنشقين من جميع الأطراف. هذا لا يعني أن الانقلاب كان عملية مصممة لتوطيد سلطة «أردوغان»، ولكنه يعني أنه سوف يستغل هذه القضية لتسريع خططه لإصلاح الدستور الذي وضع في عهد الانقلاب السابق. وهذا سيمكنه من زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية وتضييق الخناق على المعارضة. 

المحاضرات الأوروبية حول احترام حقوق الإنسان تقع على آذان صماء. سوف يفعل قادة تركيا ما يريدون كي يشعروا بالأمان وسوف يواصل قادة أوروبا دغدغة ألسنتهم وهم يحاولون الحفاظ على اتفاق الهجرة الواهي مع أنقرة. سوف يوظف «أردوغان» اعتماد واشنطن على تعاون أنقرة في الحرب ضد الدولة الإسلامية للمطالبة بتسليم «كولن» من الولايات المتحدة.

بعيدا عن الحملة قصيرة الأجل والسجال مع الغرب، فإن أنقرة تواجه مشكلة أكبر بين يديها. سوف تحتاج تركيا إلى وقت طويل لإصلاح جيشها في أعقاب تمرد بهذا الحجم. سوف يكون المسلحون الأكراد والجماعات اليسارية المتطرفة و«الدولة الإسلامية» قادرين على استغلال الضعف الشديد في تركيا لتنفيذ المزيد من الهجمات وتغذية الاستقطاب داخل الدولة. وفي الوقت ذاته، فإن الضعف الخارجي لتركيا سوف يكون أكثر وضوحا. وفي الوقت الذي تتعرض فيه أنقرة لإلهاءات متعددة من قبل التهديدات الداخلية والانفصاليين الأكراد والحكومات السورية والإيرانية والروسية، فإنها سوف تواجه المزيد من التحديات لطموحاتها في الشرق الأوسط. الولايات المتحدة، وبسبب عدم قدرتها على الاعتماد بشكل موثوق على تركيا لإدارة التهديدات مثل الدولة الإسلامية، فإنها سوف تضطر لتحمل عبء أثقل في المعركة في الوقت الذي تسعى فيه القوى السنية الأخرى مثل المملكة العربية السعودية للعب دور أكبر في المنطقة.

هذا هو الموضع الذي ستطل فيه أزمة الهوية في تركيا برأسها. في هذه المرحلة من الدورة الجيوسياسية، بدأت تركيا في السير على طريق العثمانية الجديدة التي تفرض عليها تعميق المشاركة خارج حدودها، سواء قريبة مثل شمال سوريا والعراق، أو أكثر بعدا كما في ليبيا وغزة وناغورنو كاراباخ. وفي الوقت نفسه، فإن القادة الأتراك لديهم التزام تجاه الحدود الأتاتوركية وسوف يعملون على حماية الوحدة الوطنية للجمهورية التركية. وبالتالي سوف تصبح التناقضات السياسية أكثر تواترا، وسوف يظهر بعض التعارض في السياسات التركية.

قادت الحكومة التركية بالفعل عملية السلام مع الأكراد، ولمحت إلى منح الأقليات المزيد من حقوق الحكم الذاتي، قبل أن تعيد الحكومة حملتها الأمنية ضد الأكراد في وقت لاحق.

في غضون ذلك، يجادل البعض داخل تركيا حول أهمية التدخل العسكري بشكل أعمق في سوريا والعراق بدافع الضرورة، في حين أن آخرين يحذرون أن هذا الطريق الذي حذر «أتاتورك» أنها سوف تؤدي إلى الدمار. (ليس من قبيل الصدفة أن التوجيه الأول للفصيل المنقلب كان حول انسحاب القوات التركية من شمال العراق). وينقسم الإسلاميون أنفسهم حول التكتيكات التي يجب أن تتبعها تركيا لاستعادة نفوذها داخل العالم الإسلامي. ففي حين يدعو أنصار «كولن» إلى استخدام القوة الناعمة من خلال المدارس والصفقات التجارية ووسائل الإعلام، يبدو «أردوغان» أكثر استعدادا لنشر القوات المسلحة لإدارة التهديدات في الخارج مع طموحات أكبر لتشكيل الشرق الأوسط وفق رؤيته.

السلام الصعب في تركيا

على لسان مذيعة قناة TRT الواقعة تحت تهديد السلاح، أعلن المنشقون عن تشكيل مجلس سلام وطني يتولى الحكم خلال مرحلة ما بعد «أردوغان» في تركيا. عبارة «السلام في الوطن والسلام في العالم» تم إطلاقها لأول مرة على لسان أتاتورك في عام 1931 وأصبحت شعارا رسميا لسياسة تركيا الخارجية، مما يعزز فكرة أن الجمهورية المستقرة داخليا سوف تمكن تركيا من الاستجابة بفاعلية للمشاكل الناشئة خارج حدودها.

ولكن المشاكل التي تواجهها تركيا اليوم ليست هي نفسها التي واجهتها في أوائل القرن العشرين، كما أن الموازنات بين المسارات السلمية والتدخلات الأكثر جرأة اللازمة للحفاظ على السلام في تركيا وخارجها قد تغيرت. ما نستطيع أن نقوله على وجه اليقين، رغم ذلك، هو أن تركيا لا ينبغي أن تتوقع السلام في الداخل أو الخارج في أي وقت قريب.

صعود الطبقة التركية المحافظة هو مشروع بدأ منذ عقود طويلة، ومن شأنه أن يمتد لعقود أخرى. بغض النظر عن بقاء «أردوغان» على رأسه، فإنه من المرجح أن تواصل تركيا توسيع هذا المسار. وهو مسار من غير المرجح أن يتأثر بانقلاب عشوائي قادته مجموعة متنافرة من الإسلاميين والقوميين. تركيا تسير على هذا المسار في هذه المرحلة من التاريخ لأن الجغرافيا السياسية تحتم ذلك. لكن لا أحد يستطيع أن يدعي أنه سوف يكون مسارا سلسا.

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان كولن الجيش التركي النخبة الكمالية الطبقة المحافظة هاكان فيدان

«نبوءة أردوغان»: كيف يجعل الانقلاب الفاشل الرئيس التركي أكثر قوة؟

«فورين أفيرز»: لماذا فشل الانقلاب العسكري في تركيا ونجح في مصر؟

«جورج فريدمان»: التداعيات المحلية والجيوسياسية للانقلاب الفاشل في تركيا

«واشنطن بوست»: لماذا فشل الانقلاب الأخير في تركيا؟

«ستراتفور»: كيف يمكن أن يؤثر انقلاب تركيا الفاشل على دورها الإقليمي؟

دراسة: فشل انقلاب تركيا يصب في مصلحة قوي التغيير في العالم العربي

المشكلة في «أردوغان» أم في «إسلامية» الحكم التركي؟

لماذا لا تصلح سردية الصراع الإسلامي العلماني لتفسير محاولة الانقلاب التركية؟

«الإندبندنت»: فشل انقلاب تركيا أنقذ المنطقة من تداعيات كارثية

الجذور الهشة للعلمانية التركية: لماذا تخلع تركيا ثياب أتاتورك؟

«بشير نافع»: الطبقة الوسطى أنقذت تركيا

«بروكنغز»: الجغرافيا السياسية لانقلاب تركيا الفاشل

«ميدل إيست آي»: لماذا بدا الغرب راغبا في نجاح انقلاب تركيا؟

تركيا.. تجاوزت كارثة اقتصادية

انقلاب تركيا الفاشل يعمق مشاكل المعارضة السورية

كيف نجح أردوغان في حشد الجماهير في الشوارع؟

الدروس المستفادة من العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا بعد انقلاب عام 1960

التكلفة الباهظة والفرصة التاريخية لمحاولة الانقلاب الفاشلة

حتى لا يقع انقلاب تركيا القادم

محاولة لفهم ما يجري في تركيا وتفسيره

ثلاث ملحوظات على تناولات عربيّة لتركيا

تركيا تحقق في تورط «دحلان» المستشار الأمني لولي عهد الإمارات في محاولة الانقلاب

الأمل التركي: كيف يمكن أن تستفيد تركيا من انقلابها الفاشل؟

«و.س. جورنال»: هل فشلت المخابرات التركية في كشف محاولة الانقلاب قبل وقوعها؟

ما يمكن أن تتعلمه تركيا من روسيا حول منع الانقلابات العسكرية

في تركيا.. إفشال الانقلاب يحتاج للتطهير

«نيويورك تايمز»: لماذا يعتقد معظم الأتراك بتورط الولايات المتحدة في الانقلاب الفاشل؟

روسيا أم الولايات المتحدة: أين تتجه بوصلة تركيا بعد الانقلاب الفاشل؟

قوة كبرى رغم مشاكلها.. الانقلاب الفاشل لن يؤثر على الدور الإقليمي لتركيا

الإفراج عن ألمانية أوقفت في تركيا بعد محاولة الانقلاب .. وبرلين ترحب