منبج السورية بين نزوح الأحياء واستحالة دفن الأموات

الجمعة 22 يوليو 2016 10:07 ص

أصبحت معركة منبج ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» والتي يقودها التحالف الدولي وينفذ أهم فصولها عبر طائراته قصفا، وتديرها على الأرض قوات سوريا الديمقراطية، معركة موت حتمي بالنسبة للأهالي العالقين داخل المدينة، ويتبادل الطرفان تهماً بمحاصرة المدنيين ومنعهم من المغادرة، إذ تقول قوات سوريا الديمقراطية إن التنظيم لا يسمح للمدنيين بالخروج منها بل ويستهدفهم أثناء ذلك، بينما التنظيم يقول يمنع الأهالي من المغادرة من قبل المحاصِرين، ليس من قبله.

بدأ ناشطو منبج حملة تدعو إلى إنقاذ الأهالي من الهلاك المحقق، بعد أن أطبق الحصار على المدينة، واشتعلت المعارك في أحيائها، لتتحول المعركة إلى حرب شوارع في بعض الاحياء يكون فيها المدنيون عرضة للإصابات او الموت، بينما يستمر قصف قوات التحالف في أحياء أخرى غير مسيطر عليها، ويقول الناشطون ان «موضوع الحاجات الغذائية والطبية لم يعد أساساً في حملتهم، ولم يعد هو المشكلة الرئيسية كما كان في الأسابيع القادمة، بل أصبح اليوم تأمين المدنيين خارج المدينة ضرورة لا بد منها، إن كانت هنالك نية لإنقاذهم».

من جهته، تحدث عضو الهيئة السياسية في مدينة منبج «علي صالح الجاسم» لـ «القدس العربي» حول الظروف التي يعيشها المدنيون في مدينة منبج، وقال «بالنسبة للمدنيين وقعوا بين سندان قوات سوريا الديمقراطية وسكين تنظيم الدولة الإسلامية، حيث يبدو من العمليات الجارية أنه لم يتم حساب هؤلاء، فقد تمت محاصرة المدينة من كل الجهات، وهذا غير معتاد بالعمليات العسكرية، فالمعروف أن المهاجم يترك لعدوه طريقا للهروب، أما ما يحصل في منبج، فهو حصار كامل ما يدفع عناصر تنظيم الدولة الإسلامية للقتال حتى الموت».

وأضاف «الجاسم»: «هناك نقص شديد في المواد الغذائية، بل قل انعدام لها، وإن وجدت فالخروج لجلبها قد يكون ثمنه الموت برصاصة قناص من أحد الطرفين، هناك جثث تتفسخ في الشوارع لا يستطيع أهلها سحبها ودفنها، ومن كان حظه جيدا يكون قد مات بقرب منزل أو حديقة محمية من الأبنية حولها ، فيجد من يحفر له قبرا ويدفنه».

وبحسب «الجاسم» فإن «عملية دفن القتلى من المدنيين في المقابر أصبحت أمراً مستحيلاً تحت الكثافة النارية في أحياء المدينة، ما يضطر الأهالي لدفن قتلاهم في البيوت»، ويقول الرجل شارحاً: «تصور أن القبر صار ترفا في حياة أهل منبج لا يحصل عليه إلا المحظوظون، أصبحت الحدائق العامة وحدائق المنازل أمكنة لدفن الشهداء من المدنيين الذين يتجاوز عددهم 200 ألف مواطن سوري بسيط كان كل همه أن يؤمن لقمة العيش لعياله، هؤلاء باتوا للتنظيم دروعا بشرية، وقوات سورية الديمقراطية سدت عليهم كل الجهات، وكأن المقصود القضاء على كل من في المدينة بشرا وحجرا».

ويؤكد ناشطو منبج أن «الحي الذي تبدأ فيه الاشتباكات يحل ضيفاً على حي آخر حيث يفترشون الشوارع والأزقة، هذا عدا البيوت التي استطاع أهلها الهروب والنجاة، يكسرون الأقفال ويدخلون».

ويقول الجاسم لـ «القدس العربي»، «أن بعض أحياء منبج يصل عدد سكانها إلى 20 ألف نسمة «تجدهم يتجولون مع أولادهم من حارة إلى حارة ومن حي إلى حي يبحثون عن الأمان».

ناشطون تحدثوا عن أطفال مفقودين تاهوا عن ذويهم داخل المدينة، إذ تحدث «أحمد المنبجي» على حسابه في «فيسبوك» حول الموضوع قائلاً: «كثير من الناس فقدوا ذويهم، وعائلات عدة فقدت أطفالها ولا تجدهم، بل إن هنالك أزواجاً فقدوا زوجاتهم، وكثيراً ما تشاهد عائلة واحدة موزعة في أماكن عدة من المدينة إذ يكون الأطفال في جهة وأمهم في جهة بينما الأب في جهة أخرى»..يحدث كل هذا ضمن فوضى النزوح بين الأحياء.

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، عن مصدر في معهد «سوريا من أجل العدالة»، قوله إن الطائرات الأمريكية استخدمت، الثلاثاء، من 8 إلى 10 حاويات قنابل عنقودية في قصفها لمدينة منبج السورية، الأمر الذي أدى إلى مقتل العشرات من المدنيين.

وكان نشطاء وجماعات حقوقية، أكدوا أن الغارات التي شنتها طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مواقع داخل سوريا، أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين، بينهم عائلات بأكملها.

وبدأت قوات سوريا الديمقراطية في 31 مايو/أيار الماضي هجوما للسيطرة على منبج التي استولى عليها الدولة الإسلامية» عام 2014.

وتمكنت الشهر الماضي من تطويق المدينة وقطع طرق إمداد التنظيم إلى مناطق أخرى تحت سيطرة مسلحيه، والطرق المؤدية إلى الحدود التركية.

ومنبج، مدينة سورية قديمة وأثرية متوسطة عدد السكان والحجم، وهي مركز منطقة منبج في محافظة حلب.

ولد فيها الشاعر «عمر أبو ريشة»، والشاعر «البحتري»، ولهذا تكنى أحياناً بـ«مدينة البحتري».

وتعد منبج إلى جانب مدينتي الباب وجرابلس الحدودية مع تركيا معاقل للتنظيم في محافظة حلب.

‫ولمنبج تحديدا أهمية إستراتيجية لكونها تقع على خط الإمداد الرئيسي للتنظيم بين الرقة معقله في سوريا، والخارج عبر الحدود التركية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

منبج قوات سوريا الديقراطية الدولة الإسلامية

مصادر سورية: أمريكا قصفت منبج بالقنابل العنقودية

عشرات القتلى بطائرات التحالف على حلب.. ونشطاء: منبج تباد

«قوات سوريا الديمقراطية» تدخل مدينة منبج في ريف حلب

متحدث: وجود مدنيين يؤخر السيطرة على «منبج» السورية

مدنيو منبج يتحولون إلى وقود للحرب

«سوريا الديمقراطية» تنفي السيطرة على مدينة منبج أبرز معاقل «الدولة الإسلامية»