فيلم «السر في عيونهم»: العدالة الأمريكية .. اقتل واتهم المسلمين بأثر «رجعي»!

الأحد 31 يوليو 2016 07:07 ص

كثيرون شاهدوا هذا الفيلم بخاصة أن له نسختين بنفس الاسم «The secrets in their Eyes»، أرجنتيني عام2009، وأمريكي نوفمبر/تشرين أول الماضي، «السر في عيونهم»، وهما مأخوذان عن رواية واحدة لـ «إدوارد ساشري» بنفس الاسم، لكن أحداً لم يتوقف أمام صورة المسلمين في فيلم الدراما البوليسي، رغم أن الحبكة الأساسية، بل كلمة السر في الفيلم الأمريكي الذي أخرجه «بيلي راي» حول الدين الإسلامي والمساجد والمباحث الفيدرالية و11 سبتمبر/ أيلول 2011، و(الإرهاب) الذي نُتهم به آناء الليل وأطراف النهار.

بل أحداث إنقلاب تركيا الأخيرة.. كل هذا له وجود في الفيلم، ولكن يبدو أن المسلمين الذين لم يكونوا يقرأون إلا نادراً لم يعودوا يشاهدون حتى الأفلام الغربية بدقة.

مسجد أنقرة

تدور النسخة الأمريكية للفيلم في قرابة ساعتين (111 دقيقة)، وفي قطع متوازٍ «فلاش باك» ينقلنا الفيلم إلى زمنين معاً، حتى تتشابه الأحداث في بعض مشاهد الفيلم أحياناً فلا نعرف في أي الزمنين نحيا.

عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول بـ 4 أشهر تعيش مدينة لوس أنجلوس تحت هوس أن المسلمين بإمرة الراحلينِ «أسامة بن لادن» و«صدام حسين»، ومعهم «الجمرة الخبيثة» سيقصفون المدينة كما نسب «جورج بوش» الابن إليهم تفجيرات برجيّ مركز التجارة العالمية بنيويورك.

ووسط تكريس إعلامي ورسمي غير محدود، ومشاهد لملثمين بأفغانستان متهمين، وحكايات عن غونتانامو، يصاب ثلاثي أبطال الفيلم بسعار العداء للإسلام.

تفاجأ المحققة «جيس»، قامت بالدور الممثلة الأمريكية المعروفة «جوليا روبرتس» صاحبة أوسكار أفضل ممثلة، بمقتل ابنتها «كارولين»، ويتعهد صديقها وزميل العمل «راي» الأمر، قام بدوره الممثل البريطاني «شيواتال إيجوفور»، وكان يرجو ان ينال الأوسكار عن دوره بالفيلم، فيما تقف على مسافة متساوية متعقلة القاضية «كلير»، قامت بالدور الممثلة الإسبانية «نيكول كيدمان».

 النسخة الأرجنتينية من الفيلم حازت اوسكار أفضل فيلم مترجم عام 2010، وصور الديكتاتورية السياسية هي السبب في قتل الابنة المراهقة، أما الجديد المضاف إلى رواية «إدوارد ساشري» في الفيلم الامريكي فهو أن الفتاة قتلها المسلمون بمسجد اسمه «أنقرة» بقلب لوس أنجلوس، كما أن أم الفتاة المغتصبة والمقتولة محققة بمكتب «التحقيقات الفيدرالية المكلف بإمساك «خلية المسجد (الإرهابية)».

ـ ماذا يفعلون في المسجد طوال الوقت؟

تسأل «جيس» أو الأم التي فقدت ابنتها، فيجيبها زميل الحياة والعمل «راي»:

ـ يدعون الله ..!

جملة تمر مرور الكرام وتبرىء المسلمين مما هو منسوب إليهم، ولكنهم لا ينتبهون إليها فضلاً عن أن يستغلونها.

الشغف يشبه الخريطة

جملة الفيلم الرئيسية تكلمها «جيس»، وتكررها مرة بعد مرة، فإن الحقيقة قالها المحقق في القضية «راي» منذ البداية:

ـ إننا هناك في المسجد، على الورق، طوال الوقت!

أي أن الغرب هناك يحبس، ظلماً، فكره في «مسجد» يعبر عن الإسلام لكن باسم «أنقرة»، أي من خلال اتهام المسلمين وعلى رأسهم تركيا بـ(الإرهاب)، والفيلم أنتج بنهاية نوفمبر/تشرين أول أي منذ 8 أشهر في إشارة إلى المزاعم الغربية باتهام أنقرة بـ (الإرهاب)، وبقية جملة بطل الفيلم «هناك على الورق» أي يسقطون اوهامهم عليه وإن ضادت الحقيقة.

ولأنها شغوفة بتحقيق ما بذهنها تترك الأم ومعها «مكتب التحقيقات» القضية لمدة 13 عاماً، او هكذا يوهم الفيلم المشاهد، ثم تفتح القضية من جديد بحثاً عن قاتل مفترض، «مخبر» عن «خلية المسجد جديد» ، وعلى مدار أكثر من ساعة يأخذنا الفيلم في مطاردات بالسيارات تارة، وفي الملاعب بالمدرجات بين الجماهير تارة، خلف المتهم، ويفقد مكتب التحقيقات أحد أفراده بسبب إحدى المطاردات فلا تتحمل الأم المكلفة بالقضية الأمر، وتعترف بالحقيقة ..فيما تصم العدالة آذانها، ممثلة في القاضية «كلير»، ويذهب «راي» إلى ما هو أبعد فيشاركها جريمة قتل القاتل الحقيقي..

العدالة المفتقدة

مشاهد مدينة لوس أنجلوس في الفيلم نوعان، الأول في الظهيرة، ونحن نسمع من مذياع السيارات في وقت واحد عن الهجوم الإسلامي، ونرى عبر الشاشات المنقبات والملتحين يستعدون لإطلاق الجمرة الخبيثة، او هكذا خدع الإعلام الأمريكي نفسه وبلده، تختفي المشاهد هذه لتبقى مشاهد المدينة في الليل مضاءة الأنوار، وناطحات السحاب الهادئة، ومن زوايا تصوير مختلفة مع تكرار الممثلة المقتدرة «جوليا روبرتس» لجملة الشغف يشبه الخريطة.

وبتجميع الكلمات مع المشاهد تكتشف أن الفيلم يقول لك إن الغربي، الإنسان المعذب لم يعد له من هم إلا اتهام المسلمين بالباطل، بل واتعب الغرب لنفسه في سبيل ذلك، فالمدن الكبرى الهادئة لابد من إقلاق منامها، لإنه ينبغي الانتقام من المسلمين لا لشئ فعلوه إلا لأن الحكام هناك يريدون ظلمهم، وكسب السلطة والانتصار بالمعركة الوهمية على حساب جثثهم والرصاص والقنابل.

اما بقية جملة «روبرتس» فهي:

«قضية خاسرة .. الشغف من يفوز بالنهاية».

صارت حياة الإنسان الغربي قضية خاسرة، تضيع دون أن يصل إلى الحقيقة أو حتى يحلم بمعرفتها، ولكن الشغف والاهتمام غير الصادق بالقضايا المدسوسة هو الذي ينتصر في النهاية.

الجميع مجرمون

لا تصل العدالة إلى القاتل عبر 13 عاماً من التحقيقات المستمرة، ولكن مكتب مكافحة الإرهاب المعني بمقاومة الشغف يقبض على المسلمين بأكبر «مساجد لوس أنجلوس» ويلفق لهم قضية يتهمون بـ(الإرهاب) فيها، وهم غير مذنبون، وفي المقابل تعمد «جيس» إلى أسر قاتل ابنتها، وهو بالمناسبة «المخبر القديم عن مسلمي المسجد»، في حديقة منزلها لمدة الـ 13 عاماً . وحينما يعلم «راي» المحقق غير المرتبط بالأمر انفعالياً مثل الأم، يختار لها حلاً آخر وهو قتله بمسدسه الرسمي ودفنه في حديقة امنزلها، وهو السر الذي احتفظت عيونهم به للنهاية، وأغمضت القاضية «كلير»، واسمها يساوي الوضوح .. أغمضت عينها عن الجريمة البشعة.

وباختصار القضية أدين فيها مسلم، أيضاً، و«المراهقة الامريكية» لم يقتلها أحد من مرتادي المسجد، بل أمريكي أدخل المسجد على الخط ليتجسس عليه ثم ينجو بحياته، وفريق «التحقيقات الفيدرالية»، بما فيه أم القتيلة علم بهذا، وأكمل عمله في القبض على المسلمين.

 ولكن «المحققة» التي رأت شغف بلدها بإدانة كل ما هو مسلم يدعو الله طبقت العدالة بمفرداتها الأكثر من ظالمة إذ سجنت لسنوات طويلة القاتل الحقيقي، ثم أطلقت النار عليه.

 والعدالة الأمريكية التي تتهم المسلمين بالباطل.. هي نفسها.. التي تسمح بـ«الغابة والفوضى» بالوجود في المجتمع يقتل المتهم «المُشتبه فيه» دون حكم أو محكمة .. ويغمض «القاضي» عينيه.

لما سبق جاءت كل مشاهد التحقيقات في الفيلم عبثية عشوائية غير مقنعة، ولكن تداخل أزمنة السرد بالفيلم بين الزمنين (2001، 2014) أشعر المشاهد بالتيّه الذي يحياه الغربي بخاصة الأمريكي أكثر.

تفوقت «جوليا روبرتس» وأثبتت أنها ممثلة لم تنحسر الأضواء عنها لكبر سنها، وتغير ملامحها على الادوار الهادئة التي كانت تشتهر بها، وتفوق في ملاحقتها الممثل «شيواتال إيجوفور»، وحاول الفيلم أخذنا في قصة عاطفية ثلاثية بين المحقق والقاضية، والأم والمحقق، وإن كان أبقى العلاقة ظاهرية في لمسة تخبرعن إلتزام «بيلي» راي المخرج وكاتب السيناريو الحرفي باحترام القضايا الخطيرة التي يتعرض لها فيلمه، وقد منح بطل الفيلم اسمه الأول «راي»

 بقيت اللمسة الروائية واضحة على الفيلم بخاصة اسمه، وإظهار أن المحقق والقاضية والمحققة الأم، جميعهم، يخفون سراً يعرفه المشاهد بوضوح ومختصره أنه لا عدالة على «الأراضي الأمريكية» سواء موجودة أو مفترضة.

  كلمات مفتاحية

فيلم أمريكي العدالة الإرهاب الإسلام أمريكا

«المتدرب» .. فيلم أمريكي «ينصحك» بإكمال المتاهة للبحث عن حل «حضاري» لحياتك!

فيلم الأوسكار 2016 «العائد»: العدالة الأمريكية «المُنحازة» والمتوحشة

فيلم «قصتنا» التركي: فن يقدم علاجا للأزمات والانقلابات!

حكايات طائشة: 6 أفلام سوداء تكثف ضياع الإنسان الغربي

فيلم «سويسايد سكواد» الأسوأ لهذا العام ..يحطم الأرقام القياسية الأمريكية

فيلم «الفتاة في القطار»: حلم سفر نظيف لأبطال غارقين في الخطايا