«أبو هشيمة».. مهندس الجيش المصري لصناعة «الأذرع الإعلامية»

الخميس 3 نوفمبر 2016 07:11 ص

صاحب الـ41 عاما، لكن تمدد إمبراطوريته الاقتصادية والإعلامية والسياسية، تثير الكثير من علامات الاستفهام حول الرجل الذي بات يمتلك أقوى وأخطر وسائل الإعلام في مصر، ويشرع في مشروعات عملاقة، ربما تؤهله للعب دور سياسي بارز، خلال الفترة المقبلة.

يذهب البعض إلى أنه سيكون المرشح الرئاسي القادم أمام الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» في انتخابات 2018، للعب دور «المحلل» لقائد الانقلاب العسكري؛ للبقاء في حكم مصر حتى عام 2022.                 

ولا يعرف أحد على وجه الدقة، طريقة ثرائه السريع، وصعوده بسرعة الصاروخ، وحجم ثرواته، لكن الواضح للعيان أن ثمة ضوء أخضر منحته له جهات سيادية واستخباراتية في البلاد؛ لخلافة إمبراطور الحديد السابق رجل الأعمال «أحمد عز»، الذي أطاحت به ثورة 25 يناير/كانون ثاني 2011. 

«عندما قابل حسن مالك الرجل الثانى فى إمبراطورية الإخوان المالية بعد خيرت الشاطر داعبه قائلا: هو الواحد عشان يبقى إخوان يبقى يعمل ايه بالظبط يا حسن بيه؟!»، وفق صحيفة «صوت الأمة» المصرية.

لكن بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، تلون «أحمد أبو هشيمة» رجل الأعمال المصري، بسرعة كبيرة، وصار يتقدم مرافقي الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، لتنظيم حملات الدعاية والتأييد له في الجولات الخارجية، وتبرع بأموال طائلة للنظام، في مسعى منه للتبرؤ من علاقته السابقة مع الإخوان.

ثراء فاحش

«أبوهشيمة» ينتمي لأسرة متوسطة الحال، كانت تقطن محافظة «بني سويف» جنوب القاهرة، والده ضابط شرطة هو اللواء «حمدي أبو هشيمة»، تخرج من كلية التجارة، وبدأ حياته بالعمل في تجارة الحديد منذ التسعينيات، وقرر أن يستثمر في مصانع الحديد إلى أن أصبح أحد مصنعي الحديد عام 2009، لكن في مارس/آذار 2011، وبعد ثورة يناير/كانون الثاني، شارك مع رجل الأعمال القطري «محمد بن سحيم» لإنشاء شركة «حديد المصريين»، بحصة تبلغ 50%.

كان ضمن وفد رجال الأعمال المصريين الذى سافر إلى قطر بعد الثورة، والتقى في باريس الشيخ «حمد بن خليفة آل ثان» أمير دولة قطر آنذاك، بحسب تقرير نشرته صحيفة «اليوم السابع» فى 12 يوليو/تموز 2012، ويمتلك «أبوهشيمة» الآن معظم أسهمها.

«بن سحيم» الذي يعد أحد أبناء العائلة الحاكمة فى الدوحة، شريك لـ«أبوهشيمة» فى 3 شركات طبقا للأوراق الرسمية لهذه الشركات فى هيئة الاستثمار المصرية، وحتى يمسك العصا من المنتصف، أبلغ «أبو هشيمة» الجهات الأمنية في مصر بحضوره حفل زفاف نجلة «سحيم» عقب أحداث 30 يونيو/حزيران 2013.

واتجه «أبو هشيمة» إلى ترسيخ أقدامه في عهد النظام الجديد، موّل فيلما دعائيا لـ«السيسى»، أطلق عليه اسم «بريق أمل»، ونشر إعلانات ترويجية له عبر استئجار صفحات خاصة بالصحف الأميركية، ومول حزب «مستقبل وطن»، الذي يرأسه «محمد بدران»، الذي رافق «السيسي» خلال افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة.

رجل المخابرات

سيطر «أبوهشيمة» على حصة كبيرة من كعكة الإعلام المصري، تحت ستار مجموعته الضخمة «مجموعة إعلام المصريين»، بعد أن استطاع شراء عدد كبير من المنابر الإعلامية، منها مجموعة قنوات أون تي في (ON TV) التابعة للملياردير المصري «نجيب ساويرس»، بخلاف امتلاكه صحيفة «اليوم السابع»، التي تستكتب مجموعة من كُتاب الرأي، المعروف عنهم صلاتهم بالأجهزة الأمنية، بجانب عدد من القيادات الأمنية الفاعلة في النظام الحالي، كالرائد «أحمد شعبان»، ضابط المخابرات الحربية، الذي يكتب مقالًا يوميا تحت اسم مستعار «ابن الدولة».

كما استحوذ على حصة كبيرة من أسهم قناة «النهار» الفضائية، وقناة «الحياة»، واشترى صحيفة «صوت الأمة» الأسبوعية، والتي توجه انتقادات لاذعة للنظام المصري.

واشترى رجل الحديد 51% من أسهم شركة «بريزنتيشن» التي تملك حقوق بث ورعاية الدوري المصري، وقناة «أون سبورت» التي تبث مباريات الدوري المصري لكرة القدم.

ومنذ أيام، وقع مع شركة «بى فور كابيتال» (المالكة لحقوق بث قناة نادى تشيلسى الإنجليزى بالشرق الأوسط)، عقدًا يتم بموجبه حصول قناة «ON Sport» على حقوق بث برامج ومباريات نادى تشيلسى الإنجليزى المذاعة على قناة النادى، وذلك لمدة ثلاث سنوات.

اللافت استحواذه على 50% من شركة «مصر للسينما» والمملوكة لرجل الأعمال المصري «كامل أبو علي»، دون أن  تعلن الشركة عن قيمة الصفقة، مضيفة في بيان صحفي أن «الاستحواذ على مصر للسينما يأتي تمهيدا لتنفيذ خطة طموحة لدفع السينما والدراما المصرية خطوة للأمام وإعادة دور مصر في هذا المجال بالاضافة إلى إنتاج برامج تليفزيونية متميزة».

ووفق مراقبون، فإن «أبوهشيمة» ومن خلال شركة «إعلام المصريين»، في طريقه إلى صناعة «أذرع إعلامية» لصالح الدولة وأجهزة الاستخبارات المصرية، لترميم ما فقدته تلك الأجهزة من هيبة ونفوذ جراء ثورة يناير، فضلا عن كونه «كومبارس» لجهة أمنية تستخدمه كواجهة لاستثماراتها الإعلامية، التي توسعت مؤخرًا لتشمل أكثر من وسيلة تليفزيونية، وراديو، وشركة إنتاج درامية.

مستقبل طموح

الرجل الذي يخطط للاستحواذ على 23% من سوق الحديد في مصر، أعلن عن خطة خيرية لإعمار قرى صعيد مصر الفقيرة، تشمل الخطة ٤٠ قرية بتكلفة ١٢٠ مليون جنيه، ضمن مبادرة «قرى الأمل»، كما قدم 50 رأس ماشية للفقراء، وقام بالتبرع بـ 100 ألف طن سكر لحل أزمة السكر القائمة في البلاد.

لكن كلمة السر الأولى في صعود «أبوهشيمة» زواجه من المطربة اللبنانية «هيفاء وهبي»، والتي فتحت له أبواب الشهرة، ثم انفصل عنها لاحقا بعدما حقق هدفه، وسرعان ما حصل على كلمة السر الثانية للصعود عبر بوابة القوات المسلحة، التي تبحث عن بديل على عرش الحديد، يؤمن لها أذرعا إعلامية تدين بالولاء، ويدير دفة الإعلام المصري بما يخدم توجهات المؤسسة العسكرية.  

بات «أبو هشيمة» رجل الأعمال الأول في عهد السيسي، إذ تسير صفقاته المالية بسلاسة دون تضييق، أو مساومات، ويوصف بأنه «ورقة النظام الرابحة لتأميم الإعلام»، وفق موقع «ساسة بوست».

عقب الاستحواذ على الشبكة الإخبارية السياسية الخاصة الوحيدة في مصر «أون. تي. في»، قرر تحويلها إلى شبكة عامة تهتم أكثر بالترفيه وبرامج المنوعات والدراما، كما نجح في إبعاد الوجوه المثيرة للجدل والاستعانة بأهل الثقة، خاصة في برامج «التوك شو»، الأكثر صخبا وتأثيرا لدى المشاهد المصري.

ويتجه رجل صناعة الحديد الجديد، خلال وقت قصير، وبأموال مجهولة المصدر، إلى السيطرة على صناعة الإعلام، والسينما، والرياضة، ما يؤكد أن المؤسسة العسكرية ترسم دورا ما للرجل خلال عهد «السيسي»، أو ربما يستخدم كغطاء لتمرير صفقات تجارية لصالح جنرالات في الجيش المصري، أو يتم تجهيزه كمرشح رئاسي مدني، يستخدم عند الحاجة لتحقيق أهداف سياسية بعينها، فضلا عن المهمة الأبرز والأخطر، وهي إعادة الإعلام المصري إلى القمقم، وتأميم الصحافة المصرية المعارضة، وإدارة دفة الرأي العام المصري في الاتجاه الذي يريده حكم العسكر.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أحمد أبوهشيمة الجيش المصري أحمد عز مجموعة إعلام المصريين اليوم السابع