جدل سعودي حول دعوة «المفتي» لـ«التجنيد الإجباري»

الاثنين 21 نوفمبر 2016 08:11 ص

حالة من الجدل شهدها موقع التواصل الاجتماعي، على مدى الأيام الماضية، إثر دعوة مفتي عام المملكة، إلى التجنيد الإجباري.

وكان مفتي عام السعودية الشيخ «عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ»، جدد الأربعاء الماضي، دعوته الى التجنيد الإجباري للشباب السعوديين في جيش بلاده.

تصريحات «آل الشيخ» جاءت خلال لقائه الأسبوعي الذي تبثه «إذاعة نداء الإسلام» من مكة المكرمة، ونشرت مضمونه وكالة الأنباء السعودية الرسمية «واس».

وأشاد «آل الشيخ» بتمرين «أمن الخليج العربي 1» الذي اختتم فعالياته الأربعاء، في البحرين، معتبرا أنه يأتي «في سياق الأخذ بأسباب القوة لصيانة أمن الخليج المستهدف من الأعداء، والمحسود على اتحاده وخيراته، وعلى ما فيه من اقتصاد وأمن».

وقال إن «هذه التدريبات العسكرية أمرٌ ضروري لحماية الأمة وحماية مكتسباتها، في زمن كثرت فيه الخطوب وعظمت فيه الفتن والمصائب».

وأضاف: «علينا أن نصبر ونثبت ونستعين بالله على عدونا بمثل هذه التمارين المشتركة الموفقة التي فيها استعداد وأخذ بأسباب القوة بتدريب الشباب والتجنيد الإجباري لهم حتى يكونوا قادرين إذا واجههم أي عدو من الأعداء، فعندهم من التسلح الذاتي والفكر الإسلامي الصحيح ما يحملهم على الثبات ومقاومة الشر وتحدي الباطل ورده على عقبه».

ويقصد بـ«التجنيد الإلزامي»، وفق المفهوم المستقر في الأدبيات العسكرية، هو «التحاق القوى الشبابية ومتوسطة العمر في المجتمع بعد إكمال سنوات الدراسة بالخدمة في المؤسسة العسكرية، لمدة زمنية معينة تختلف من دولة إلى أخرى».

يواجه التجنيد الإلزامي معوقات عديدة، أهمها: تخصيص ميزانيات ضخمة في ظل تراجع الإنفاق الحكومي في الميزانيات العامة لدول الخليج خلال السنوات المقبلة نتيجة للتراجع في أسعار النفط.

ولاقت دعوة «آل الشيخ» جدالا واسعا على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، عبر عدة وسوم منها «االتجنيد الإجباري» و«المفتي يطالب بالتجنيد الإجباري للشباب»، و»تجنيد الشباب إجباريا».

بين مؤيد ومعارض، شارك آلاف المغردين تعليقا على الدعوة.

مؤيدون

فقال المؤيدون، إن خطوة تأخرت كثيرا، وأن كل الشباب السعودي على استعداد لهذا القرار.

فكتب «محمد المسعود»: «أهلاً وسهلاً بالتجنيد الأجباري الذي يدرب أبنائنا أساليب القتال والدفاع عن النفس.. تمنينا أنه لو طبق من قبل.. عموما لم يفتنا شيء».

وأضاف «مفتي عام»: «طبعا لابد من ابناء الوطن ان يدافعو عن من سرق اموال الوطن ما دام يغتصب الوطن».

وتابع «قلب وطن»: «المواطن هو رجل الأمن الأول.. ونتمنى يصير التجنيد الإجباري.. وفخر لنا نحمي وطننا وديننا».

فيما أكدت «ندى الإبراهيم»، أن «هذا قرار صائب ووقته حان».

وأشار «تركي الحارثي»، إلى أنه «مع التجنيد الاختياري أو أن يكون من ضمن الأحكام التعزيرية لبعض القضايا».

وأكد «سلطان الحربي»، أن «الشباب مستعدون للانضمام إلى خدمة التجنيد العسكري الوطني، وتأهيلهم ليكونوا أفرادًا قادرين على الدفاع عن الوطن، وأنه في حال إقراره سيكون له الأثر الإيجابي من ناحية تعزيز القوة الدفاعية للبلاد».

فيما رأى «نواف خالد» أن «الخدمة الوطنية هي شرف للدفاع عن البلاد ومقدسات المسلمين كما أنها تعوِّد الشباب على الجدية والانضباط والالتزام بالقيم النبيلة، حيث ترفع الحس الأمني لديهم، وتعزز ولاءهم لوطنهم وتزيد التلاحم بين المواطنين والقيادة».

أما «إبراهيم أحمد»، فقال: «أتمنى إتاحة المجال للشباب في حماية البلاد، من خلال التجنيد الإجباري لهم، حيث سبقتنا بعض الدول الخليجية في ذلك، ويمكن الاستفادة من تجربتهم في ذلك».

وأضاف «عبد الله الشهراني»: «الجميع ينتظر هذا القرار فالأعداء يحيطون بنا من كل حدب وصوب».

وتابع «خالد المزعل»: «ما حك جلدك مثل ظفرك.. ليس من المصلحة تأخير قرار التجنيد الإجباري.. يجب أن نستعد ونعتمد بعد الله على شباب الوطن والذين يشكلون الغالبية».

وأشار «إبراهيم البيحي»، إلى أنه «آن لنا أن نرد جزءا من الدين والمعروف لأغلى وطن».

وغرد «عبد العزيز الشمري»، قائلا: «ليت هذا الأمر يتحقق لكي تنقلب حياة بعض الشباب الى الأفضل».

فيما علق «أبو ريم»: «ممتاز جداً.. أهم شي يكون التجنيد على جميع فئات المجتمع مهما كان اسمه ومكانته العائلية.. وبكذا ينجح التجنيد عندنا».

وقال «محمد لويفي الجهني»: «مطالبة في وقتها تزيد من قوة الدولة وتساهم في القضاء على العادات الشبابية السلبية وتسهم في الانضباطية».

وأضاف «أبو مشعل المشرفي»: «الشباب السعودي رهن الإشارة ولا يراودني شك في عدم طاعة ولي الأمر في أمر يخدم الدين أولاً وأخيراً».

وتابع «نواف مقبل»، قائلاً: «قرار صائب ويزرع الثقة بشباب المستقبل للدفاع عن تراب الوطن، فشبر من الوطن يساوي العالم بأكمله».

بينما غردت «لولي الزهراني»، بالقول: «ياليت والله.. لأن بعض الذكور وصلوا لمرحلة الأنوثة من شدة المياعة والدلع والتفاهة».

واتفق معها «درعاوي»: «فيما مضى كان التجنيد الإجباري مصانع الرجال.. بعكس هذا الجيل الذي سقط سرواله حالياً».

فيما قالت «أنا أسماء»: «والله الجيل الجديد كل ماله يميل للنعومة!.. يبيلهم استرجال بدال الهبل اللي قاعدين نشوفه في السوشيال ميديا والتنعم».

معارضون

أما المعارضون، لهذه الدعوة التي خرجت من المفتي العام للمملكة، فبرروا معارضتهم أنها لن يكون لها فائدة.

فقال «عبد الله»: «التجنيد الاجباري لن يطبق ولن يفيد.. فهو لم يفيد العراق في الحرب الأمريكية ولم يفيد السوفييت.. الحل تقوية الجيش وتسليحه جيدا».

وأضاف «حمد الدوسري»: «أصبح التجنيد الإجباري مطلب في ظل هذه الأوضاع التي تحيط بالخليج كاملاً.. وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه».

وتابع «إبراهيم الشامي»: «هؤلاء يحاولون إرعاب الشعب من أجل دعم فكرة التجنيد الإجباري.. لن يحدث».

بينما غرد «المحب»، قائلا: «مش كفايه الشباب الي راحو وماتوا في حرب أفغانستان سابقا والحين في سوريا بدعوى الجهاد».

وأبدى «إبراهيم ماضي»، تخوفه بالقول: «التجنيد الاجباري أي أنك تمرن الشعب على السلاح.. وبهذا تكون براقش قد جنت على نفسها».

واستنكر «فايز آل بذال»، دعوة المفتي، وقال: «كان الأجدر بالمفتي قبل المطالبة بالتجنيد أن يطالب بتسكين إجباري لـ80% من الشعب وبتوظيف إجباري لـ15% من العاطلين.. قبل تجنيدهم».

وفي السياق ذاته، قال رئيس اللجنة الأمنية في مجلس الشورى «سعود السبيعي» إن «السعودية لا تحتاج إلى فرض التجنيد على مواطنيها، لأن الانسجام الكبير بين المواطنين، والاتفاق في كثير من الأمور، يجعلانه غير ضروري».

وأضاف في تصريحات لصحيفة «الحياة» أن «عدد المسجلين للتوظيف العسكري يفوق العدد المطلوب والمعلن من المؤسسة العسكرية بمراحل»، منبها إلى تغير طبيعة الحروب الحديثة التي لم تعد تعتمد على أعداد كثيرة من المجندين، بل تعتمد على التقنيات الحديثة والأسلحة المتطورة.

اقتراحات

بينما اقترح الكاتب الصحفي «خالد باطرفي» في مقال له بصحيفة «الجزيرة» أن يكون المسمى «خدمة العلم» أو «الخدمة الوطنية»، وأن تفتح الأبواب لجميع المواطنين والمواطنات للمشاركة من سن 17-35 عاما، وفي كافة التخصصات ومجالات العمل العسكرية والمدنية والخدمية.

فيما اقترح «علوش»، قائلا: «التجنيد التطوعي أفضل من الإجباري.. والشباب يطلبون به من زمان».

وكان الأمير «متعب بن عبد الله بن عبد العزيز»، وزير الحرس الوطني السعودي، نفى في أغسطس/آب 2014، نية بلاده تطبيق التجنيد الإجباري بالجيش، مشيرا إلى أن هناك إقبالا كبيرا للالتحاق بالقطاع العسكري «بأعداد كافية وتفوق الاحتياج الفعلي».

والخدمة العسكرية في السعودية غير إجبارية؛ حيث يتم التقدم لها طواعية من قبل الراغبين، ويتم تعيينهم من قبل الدولة، وفقا لنظام خدمة الأفراد في السعودية.

ودعوة «آل الشيخ» إلى التجنيد الإجباري في الجيش السعودي ليست الأولى؛ حيث سبق أن أطلق مفتي السعودية الدعوة ذاتها في أبريل/نيسان 2015 عقب أسابيع من بدء عمليات التحالف العربي، الذي تقوده السعودية، في اليمن.

وقال خلال إحدى خطب الجمعة آنذاك إن «هذه الخطوة (التجنيد الإجباري) مهمة لشبابنا في دينهم ولحماية أوطانهم، حتى نكون على استعداد دائم لمواجهة الأعداء».

وكان تقرير لمركز «الجزيرة للدراسات»، أشار إلى عدم امتلاك دول الخليج نظما إلزامية للتجنيد، الأمر الذي يجعلها لا تمتلك قوات احتياط احترافية، ومن ثم فهي لا تمتلك نظاما للتعبئة العامة لقوات الاحتياط؛ مما يخل بتوازن القوى التقليدي بينها وبين دول الجوار التي لديها طموحات توسعية مثل إيران.

وكشف التقرير أن إيران وحدها تمتلك جيشا يقترب في تعداده البشري من ضعف حجم القوات المسلحة في دول الخليج الست مجتمعة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تجنيد إجباري المفتي العام السعودية الجيش