دراسة: 3 أساطير حكومية عن مبررات تعويم «الجنيه المصري»

الاثنين 21 نوفمبر 2016 10:11 ص

كشفت دراسة اقتصادية، النقاب عن أن الهروب الكبير لرؤوس الأموال إلى خارج مصر كان السبب وراء أزمة نقص العملة الصعبة في البلاد خلال السنوات الأخيرة.

وقالت الدراسة، إن الخطاب الحكومي في مصر حول سياسة تعويم سعر صرف الجنيه أمام الدولار، روج مجموعة من المقولات غير الصحيحة لتبرير سياسات لا تحل في الحقيقة المشاكل الاقتصادية التي تعانيها مصر الآن، بحسب «أصوات مصرية».

واعتبرت الدراسة الصادرة عن «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»(مركز حقوقي)، بعنوان «ثلاث أساطير حكومية عن تعويم الجنيه المصري»، أن الأساطير الثلاثة بدأت بالقول «أن أزمة الدولار سببها نقص الإيرادات الدولارية نتيجة للثورة»، وأن «الأزمة تنتهي فور القيام بالتعويم»، وأن «خطوة تعويم العملة ليس لها بديل».

وتفند الدراسة «الأسطورة الأولى» بأن الأعوام الثلاثة الأولى عقب ثورة يناير شهدت زيادة صافية في العائدات الدولارية للبلاد، تقدر بأكثر من 14 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

وخلال الفترة من 2011 إلى 2013 حدث تراجع في بعض المصادر التقليدية للتدفقات الدولارية، متمثة في السياحة وقناة السويس، بلغت قيمته 0.9 مليار دولار.

لكن نفس الفترة شهدت ارتفاعا لإجمالي التدفقات الداخلة إلى مصر من مصادر أخرى، وهي الاستثمار الأجنبي المباشر والصادرات وتحويلات العاملين بالخارج والقروض الخارجية، بنحو  15.4 مليار دولار.

وفي مقابل هذه التدفقات فإن مجموع المبالغ التي خرجت من مصر خلال الأعوام الثلاثة الأولى بعد الثورة (بشكل مشروع)، في شكل خروج استثمارات وتحويل أرباح فقط، (دون حساب الواردات والقروض الحكومية والسياحة الخارجية) بلغ 42.8 مليار دولار.

وترى الدراسة أن خروج تلك الأموال يرجع في الأساس إلى «تقصير البنك المركزي في تعقب والحد من خروج النقد الأجنبي من مصر»، وأنه السبب في إيقاع البلد في أزمة نقص العملة الصعبة.

وشهدت السنوات الثلاثة التالية، من 2013 إلى 2016، نقصا طفيفا في الإيرادات الدولارية الداخلة إلى مصر، لكنه لا يقارن بحجم النقص في عرض الدولار في السوق، والذي يرجع أيضا بحسب تحليل الدراسة لاستمرار هروب الأموال بأشكال مشروعة وغير مشروعة، دون ضابط.

فقد تراجعت الإيرادات من قناة السويس والسياحة والصادرات وتحويلات العاملين بالخارج خلال تلك الفترة بنحو 10.3 مليار دولار، لكن مصادر أخرى للنقد الأجنبي، هي الاستثمارات الأجنبية والقروض الخارجية، زادت في نفس الفترة بنحو 9.5 مليار دولار.

وبحساب تلك المصادر المختلفة تتوصل الدراسة إلى أن التراجع في التدفقات الدولارية الداخلة إلى مصر لا يتجاوز 0.8 مليار دولار خلال تلك الفترة. 

بينما استمر خروج الأموال خلال الفترة من 2013 إلى 2016، وزاد حجمه بعد أن أضيفت إليه زيادة كبيرة في بند خدمة الدين الخارجي (أقساط وفوائد القروض).

وارتفعت أقساط القروض الخارجية التي تسددها مصر خلال تلك الفترة إلى  17.6 مليار دولار، مقابل 5 مليارات في السنوات الثلاثة السابقة، وزادت مدفوعات خدمة الدين بنحو 2 مليار دولار.

وتقول الدراسة إن اللوم يمكن أن يقع أيضا على البنك المركزي في سياسة الاقتراض الخارجي التي اتبعها منذ 2012/2013، حيث «لجأ إلى الاقتراض قصير الأجل ومتوسط الأجل من أجل تغطية الاحتياطيات الأجنبية. مما رفع من تكلفة خدمة الدين».

كما استمرت ظاهرة خروج الأموال بشكل غير مشروع، تبعا لدراسة «المبادرة المصرية»، والتي ينعكس حجمها في بند السهو والخطأ الذي يظهر في ميزان المدفوعات.

وارتفعت قيمة بند السهو والخطأ، الذي يعكس خروجا للأموال لا تستطيع الدولة تبريره بشكل رسمي موثق، من 0.9 مليار دولار في عام 2013/2014، إلى 4 مليارات دولار بعد عامين.

وتؤكد الدراسة أن التعويم تعقبه فترة من عدم استقرار سوق النقد الأجنبي، وهي فترة تشهد صعودا مبالغا فيه في قيمة الدولار مقابل الجنيه، نتيجة مقاومة السوق السوداء، وعادة ما تمتد تلك الفترة إلى ستة أشهر، بحسب الدراسة.

و«من المستبعد أن تأتي أي رؤوس أموال أجنبية إلى مصر ولا حتى أموال ساخنة في البورصة، لأنها ستفضل الانتظار حتى حدوث استقرار لسوق النقد الأجنبي»، وفق الدراسة.

كما قد تمتد تلك الفترة من عدم الاستقرار إلى أكثر من عامين، لو دخل الاقتصاد في حالة تضخم منفلت.

وتوصف دراسة المبادرة المصرية وضع الديون التي تحصل عليها مصر حاليا بأنه «انتقال من أيدي دائنين إلى أيدي دائنين آخرين. لا فائدة للاقتصاد المصري، ولا مشروعات مدرة للعملة الصعبة. وتبقى بذلك أزمة المعروض من الدولار محتدمة خلال الأجل المتوسط».

وتشير الدراسة لوجود بعض التجارب الناجحة التي اتخذت إجراءات بغرض الحد من انخفاض قيمة عملاتها، من خلال آليات مثل فرض ضرائب باهظة على خروج ما يسمى برؤوس الأموال الساخنة (الأموال التي تتحرك بشكل سريع بين أسواق المال لتستفيد من فروق أسعار الفائدة).

كما تشمل تلك الآليات المقترحة وضع قيود على خروج الاستثمارات من خلال رفع  تكلفته، ووضع حوافز ضريبية للشركات التي تحتفظ بما لا يقل عن نصف أرباحها لإعادة استثمارها داخل مصر، أو فرض إعادة استثمار نصف الأرباح مثل الجزائر.

المصدر | الخليج الجديد + أصوات مصرية

  كلمات مفتاحية

تعويم الجنيه أزمة الدولار الجنيه المصري الحكومة المصرية البنك المركزي المصري