«رويترز»: مشكلات قطاع النفط السعودي أعمق من «أوبك»

الأربعاء 30 نوفمبر 2016 06:11 ص

تواجه السعودية مشاكل أعمق بكثير من محاولة ترتيب صفقة مع الدول التي تشاركها عضوية منظمة أوبك للحد من انتاج النفط الخام من أجل رفع الأسعار.

فحوالي ثلثي صادرات النفط السعودية يتجه إلى آسيا والصعوبات التي تواجهها المملكة في الصين والهند أكبر دولتين مستوردتين في المنطقة هي أعراض لمشاكلها الأكبر في أسواق النفط.

ورغم أن السعودية تسعى لزيادة الحجم الإجمالي للنفط الذي تصدره للصين والهند فإنها تخسر على نحو مطرد حصتها من السوق وهو أمر يرجح أنه سبب قلق شديد في ضوء أن جانبا كبيرا من النمو الحالي والمستقبلي من الطلب على النفط يعتمد على هذين البلدين.

والأرجح أن السعودية ستضطر لإعادة النظر في أسلوبها القائم منذ مدة طويلة على بيع النفط عن طريق عقود ثابتة وقبول الانتقال إلى بيع نسبة أكبر كثيرا من الشحنات الفورية وإلى أسلوب مرن في التسعير.

وفي الشهور العشرة الأولى من السنة استوردت الصين 42.72 مليون طن من النفط من السعودية بما يعادل نحو 1.03 مليون برميل يوميا.

ومثل ذلك زيادة بنسبة 0.67 في المئة عن الفترة المقابلة من عام 2015 أي أن صادرات السعودية للصين مستقرة إلى حد بعيد.

والمشكلة أن واردات الصين الإجمالية من النفط زادت بنسبة 13.6% في الأشهر العشرة الأولى منذ 2016 وأن منافسي السعودية كلهم استفادوا من تلك الزيادة.

فقد ارتفعت واردات الصين من روسيا بنسبة 27% إلى 42.83 مليون طن بزيادة طفيفة عن وارداتها من السعودية لتصبح روسيا على رأس موردي النفط للصين.

وزادت واردات الصين من العراق 14.7% ومن ايران 15.7% ومن أنجولا 12.1% ومن سلطنة عمان 8.1%.

وفي الأشهر العشرة الأولى من العام كان نصيب السعودية من واردات النفط الصينية 13.7% انخفاضا من 15.1% في 2015 بينما زاد نصيب روسيا 13.7% من 12.6%.

وليس حال السعودية في الهند ثاني أكبر دول آسيا استيرادا للنفط بأفضل منه في الصين.

فقد بلغت الصادرات السعودية 830400 برميل يوميا للهند في الأشهر العشرة الأولى من السنة بزيادة 6.8% عن الفترة المقابلة من 2015 حسبما توضح بيانات جمعتها تومسون رويترز.

والمشكلة أن العراق قام بتوريد 783900 برميل يوميا في الأشهر العشرة الأولى بزيادة 24% وايران 456400 برميل يوميا بزيادة كبيرة بلغت 114.6% مع عودة الجمهورية الإسلامية للأسواق بعد رفع العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي.

وفي الأشهر العشرة الأولى من السنة بلغ نصيب السعودية من الواردات الهندية 19.4% انخفاضا من 19.7% في 2015.

وبلغ نصيب العراق 18.3% في الأشهر العشرة الأولى ارتفاعا من 16.1% في 2015 في حين قفز نصيب ايران إلى 10.6% من 5.2% في 2015.

أرامكو بحاجة لتغيير استراتيجيتها

من الواضح أن السعودية تواجه صعوبات فيما يتعلق بنصيبها من السوق في أكبر دولتين مستوردتين في آسيا لكن هذا يفترض جدلا السبب وما يمكن أن تفعله السعودية في هذا الصدد.

وربما يكون الوقت قد حان لكي تعيد شركة أرامكو السعودية - شركة النفط المملوكة للدولة - النظر بشكل جذري في كيفية تسويق نفطها الخام وبيعه.

وفي الوقت الراهن تستخدم السعودية العقود محددة الأجل على نطاق واسع لتزويد كبار عملاءها بالنفط باستخدام سعر بيع رسمي يحسب على أساس هيكل الأسعار في سوق دبي وتوصيات الزبائن والتغيرات في قيمة المنتجات المكررة.

وفي حين يمكن للزبائن تغيير كمية النفط التي يشترونها بمقتضى العقود محددة الأجل فالمجال محدود للغاية لشراء الخام السعودي من السوق الفورية.

ومن المعتقد في الواقع أن السعوديين ألغوا عرضا نادرا لبيع شحنات من النفط الخام في أوائل أكتوبر تشرين الأول توقعا لخفض انتاج أوبك حسبما ذكرت رويترز في تقرير في السابع من أكتوبر تشرين الأول نقلا عن خمسة مصادر مطلعة على هذه المسألة.

وربما كان الجمود النسبي في أسلوب تسويق أرامكو السعودية لنفطها الخام يعرقل جهودها للنمو أو حتى الحفاظ على نصيبها من السوق في آسيا.

وإذا قررت شركة تكرير صينية أو هندية أنها تريد شراء كميات إضافية تزيد على ما تم التعاقد عليه فمن الممكن أن تطلب من السعودية زيادة إمدادتها أو يمكنها اللجوء إلى السوق الفورية.

وربما كان من الأسهل بكثير أن تتجه إلى السوق الفورية حيث الأسعار أرخص أيضا على الأرجح.

وبسبب الطريقة التي يحدد بها السعوديون سعر بيعهم الرسمي فإن الطلب الإضافي من شركات التكرير يعمل على زيادة الأسعار في الشهور التالية مع توافق سعر البيع الرسمي مع الطلب الإضافي.

وليس من الضروري أن يرفع شراء النفط الخام في السوق الفورية سعر البيع السعودي الرسمي ومن ثم فإن لدى شركات التكرير حافزا ألا تطلب من أرامكو شحنات إضافية.

ويختلف شراء النفط من جانب الصين لإضافته للمخزون الاستراتيجي وكذلك بعض المشتريات الهندية مع الاستراتيجية السعودية الحالية إذ أن المشترين سيريدون أقصى قدر من المرونة في الشراء عندما يقررون أن الأسعار رخيصة أو عندما تصبح صهاريج التخزين متاحة.

ويبدو أن كبار منافسي السعودية في آسيا أكثر مرونة في توريد النفط ولاسيما روسيا الأمر الذي يفسر سبب شراء الصين كميات إضافية منها.

وعموما ومهما كان ما سيحدث في اجتماع أوبك في 30 نوفمبر تشرين الثاني فمن المرجح أن تستمر السعودية في مواجهة صعوبات في الحفاظ على نصيبها من السوق بين كبار المستوردين في آسيا.

ومن الصعب تغيير العادات القديمة غير أنه يبدو أن نظام التسويق والتسعير لدى شركة أرامكو السعودية لا يفيدها في عالم تتزايد فيه الخيارات من بين موردي النفط الخام أمام المشترين.

  كلمات مفتاحية

قطاع النفط السعودي أوبك خفض إنتاج النفط دعم الأسعار صادرات النفط السعودية

«‏الصنداي تلغراف»: استراتيجية السعودية لأسعار النفط المنخفضة فشلت