استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المرأة المحجبة في جوهر الصراع الثقافي في الغرب

الاثنين 5 ديسمبر 2016 01:12 ص

في مسجد «فنزبري بارك» بالعاصمة البريطانية، عقدت الاسبوع الماضي ندوة عامة لمناقشة «جرائم الكراهية» قدم خلالها عدد من المتحدثين، ومن بينهم السيد جيرمي كوربين، رئيس حزب العمال المعارض، عرضا لنماذج من الجرائم الناجمة عن التمايز الثقافي او العرقي في المجتمع البريطاني. وكان من بين المتحدثين امرأة مسلمة ترتدي الحجاب قالت انها اضطرت لخلع النقاب بعد ان تعرضت مرارا للاعتداء الجسدي واللفظي. 

وبررت خطوتها بانها محاولة لانقاذ اطفالها الذين كانوا شهودا على تلك الحوادث من تعمق مشاعر الكراهية تجاه المعتدين، ورغبتها في المساهمة باقامة مجتمع تسوده المحبة والوئام بدلا من الشقاق والتعصب. تحدث آخرون عن تصاعد ظاهرة «معاداة السامية» ورفض الاجانب حتى لو كانوا من ذوي السحنة البيضاء من الاوروبيين. وكثيرا ما كانت المرأة المحجبة او المنقبة هدفا للاعتداءات الناجمة عن توسع دائرة الإسلاموفوبيا. ويمكن القول ان الصراع الذي يحتدم في الدول الغربية خصوصا حول الظواهر الإسلامية يجد في المرأة المسلمة اوضح المصاديق. 

ولا يهم ان كانت هذه المرأة ربة بيت او ناشطة سياسية او حقوقية، او موظفة في السلك المدني. وهكذا يكون الزي مادة للصراع والاستهداف، الامر الذي يثير التساؤلات حول عمق التطور الفكري والوعي المجتمعي. فالعالم الذي يسير بخطى سريعة نحو المزيد من التطور التكنولوجي خصوصا في مجالات النانو والذرة والصواريخ والفضاء والتكنولوجيا الرقمية ما يزال عاجزا عن التعاطي مع الظواهر الايديولوجية والاخلاقية والفكرية. فالتطور المادي لم يصاحبه رقي معنوي. وهذا ما تؤكده التطورات السياسية في العالم الغربي.

المرأة المسلمة اصبحت المضمار الاوسع للصراع المؤسس على التعصب والجهل. ومن المؤكد ان زيها المتميز عامل اساسي في هذا الاستهداف. يمكن ملاحظة عدد من الحقائق هنا:

أولها ان حالة التعصب الديني مشتركة بين المجتمعات، وليست حصرا على امة دون سواها. فهناك من المسلمين من يستهدف المختلفين معه بوحشية، ويبيح قتلهم بابشع الوسائل. ويقابل ذلك ما يمارسه المحسوبون على اليمين المتطرف او المجموعات المتشددة تجاه الاجانب، من اعتداءات جسدية واستهداف مراكز الاقليات ودور عبادتهم وتحريض متواصل ضد «المهاجرين». 

ثانيا: ان صعود الظواهر الفكرية والدينية يتكرر في المجتمعات بشكل متزامن. فحين انطلقت ظاهرة الصحوة الإسلامية في العالم الإسلامي في الثمانينات، انتشرت ظاهرة الوعي الديني في الاوساط المسيحية خصوصا في أمريكا اللاتينية، وانتشرت يومها ظاهرة «لاهوت التحرير» التي عمت مناطق واسعة من تلك القارة. بل ان جانبا من النضال ضد الفصل العنصري في جنوب افريقيا خاضه قسسة مسيحيون جسدوا مبدئية في المواقف والسياسات، وفي مقدمتهم الاسقف المرموق، ديزموند توتو.

ثالثها: ان رجال الدين من كافة الاطراف يقومون بدور كبير في اثارة المواقف والعصبيات او التخفيف منها. وبرغم الموقف الايجابي للكنيسة تجاه المسلمين إلا ان بعض القسسة الكبار اطلقوا في السابق تصريحات تساهم في تصعيد ظاهرة التخويف من الإسلام. كما ان بعض الاحصائيات التي تبث حول الظواهر الدينية كارتياد المساجد والكنائس تغضب المتطرفين وتدفعهم لاستهداف المسلمين الذين يعيشون في الغرب. وساهم بعض رجال الدين المسلمين في التحريض ضد اتباع الاديان الاخرى، وقد شهد العراق وسوريا استهدافا للكنائس ومرتاديها بشكل ممنهج من المجموعات المتطرفة.

رابعها: ان التطرف الليبرالي يؤدي احيانا إلى صراع فكري وعقيدي.

خامسها: ان تصرفات بعض المسلمين، خصوصا المتطرفين، تبعث الخوف في نفوس الآخرين، ويشتد ذلك الخوف حين تحدث اعمال إرهابية خصوصا داخل الحدود الغربية، كما حدث في بروكسيل وباريس. وينعكس ذلك على اوضاع المسلمين.

سادسها: ان الاوضاع المعيشية بشكل خاص ساهمت في صعود اليمين المتطرف الذي يستهدف الاجانب، وتبرز المرأة المسلمة المحجبة هدفا واضحا للعدوان.

وعلى الصعيد الآخر فهناك تفاوت في حظوظ المرأة في المجتمعات الغربية. ويلاحظ ذلك بوضوح في ما يحدث من تطورات. فعلى الجانب السلبي، ادى فوز دونالد ترامب لتصاعد اعمال العنف والاعتداء على المسلمين عموما في الولايات المتحدة خصوصا المرأة. وفي الاسبوع الماضي عين ترامب سيدتين معاديتين للإسلام ضمن فريقه الانتقالي، وسبق لكل منهما ان صرحت بما يوحي بكراهة المسلمين.

كما عين الرئيس ترامب كاترين تروا ماكفارلاند، المحللة السابقة بقناة فوكس نيوز الإخبارية، كنائبة لمستشار الأمن القومي. وتعد ماكفارلاند من دعاة شن حرب على إيران، وداعمة لاستخدام وسائل التعذيب في السجون، ومؤيدة لمواقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسياسة استهداف المسلمين لمراقبتهم بشكل أفضل.

هذه التعيينات لا تبعث رسائل اطمئنان للجالية المسلمة في الولايات المتحدة بل تشجع ظواهر التطرف ضد المسلمين وقد تدفع للاعتداء عليهم. وفي الاسبوع الماضي كشفت دراسة اصدرها معهد العلاقات العرقية أن الحملة من أجل الخروج من التكتل الأوروبي وراء الاعتداءات العنصرية التي تشهدها بريطانيا منذ الاستفتاء على عضوية البلاد. 

وارتفعت الاعتداءات العنصرية في الأيام التي تلت الاستفتاء في 23 يونيو/حزيران والحملة التي سبقته، وتركزت إلى حد كبير على قضايا الهجرة. وقد أحصى المجلس الوطني لمفوضي الشرطة أكثر من ثلاثة آلاف شكوى لحوادث عنصرية بين 16 و30 يونيو/حزيران وهذا الرقم يشكل زيادة نسبتها 42% بالمقارنة مع الفترة نفسها من 2015. يضاف إلى ذلك توجه العديد من الحكومات الاوروبية لاستهداف الإسلام في محاولة لاحتواء آثاره.

في الاسبوع الماضي أقر البرلمان السلوفاكي قانونا يمنع الاعتراف بالإسلام كدين رسمي في سلوفاكيا في المستقبل القريب. ووافق ثلثا أعضاء البرلمان عليه، بما فيهم الحزب الديمقراطي الاجتماعي الحاكم وأحزاب معارضة أخرى. 

ومن شأن القانون الجديد أن يحرم المسلمين في البلاد من الحصول على بعض المساعدات الحكومية، فضلا عن عدم الترخيص لإنشاء مدارس خاصة. وكان رئيس الوزراء السلوفاكي، روبرت فيكو، قد أعرب في وقت سابق عن رفضه تشكيل مجتمع إسلامي في بلاده، وقال «لا نريد لآلاف المسلمين الذين يرغبون في تحقيق مصالحهم أن يعيشوا في بلادنا».

أما هولندا فقد وافق برلمانها الاسبوع الماضي على قانون يحظر النقاب في بعض الأماكن العامة، تقول الحكومة: إنه ضروري لأسباب أمنية، في حين وصفه معارضوه بأنه استرضاء لأصحاب المشاعر المعادية للإسلام.

هذه الاجراءات تضاف إلى ما سبقها من منع الحجاب او النقاب في المدارس والجامعات الفرنسية ودول اخرى مثل بلجيكا. والمرأة هنا هي المستهدفة لأن حجابها يعتبر رمزا دينيا واضحا. وبعد انتشار ظاهرة النقاب اشتدت الحملة عليه، واصبح الحجاب اقل اثارة للانتقاد والاجراءات القمعية باسم القانون. وهناك تناقض واضح لدى الغربيين الذين يروجون مقولة احترام الحرية الشخصية وحق الاختيار.

ففيما يسمح بالتعري الكامل على السواحل، اثار استهداف امرأة محجبة على ساحل فرنسي قبل شهور حفيظة الكثيرين، لأنه كان اعتداء على حرية تلك المرأة التي احاطها رجال الشرطة واجبروها على نزع حجابها. مع ذلك تناضل المرأة المحجبة في الغرب من اجل ضمان شيء من الحقوق. وقد استطاع عدد منهن الوصول إلى مراتب ادارية وسياسية عليا. ففي الانتخابات الأمريكية الاخيرة، نجحت المرأة المسلمة من اصل صومالي، إلهان عمر، بمقعد بمجلس النواب الأمريكي عندما فازت بعضوية مجلس نواب ولاية مينيسوتا.

وفي الولايات المتحدة ظهرت المذيعة نور تاجوري بحجابها الساتر الانيق على شاشة التلفزيون التجاري الأمريكي. وفي 26 نوفمبر/تشرين الثاني فاجأت الصحافية جينيلا ماسا ذات الـ29 عاما الجميع بظهورها على شاشة قناة «سيتي نيوز» الكندية وتقديمها نشرة الأخبار عبر أثير تورونتو الكندية.

وفي بريطانيا أطلت السيدة فاطمة مانجي قبل شهور على مشاهدي القناة الرابعة وهي تذيع الاخبار الرئيسية اليومية للقناة في السابعة مساء، وسرعان ما انطلقت الاحتجاجات ضد ظهور امرأة مسلمة محجبة لتذيع الاخبار، ولكن وقف الكثيرون معها.

٭ د. سعيد الشهابي - كاتب بحريني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

المرأة المحجبة الصراع الثقافي في الغرب «جرائم الكراهية» جيرمي كوربين رئيس حزب العمال جرائم التمايز الثقافي والعرقي المجتمع البريطاني الاعتداء الجسدي واللفظي مشاعر الكراهية مجتمع المحبة والوئام «معاداة السامية» رفض الاجانب