حقيقة الاختراق الروسي للانتخابات الأمريكية.. هل تدخلت موسكو لدعم «ترامب»؟

الثلاثاء 13 ديسمبر 2016 07:12 ص

قد يكون من الصعب تمييز الحقائق في ظل دوامة المزاعم حول تورط الروس في تورط الروس في الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتي بدأت فعليا منذ فصل الصيف. على سبيل المثال، على الرغم من أن الكثير من المحللين يقولون إن روسيا اخترقت الانتخابات، فإن هذا الاختزال يشير في واقع الأمر إلى شيء أكثر دهاء من التلاعب بالأصوات نفسها وهو ما يتسبب في تزايد الارتباك. فيما يلي دليل لما هو معروف وما ليس معروفا حتى الآن من أجل فصل الحقائق عن أي سوء فهم.

ما هو دور روسيا في الانتخابات؟

نجحت الأجهزة الأمنية الروسية في التسلل إلى خوادم البريد الإلكتروني للجنة الوطنية للحزب الديمقراطي في العام الماضي، إضافة إلى مرة أخرى في ربيع هذا العام، وفقا لتقديرات الاستخبارات الأميركية وعدة شركات أمنية مستقلة. اخترق الروس أيضا البريد الإلكتروني الخاص بـ«جون بوديستا» رئيس الحملة الانتخابية الرئاسية لـ«هيلاري كلينتون».

خلال هذا الصيف، قام وسطاء ذوو علاقة بالحكومة الروسية بتمرير رسائل البريد الإلكتروني المخترقة إلى موقع ويكيلكس، وإلى مدونة أخرى مجهولة تسمى جوسيفير 2. قامت هذه المنافذ بنشر رسائل البريد الإلكتروني للجمهور ما ولد أسابيع من التغطية الإعلامية السلبية لحملة «هيلاري كلينتون».

في البداية، اعتقد العديد من المحللين أن هدف روسيا هو زرع البلبلة وزعزعة ثقة الأمريكيين في حكومتهم، وهو تكتيك روسي قديم، وليس التحكم في نتيجة الانتخابات.

ومع ذلك، خلصت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في أعقاب الانتخابات إلى أن التدخل الروسي جاء بهدف دعم حملة الانتخابات الرئاسية للمرشح «دونالد ترامب».

لم تظهر أي معلومات تشير إلى اعتقاد وكالة الاستخبارات أن التدخل الروسي قد أثر على مخرجات عملية الانتخاب.

هل تم اختراق الانتخابات نفسها؟

لا يوجد أي دليل على أن القراصنة من روسيا أو من أي مكان آخر قد عبثوا بعملية فرز الأصوات.

ادعى «دونالد ترامب» أن هناك تزويرا واسع النطاق حدث لمصلحة «كلينتون»، في حين زعم بعض المحللين الليبراليين أن الانتخابات تم اختراقها. ويقول محللون مستقلون أنه لا توجد أي أدلة دامغة دعم أيا من الادعاءين.

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في مقال واسع الانتشار أن اثنين من خبراء التصويت قد حثا الديمقراطيين على الضغط من أجل إعادة فرز الأصوات وسط مخاوف من أن قراصنة تلاعبوا بالتصويت. ولكن واحدا من هاذين الخبيرين شكك في المادة مؤكدا أن دعا بالفعل من أجل إعادة الفرز ولكنه لم يشكك في قرصنة الانتخابات.

أكد البيت الأبيض ومسؤولو الانتخابات إن نتائج الانتخابات لم تظهر أي علامة على التلاعب وأنها تعكس بدقة الإرادة الشعبية.

لم يكن لجهود «جيل شتاين»، مرشحة حزب الخضر، من أجل إعادة فرز الأصوات أي علاقة بوجود دلائل حول أن روسيا قد اخترقت اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي أو حتى باختراق رسائل البريد الإلكتروني للسيد «بوديستا».

هل رجحت روسيا كفة «ترامب»؟

من المستحيل الجزم بذلك. تكشفت تسريبات البريد الإلكتروني عبر أسابيع، وقد جاءت متزامنة مع العديد من الأعمال الدرامية الأخرى للسباق الانتخابي، ولا يمكن لاستطلاعات الرأي أن تعزل تأثير هذه التسريبات بمفردها.

قام السيد «ترامب» بحسم نتائج الولايات الثلاثة الحاسمة بأغلبية ضئيلة للغاية. فحتى إذا لم تؤثر التسريبات إلا على نسبة ضئيلة من الأصوات فإنها يمكن أن تكون كافية لتغيير نتائج الانتخابات.

ولكن نفس هذا المنطق يمكن تطبيقه على عشرات العوامل الأخرى المؤثرة على مجريات التصويت بما في ذلك التحقيقات المتأخرة التي أجراها إف بي آي والمتعلقة بخوادم البريد الإلكتروني الخاصة بـ«كلينتون». وقد أثبتت علماء السياسة أنه حتى تغييرات الطقس وأداء الفرق الرياضية يمكن أن تؤثر على الطريقة التي يصوت بها الناس.

تشير جميع الأدلة المتاحة أن الناخبين قد صوتوا بكامل الحرية لصالح «ترامب» في يوم الانتخاب بما يكفي لضمان فوزه بالرئاسة في ظل نظام المجمع الانتخابي. ولكن هذا لا يقلل من خطورة تدخل روسيا في الانتخابات، وهو ما يبدو أنه لم يسبق له مثيل.

لماذا يعتقد سي آي إيه أن روسيا أرادت مساعدة «ترامب»؟

لم يتم نشر تقرير سي آي إيه على الملأ ولكنه من المرجح أنه يشير إلى اختراق مزعوم آخر. وقالت وكالات المخابرات للكونجرس إن روسيا قامت أيضا باختراق بيانات اللجنة الوطنية التابعة للحزب الجمهوري ولكنها لم تقم بنشر البيانات التي حصلت عليها وهو ما يعطي بعض المصداقية للنظريات القائلة بأن روسيا كان تفضل بوضوح مرشح الحزب.

وعد السيد «ترامب» مرارا وتكرارا بإعادة ترتيب علاقات الولايات المتحدة مع روسيا وأشاد برئيسها «فلاديمير بوتين». بالإضافة إلى ذلك، فإن الكثيرين في موسكو كان يعرضون للسيدة «كلينتون» على أنها معادية لروسيا.

الأدلة المستخدمة في تقييم دوافع الحكومة الروسية تبدو ظرفية بشكل كبير. وليس كل وكالات الاستخبارات الأميركية تشارك وجهة نظر سي آي ايه.

يشير التوقيت إلى أنه إذا كانت موسكو قررت مساعدة السيد «ترامب» فإنها قد فعلت ذلك بعد أن اخترقت خوادم اللجان الوطنية لكلا الحزبين. وكلاهما تم اختراقه قبل صعود السيد «ترامب».

في مؤتمر صحفي في يوليو/تموز، دعا «ترامب» روسيا علنا إلى اختراق رسائل البريد الإلكتروني للسيدة كلينتون. ولكن هذه المطالبة لم تعجل أو تشجع الاختراق الروسي الذي كان قد وقع بالفعل منذ شهور.

هل نشرت روسيا الشائعات المؤيدة لـ«ترامب»؟

دعمت وسائل الإعلام الحكومية الروسية بوضوح السيد «ترامب» وعارضت السيدة كلينتون، لكن انتشارها في الولايات المتحدة محدود جدا (تأثيرها في أوروبا أقوى بكثير).

أعلنت شركة تدعى بروب أور نوت أن الحكومة الروسية قد أغرقت وسائل الإعلام الاجتماعي الأمريكي بأخبار وهمية حول الانتخابات. ولكن العديد من المحللين المستقلين طعنوا في منهجية التقرير الذي صنف بعض المواقع الرئيسية على أنها تبث دعاية روسية دون وجود دليل على صلة لها بموسكو.

مشكلة الأخبار الوهمية هي مشكلة متنامية، يتم دفعها أحيانا من قبل بعض الشركات في أوروبا الشرقية التي تقوم بكتابة ونشر هذه المقالات. إلا أن هذه الشركات تهدف فقط للربح ولا تسعى لخدمة أي أغراض سياسية.

ما هو هدف روسيا من التدخل؟

هناك مدرستان مختلفتان من الأفكار حول هذا الأمر. ترى أولهما أن روسيا تسعى إلى إضعاف الولايات المتحدة من خلال إثارة الشكوك. أما الثانية فترى أن روسيا كانت تهدف فعليا إلى دفع السيد «ترامب» إلى سدة الرئاسة.

هذه النظريات لا يستبعد بعضها بعضا. على سبيل المثال، ربما تكون موسكو قد بدأت بالعمل على الهدف الأول ثم وضعت الهدف الثاني كمكافأة إضافية.

قامت روسيا بشن حملات مماثلة في جميع أنحاء أوروبا، في بعض الأحيان من خلال هجمات إلكترونية وتسريبات انتقائية، مع هدف واضح هو تقويض الوحدة الغربية.

يرى الكريملين أنه واقع تحت حصار من قبل الغرب الراغب في تدمير روسيا. يدعم القادة العسكريون الروس هذا الجيل الجديد من الحروب من خلال الدعاية والهجمات على مواقع الإنترنت، بهدف زعزعة استقرار أعدائهم من الداخل.

لا يتم توجيه كل المفاهيم الخاطئة من قبل موسكو، ولكن شائعات وسائل الإعلام الاجتماعية التي تبالغ في تقدير خطر التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية تصب في مصلحة موسكو وتخدم هدفها في تقويض ثقة الأمريكيين في شرعية ونزاهة ديمقراطيتهم.

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

روسيا هيلاري كلينتون دونالد ترامب الانتخابات الأمريكية