2016 .. حرب باردة بين الخليج وإيران أدواتها «النمر» و«حزب الله» وخلايا التجسس

الخميس 22 ديسمبر 2016 08:12 ص

تصاعد التوتر في العلاقات الخليجية الإيرانية خلال العام الحالي بشكل ملحوظ، لدرجة أن بعض المراقبين اعتبروا ما يحدث بين الطرفين نوع من الحرب الباردة، وحذروا من تطور تلك الحرب بما سيكون له مردود سيء على المنطقة كلها.

«نمر النمر»

فمع بداية العام وتحديدا في الثاني من يناير/كانون ثان، أعلنت السعودية إعدام رجل الدين الشيعي الشيخ «نمر النمر»، ما أثار ردود فعل غاضبة في إيران التي استدعت القائم بالأعمال السعودي في طهران، وأبلغته احتجاج طهران على الخطوة.

ولاقى الحكم تنديدات شيعية وإيرانية واسعة، كما هاجم متظاهرون، مبنى السفارة السعودية في طهران، وألقوا باتجاهه قنابل حارقة، ما أدى إلى اشتعال النيران به، فيما هاجمت عناصر من ميليشيات «الباسيج» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، القنصلية السعودية في مدينة مشهد بمحافظة خراسان شمال شرق إيران، وأضرموا النار بقسم من المبنى.

وتبع ذلك ردود دبلوماسية خليجية، حيث قطعت السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، فيما اتخذت معظم الدول الخليجية الأخرى خطوات في هذا الاتجاه تباينت من دولة لأخرى، بين استدعاء وطرد سفراء.

وآنذاك، أكد «محمد بن سلمان»، نائب ولي العهد وزير الدفاع السعودي، في مقابلة مع صحيفة «ذي إيكونوميست» أن أي حرب بين بلاده وإيران هي «بداية لكارثة كبرى في المنطقة».

وتابع: «أي شخص يدفع للحرب بين إيران والمملكة العربية السعودية ليس في كامل قواه العقلية، لأن الحرب بين المملكة وإيران هي بداية لكارثة كبرى في المنطقة ... ونحن لن نسمح بالتأكيد بحصول أي شيء من هذا القبيل».

وعقب تلك الأزمة تزايدت الاتهامات بين السعودية وطهران واستمر ذلك على مدار أسابيع، ودخلت دول خليجية أخرى على خط الاتهامات.

حزب الله

وبعد شهرين من أزمة إعدام «النمر»، كانت العلاقات الخليجية الإيرانية على موعد مع حدث جديد يزيد سخونتها.

ففي 2 مارس/آذار الماضي، اعتبر مجلس التعاون لدول الخليج، أن «مليشيا حزب الله (اللبناني)، منظمة إرهابية، مع شمول التصنيف لكافة قادة الحزب، وفصائله، والتنظيمات التابعة له، والمنبثقة عنه»، وبعد ذلك بأيام وصف بيان ختامي صادر عن اجتماع وزراء الداخلية العرب في تونس الحزب بالإرهابي، كما قرر وزارء خارجية الدول العربية في اجتماعهم، إدراج «حزب الله» في قوائم التنظيمات الإرهابية.

وجاء القرار على خلفية اتهامات دول الخليج للحزب، بالضلوع في «إثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف، في انتهاك صارخ لسيادة دول المجلس وأمنها واستقرارها»، بحسب البيان.

وبالطبع، دافعت طهران بشدة عن فتاها المدلل وذراعها اليمين بالمنطقة العربية «حزب الله»، ورفضت القرارات السابقة وصبت جم غضبها واتهاماتها دول الخليج، وهو ما لاقى ردود غاضبة أيضا من مسؤولين بتلك الدول.

«عيسى قاسم»

ومع منتصف العام، كانت العلاقات الخليجية الإيرانية على موعد مع حدث جديد يزيد من توترها، ولكن المكان اختلف هذه المرة، حيث كان في البحرين.

وآنذاك قضت المحكمة الكبرى الإدارية بالبحرين في 14 يونيو/حزيران الماضي، بغلق جميع مقار «جمعية الوفاق الوطني» إحدى أبرز حركات المعارضة الشيعية في البلاد، وتتهمها السلطات بتوفير بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف والعنف.

وجاء القرار بعد أسبوعين من تشديد عقوبة سجن زعيم الجمعية «علي سلمان» المدان بالتحريض وإهانة مؤسسة حكومية، حيث ضاعفت محكمة الاستئناف في مملكة البحرين عقوبته لتصبح 9 أعوام بعد أن كانت أربعة.

كما أصدر العاهل البحريني الملك «حمد بن عيسى آل خليفة» آنذاك، قانونا يمنع أعضاء الجمعيات السياسية من اعتلاء المنبر الديني أو الاشتغال بالوعظ والإرشاد والخطابة ولو بدون أجر.

ويرجح أن معظم هذه القضايا مرتبطة بالاضطرابات التي شهدتها البحرين منذ عام 2011، تاريخ اندلاع احتجاجات مناهضة للحكم قادتها المعارضة، للمطالبة بملكية دستورية وإصلاحات سياسية.

وبعد أيام من التطورات بخصوص «سلمان»، قررت السلطات البحرينية، إسقاط الجنسية عن المرجع الشيعي في البحرين «عيسى قاسم»، وهو الإجراء الذي وصفته طهران على الفور بأنه «ينم عن الوقاحة».

واتهمت وزارة الداخلية البحرينية رجل الدين الذي يعد من أبرز مراجع الشيعة في البلاد، بتأسيس «تنظيمات تابعة لمرجعية سياسية دينية خارجية، حيث لعب دورا رئيسيا في خلق بيئة طائفية متطرفة، وعمل على تقسيم المجتمع تبعا للطائفة وكذلك تبعا للتبعية لأوامره».

فيما حذر مسؤول عسكري إيراني بارز من أن التعرض لـ«قاسم» سيشعل النار في البحرين، كما حذر «حزب الله» اللبناني من «عواقب وخيمة» للقرار، فضلا عن ردود فعل دولية وحقوقية منددة.

وينظر إلى «قاسم» باعتباره الأب الروحي لـ«جمعية الوفاق» البحرينية، المطالبة بالمساواة والإصلاح السياسي في البلاد، وتتهمه الحكومة البحرينية بالوقوف وراء المظاهرات في البحرين، ومحاولة تأسيس نظام بديل بدعم من إيران.

خلايا التجسس

وعلاوة على الأحداث الكبرى السابقة، شهد العام العديد من التصريحات الإيرانية وخاصة من جنرالات عسكريين، والذين هددوا دول الخليج وعلى رأسها السعودية، لا سيما بعد الأحكام الصادرة مؤخرا بحق متهمين إيرانيين، فيما عرف إعلاميا بـ«خلية التجسس الإيرانية».

وقالت مصادر إن المرشد الأعلى لإيران «علي خامنئي» التقى اثنين من أعضاء خلية  التجسس الإيرانية خلال وجودهما في إيران.

وأوضحت المصادر أن السفير الإيراني جند أحد العناصر والذي قدم للسفارة معلومات ودراسات عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة، وفقا لصحيفة «عكاظ».

وأكدت المصادر قيام إيران بتجنيد 29 سعوديا في القطاعين الحكومي والخاص٬ لمدها بمعلومات سرية وحساسة٬ مبينة أنه ثبت تورط 8 عسكريين سعوديين في بيع أسرار عسكرية تمس أمن المملكة لإيران٬ من بينها معلومات استخباراتية عن المواقع العسكرية القريبة من اليمن٬ وعن الصواريخ والسفن القتالية والتموينية.

ولم تكن السعودية الدولة الخليجية الوحيدة التي تعلن عن ضبط خلايا تجسس بها، بل سبقتها في ذلك دول أخرى من بينها الكويت، التي أعلنت أيضا توقيف إيرانيين قبل أسابيع بتهمة التجسس، وغالبا ما تنفي طهران صحة تلك التهم.

في المقابل، لا يكاد يعقد اجتماع خليجي إلا ويندد بالتدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة وخاصة مجلس التعاون، كما صدرت العديد من المطالبات لطهران بضرورة احترام حسن الجوار، والتي كان آخرها خلال القمة الخليجية الأخيرة التي عقدت الشهر الجاري.

وكانت أحدث وربما لن تكون آخر مناوشة خليجية إيرانية في العام الجاري، استدعاء الخارجية الكويتية، الجمعة الماضية، سفير إيران لديها وتسليمه مذكرة تتضمن طلب الإفراج عن 4 من مواطنيها في منطقة الأحواز، شمال غربي إيران، قبل أن تفرج عنهم الأخيرة.

وفي طريق ذلك التصعيد والتوتر في العلاقات، برزت العديد من الدعوات ومعظمها خليجية، لضرورة إجراء حوار بين الطرفين لإنهاء الخلافات بما يصب في مصلحة الجميع، غير أن تلك الدعوات لا تكاد تبرح المكان الذي تخرج منه، وبقيت مجرد كلام في الهواء، أو حبرا على ورق تزين به بعض البيانات أو التصريحات، دون أي خطوات عمليه في هذا الاتجاه.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الخليجية الإيرانية حزب الله إيران السعودية التجسس نمر النمر عيسى قاسم