وفاة «رفسنجاني» تفتح الطريق أمام «الحرس الثوري» لترسيخ نفوذه

السبت 14 يناير 2017 09:01 ص

من المنتظر أن يرسخ «الحرس الثوري الإيراني» سلطته في البلاد على ما يبدو ويحول سياساتها إلى مزيد من التشدد والانعزالية لسنوات مقبلة بعد وفاة الوسيط السياسي القوي «علي أكبر هاشمي رفسنجاني»، حسب تحليل لوكالة «رويتزر» للأنباء.

ولطالما كانت علاقات «رفسنجاني»، الرئيس السابق للبلاد، متوترة مع الحرس الثوري، وهو أشد قوة عسكرية في إيران، كما يمتلك مصالح اقتصادية قيمتها مليارات الدولارات.

ومع إجراء الانتخابات الرئاسية في مايو/أيار المقبل وفي ظل التساؤلات بشأن الحالة الصحية للمرشد الأعلى «علي خامنئي» يقول محللون إن الحرس الثوري ستتاح له قريبا فرصة إحكام قبضته على مقاليد السلطة.

وانتقد «رفسنجاني»، الذي توفي يوم الأحد عن عمر يناهز 82 عاما، توسيع المصالح الاقتصادية للحرس الثوري، التي تمتد عبر قطاعات النفط والغاز والاتصالات والإنشاءات، كما انتقد دور هذه القوة العسكرية في قمع احتجاجات بعد الانتخابات الرئاسية المتنازع على نتائجها عام 2009، فضلا عن برنامج الصواريخ الإيراني الذي تشرف عليه.

وكان «رفسنجاني» عضوا بارزا في مجلس الخبراء الذي يختار المرشد الإيراني الأعلى. ورغم أنه كان يفضل تخفيف القيود الأمنية على الإيرانيين في الداخل والانفتاح على الغرب سياسيا واقتصاديا فقد كان وسيطا يلقى الاحترام وقادرا على موازنة نفوذ المحافظين.

وخلال مراسم العزاء هذا الأسبوع أثنى قادة كبار في الحرس الثوري على «رفسنجاني» وهو رفيق لمؤسس الجمهورية الإسلامية الإيراني «الخميني»، وأحد أعمدة «الثورة الإسلامية» عام 1979.

لكن محللين يقولون إن الكثيرين يحتفلون سرا برحيل واحد من أكبر منتقديهم في الداخل.

وقال «علي أنصاري»، مدير معهد الدراسات الإيرانية بجامعة سانت أندروز: «سيكونون سعداء للغاية. يذرفون الكثير من دموع التماسيح».

محوري للغاية

يقول محللون إنه مع خروج «رفسنجاني» من الصورة يمكن أن يلعب الحرس الثوري دورا محوريا في تحديد من سيصبح المرشد الإيراني الأعلى المقبل من خلال توجيه أعضاء مجلس الخبراء لاختيار مرشح أكثر تعاطفا مع مصالحهم.

وقال «مهدي خلجي»، وهو باحث كبير في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: «كل المرشحين الذين تسمع عنهم الذين قد يحلون محل خامئني أكثر تشددا ولديهم أراء أكثر تطرفا».

وحدد معسكر المحافظين في إيران نهجه بالارتياب الشديد في الحكومات الغربية والمعارضة الصارمة للإصلاح السياسي الداخلي بينما كان «رفسنجاني» القوة الرئيسية وراء فوز الرئيس المعتدل «حسن روحاني» في الانتخابات.

وكان الاتفاق النووي الذي أبرم بين إيران والقوى الغربية عام 2015 مكروها من المتشددين الذين كثيرا ما استغلوه والانفتاح الذي أتاحه على الشركات الغربية لانتقاد حكومة «روحاني».

وطُرح التساؤل بشأن من سيخلف «خامنئي» (77 عاما) للمرة الأولى بشكل حقيقي عندما دخل الأخير المستشفى عام 2014.

وعرض التلفزيون الرسمي لقطات لـ«خامنئي»- الذي أصبح مرشدا أعلى للبلاد في عام 1989- وهو يرقد في سرير بمستشفى وقد أحاط به عدد من المسؤولين الزائرين. وقال محللون إن هذا جاء لمساعدة الرأي العام على إدراك أن التغيير في قمة هرم القيادة أمر حتمي.

وفي حال وفاة «خامنئي» سيعقد مجلس الخبراء المؤلف من 88 عضوا جلسة مغلقة لاختيار مرشح قبل إجراء تصويت نهائي. ويتوقع محللون أن يلعب الحرس الثوري دورا مهما.

وقال «أنصاري»: «سيكون (دور الحرس) محوريا للغاية».

القطع في مكانها

كان الحرس الثوري قد حصل على موطئ قدم اقتصادي له للمرة الأولى بعد الحرب بين العراق وإيران في الثمانينات من القرن الماضي عندما سمح له رجال الدين الذين يحكمون البلاد بالاستثمار في قطاعات إيرانية رئيسية.

ونما نفوذه الاقتصادي وسلطته وثرواته بعد أن أصبح العضو السابق في الحرس الثوري «محمود أحمدي نجاد» رئيسا في 2005 ، وزاد منذ ذلك الحين الأمر الذي دفع بعض المحللين للقول إن من غير المرجح أن يملك المرشد الأعلى المقبل نفس السلطات التي يتمتع بها «خامنئي».

وقال «عباس ميلاني»، مدير برنامج الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد: «يعكفون على وضع كل القطع في مكانها في استعراض قوي للقوة إذا توفي خامنئي».

وتابع قوله: «كل يوم ينتزعون مزيدا من النفوذ من سلطة المخابرات والسلطة المالية وسلطة الشرطة. من الواضح أنهم يستغلون قواتهم».

ورغم أنه لا يوجد مرشح وحيد واضح لمنصب المرشد الأعلى فهناك الكثير من المرشحين البارزين.

ومن بين المرشحين المحتملين «محمود هاشمي شهرودي» (68 عاما) وهو رئيس سابق للسلطة القضائية، ويشغل حاليا منصب نائب رئيس مجلس الخبراء.

ويقول خبراء إن «خامنئي» يفضل «شهرودي»، ويعتقد أنه يحظى بدعم الحرس الثوري.

ومن المرشحين الآخرين «صادق آملي لاريجاني» (55 عاما) رئيس السلطة القضائية حاليا، والذي عينه «خامنئي» في هذا المنصب مرتين.

وينحدر «لاريجاني» من أسرة تضم شخصيات سياسية ثقيلة؛ إذ أن شقيقه هو «علي لاريجاني» رئيس البرلمان وله شقيق آخر يشغل منصبا في الحكومة. لكنه لا يعتبر من كبار رجال الدين ومن غير المرجح أن يتمتع بدعم كبير بين الحرس القديم.

وهناك مرشح محتمل ثالث هو «محمد تقي مصباح يزدي» وهو رجل دين متشدد خاض معارك مع الإصلاحيين لسنوات. ولم يحصل «مصباح يزدي» على ما يكفي من الأصوات للاحتفاظ بمقعده في مجلس الخبراء العام الماضي، كما أنه يبلغ من العمر 82 عاما ومن المرجح أن يسبب عمره مشكلة إذا جرت دراسة ترشيحه لتولي أقوى منصب في البلاد.

لكن بعض المحللين يقولون إنه في ظل تنامي سلطة الحرس الثوري ربما لم يعد مهما بالقدر ذاته من سيصبح فعليا المرشد الأعلى المقبل للبلاد.

وقال «خلجي» من معهد واشنطن: «لم يعد الشخص نفسه مهما. عندما أُسأل من سيحل محل خامنئي أقول إنه الحرس الثوري».

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

إيران رفسنجاني «الحرس الثوري»