«مجتمع السلم» و«جبهة التغيير» في الجزائر: اندماجنا عن قناعة واختيار من الجميع

السبت 14 يناير 2017 06:01 ص

قال «عبد الرزاق مقري» رئيس حركة «مجتمع السلم» و«عبد المجيد مناصرة» رئيس «جبهة التغيير»، في الجزائر، إن الوحدة بين التشكيلتين السياسيتين قناعة، واختيار من الجميع.

وقبل أيام، أعلنت حركة «مجتمع السلم»، و«جبهة التغيير» أنهما وقعا على اتفاق بالأحرف الأولى للوحدة السياسية، يعود بموجبه كوادر «جبهة التغيير» إلى الحركة الأم، حيث من المقرر عرض الاتفاق للمصادقة أمام مجلسي شورى الحزبين، للبدء في تنفيذ موجبات الوحدة التنظيمية والسياسية، وإعادة بناء الهياكل بشكل مشترك.

ولفتا «مقري» و«مناصرة» في مؤتمر صحفي مشترك، خصّص لتقديم بعض تفاصيل الوحدة بين الحزبين، إلى أن القرار لم يأت فجأة وإنما تم إتخاده منذ أكثر من ثلاث سنوات، بحسب صحف جزائرية.

خطوات الوحدة

وأوضح «مناصرة» أن «القرار لم يأت إضطراريا تحت ضغط قانون الإنتخابات»، واصفا إياه بـ«الفعل الاستراتيجي الذي استفاد من تجارب الماضي، ويقرأ الحاضر، ويستعد للمستقبل والذي من شأنه إعادة الإعتبار للعملية السياسية والانتخابية».

ولفت إلى أن «الوحدة بين الحزبين تهدف إلى خدمة الوطن ودعم الديمقراطية، وإلى تقديم بديل للناس وهي ضد الانسداد والعنف والفساد».

وأشار إلى أن «الوحدة ليست قرارا فوقيا، وإنما قناعة جمعت قيادة وقاعدة الحزبين، والحرص على تأليف النفوس» مؤكدا أن «الوحدة لم تكن لتتجسد دون تنازلات قدمها كلا الجانبين»، واصفا «الانشقاقات والانقسام بالصفحة من كتاب تم تجاوزها وطيها».

ولدى تقديمه لبعض تفاصيل الاندماج بين الحزبين، أكد «مناصرة»، أنه سيمر بثلاث مراحل بداية بمرحلة التحضير للانتخابات التشريعية القادمة، من خلال المشاركة بقوائم مشتركة تحت راية حركة «مجتمع السلم».

ويتوقع أن تجري الانتخابات التشريعية في الجزائر في أبريل/ نيسان المقبل، بعدما أعلنت أغلب الأحزاب السياسية مشاركتها في انتخابات 2017 التشريعية.

وأضاف أن المرحلة الثانية ستكون توافقية لا تتجاوز السنة، ستعرف تنظيم مؤتمر توافقي لحل «جبهة التغيير» والإندماج في حركة «مجتمع السلم»، في حين ستعرف المرحلة الثالثة تنظيم مؤتمر ديمقراطي وعادي.

لم الشمل

من جانبه حيّى «مقري» كل من ساهم في تحقيق الوحدة بين الحزبين، مضيفا أن «هذه الوحدة هي لمّ شمل إطارات تربت في مدرسة الشيخ محفوظ نحناح، وذات كفاءة عالية»، مؤكدا أن «إطارات ومناضلي الحزبين أبناء مدرسة واحدة فرقت بينهم ظروف ليعودوا إلى الحالة الطبيعية والأصلية».

وقال إن «الجزائر اليوم محتاجة إلى رسائل الوفاق والتوافق والتعاون، وإلى لمّ الشمل» مشيرا إلى أن «قرار الوحدة تم اتخاذه منذ أكثر من 3 سنوات، ولم يتم الإعلان عنه في وسائل الإعلام إلا بعد الاتفاق على الأسس»، مضيفا أن «رئاسة الحركة خلال المرحلة الانتقالية ستكون بالتداول بين الجانبين».

رفض «مقري» الحديث عن تفاصيل مشروع الوحدة مع «جبهة التغيير»، مؤكدا أن «الجانبين لا يريدان العودة للتاريخ، والسكن في الماضي، وأنه كانت هناك تنازلات بين إخوة وليس حزبين آخرين».

وردا عن الكيفية التي ستسير بها حركة «مجتمع السلم» بعد الوحدة، فيما يتعلق برئاستها، قال «مقري»: «مناصرة أكبر وأنا أكبر من أن نتجادل عن رئاسة حمس، فهناك مرحلة توافقية تمتد لمدة عام تتم فيها الرئاسة بالتداول، وتكون هناك قيادة مشتركة لغاية المؤتمر والتي تقرر حينها مؤسسات الحركة من يقودها».

وعن الخط السياسي للحركة، أكد «مقري» أن كلا الحزبين محسوبين على المعارضة، وأن التغيير يمكن أن ترسمه التشريعيات المقبلة وذكر: «لا يمكن لأي حزب سياسي أن يكون في الحكومة أولا.. الأمر ستحدده التشريعيات المقبلة».

تاريخ الانشقاق

وكانت «جبهة التغيير» انشقت عن حركة «مجتمع السلم» منذ 9 سنوات، بسبب خلافات داخلية أعقبت وفاة مؤسس الحركة «محفوظ نحناح».

وتعد حركة «مجتمع السلم» أكبر حزب إسلامي محسوب على تيار الإخوان المسلمين في الجزائر، ودعّمت الرئيس الجزائري الحالي «عبد العزيز بوتفليقة» منذ وصوله إلى الحكم عام 1999 في إطار ما يسمى «التحالف الرئاسي»، إلى جانب حزبي «جبهة التحرير الوطني» الحاكم و«التجمع الوطني الديمقراطي».

لكنها فكت الارتباط بهما مطلع العام 2012، وبعدها غادرت الحكومة، وتحولت نحو المعارضة بسبب تحفظها على مسار الإصلاحات التي أطلقها الرئيس.

وفي عام 2003، توفي مؤسس الحركة «محفوظ نحناح»، ليبدأ الصراع السياسي بين قيادات الصف الأول.

وفي عام 2008، انشقت كتلة من كوادر حركة «مجتمع السلم»، بقيادة وزير الصناعة السابق «عبدالمجيد مناصرة»، بسبب خلافات سياسية حادة مع رئيس الحركة حينها «أبو جرة سلطاني»، وما اعتبرته «خروجًا عن الخط السياسي للحركة الذي رسمه مؤسسها التاريخي الراحل محفوظ نحناح».

لكن «جبهة التغيير» لم تلبث حتى انقسمت على نفسها، حيث أعلنت كتلة ثانية الانشقاق وتأسيس حزب سياسي جديد باسم «حركة البناء».

في عام 2012، شهدت حركة «مجتمع السلم» انشقاقًا آخر، بعد إعلان الحركة الانسحاب وعدم المشاركة في الحكومة، حيث انشقّت كتلة بقيادة وزير الأشغال العمومية حينها «عمار غول»، لتقوم بتأسيس حزب سياسي باسم «تجمع أمل الجزائر».

وكان الرئيس السابق للحركة «أبوجرة سلطاني»، أعلن في سبتمبر/ أيلول الماضي، عن مبادرة سياسية، قدمها للحزب، تحت عنوان «دفاعاً عن المناعة السياسية لحركة مجتمع السلم».

ولم يُفصح القيادي عن محتوى المبادرة، لكنه ألمح إلى عدم رضاه عن الخط السياسي الحالي للحزب الإسلامي المحسوب على تيار الإخوان المسلمين؛ والذي اختار منذ وصول رئيسه الحالي «عبد الرزاق مقري» إلى القيادة العام 2013 خطاً معارضاً للسلطة الحاكمة بعد سنوات طويلة من الشراكة معها.

وقاد «سلطاني» حركة «مجتمع السلم» لولايتين متتاليتين من عام 2003 إلى عام 2013 كخليفة لمؤسس الحزب الراحل «محفوظ نحناح» التي توفي في 2003 كما شغل منذ منتصف التسعينيات مناصب وزارية مختلفة.

ونظر مراقبون في الجزائر إلى مبادرة «سلطاني»، على أنها محاولة للنأي بالحزب عن الخط المعارض، بعد أن ذكر في بياناته أن هدفها إعادة الحزب إلى خط مؤسسه «نحناح» والذي اعتمد مبدأ الشراكة مع النظام الحاكم.

وتنشط حركة «مجتمع السلم» ضمن أكبر تكتل للمعارضة في البلاد تأسس العام 2013 ويسمى «هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة»، ويضم رؤساء حكومات سابقين على غرار «علي بن فليس» و«أحمد بن بيتور»، وعدة أحزاب من كافة التيارات السياسية إلى جانب شخصيات مستقلة وأكاديميين.

وقاطعت «الحركة» انتخابات الرئاسة التي جرت العام 2014، وفاز فيها الرئيس الحالي «عبد العزيز بوتفليقة»، بولاية رابعة بنسبة 82% من الأصوات بدعوى عدم وجود أجواء ديمقراطية لإجرائها.

كما تعد «الحركة» ثالث حزب من حيث عدد المقاعد في البرلمان الحالي (المجلس الشعبي الوطني) بـ30 مقعدا من بين 462، وحلت في المركز الثالث في انتخابات جرت العام 2012 بعد حزبي الموالاة وهما «جبهة التحرير الوطني» الحاكم بـ220 مقعدا و«التجمع الوطني الديمقراطي» بـ 68 مقعدا.

  كلمات مفتاحية

مجتمع السلم جبهة التغيير اندماج وحدة الجزائر انتخابات تشريعية

استقبال نادر لوفد من «إخوان الجزائر» في قصر الرئاسة

رئيس حركة «مجتمع السلم» بالجزائر: نصحنا النهضة بالمشاركة في الحكومة التونسية

«إخوان الجزائر» يقررون خوض الانتخابات المحلية نوفمبر المقبل