«إيكونومست»: الرئيس ضد الشيوخ.. رجال الأزهر يتحدون «السيسي»

الجمعة 17 فبراير 2017 07:02 ص

تناولت مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية الخلافات المتصاعدة في الفترة الأخيرة بين مؤسسة الأزهر، والرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» في مقالٍ لها.

وقالت إن «القليل من المصريين فقط من يجرؤون على تحدي السيسي، رئيسهم المستبد. لكن مؤسسة واحدة تقف في وجهه»، هي مؤسسة الأزهر.

واستشهدت المجلة بعبارة «تعبتني يا مولانا»، التي خاطب بها شيخ الأزهر «أحمد الطيب»، خلال الاحتفال بعيد الشرطة، يوم 24 يناير/كانون الثاني الماضي، كدليل على تصاعد الخلاف بين الرجلين.

وقالت: «لقد مر أكثر من عامين على تصريحات السيسي، وهو مسلم،  والتي عبر خلالها عن أسفه من (تحول الفكر الإسلامي الشائع حاليا إلى مصدر للقتل والتدمير في العالم كله)، وفق قوله.

وآنذاك، طلب «السيسي» من علماء الأزهر سرعة الانتهاء من مشروع لتجديد الخطاب الديني «بحيث يكون تجديدا واعيا ومسؤولا يواجه التطرف والإرهاب»، معتبرا أن مصر في حاجة إلى ما أسماه بـ«ثورة دينية»، وأنه يتوجب على رجال الأزهر قيادة هذه الثورة.

لكن الشيوخ – بقيادة «الطيب» – قاوموا بشكل كبير خطط «السيسي»، حسب مقال «ذي إيكونوميست». وانتقد ذلك الكثيرون، ومن بينهم وزير الثقافة «حلمي النمنم» (المعروف بتوجهاته العلمانية)؛ إذ قال: «لم يطرأ تغير منذ دعوة الرئيس للتجديد».

وعلى مدى تاريخه الطويل التي يعود تاريخها إلى ألف عامٍ مضت، يحظى الأزهر باستقلالية، حسب ما تقول  المجلة البريطانية.

إذ يدرب الأزهر كل عام الآلافً من الدعاة، بينما يدرس في معاهده وجامعاته عشرات الآلاف من الطلاب المصريين والعرب والأجانب.

الأزهر في وحل السياسة

لكن الأزهر انغمس، أيضاً، في وحل السياسة في بعض الفترات، وغالباً ما كان موقفه محبطا لحكام مصر.

وأشارت «ذي إيكونوميست»، في هذا الصدد، إلى أن «جمال عبد الناصر»، الذي حكم مصر بين عامي 1956 و1970، كبح جمال رجال الدين، عبر تأميم الأوقاف.

ودفع «عبد الناصر»، وخلفه «أنور السادات»، الأزهر إلى إصدار فتاوى تبرر ما اتخذاه من سياسات، وقد أضرّ ذلك بمصداقية  الأزهر، لكن دعم مكانته بوصفه المؤسسة الدينية الرئيسية في البلاد.

«السيسي» أيضا استخدم الأزهر، حسب مقال «ذي إيكونوميست». فعندما أطاح الرجل بجماعة الإخوان المسلمين من الحكم عام 2013، كان «الطيب» إلى جانبه في المشهد.

الأزهر في مواجهة «السيسي»

وبينما كفل دستور 2014 مزيدًا من الاستقلالية للأزهر، لم يتوقف السيسي، منذ ذلك الوقت، عن محاولاته في السيطرة على المسائل الدينية في مصر.

إذ أغلق جوامع غير مرخصة ومنع دعاة غير مسجلين من الخطابة.

وبدأت الحكومة منذ العام 2015، في توحيد خطبة الجمعة؛ «في خطوة لقطع الطريق على التشدد وللترويج لسياسات الرئيس» (إحدى الخطب وصفت توسعة قناة السويس بأنها هدية من الله).

لكن الأزهر عارض قرار توحيد خطبة الجمعة، كما يقول المقال، قائلاً إن خطباءه لا يحتاجون لإملاءات.

وعندما طالب «السيسي» بإلغاء الطلاق الشفهي، ما لم يجرِ تسجيله رسميًّا، عارضت «هيئة كبار العلماء» في الأزهر هذا الطلب، وأكدت أن «وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، هو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبي دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق».

ويؤكد «الطيب» أن الأزهر «منبر الوسطية والتسامح الإسلامي». لكن «عمرو عزت»، من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، يرى أن الأزهر منقسمٌ على نفسه مثل بقية أطياف المجتمع المصري، فبعض الطلاب والدعاة في الأزهر سلفيون، وكثيرون منهم متعاطفون مع الإخوان المسلمين.

ويتهم «عزت» الأزهر بأنه «غير حاسم في مواجهة التشدد الديني».

ورغم ما يحتويه الأزهر من اختلافات داخل جدرانه، إلا أن الأزهر وقف بالمرصاد لمن هم خارجه، كما يقول مقال «ذي إيكونوميست».

إذ رفع الأزهر عدة قضايا ضد أدباء وفنانين بتهمة الإلحاد، كان آخرهم «إسلام بحيري».

«جدد أنت من سياساتك»

وبينما يشكك البعض في قدرة الأزهر على إدخال إصلاحات في الخطاب الديني تخالف جموع المسلمين، يعتبر المقال الإصلاحات الدينية هي «حل جزئي» لأزمات البلاد.

إذ «يلوم الكثير من المحللين الحكام المستبدين، مثل السيسي، على ما وصلت إليه الأوضاع في البلاد من استياء واستقطاب وإحباط يغذي العنف».

يقول «كمال حبيب»، وهو محلل سياسي وجهادي سابق، مخاطباً «السيسي»: «أنت تطالب الأزهر بتجديد خطابه، بينما لا تجدد أنت من سياساتك. وليس هناك علاقة ميكانزيمية بين تجديد الخطاب الديني وتحسن أوضاع البلاد».

المصدر | الخليج الجديد + ترجمة عن مجلة «ذي إيكونوميست»

  كلمات مفتاحية

مصر السيسسي الأزهر الطيب