ارتفاع الديون الداخلية والخارجية يزيد الأزمة الاقتصادية في الشارع المصري

الأحد 5 مارس 2017 09:03 ص

تفاقمت الأوضاع المعيشية للمواطن المصري، جراء ارتفاع حجم الدين الخارجي للبلاد، وسط توقعات باستمرار الأزمة الاقتصادية لسنوات.

ووصل الدين الخارجي لمصر إلى 60.152 مليار دولار في سبتمبر/أيلول 2016، وهو أعلى مستوى خلال ربع قرن مقابل 46.148 مليار دولار في الشهر نفسه من العام 2015 بزيادة قدرها 14 مليار دولار، حسب بيان سابق صادر عن البنك المركزي المصري.

واستخدمت مصر بشكل متزايد أدوات الدين العام (المباشر والأذونات والسندات) خلال السنوات التي أعقبت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وارتفعت وتيرتها في أعقاب الإعلان عن تعويم الجنيه في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وموافقة صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 12 مليار دولار.

وأصبحت مصطلحات الديون المحلية والقروض الخارجية والسندات وأذون الخزانة أكثر الألفاظ الاقتصادية المستخدمة، وهو ما يشكل الخطر الأكبر على البلاد ويثير عدة تساؤلات ومخاوف حول قدرة مصر على الالتزام بسداد مديونياتها، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، بحسب صحيفة «القدس العربي».

وكانت الحكومة المصرية قامت باقتراض نحو 15 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الماضية؛ حيث تضمن الدين الخارجي لمصر خلالها إصدار سندات بقيمة ثمانية مليارات دولار على مرحلتين في بورصة لوكمسبورغ وايرلندا، و2.75 مليار دولار قيمة الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار على ثلاث سنوات، حال نجاحها في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وحصلت مصر على ما يعادل 2.75 مليار دولار من الصين في إطار اتفاق لمبادلة العملة، وعلى 1.5 مليار دولار بواقع مليار دولار من البنك الدولي كشريحة ثانية في إطار برنامج دعم التنمية في مصر، ونصف مليار دولار من البنك الافريقي للتنمية، وفقا لبيانات رسمية معلنة من وزارة المالية المصرية.

وقال الدكتور «محمد معيط»، نائب وزير المالية لشؤون الخزانة العامة، «إن معدلات التضخم في مصر بلغت مستويات مرتفعة جدا، وهو ما استدعى قيام الحكومة بإصلاحات وإجراءات اقتصادية في الوقت الذي ارتفعت فيه معدلات الفقر إلى 29٪ بسبب الزيادة السكانية وانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي، لاسيما وأن الناتج المحلي الإجمالي أصبح ينمو بمعدلات منخفضة».

وأضاف معيط، خلال كلمته في الاجتماع الذي نظمته غرفة التجارة والصناعة الفرنسية، «أن إيرادات الدولة في العام الماضي بلغت 491 مليار جنيه في الوقت الذي بلغت فيه قيمة المصروفات 366 مليار جنيه، مبينا أن الفجوة بين الإيرادات والمصروفات تزيد بشكل مستمر والديون تزيد بالتبعية كل عام»، قائلًا: «الدولة سددت فوائد ديون العام الماضي بقيمة 244 مليار جنيه، وعلينا دفع فوائد الديون لهذا العام بقيمة 310 مليار جنيه، والله أعلم حنجيبهم منين وإيراداتنا هتكون قد إيه».

وتابع، «في السابق لم يكن هناك تخطيط للمساعدة على التنمية إلا أنه في الوقت الحالي تتوفر خطط جيدة لتحقيق وضمان الاستدامة»، مضيفا: «حقبة الثورة والاحتجاجات التي عصفت بالشارع المصري، أدت إلى قيام الحكومة باتخاذ قرارات اقتصادية سيئة في ظل عدم وجود موارد للدفع ما أدى إلى الاقتراض وتوقفت المصانع عن العمل، وبدأت الموارد تقل والإنفاق الدين العام يزيد وتدهورت تنافسية الاقتصاد المصري»

وأعلنت وزارة المالية، في تقرير لها الأربعاء الماضي، «أن هناك زیادة مصروفات فيما يخص فوائد الديون بنسبة 18.7 ٪ لتصل إلى 135.3 ملیار جنیه (8.7 مليار دولار) لتمثل نسبة 4.2 ٪ من الناتج المحلي، في الفترة من تموز/يوليو الماضي وحتى نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي».

وعلى جانب آخر، انتقد يوسف بطرس غالي، وزير المالية المصري الأسبق، زيادة الإنفاق الحكومي خلال السنوات الست الماضية، مشيراً إلى أنه «لا توجد أزمة اقتصادية يمكن التعامل معها أمنياً».

وأضاف غالي، الهارب والمقيم في لندن، في أول حوار له منذ اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في فضائية «دي ام سي»، أن «تعيين أكثر من مليون موظف حكومي، بجانب زيادة الأجور خلال السنوات الست الماضية أحد أهم أسباب الأزمة الاقتصادية».

وأوضح، «أن ما يساعد الاقتصاد المصري في هذه المرحلة هو زيادة الاستثمار الأجنبي للمساهمة في تقليل العبء على الدين العام وزيادة الدخل»، موضحا «أن عجز الموازنة العامة هو المنبع الأساسي لمشاكل مصر الاقتصادية، لأنه يتسبب في زيادة طباعة النقود دون غطاء، وبالتالي زيادة معدلات التضخم بجانب تفاقم معدلات الديون».

وأكد «أن ارتفاع الأسعار المحلية بسبب طباعة البنكنوت يؤدي إلى اللجوء للسلع المستوردة، ثم في النهاية نقص العملة الصعبة بسبب زيادة الطلب عليها، ثم ارتفاع الأسعار بسبب ارتفاع قيمة الدولار، وتوقف المصنعين عن استيراد المواد الخام والدخول في حلقة مفرغة».

من جهتها، أوضحت مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتماني، في تقرير لها الخميس الماضي، «إن نمو احتياطات النقد الأجنبي، وتدفقات رؤوس الأموال الخاصة، وارتفاع قيمة العملة تشير إلى تحقيق تقدم في استعادة توازن المعاملات الخارجية لمصر، في وقت مبكر من 2017».

ولكن «فيتش» أشارت إلى أنه «حتى لو كانت الإصلاحات الحكومية تمر بسلاسة، فإن الاقتصاد يحتاج عدة سنوات لخفض إجمالي الدين الحكومي العام لمستويات مستدامة».

يشار إلى أن مصر خلال العام المقبل من المقرر أن تسدد نحو 12 مليار دولار مستحقة لثلاث دول خليجية، بواقع ملياري دولار للسعودية وملياري دولار للإمارات ومليار دولار للكويت، وهذه الدول منحت المبالغ الضخمة لمصر قبل نحو 4 سنوات لدعم نظام 3 يوليو/تموز 2013.

وهناك مديونيات أخرى مستحقة أيضا لدول خليجية قبل هذا الموعد، منها 500 مليون دولار قيمة سندات خزانة اشتراها صندوق التنمية السعودي الحكومي خلال عام 2014 ويحل موعد سدادها في يونيو/حزيران المقبل، وقد كشف مسؤول حكومي في مصر قبل أيام عن أن وزارة المالية تبحث مع البنك المركزي كيفية تدبير المبلغ.

وهناك مليار دولار دينا مستحقا لتركيا كانت أنقرة قد منحته لمصر في أكتوبر 2012 إبان حكم الدكتور «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب في البلاد، ويستحق السداد في أكتوبر/تشرين أول 2017، وقد وعد البنك المركزي المصري بسداد الدين في موعده.

ومن بين المديونيات المستحقة على مصر أيضاً مليارا دولار قيمة وديعة مستحقة للبنك المركزي الليبي، وهناك مفاوضات تجريها حاليا السلطات المصرية مع نظيرتها الليبية لتأجيل سداد الدين المستحق في أبريل/نيسان 2018.

وهناك مديونيات أخرى مستحقة على مصر لأصحاب السندات الدولية وبنوك وصناديق استثمار عالمية، منها مليار دولار مستحقة في نوفمبر/تشرين ثان 2017 ضمن 4 مليارات دولار تم الحصول عليها عبر طرح في بورصة إيرلندا، ومليار دولار مستحق في يناير/كانون ثان 2018 ضمن 4 مليارات دولار تم جمعها من الأسواق الدولية في الأسبوع الأخير من شهر يناير/كانون ثان 2017.

وهناك 3.5 مليارات دولار قيمة مديونيات متأخرة مستحقة لشركات النفط والغاز العالمية العاملة في مصر، وقد أعلن «طارق عامر» محافظ البنك المركزي المصري أخيراً، الالتزام بسداد 1.5 مليار دولار خلال العام الجاري 2017، على أن يتم سداد الملياري دولار المتبقية حسب الخطة المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي والتعهدات الحكومية التي قدمتها مصر للصندوق للحصول على موافقته على قرض بـ 12 مليار دولار.

وهناك نحو 2.4 مليار دولار من المقرر أن يتم سدادها لدول نادي باريس خلال العام والنصف القادم وذلك على 3 شرائح، الأول في يوليو/تموز 2017، والثاني في يناير/كانون ثان 2018، والثالث في يوليو/تموز 2018 وبواقع 800 مليون دولار لكل شريحة.

وهناك 200 مليون دولار أرباح الشركات الأجنبية المتأخرة العاملة في مصر والتي فشلت في تحويلها بسبب اضطرابات أسواق الصرف قبل قرار تعويم الجنيه المصري بداية شهر نوفمبر/تشرين ثان الماضي، وقد وعد البنك المركزي بتحويلها قبل شهر يونيو/حزيران المقبل.

 

المصدر | الخليج الجديد + القدس العربي

  كلمات مفتاحية

ديون مصر تعويم الجنيه الحكومة المصرية البنك المركزي المصري الجنيه المصري