8 عمليات تصفية لمعارضين منذ زيارة «السيسي» لجهاز «الأمن الوطني»

الخميس 9 مارس 2017 04:03 ص

72 ساعة، كانت كافية في مصر، لظهور تداعيات زيارة الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، لجهاز «الأمن الوطني» التابع لوزارة الداخلية، الأحد الماضي، مخلفة وراءها قصص ألم جديدة لنشطاء ومعارضين، تعرضوا للإخفاء القسري، وأعلن عن تصفيتهم لاحقا.

الزيارة، التي اعتبرها مراقبون، مكافأة للجهاز المعروف في ذاكرة المصريين بجهاز «أمن الدولة» سيئ السمعة، تم ترجمتها إلى سلسلة من عمليات الاغتيال بدم بارد، خارج إطار القانون، مع الإعلان عن تصفية الضحايا في اشتباكات مع قوات الأمن المصري.

ومنذ تولي وزير الداخلية الحالي، «مجدي عبد الغفار»، مهام منصبه في مارس/آذار 2015، تكررت حوادث قتل طالت عناصر معارضة للانقلاب العسكري، وبينها قيادات بـ«جماعة الإخوان المسلمين»، ومعارضون من تيارات سياسية أخرى.

وبينما تدعي الأجهزة الأمنية في مصر أنهم قتلوا بعد مبادرتهم بإطلاق النار على الأمن، يؤكد ناشطون معارضون وجماعة الإخوان المسلمين، عبر بياناتها وتصريحات مسؤولين فيها، أنه تم تصفيتهم بشكل متعمد؛ الأمر الذي تعززه دلائل عدة على مسرح الأحداث.

حسن مصطفى

حسن محمد مصطفى، الطالب بكلية الشريعة بجامعة بالأزهر، كان ضحية أحدث الوقائع التي أعلنت عنها وزارة الداخلية المصرية في رواية باتت معتادة لحوادث التصفية التي تنفذها، قائلة في بيان لها، إن «قطاع الأمن الوطني (جهاز استخباراتي داخلي)، تمكن من تحديد مكان اختباء أحد عناصر الحراك المسلح التابع لجماعة الإخوان الإرهابية، بإحدى مزارع مركز (مدينة) أبو صوير بمحافظة الإسماعيلية (شمال شرق)».

وأضافت الوزارة، أنه «عقب استئذان نيابة أمن الدولة العليا (جهة تحقيق عليا) تم إستهداف المزرعة إلا أن الإخوانى المذكور بادر بإطلاق الأعيرة النارية تجاه القوات مما دفعها للتعامل معه وقد أسفر ذلك عن مصرعه»، دون تفاصيل حول موعد المواجهات بدقة.

لكن «مركز الشهاب لحقوق الإنسان» أكد كذب رواية وزارة الداخلية المصرية، موضحا عبر بيان أنه «وثق خبر القبض التعسفي على الشاب حسن وآخرين من مدينة ههيا بمحافظة الشرقية يوم 4 ديسمبر/كانون الأول 2016 من قبل قوات الشرطة، التي اقتادتهم لجهة مجهولة».

وأضاف أن «جريمة قتل هذا الشاب وجرائم مماثلة أخرى قمنا بتوثيقها تجعلنا متأكدين من قيام قوات الأمن بإعلان تصفية هؤلاء الشباب عقب قتلهم تحت التعذيب في مقرات الأجهزة الأمنية» .

عبد الله هلال

نفس السيناريو تكرر مع الطالب «عبدالله هلال المتولي عبدالمجيد»، الطالب بالفرقة الثالثة كلية الهندسة بجامعة الأزهر، والذي أعلن عن تصفيته، اليوم الخميس، بعد اختطافه واختفائه لدى جهاز «الأمن الوطني» منذ ديسمبر/كانون أول الماضي.

وقالت مصادر حقوقية، إن الشرطة المصرية قامت بتصفية «عبدالله»، وهو من قرية «القباب الصغرى» بمدينة دكرنس التي تتبع محافظة الشرقية (دلتا النيل/شمال)، بحسب بوابة «الحرية والعدالة» الإخبارية.

وكانت أسرة «عبد الله»، تلقت اتصالا من مجهول، يفيد بالعثور على جثته فى مشرحة زينهم بالقاهرة، وأن الجثة موجودة منذ 16 فبراير/شباط الماضي، لكن والده، عند محاولة تسلم الجثة، بعد التعرف عليها، وجد كارتا مكتوبا عليه «يراجع الأمن الوطنى»، وتم تعطيل إجراءات تسلم الجثة لحين ورود الموافقة الأمنية.

وكان «عبد الله» قد أصيب بطلق ناري فى مجزة «رمسيس»، وسط القاهرة، التي ارتكبت بحق أنصار الرئيس «محمد مرسي» بعد 3 أيام من مجزرة فض «رابعة» في 14 أغسطس/آب 2013، وعانى من عدم القدرة على السير فترة دامت حوالى سنة ونصف، لكن تم اعتقاله في إبريل/نيسان 2015 بمدينة نصر، شرق القاهرة، بتهمة التظاهر، وأطلق سراحه لاحقا بكفالة، لكن أعيد اعتقاله مرة ثانية، واختفى قسريا ليظهر مجددا وقد تمت تصفيته بـ5 رصاصات فى البطن، وفق شهود عيان.

سامح فرحات

في 3 مارس/آذار الجاري، خرجت وزارة الداخلية المصرية، ببيان، يفيد بتصفية عناصر «إحدى البؤر الإرهابية التي تعتنق الأفكار التكفيرية»؛ لإجهاض محاولات العناصر الإرهابية الهاربة التخطيط لتنفيذ العمليات العدائية التي تستهدف زعزعة أمن واستقرار البلاد.

وقال البيان، «أمكن التوصل لمعلومات مؤكده تفيد اعتزام قيادي إحدى البؤر الإرهابية التي تعتنق الأفكار التكفيرية ويدعى/سامح محمد فرحات عبدالمجيد (مواليد 1987–ويقيم قرية بنى مجدول بدائرة مركز شرطة كرداسة بالجيزة) التردد على منطقة طريق المنصورية بدائرة قسم شرطة الأهرام بمحافظة الجيزة لعقد لقاء تنظيمي مع عناصر البؤرة المشار إليها للإعداد والتخطيط لتنفيذ عمل عدائي كبير خلال الفترة القادمة»، على حد زعم البيان.

وأضاف البيان، أنه «تم استئذان النيابة العامة واستهداف مقر عقد اللقاء التنظيمي المشار إليه إلا أن عناصر البؤرة الإرهابية استشعروا اقتراب القوات وبادروا بإطلاق الأعيرة النارية تجاهها مما دفع القوات للتعامل معهم وأسفر ذلك عن مصرع القيادي الإرهابي المذكور وعدد 3 من مرافقيه العناصر بتلك البؤرة الإرهابية».

وفي العادة توجه السلطات الأمنية في مصر، لمن تتم تصفيتهم دون محاكمة، اتهامات بالتخطيط لتنفيذ سلسلة من الحوادث الإرهابية، وتبادل إطلاق النار مع قوات الأمن، دون أن تسفر الاشتباكات عن إصابة أو مقتل أحد أفراد قوة المداهمة.

محفوظ ورجب

اللافت أن أغلب من تمت تصفيتهم خلال الأيام الماضية، هم طلاب بجامعة الأزهر، إحدى معاقل التيار الإسلامي، وأكثر الجامعات تظاهرا ضد الانقلاب العسكري، وهو ما كشفه هاشتاج «اكسر كلابش» على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مؤكدا استشهاد الطالب «أحمد محفوظ» بعد اختفاء قسرى لأكثر من 40 يوما.

وتحتفظ مشرحة زينهم بجثمان «أحمد» مصابا بطلقات فى البطن، وهو أحد أبناء قرية «زهر شرب» بمحافظة الشرقية (وسط)، وتم اختطافه يوم 29 يناير/كانون ثان الماضي، من مقر عمله خلف قسم «الزاوية الحمراء»، وسط القاهرة.

يرافقه نفس المصير «رجب أحمد علي»، الطالب بجامعة الأزهر، والمختفي قسريا منذ أشهر، والذي عثر على جثته أيضا بنفس المشرحة، التي باتت قبلة من تتم تصفيتهم، خارج إطار القانون؛ وغالبا ما يقوم «الأمن الوطني» باستخراج شهادات وفاة لهم تفيد بانتحارهم، أو مصرعهم في حادث سير، لتفادى المساءلة القانونية لاحقا.  

أحمد ومحمود

مطلع فبراير/شباط الماضي، زعمت وزارة الداخلية المصرية، أن «أحمد عبدالعزيز خلف محمد» (مواليد 1993 ويقيم بدائرة مركز شرطة الفتح بمحافظة أسيوط)، و«محمود عنتبلى محمد أحمد» (مواليد 1986 أسيوط ويقيم بدائرة مركز شرطة أبوتيح)، لقوا حتفهما خلال مداهمة مقر اختبائهما في المنطقة الصحراوية الواقعة بنطاق مدينة بدر.

وقال بيان الوزارة، إن «الإثنين مطلوب ضبطهما وإحضارهما على ذمة قضايا مرتبطة بالانضمام إلى تنظيم إرهابي يستهدف تنفيذ عمليات عدائية بالبلاد».

وأضاف البيان، أنه «عثر بحوزتهما على عدد بندقية آلية، وخزينة بها 18 طلقة من ذات العيار، وبندقية FN وخزينة بها 13 طلقة من ذات العيار، وكمية من الفوارغ».

ونفذت السلطات المصرية عمليات تصفية عديدة طالت عددا من النشطاء والمعارضين، أغلبهم من الشباب، وتبين لاحقا أنهم من المختفين قسريا.

وفي يوليو/تموز 2015، قام الأمن المصري بتصفية 13 من قيادات وكوادر جماعة الإخوان داخل أحد المنازل بمدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة، غرب القاهرة.

والعام قبل الماضي، قالت منظمة «هيومن رايتس مونيتور» (حقوقية غير حكومية)، إنها وثقت «مقتل 79 مدنيا خارج القانون، في مختلف محافظات مصر».

وتلاحق جهاز الأمن الوطني «أمن الدولة» سابقا، سمعة سيئة نتيجة وقائع التعذيب للمحتجزين السياسيين والناشطين، وتطبيق قرارات الاشتباه والطوارئ في احتجاز المواطنين دون اتهام قانوني، علاوة على التضييق على الحريات السياسية والحزبية والإعلامية والحقوقية، فتحول إلى إحدى شرارات ثورة 25 يناير/كانون ثان 2011، وكان الجهاز الأمني وقتها المتهم الرئيسي في قتل الشاب «خالد سعيد».

وكان «السيسي»، الذي أدار أدار حوارا مفتوحا، الأحد الماضي، مع ضباط الجهاز لاستعراض خطط تأمين البلاد، أعرب عن تقديره لجهود الأمن الوطني، وأجهزة وزارة الداخلية، لدورهم الذي يقومون به في حماية الدولة. وقال: «سنقدم كل الدعم للقطاع، لرفع قدراته على مواجهة التحديات، وعلى رأسها الإرهاب».

وكلف «السيسي»، ضباط وقيادات الجهاز بالاستمرار في استهداف البؤر المتطرفة والإجرامية، مطالبا برفع وتحديث قدرات ضباط قطاع الأمن الوطني، من خلال التدريب والاطلاع على أحدث الوسائل العلمية.

وقدم الرئيس المصري، تحياته لوزارة الداخلية، ووزيرها اللواء «مجدي عبدالغفار»، قائلا إنه «يكن كل التقدير والاحترام لجهود الأمن الوطني، وأجهزة وزارة الداخلية المختلفة لدورهم الذي يقومون به لحماية الدولة».

وتقول «المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، ومقرها بريطانيا، إنه منذ الثالث من يوليو/تموز 2013، وحتى الآن وثقت المنظمة تصفية 102 شخص على يد أجهزة الأمن المصرية أثناء الاعتقال، أو بعد تعرضهم للاختفاء القسري لفترات طويلة واختلاق روايات كاذبة حول مقتلهم، بالإضافة إلى مقتل 92 شخصا على الأقل تحت وطأة التعذيب داخل مقار الاحتجاز المختلفة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الأمن الوطني أمن الدولة عبدالفتاح السيسى مجدي عبدالغفار وزارة الداخلية المصرية تصفية معارضين