صندوق الثروة السيادي القطري يواصل توسعه رغم بريكست و«ترامب»

الأربعاء 29 مارس 2017 06:03 ص

يعتزم صندوق الثروة السيادية في قطر التوسّع في المملكة المتّحدة والولايات المتّحدة، حيث قال مسؤولون بارزون أنّ الفرص التجارية طويلة الأجل ستتغلّب على حالة عدم اليقين السياسي التي تهدّد البلدين.

وستُضيف إمارة الخليج الغنيّة بالغاز 5 مليارات جنيه إسترليني (6.3 مليار دولار) إلى محفظتها في الولايات المتّحدة خلال السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة، وستنشئ في القريب مكتبًا لها في سان فرانسيسكو، وهو ثاني مكتب لها في الولايات المتّحدة بعد نيويورك. وسوف يكون التركيز على البنية التحتية والتكنولوجيا والرعاية الصحية والعقارات، بحسب ما صرّح به المسؤولون.

وقد تمّ الإعلان عن هذه الخطط يوم الاثنين فى لندن، وقد تساعد الاستثمارات فى الإشارة إلى أنّ المملكة المتّحدة لا تزال وجهة جذّابة لرأس المال الأجنبي، حتّى بعد أن تغادر الاتحاد الأوروبي. ومن المقرّر أن تبدأ رئيسة الوزراء «تيريزا ماي» يوم الأربعاء مفاوضات حول فترة انتقالية لمدّة عامين لخروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي.

وقال وزير المالية «علي شريف العمادي» مع حوار مع «بلومبيرغ» ردًّا على سؤال حول ما إذا كانت محادثات بريكسيت المضطّربة ستغير وجهة نظر قطر: «إنّنا ننظر إلى استثماراتنا على أساسٍ تجاري. وكنّا نستثمر بشكلٍ كبيرٍ في المملكة المتّحدة وأوروبا خلال الأزمة المالية. ومعظم استثماراتنا طويلة الأجل على نحوٍ كبير».

وتعتبر قطر، أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم، مستثمرًا رئيسيًا على جانبي المحيط الأطلسي. ولديها أصول تقدر قيمتها بأكثر من 35 مليار جنيه في المملكة المتّحدة، بما في ذلك معالم لندن مثل متجر هارودز، وفندق سافوي وناطحة سكارد شارد. كما استثمرت هيئة الاستثمار القطرية أكثر من 60% من مبلغ 35 مليار دولار الذي خصصته للولايات المتّحدة.

وقال «جون سفاكياناكيس»، مدير البحوث الاقتصادية بمؤسسة مركز الخليج للأبحاث في الرياض: «تدرك قطر أنّه نظرًا لقاعدة رأسمالها الكبيرة وصغر الحجم النسبي لاقتصادها، فإنّ هناك قيودٌ على ما يمكنها القيام به داخل البلاد. ومن المنطقي الاستثمار في البلدان التي ستنتج عوائد طويلة الأمد وتتمتّع بالاستقرار».

ويذكر أنّ أكثر من 400 من المسؤولين القطريين والمديرين التنفيذيين متواجدون فى المملكة المتّحدة في المنتدى الاستثماري الذي يستمر ليومين برئاسة رئيسة الوزراء بالإضافة إلى مصرفيين من بعض أكبر المؤسسات المالية فى العالم. ونقل بيانٌ صدرَ في وقتٍ سابق من هذا الشهر أنّ هذا الحدث قد انتقل إلى برمنغهام يوم الثلاثاء، حيث كان من المقرّر أن تعرض الشركات البريطانية «مشروعاتٍ رفيعةِ المستوى جاهزة للاستثمار».

فائدة محقّقة

ولدى قطر مصلحة في الحفاظ على اقتصاد المملكة المتّحدة وأسعار الأصول قوية خلال وبعد خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي. فهي صاحبة 90% من واردات المملكة المتّحدة من الوقود. واستثمرت الإمارة المليارات في بنك باركليز بي إل سي خلال الأزمة المالية العالمية، وقد أنشأت محفظة الأسهم والعقارات على مدى العقد الماضي.

وقال «غانم نسيبة»، مؤسّس شركة كورنرستون غلوبال أسوشييتس في لندن، أنّ الاستثمارات «صغيرة جدًا لصنع الفارق» في اقتصاد المملكة المتّحدة. إلّا أنّه قال أنّ الأموال ستظل «تؤكّد من جديد جاذبية المملكة المتّحدة للمستثمرين الخليجيين الذين يرون فرصة للانخراط بشكلٍ أقوى مع المملكة المتّحدة الآن بعد خروجها من الاتّحاد الأوروبي».

وفي تقييمٍ صريح للشكوك التي تواجه المملكة المتّحدة بسبب خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي، قال الشيخ «عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني»، الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار: «إذا سألت أحدًا هنا، فلن يكون لديه أيّ مفتاحٍ للغزِ ما يحدث في هذا الاقتصاد».

غير أنّ عضو الأسرة الحاكمة القطرية قد قال أنّ صندوق الثروة ما زال يوافق على الالتزام «بكمية كبيرة من الاستثمار في المملكة المتّحدة وخاصةً فى البنية التحتية» خلال دورتها الاستراتيجية الأخيرة. وأضاف أنّ «هناك ضغط من مجلسي للتنويع من حيث الجغرافيا وفئة الأصول، لكنّنا لا نزال في الانتظار، حتّى بعد خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي، وذلك من أجل الفرص».

حيازة الأصول

وقال «العمادي»، وزير المالية، أنّ جهاز الإحصاء الوطني ووحداته يبحثون أيضًا عن الفرص المتاحة في الممتلكات والتكنولوجيا، فضلًا عن الطاقة، في المملكة المتّحدة، ورفض وجود أثر لضعف الجنيه على استثمارات بلاده.

وأضاف: «إذا نظرنا إلى ما كنا نحتفظ به في الأعوام العشر الماضية، نجد انّه لا يزال لدينا نفس الأصول حتّى اليوم، ولا أعتقد أنّنا سنتخلى عن هذه الأصول» في أيّ وقتٍ قريب.

كما قال أنّ بلاده ستشجع على إجراء أىّ محادثاتٍ بين الولايات المتّحدة ومجلس التعاون الخليجي المكوّن من ستّة أعضاء ويضم قطر، لإقامة اتّفاقية للتجارة الحرّة بعد خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبّي.

وقال الشيخ «عبد الله» للصحفيين أنّ إعلان يوم الاثنين سيحافظ على وضع المملكة المتّحدة كوجهة استثمارية كبرى بالنّسبة لقطر حتّى فى الوقت الذي ينظر فيه جهاز الاستثمار القطري في التوسّع في الولايات المتّحدة. وسيفتح الصندوق مكتبًا في سان فرانسيسكو بنهاية هذا العام أو بحلول الربع الأول من العام القادم.

وقال «العمادي» إنّ استثمارات قطر في الولايات المتحدة «تؤدّي حقًّا أفضل من المأمول منها».

وقال: «إنّ السوق الأمريكي قد حقّق نجاحًا جيدًا وخاصةً بعد انتخاب ترامب». وأضاف: «لكنّ الطريقة التي ننظر بها إلى ذلك هي تتعلّق أكثر بالسياسات الاقتصادية والمالية الأمريكية».

وقد عزّز صندوق الثروة السيادية الذي تبلغ قيمته 335 مليار دولار، والذي أُنشئ عام 2005 للتعامل مع عدم انتظام عائدات الغاز الطبيعي المسال في البلاد، وتيرة الاستثمارات مع انتعاش أسعار الطّاقة بشراء حصص في أكبر منتجٍ للدواجن في تركيا، وعملاقة النفط الروسية روسنفت، وشركة الطاقة البريطانية ناشيونال جريد بي إل سي.

وتدرس قطر أيضًا ما إذا كانت ستستثمر في صندوق تكنولوجي عالمي بقيمة 100 مليار دولار أسّسته مجموعة سوفت بانك. وقال الشيخ «عبد الله»: «نحن ندرس الخطّة ولم نتخذ قرارًا نهائيًا بعد».

المصدر | بلومبيرغ

  كلمات مفتاحية

بريكسيت ترامب بريطانيا أمريكا قطر صندوق الاستثمار القطري