رغم تأثيره على العائدات الحكومية: لماذا تخفّف السّعوديّة الضّرائب على أرامكو؟

الأربعاء 29 مارس 2017 10:03 ص

أصدرت الحكومة السّعودية مرسومًا ملكيًا بإعادة النّظر في ضريبة دخل شركات النّفط والغاز الطبيعي والّتي سيتم تطبيقها بأثرٍ رجعي في بداية العام. وقبل ​​قرار 27 مارس/آذار، كان جميع منتجي النّفط والغاز الطبيعي في المملكة العربية السّعودية يخضعون لضريبة بنسبة 85% على صافي الدّخل التشغيلي، والتي لا تشمل نفقات التشغيل. ومن المقرّر أن تستند ضرائب الدخل الآن إلى مستوى الاستثمار الكلّي الذي قامت به الشّركة في قطاع النّفط والغاز الطبيعي السعودي. أمّا الشركات التي استثمرت أكثر من 375 مليار ريال (100 مليار دولار)، بما في ذلك أرامكو السعودية، فإنّ ضريبة دخلها ستكون 50٪. وستدفع الشّركات التي استثمرت أقل ضريبة دخل %65 و75% و85% اعتمادًا على مقدار المال الذي ساهمت به.

يعدّ إصلاح هيكل ضريبة الدّخل التي تخضع لها شركات الطّاقة في المملكة خطوةً حاسمةً بالنّسبة للرّياض، حيث تستعدّ الحكومة للطرح الأولي الأول لشركة الطاقة العملاقة المملوكة للدولة، شركة النفط العربية السعودية (أرامكو).

تحليل

يهدف الاكتتاب العام إلى جمع الأموال لخطّة الإصلاح في (رؤية 2030) في البلاد، ولكن لكي تكون عملية البيع مربحة قدر الإمكان، فقد اضطّرت السعودية أولًا إلى خفض المعدّلات الضريبية إلى مستويات أكثر تنافسية. ومن النّاحية النّظرية، ينبغي أن يؤدي تخفيض الضرائب إلى زيادة عدد المستثمرين الراغبين في الدفع مقابل حصّة في أرامكو السعودية، الأمر الذي يزيد المبلغ الأولي الذي يمكن أن تتوقع المملكة الحصول عليه من خلال الاكتتاب العام.

ويشير تغيير قواعد ضريبة الدّخل أيضًا إلى أنّ المملكة جادّة في الاكتتاب العام ولن تتراجع عنه. وهذا يعني أيضًا أنّ المملكة ملتزمة على الأرجح بتعزيز صحة سوق النّفط العالمية من خلال الاستمرار في دعم تخفيضات إنتاج منظمة أوبك، والتي هي على وشك التمديد في 25 مايو/أيار. وتهدف السّعودية إلى دفع مخزونات النفط العالمية إلى أقرب مستويات متوسط آخر خمسة أعوام في وقت الاكتتاب العام لجذب أكبر قدر من الاهتمام. وبطبيعة الحال، لم تسرِ الخطط الموضوعة على ما يرام، فلم تلتزم روسيا بشكلٍ كامل، وهي الدولة التي كان من المفترض أن تتحمّل أكبر حصّة من الخفض خارج أوبك، وربما كان ذلك وراء التخلّي المفاجئ للجنة المراقبة عن مقترحها لتجديد الاتفاق. (وروسيا واحدة من بين 5 دول أعضاء في لجنة المراقبة، وباقي الدول الأربعة تؤيّد التمديد).

وبتغيير تطبيق ضريبة الدّخل بأثرٍ رجعي إلى الأول من يناير/كانون الثاني، تقوم المملكة أيضًا بخفض عائداتها النّفطية طوعًا لهذا العام. وكانت الرياض تتوقّع بالفعل عجزًا في الميزانية يبلغ 198 مليار ريال في عام 2017، على افتراض أنّ أسعار النّفط ظلّت عند نحو 50 إلى 55 دولارًا للبرميل وأنّ حوالي 85 في المائة من عائدات صادرات النفط السعودية انتهت في خزائن الحكومة. وإجمالًا، توقعت الحكومة أن تحصل على 480 مليار ريال سعودي من عائدات النّفط.

وبموجب اللوائح الجديدة، من غير المرجّح أن يحدث ذلك، على الرغم من أنّ جزءًا كبيرًا من خسائر الرّياض يمكن أن يعوّض عن طريق زيادة الأرباح. ولمعالجة أيّ عجز، من المرجّح أن تضطّر المملكة إلى الحصول على المزيد من المال من احتياطياتها من النقد الأجنبي (التي بلغت 524 مليار دولار في نهاية يناير/كانون الثاني)، بالإضافة إلى اقتراض المزيد من الأموال من الأسواق المالية و/أو زيادة ضرائب الإيرادات على الشركات خارج قطاع الطّاقة. وقد باعت السّعودية بالفعل سندات بقيمة 17.5 مليار دولار في شهر أكتوبر/تشرين الأول.

وتعوّل الحكومة السعودية على بعض الآلام على المدى القصير لتحقيق مكاسب طويلة الأجل. ومن النّاحية التاريخية، فإنّ أرامكو السعودية، وقطاع النّفط ككل، وعددًا قليلًا من الكيانات العامّة الكبيرة الأخرى، كانت هي مولّدات الإيرادات الرئيسية للدّولة السّعودية. وفي إطار رؤية 2030  وبرنامج التحول الوطني لمدة خمسة أعوام، ترغب المملكة في زيادة عائداتها غير النّفطية من 199 مليار ريال قد حصلت عليها في عام 2016 إلى 530 مليار ريال بحلول عام 2020. وتأمل الحكومة في تحقيق هدفها الأعلى من خلال إصلاح الدّعم، وقد اقترح مجلس التعاون الخليجي فرض ضريبة القيمة المضافة ورسوم إضافية على العمال الأجانب، من بين أمورٍ أخرى.

وفي الواقع، بمجرّد الإعلان عن التخفيضات الضريبية لشركة أرامكو السّعودية، أعلنت وزارة الإسكان السعودية أنّها ستطرح خططها هذا الأسبوع حول ضريبة الأراضي غير المطوّرة في المناطق الحضريّة. ومن المتوقّع أن تولّد الضّرائب ما بين 50 مليار إلى 75 مليار ريال سعودي سنويًا، الأمر الذي يجعلها من المحتمل أن تحلّ محلّ ثلث الإيرادات المفقودة بتخفيض العبء الضريبي عن شركة أرامكو. ومع ذلك، وكما هو الحال مع أيّ إجراءٍ ضريبيٍ جديدٍ مخطّط له أو ينفّذ في السعودية، فإنّ تنفيذ الحكومة لا يتطابق دائمّا مع نيّتها. ومن المرجّح أن يتردّد ملّاك الأراضي الخاصّة في دفع الضريبة الجديدة، كما حدث في الإمارات العربية المتحدة عندما تمّ تطبيق ضريبة مماثلة في الأعوام الأخيرة. ولأنّ هناك القليل من التّاريخ في دول مجلس التعاون الخليجي لهذه الضرائب الضّخمة، فإنّه من غير الواضح كيف، أو ما إذا كانت الشّركات ستقبل القواعد الجديدة، ومدى قيام الحكومة السعودية بإجبارها على التّنفيذ.

وبغضّ النّظر عن التنفيذ، ستتلقّى المملكة ضربة طفيفة لوضعها المالي في عامي 2017 و2018 قبل أن تنفّذ العديد من التدابير الضريبية الجديدة. وعلى الرغم من أنّه سيكون من الصّعب على الرياض أن تصل إلى هدفها من الإيرادات غير النفطية بحلول عام 2020، نظرًا للهبوط في سوق النّفط العالمية، فإنه ليس أمامها خيار سوى إجراء التعديلات الاقتصادية المؤلمة (إذا لزم الأمر)، بغضّ النّظر عن التكلفة.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

السعودية أرامكو عائدات النفط اكتتاب أرامكو