«نيويورك تايمز»: «ترامب» يهمش ملف حقوق الإنسان في مصر.. وتخفيض «المعونة» متوقع بسبب الميزانية

الأحد 2 أبريل 2017 09:04 ص

أشار البيت الأبيض يوم الجمعة أنه لن يسمح لقضايا حقوق الإنسان أن تتحول إلى نقطة نزاع هامة مع مصر، وهو تحول كبير بعيدا عن السياسات التي اتبعها الرؤساء السابقون من كلا الحزبين.

وفي الوقت الذي يستعد فيه الرئيس «ترامب» لاستضافة الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» في البيت الأبيض للمرة الأولى منذ استيلائه على السلطة في انقلاب عسكري عام 2013، قال مساعدون في البيت الأبيض إن الزعيمين سيركزان على المسائل الأمنية والاقتصادية. وعلى الرغم من تأكيد المساعدين أن قضايا حقوق الإنسان لا تزال تمثل مصدر قلق، فإنهم أكدوا أن السيد «ترامب» يفضل التعامل مع مثل هذه المسألة بشكل منفرد.

وأشاد بيان البيت الأبيض يوم الجمعة بحرب «السيسي» القوية ضد الإرهابيين والجهود التي يبذلها لتقوية الاقتصاد المصري، ولكنه تجنب أي إشارة إلى حملته على المعارضين المحليين. وقل البيان إن «السيسي»: «اتخذ عدة خطوات جريئة منذ أن تولى الرئاسة عام 2014، بما في ذلك الدعوة إلى إصلاح الخطاب الإسلامي وبدأ سلسلة إصلاحات اقتصادية شجاعة وتاريخية».

ويأتي قرار تهميش قضايا حقوق الإنسان في مصر عد أيام من إعلان إدارة «ترامب» للكونجرس أنها سترفع شروط حقوق الإنسان التي فرضها الرئيس «باراك أوباما» وتستأنف مبيعات الأسلحة إلى البحرين، وهي حليف حرج آخر في الشرق الأوسط والبلد المضيف للأسطول الخامس الأمريكي.

توجه متوقع

وتعزز هذه التحركات مجتمعة الرسالة بأن السيد «ترامب» ينوي جعل التعاون الأمني ​​حجر الزاوية في نهجه تجاه المنطقة، دون أن تصبح حقوق الإنسان عقبة، على عكس الرئيس «جورج بوش» الابن، الذي أكد أيضا على أهمية الديمقراطية، أو «أوباما» الذي كان يمارس ضغوطا على الدول الاستبدادية لتخفيف القمع.

«إن تجاوز ترامب مخاوف حقوق الإنسان في مصر ليس مفاجئا، بل يعني أن الكونغرس سيضطر إلى التدخل والاستمرار في استخدام سلطاته للحد من الدعم الأمريكي بالنظر إلى مدى خطورة حجم القمع والإيذاء تحت حكم الرئيس السيسي»، وفقا لـ«سارة مارغون» مديرة مكتب واشنطن في منظمة «هيومان رايتس ووتش».

وقال «توم مالينوسكي»، مساعد وزير الخارجية المكلف بقضايا حقوق الإنسان في عهد «أوباما»، إن المساعدات الأمريكية لمصر لم تترجم أبدا إلى الدعم المتوقع للسياسة الأمريكية. وقال: «لقد منحنا مصر أكثر من 70 مليار دولار على مر السنين ومع ذلك لا نجد اليوم طائرات مصرية تشارك في قصف تنظيم الدولة في الرقة والموصل». وأضاف: «كل ما نحصل عليه من المصريين هو القمع السياسي الذي يتسبب في تطرف الشباب ويعطي التنظيمات الإرهابية حياة جديدة».

وأعلن خمسة من أعضاء مجلس الشيوخ أنهم سيعرضون قرارا يحث مصر على تخفيف قمع المعارضة. وحث السيناتور «ماركو روبيو»، الجمهوري في فلوريدا، السيد «ترامب» على «الضغط من أجل الإفراج عن السجناء السياسيين في مصر، بما في ذلك الأميركيين المسجونين، وتشجيع مصر على إتاحة مساحة أكبر للمجتمع المدني وحرية التعبير للجميع».

وبصفته جنرالا في الجيش، ساعد السيد «السيسي» في قيادة الإطاحة بحكومة الرئيس «محمد مرسي» المنتخبة ديمقراطيا، ثم فاز بالرئاسة عقبها في انتخابات شابتها عمليات الاعتقال الواسعة النطاق لإضعاف المعارضة. ومنذ تولي «السيسي» السلطة، استهدف السيد «مرسي» وجماعة الإخوان المسلمين وغيرهم ممن يعارضون حكومته.

وانتقد تقرير وزارة الخارجية السنوي لحقوق الإنسانن والذي اختار وزير الخارجية «ريكس تليرسون» عدم تقديمه شخصيا كما فعل أسلافه، حكومة السيد «السيسي» لقمع الحريات المدنية والحرمان من الإجراءات القانونية الواجبة. وأشار إلى حالات الاختفاء القسري وظروف السجون القاسية والتعذيب والاعتقالات التعسفية والقتل والتحرش بمجموعات المجتمع المدني والحد من الحرية الأكاديمية والحرية الدينية ووسائل الإعلام المستقلة.

وهناك العديد من المواطنين الأمريكيين ضمن عشرات الآلاف من المحتجزين في سجون «السيسي» وعلى الأخص «آية حجازي»، وهي العاملة الإنسانية التي اعتقلت في مايو/ أيار 2014 بدعوى الاتجار وإساءة معاملة الأطفال. ولكن منظمات حقوق الإنسان تقول إن هذه الاتهامات تأتي ضمن حملة واسعة النطاق ضد جماعات الإغاثة التي تتلقى تمويلا أجنبيا في مصر. وفي ديسمبر / كانون الأول، قال السيناتوران «ليندسي غراهام» من ولاية كارولينا الجنوبية و«جون ماكين» من أريزونا، وهما جمهوريان، إنهما سيدعمان القيود الجديدة على المساعدات المقدمة إلى مصر إذا تمت الموافقة على قانون جديد مقترح هناك يقيد المنظمات المدنية.

وكافح كل من «بوش» و«أوباما» لتحقيق التوازن بين مخاوفهما بشأن الأوضاع الداخلية في مصر والتحالف الطويل الأمد مع الولايات المتحدة. وفي ظل الحكم الاستبدادي للرئيس الأسبق «حسني مبارك»، فإنه ظل شريكا موثوقا به للولايات المتحدة في ضمان السلام مع (إسرائيل) ومحاربة الجماعات الإرهابية، وظل يتلقى 1.3 مليار دولار سنويا من المساعدات العسكرية الأمريكية.

وبعد أن قرر السيد «جورج بوش» جعل تعزيز الديمقراطية موضوعا رئيسيا في رئاسته، فإنه أبقى السيد «مبارك» على مسافة بعيدة، ودفعه إلى إطلاق سراح المعارضين وإجراء الانتخابات، على الرغم من أنه سرعان ما أوقف الإصلاح وعاد إلى ملاحقة المعارضين مع نهاية رئاسته.

عندما اندلعت احتجاجات الربيع العربي في عام 2011، ضغط السيد «أوباما» على الرئيس «مبارك» للتنحي ودعم الانتخابات التي جاءت بـ«مرسي» إلى السلطة. وبعد أن تمت الإطاحة بـ«مرسي»، رفض «أوباما» وصف ما حدث بأنه انقلاب عسكري ولكنه قطع بعض مبيعات الأسلحة على أمل تخفيف الحملة الأمنية. ولكن ذلك لم يسفر عن نتائج في نهاية المطاف لذلك رفع «أوباما» تجميد الأسلحة ولكنه غير بعض قواعد التمويل ورفض دعوة «السيسي» إلى البيت الأبيض.

تخفيض المساعدات

وفى مؤتمر صحفي يوم الجمعة قال مسئولون بالبيت الأبيض أن «ترامب» لا تعتبر نقاش قضايا حقوق الإنسان على الملأ أمرا بناء. وقال إن النهج الذي يتبعه هو التعامل مع هذه القضايا بطريقة أكثر سرية.

وفى الوقت نفسه، قال المسئولون إن البيت الأبيض لا يستطيع الالتزام بالمحافظة على حزمة مساعدات مصر في المستويات الحالية، مستشهدا بمراجعة الميزانية. وقد اقترح السيد «ترامب» تخفيضات كبيرة في ميزانية وزارة الخارجية، وبينما قال المسؤولون إن المساعدات العسكرية لـ(إسرائيل) ستبقى دون أن تمس، فإن التخفيضات في المساعدات المقدمة لمصر قيد النظر.

ومن المقرر أن يقدم العاهل الأردني الملك «عبد الله» إلى البيت الأبيض يوم الأربعاء. ومثل مصر، فإن الأردن لديها معاهدة سلام مع (إسرائيل)، وكانت شريكا استخباراتيا حيويا للولايات المتحدة. وزادت المساعدات المقدمة إلى الأردن زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة لأنها استوعبت مئات الآلاف من اللاجئين من الحرب الأهلية في سوريا.

وبصرف النظر عن المساعدات، من المرجح أن يناقش السيد «ترامب» والسيد «السيسي» جماعة الإخوان المسلمين التي حظرتها مصر. وضغط «السيسي» من أجل تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية في أمريكا ولكن «أوباما» رفض الأمر. وكان مستشارو السيد «ترامب» يناقشون القضية مع توليه منصبه وبك زخم القضية تباطأ بسبب القلق من أنه سيؤدي إلى عزل المسلمين الأكثر اعتدالا ودفعهم نحو الجماعات العنيفة مثل تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية.

وأشار مسؤولو البيت الأبيض في إحاطتهم الإعلامية يوم الجمعة إلى أنه لم يتخذ أي قرار بتسمية جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، لكنهم توقعوا أن يثير السيد «السيسي» المسألة.

وقال بيان البيت الأبيض إن الإرهاب يشكل تهديدا كبيرا لاستقرار مصر. وأضاف البيان إن «الولايات المتحدة ملتزمة تماما بمساعدة مصر على اتخاذ الخطوات اللازمة لهزيمة الجماعات الإرهابية التي تتخذ من سيناء مقرا لها».

وتنتطر رحلة واشنطن في مصر منذ فترة طويلة، حيث يرى أنصار السيد «السيسي» مصافحة «ترامب» في البيت الأبيض بوصفها تأييدا رمزيا لزعيمهم. ومن المتوقع أن يرافق وفد تجاري «السيسي» أملا في جذب الاستثمارات الأجنبية.

وقال مسؤولون غربيون إن المسؤولين المصريين أعربوا عن انزعاجهم من الحديث عن خفض المساعدات الأميركية وسعوا إلى تخفيف التوقعات حول ما يمكن أن تنتجه الرحلة بشكل ملموس.

  كلمات مفتاحية

السيسي ترامب العلاقات المصرية الأمريكية المعونة الأمريكية

«السيسي» يستبق لقاء «ترامب» بـ 3 لقاءات اقتصادية وعسكرية