ما الذي يحدث في «البصارطة» شمالي مصر؟

الاثنين 3 أبريل 2017 04:04 ص

الحصار هو سيد الموقف، في قرية «البصارطة»، التابعة لمحافظة «دمياط» شمال دلتا النيل، وسط حملة تنكيل وعقاب جماعي تنفذها قوات الأمن المصري بحق أهالي القرية، بعد مقتل أمين شرطة على يد مجهولين.

وتشارك في عملية الحصار التي تدخل أسبوعها الثاني على التوالي، أعداد كبيرة من قوات الأمن، مدعومة بسيارات ومدرعات وناقلات جند تابعة للشرطة، تحاصر جميع مداخل ومخارج القرية، وتنفذ من آن لآخر عمليات مداهمة واقتحام للمنازل، وسط حالة من الرعب تسيطر على سكان القرية البالغ عددهم نحو 10 آلاف نسمة.

ومنذ عزل الجيش المصري للرئيس «محمد مرسي» في 3 يوليو/تموز 2013، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد، لم تنقطع الفعاليات الاحتجاجية والتظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري.

ويقول شهود عيان، إن قوات الأمن المصرية أخلت المنازل من سكانها، بعد تحطيم الأثاث، مهددين بحرق الأثاث والمنازل في حال لم يدل المواطنون عن أسماء وأماكن من تتهمهم الداخلية بقتل أمين الشرطة «حازم الأمير»، وسط انتشار لعناصر القناصة فوق أسطح المنازل. كما جرت عمليات اعتقال عشوائية لعدد من السكان، بما يشبه أخذهم رهائن مقابل تسليم المتهمين أنفسهم أو الحصول على معلومات عن أماكنهم الحالية.

ويقول الشاب «أحمد صابر» إن قريته تشهد اعتداءات غير مسبوقة من قبل قوات الأمن للانتقام من أهاليها لإصرارهم على مواقفهم الرافضة للانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013 واستمرار حراكهم ضده. ويضيف «دفعوا ثمنا له مقتل سبعة منهم على يد الأمن واعتقال أكثر من 150 من رجالها ونسائها خلال الفترة الماضية».

ويقول «صابر»، إن الأمن استغل مقتل الخفير على يد عدد من تجار المخدرات بعد حدوث خلاف معهم، وكانوا في الأساس يحظون بدعم من قيادات أمنية وغطاء لنشاطاتهم غير المشروعة في مقابل مساعدتهم للأمن في ملاحقة رافضي الانقلاب.

ويؤكد المتحدث أن الانتهاكات الأمنية بحق أهالي قرية البصارطة تتزايد كل يوم إلى حد الاعتداء بالضرب على النساء وسرقة الأموال والممتلكات من المنازل المقتحمة يوميا، واعتلاء قناصة عدد من البيوت العالية المشرفة على شوارع القرية، والتهديد بحرق عدد من المنازل، بالإضافة إلى انتهاك حرمة المقابر.

نداءات استغاثة

أهالي القرية أطلقوا نداءات استغاثة بمواقع التواصل الاجتماعي، وطالبوا المنظمات الحقوقية والإنسانية بالتدخل العاجل لإنقاذهم من البطش، وقالوا إن قوات الأمن كسرت محتويات ثلاثين منزلا وروعت أطفالهم ونساءهم، وتهددهم بتصفية أبنائهم واختطاف عدد منهم كرهائن لتسليم مجموعة من شباب القرية، بحسب الـ«الجزيرة نت».

وقالت إحدى سيدات القرية، إن أجهزة الأمن نفذت حملة اعتقالات عشوائية، واقتحمت عددا من منازل القرية بالكلاب البوليسية، كما نشرت قناصة فوق أسطح المنازل.

وأضافت شاهدة العيان، في مداخلة هاتفية مع قناة «مكميلن»، قائلة «أغيثوا البصارطة»، مشيرة إلى تفاقم الأوضاع المعيشية في القرية جراء استمرار الحصار الأمني.

ووصفت «سلمى أشرف»، مسؤولة الملف المصري في منظمة «هيومن رايتس مونيتور»، ما يتعرض له أهالي قرية البصارطة من تنكيل شديد بما يحدث في سيناء من عزل يسمح بارتكاب جميع الجرائم المحتملة على أيدي السلطات بلا رقيب.

من هذه الانتهاكات الاعتقال التعسفي الذي وصل إلى حد احتجاز أطفال والتحقيق معهم من أجل الحصول على معلومات عن ذويهم من الشباب، واقتحام منازل القرية بالكلاب البوليسية، وقطع خطوط الهواتف، واقتحام مقابر القرية، وفرض حظر تجوال في القرية.

قرى ضد الانقلاب

وتنفي السلطات المحلية تنفيذ عملية عقاب جماعي ضد سكان «البصارطة»، ويقول اللواء «نادر جنيدي»، مدير أمن محافظة دمياط، إن «الحياة تسير بصورة طبيعية في القرية، وأن ما يتردد عن وجود حظر لتجوال الأهالي لا يتعدى كونه محض شائعات»، على حد قوله. 

لكن سكان القرية، يشبهون ما يجري بأنه محاولة تركيع من قبل نظام الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، على غرار ما جرى لـ«كرداسة» في شمال الجيزة، و«دلجا» في محافظة المنيا، و«الميمون» في محافظة بني سويف، عقب مذبحة فض اعتصام رابعة مباشرة، في 14 أغسطس/آب 2013، وهي اقتحامات تواصلت بشكل مستمر لأيام عديدة.

ومن أبرز عمليات الاقتحام كانت تلك التي جرت في مايو/ آيار 2015، حين اقتحمت قوات العمليات الخاصة القرية، وأغلقت جميع المداخل والمخارج، وفتشت المنازل والحقول الزراعية، وأخضعت المارين للتفتيش الدقيق، بعد مصرع مجند وإصابة 7 بينهم ضباط، ما أدى إلى اشتباكات وقعت بين المتظاهرين وقوات الأمن، فسقط 3 قتلى من سكان القرية، وقتيلين من جانب الشرطة.

وتكرر اقتحام القرية في مارس/آذار 2016، بعد اشتعال النار في منازل عدد من المطلوبين على خلفية قضايا سياسية تتعلق بتهم التظاهر الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين. واتهم وقتها سكان «البصارطة» قوات الأمن بحرق المنازل، ومنع السكان من إطفاء الحرائق، واقتحام منازل ذوي المحبوسين على خلفية قضايا سياسية وتكسير محتوياتها.

ومجددا، في سبتمبر/ أيلول 2016 اقتحمت الداخلية القرية مرة أخرى بعد حصار كافة مداخلها ومخارجها، واقتحمت العديد من الشقق السكنية، وكسرت محتوياتها وأطلقت الرصاص في القرية، وأحرقت العديد من المنازل. كذلك، في أكتوبر/تشرين أول 2016 اقتحمت قوات الداخلية القرية بمساندة من مدرعات وسيارات الجيش، وفرضت حظراً للتجول في شوارع القرية، وفتشت المارة، وأطلقت الرصاص في سماء القرية، وتكرر إحراق عدد من منازل المطلوبين والمعارضين.

وكانت منظمة «هيومن رايتس مونيتور»، طالبت العام قبل الماضي، المجتمع الدولي بالتدخل والوقوف على جرائم وانتهاكات قوات الأمن المصرية والتي ارتكبتها في قرية «البصارطة»، في محافظة «دمياط» بدلتا مصر.

واستنكرت المنظمة الحقوقية موقف قوات الأمن من «اقتحامٍ القرية دون احترام أدنى حقوق المواطنين في الأمان والعيش بكرامة داخل منازلهم، مع الترويع الممارس بحق أهالي تلك القرية، واعتقال العشرات منهم بشكل تعسفي، فضلا عن قتل عدد آخر دون احترام حقهم المكفول بالمواثيق والمعاهدات الدولية في الحياة».

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

البصارطة محافظة دمياط الداخلية المصرية عبدالفتاح السيسي هيومن رايتس مونيتور

حكم نهائي.. النقض المصرية تؤيد السجن المشدد 5 سنوات لـ23 معارضا