ما الذي تضيفه حالة الطوارئ للقبضة الأمنية في مصر؟.. «المحاكم الاستثنائية» السر

الأحد 9 أبريل 2017 07:04 ص

جاء إعلان الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» حالة طوارئ لمدة ثلاثة أشهر، لحماية البلد ومنع المساس بمقدراتها، ليعطي مساحة أكبر للسلطة التنفيذية في تشكيل محاكم استثنائية، وتقييد الحريات.

أعلن «السيسي» ذلك، في كلمة وجهها مساء الأحد، عقب ترؤسه اجتماعا لمجلس الدفاع الوطني بعد مقتل 46 شخصا وإصابة أكثر من مئة آخرين في انفجارين وقع أولهما في كنيسة بطنطا وسط الدلتا، والثاني أمام كنيسة بالإسكندرية ثانية كبرى المدن المصرية بعد العاصمة القاهرة، وأعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» مسؤوليته عن التفجيرين.

وفي كلمة وجهها مساء الأحد، قال «السيسي» إن مجموعة من الإجراءات سيتم اتخاذها، وعلى رأسها إعلان حالة الطوارئ، بعد استيفاء الإجراءات القانونية والدستورية، مضيفا أن ذلك يأتي بهدف حماية مصر والحفاظ عليها ومنع المساس بقدرتها ومقدراتها.

ودعا «السيسي» الأجهزة الأمنية إلى تكثيف جهودها من أجل ضبط الجناة ومن يقف خلفهم حتى يحاسبوا، وفق قوله، كما دعا الإعلام المصري إلى التعامل مع الأحداث بمصداقية ومسؤولية وبوعي حتى لا يؤلم الناس، وفق تعبيره.

الدكتور «محمود كبيش» عميد كلية حقوق القاهرة السابق، قال إن «حالة الطوارئ هي المناخ الذي ينذر بوجود خطر على الدولة وأمنها القومي، سواء أكان ذلك بسبب وقوع حرب، أو قيام حالة تهدد بوقوعها، أو حدوث اضطرابات في الداخل، أو كوارث عامة، أو انتشار وباء، ما يستلزم اتخاذ إجراءات استثنائية يوفرها قانون رقم 162 لسنة 1958، والمعروف بقانون الطوارئ، والمنوط بإعلانه رئيس الجمهورية فقط، فيما يكون التجديد لمجلس الشعب، وفي حالة عدم وجوده ينوب عنه الرئيس أيضًا».

وأوضح «كبيش»، في تصريحات صحفية، أنه يجب أن ينص قرار إعلان حالة الطوارئ، على بيان الحالة التي أعلنت بسببها، وتحديد المنطقة التي تشملها، وتاريخ بدء سريانها.

موافقة الحكومة والبرلمان

وحددت المادة (145) من الدستور المستفتى عليه في 2014، إعلان حالة الطوارئ.

ونصت المادة في فقرتها الأولى على «يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأى مجلس الوزراء حالة الطوارئ، على النحو الذي ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه».

وتابعت المادة: «وإذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد العادي، وجب دعوة المجلس للانعقاد فورًا للعرض عليه».

وأضافت المادة: «وفي جميع الأحوال تجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز ثلاثة أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس.. واذا كان المجلس غير قائم، يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة، على أن يعرض على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له. ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ».

لكن الالتفاف على قيد عدم تمديد حالة الطجوارئ، ليس بالأمر العسير، حيث يمكن إعلان الطوارئ من جديد بعد بضعة أيام أو أسابيع من انقضاء الشهور الستة، وهم ما لجأت إليه الحكومة ومجلس النواب لضمان استمرار فرض أحكام الطوارئ وحظر التجوال في شمال سيناء، منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2014.  

وحول هذا الأمر، قالت مصادر لصحيفة «اليوم السابع»، أن الحكومة ستعقد غدًا الإثنين، اجتماعها الأسبوعي، برئاسة المهندس «شريف إسماعيل» لمناقشة عدد من الملفات الهامة وفي مقدمتها قرار رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر، وذلك للموافقة على القرار ورفعه لمجلس النواب لإقراره.

وأشارت المصادر، إلى أن قرار رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ يعرض على مجلس الوزراء للموافقة عليه بالإجماع ثم رفعه لمجلس النواب للتصويت عليه.

كما نقلت مصادر داخل البرلمان لموقع «صدى البلد»، أنها ستنتظر موافقة مجلس الوزراء، للتصويت على قرار إعلان حالة الطوارئ، متوقعة أن يكون تصويت الأغلبية بالموافقة على القرار.

محاكم استثنائية

وبحسب موقع «مدى مصر»، فخلال الأشهر الثلاثة القادمة (أو الستة في حالة التمديد)، سيكون من حق رئيس الجمهورية تخصيص دوائر للطوارئ في كافة المحاكم الابتدائية والاستئنافية، مع حقه في ضم ضباط الجيش إلى تلك المحاكم (وإن كان تشكيلها في عصر حسني مبارك قد اقتصر على القضاة المدنيين).

وبحسب المادة (9) من القانون، يمكن لرئيس الجمهورية، أو لمن يقوم مقامه، أن يحيل إلى محاكم أمن الدولة طوارئ أية جرائم يعاقب عليها القانون العام.

لا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه على الأحكام الصادرة من محكمة أمن الدولة طوارئ (المادة 12)، وهو ربما ما سيحقق الغرض الأهم من إعلان حالة الطوارئ الآن، نظرًا للصعوبات التي واجهتها الحكومة في تعديل قانون الإجراءات الجنائية من أجل تسريع إجراءات إدانة المتهمين في قضايا الإرهاب، وهو ما يعني أن محكمة النقض لن تتدخل في مراجعة الأحكام الصادرة.

ويمنح قانون الطوارئ رئيس الجمهورية سلطات واسعة في التدخل في أحكام محاكم الطوارئ، حيث يحق له إلغاء الحكم الصادر بالإدانة بعد التصديق عليه، مع الأمر بإعادة المحاكمة من جديد، أو تخفيف العقوبة، أو وقف تنفيذها. ولا تصبح أحكام محاكم الطوارئ نهائية إلا بعد تصديق رئيس الجمهورية عليها.

القوات المسلحة

في مقابل ذلك، تنص المادة (4) من حالة الطوارئ على أن تتولى القوات المسلحة «تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه. وإذا تولت القوات المسلحة هذا التنفيذ يكون لضباطها ولضباط الصف ابتداء من الرتبة التي يعينها وزير الحربية (الدفاع حاليًا) سلطة تنظيم المحاضر للمخالفات التي تقع لتلك الأوامر».

وأضافت: «وعلى كل موظف أو مستخدم عام أن يعاونهم فى دائرة وظيفته أو عمله على القيام بذلك ويعمل بالمحاضر المنظمة فى استثبات مخالفات هذا القانون إلى أن يثبت عكسها».

قيود على الحريات

وفي حالة الطوارئ أيضا، تعطى السلطة التنفيذية، سلطات واسعة لوضع القيود على حرية الأفراد وحقوقهم الدستورية؛ بوضع قيود على حرية الأشخاص في الإجتماع والإنتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام وإعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الاجراءات الجنائية وكذلك تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال.

فضلا عن الأمر بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم، وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها.

كما يحق للسلطة التنفيذية، تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها, وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها.

ويحق للسلطة التنفيذية أيضا، الاستيلاء على أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات وكذلك تأجيل أداء الديون والإلتزامات المستحقة والتي تستحق على ما تستولى عليه أو على ما تفرض عليه الحراسة.

فضلا عن سحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المواد القابلة للإنفجار أو المفرقعات على اختلاف أنواعها، والأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة.

كما يحق للسلطة التنفيذية، إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة.

لا جديد

بيد أن الحقوقي «أحمد مفرح»، علق على إعلان حالة الطوارئ بالقول، إنها لا تحمل جديدا.

وأضاف: «القانون مطبق بالفعل عن طريق قوانين مختلفة، مثل قانون التظاهر والذي تم اقرارة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، وقانون مكافحة الإرهاب الصادر في أغسطس/ آب 2015، وقانون حماية المنشات العامة الصادر في أكتوبر/ تشرين الأول 2015».

وتابع: «أمن المجتمع لا يتم بإقرار القوانين العرفية القمعية للحريات وحقوق الإنسان، وإنما بالتنمية والحوار المجتمعي».

تأثير اقتصادي

أما صحيفة «المصريون»، فنقلت عن خبراء اقتصاديون، قولهم إن «فرض حالة الطوارئ في مصر لمدة 3 أشهر، سيكون له عوامل سلبية فيما يتعلق بجذب الاستثمارات الخارجية».

وأشاروا إلى أن البورصة المصرية ستكون أكبر المتأثرين سلبيًا بالقرار الذي سيجهض جميع محاولات إعادة السياحة في الوقت الحالي.

وتراجعت مؤشرات البورصة المصرية خلال جلسة الأحد، متأثرة بالتفجيرات التى جرت في كنيستي طنطا والإسكندرية، وفقد رأس المال السوقي لها نحو 6 مليارات جنيه (333.3 مليون دولار) بعد مبيعات مكثفة من قبل المستثمرين المصريين الذين تخطت مبيعاتهم بنهاية الجلسة 500 مليون جنيه (27.7 مليون دولار)، وسط توقعات بحدوث هبوط كبير خلال جلسة غد الإثنين بعد إعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية.

تاريخ الطوارئ

وعرفت مصر الأحكام العرفية منذ العام 1914، إبان الحرب العالمية الأولى، بعد أن فرضت قوات الاحتلال البريطاني الأحكام العرفية في جميع أنحاء البلاد، لحماية مصالح بريطانيا وقواتها المتواجدة في مصر حينئذ.

وفرضت الأحكام العرفية ثانية مع الحرب العالمية الثانية في 1939، لكنها كانت هذه المرة أحكام عرفية مصرية.

وأعلنت الطوارئ للمرة الثالثة في مصر عام 1948، بمناسبة مشاركة الجيش المصري ضمن الجيوش العرب في حرب فلسطين، واستمرت عامين، قبل أن تفرض ثانية في 1952.

وطبقت الطوارئ لأول مرة عقب الثورة في يونيو/ حزيران 1967، بسبب دخول مصر في حرب ضد (إسرائيل)، وذلك حتى عام 1980.

وبعد اغتيال الرئيس المصري الأسبق «أنور السادات»، في أكتوبر/ تشرين الأول 1981، فُرضت حالة الطوارئ واستمرت حتى قيام ثورة 2011.

واستمر العمل بحالة الطوارئ، بعد الثورة، مارس/ آذار 2011، ثم عاد العمل به مرة أخرى في سبتمبر/ أيلول 2011، بسبب الأحداث التي وقعت أمام السفارة الإسرائيلية، وأُعلن رسميًا إيقاف العمل بقانون الطوارئ يوم مايو/ أيار 2012.

وفي عهد الرئيس الأسبق «محمد مرسي»، فرضت قانون الطوارئ في الذكري الثانية لثورة يناير/ كانون الثاني، لمدة شهر كامل بسبب أحداث الشغب في مدن القناة وقتها.

وعقب الانقلاب، وتزامنا مع فض اعتصام رابعة، أعلن الرئيس السابق «عدلى منصور» إعادة العمل بقانون الطوارئ وفرض حالة الطوارئ لمدة شهر، على خلفية فض اعتصامي رابعة والنهضة، وما شهدته البلاد من أحداث عنف.

وفي عهد «السيسي»، فرضت حالة الطوارئ في سيناء منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2014، وحتى الآن.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الطوارئ مصر السيسي تفجير كنيسة أحمد مفرح