«نيويورك تايمز»: قانون الجمعيات الجديد.. ضوء «ترامب» الأخضر يشعل وتيرة القمع في مصر

الخميس 1 يونيو 2017 07:06 ص

أصدر الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، يوم الاثنين، قانونًا يفرض لوائح صارمة جديدة على جماعات المساعدات، مما يثير المخاوف من أنّ حكومته تعتزم تسريع قمعها القاسي ضد نشطاء حقوق الإنسان قبل الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها العام المقبل.

وقد وافق البرلمان المصري في نوفمبر/تشرين الثاني على القانون الجديد الذي يُتوقع أن يتسبب في غلق بعض منظمات المساعدات، إلا أنّ «السيسي» تردد في التوقيع عليه بعد انتقاداتٍ من قبل مسؤولين غربيين، وعلى الأخص أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين جون «ماكين»، و«ليندسي غراهام»، واللذين هددا بتقييد المساعدات الأمريكية لمصر إذا تمت الموافقة على التشريع.

لكن في الآونة الأخيرة، ظهر «السيسي» أكثر جرأة من خلال الصداقة المتزايدة مع الرئيس «ترامب»، الذي أشاد بالقائد المصري بأنّه «رجلٌ رائع»، وأشار إلى أنّه لا يعتزم السماح لقضايا حقوق الإنسان بتذويب علاقتهما.

وقد رحب «ترامب» بـ«السيسي» في واشنطن الشهر الماضي، حيث التقى به مرةً أخرى خلال زيارته للمملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي، حيث تم تصوير الزعيمين يلمسان كرة ضوئية متوهجة إلى جانب الملك «سلمان»، عاهل السعودية. ولدى عودته إلى مصر، فرضت حكومة «السيسي» قيودًا جديدة على وسائل الإعلام، وقامت بمقاضاة زعيمٍ سياسيٍ منافسٍ أمام المحكمة، الأمر الذي زاد من الضغط الذي تتعرض له الحقوق السياسية وحرية التعبير.

وقالت «أيمي هوثورن»، الخبيرة في الشؤون المصرية في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط بواشنطن: «تشعر مصر والأنظمة الأخرى مثل البحرين بالتأكيد أنّ لديهم الضوء الأخضر من ترامب للقيام بالأعمال القمعية باسم مكافحة الإرهاب، وتتوقع أنّ إدارة ترامب لن تصدر أي كلمة نقد».

ويقول «السيسي» أنّ هناك حاجة إلى اتخاذ تدابيرٍ صارمة لمواجهة تهديد المتطرفين العنيفين مثل تنظيم الدولة الإسلامية الذي قتل منذ ديسمبر/كانون الأول أكثر من 100 مسيحي في حملة من العنف الطائفي. وفى الهجوم الأخير، قتل مسلحون 30 شخصًا أثناء تنقلهم إلى ديرٍ في محافظة المنيا جنوب مصر.

استراتيجية سيئة

ويعارض النقاد استراتيجية «السيسي» لمكافحة الإرهاب، ويقولون أنّها هي في الواقع ترسيخٌ سيئ يؤدي إلى مزيد من التطرف والعنف، لكنّ الرئيس يبدو عازمًا على الإطاحة بالمعارضين والمنافسين السياسيين.

ويضع القانون الذي أقره «السيسي»، يوم الاثنين، قيودًا صارمة على المنظمات المحلية غير الحكومية في مصر وعددها 47 ألف منظمة، فضلًا عن حوالي 100 جمعية تعتمد على التمويل الأجنبي. ويجعل القانون عملهم خاضعًا لموافقة هيئة تنظيمية جديدة يقول العاملون في مجال المساعدة أنّها من المرجح ألا تكون أكثر من مجرد وسيلة للتدخل من قبل الأجهزة الأمنية في البلاد.

وتحتاج جمعيات المساعدات، وفقًا للقانون، إلى إذن الهيئة الجديدة، التي لم تنشأ بعد، للقيام بعملٍ ميدانيٍ أو نشر استطلاعاتٍ للرأي، وعلى نطاقٍ أوسع، يجب أن يكون عملها في نطاق «خطط الدولة واحتياجات التنمية وأولوياتها»، وكل ذلك وفقًا للقانون.

وقال «محمد ضاري»، المدافع المصري البارز عن حقوق الإنسان:«هذه كارثة كاملة. لقد أخذوا كل شيء وانتهى الأمر. لا يتعلق الأمر فقط بمنظمات حقوق الإنسان، القانون يشمل أيضًا الجمعيات الخيرية وأي مجموعة منظمة لا يسيطرون عليها بالفعل».

ويواجه السيد «ضاري» نفسه حاليًا محاكمة بتهمة تعريض الأمن القومي للخطر، ومُنع من مغادرة مصر.

المزيد من القمع

وفي الأسبوع الماضي، حظرت حكومة «السيسي» 21 موقعًا في مصر، بما في ذلك موقع قناة الجزيرة، والنسخة العربية من هاف بوست، ومدى مصر، وهي منظمة إخبارية مستقلة نشرت العديد من التحقيقات في أعمال الأجهزة الأمنية. وبعد ظهور احتجاجٍ على وسائل التواصل الاجتماعي، عاد مدى مصر للعمل مرةً أخرى يوم الإثنين.

وفي 23 مايو/أيار، ألقت الشرطة القبض على «خالد علي»، وهو محامٍ بارزٍ في مجال حقوق الإنسان قاد المعارضة على قرار «السيسي»، في مطلع العام الماضي، بتسليم جزيرتين في البحر الأحمر إلى السعودية. وقد أغضب هذا الاتفاق الرأي العام المصري، وهو من القضايا القليلة التي هُزم فيها «السيسي» سياسيًا.

ورأى البعض الاعتقال كجزءٍ من محاولة «السيسي» إخلاء المجال لنفسه من منافسيه قبل انتخابات الرئاسة العام المقبل. وإذا أدين «خالد علي»، وهو أحد منافسيه، بتهمة «انتهاك الآداب العامة»، قد يواجه عقوبة السجن لمدة عامين، وسيحرم بالتالي من الترشح للرئاسة.

وفي واشنطن، تعرضت علاقة «السيسي» الحارة مع «ترامب» إلى نقدٍ شديدٍ من ماكين وغراهام. وفى بيانٍ مشترك في ديسمبر/كانون الأول الماضي، انتقدا قانون جمعيات المساعدات الجديد، واصفين إياه بالـ «صارخ»، وتعهدا بتفعيل القيود المفروضة على المساعدات الأمريكية لمصر، والتي تبلغ حاليًا نحو 1.3 مليار دولار سنويًا، إذا تم سنه. ولم يتسنّ الوصول إلى مكاتبهم للتعليق عليها يوم الاثنين.

وقالت هوثورن، المحللة التي كانت تتوقع أنّ القانون الجديد سيضعف مصر من خلال تجريم عمل العديد من منظمات المساعدات:«هذا يومٌ سيءٌ جدًا لمصر».

وأضافت: «لدينا تجربة فظيعة برؤية ما يحدث عندما تسحق الأنظمة الاستبدادية هذه المساحة بين المواطنين والدولة. هذا ما حدث في عهد القذافي في ليبيا، وهذا ما حدث في عهد صدام حسين في العراق. وهذا لا يؤدي أبدًا إلى الاستقرار».

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي ترامب قانون الجمعيات

القمع في مصر نتيجة حتمية للانقلاب على الديمقراطية

التعثر والعوار يلاحقان قانون الجمعيات الأهلية في مصر