«ن. تايمز»: قطر في زاوية العقاب بسبب تبنبها رؤية مخالفة لتحالف السعودية وأمريكا و(إسرائيل)

الأربعاء 7 يونيو 2017 01:06 ص

في العالم الغامض للدبلوماسية العربية، لا تبدو الأمور كما هي على السطح. ولكن ما قامت به السعودية والبحرين والإمارات ومصر من قطع السفر الجوي والبحري والبري مع دولة قطر هذا الأسبوع كان واضحا بما فيه الكفاية، حيث اتهمت دول الخليج قطر برعاية الجماعات المتطرفة.

وقد أيد الرئيس «دونالد ترامب» هذا الرأي عبر تويتر، مضيفا أنه ناقش «تمويل الفكر المتطرف» خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط. وقال إن قادة الخليج الذين التقوا به «كانوا يشيرون إلى قطر».

وعلى الرغم من سهولة هذه السردية، فهناك قوى أخرى في هذه اللعبة. والواقع أن دولة قطر لعبت وحدها، وذلك لأن لغة الدبلوماسية الإقليمية لديها، لا تتفق مع الرؤية الجماعية للشرق الأوسط التي تتشاطرها الآن الولايات المتحدة و السعودية و(إسرائيل).

وما من شك في أن عشيرة آل ثاني التي تحكم الإمارة من عاصمتها الدوحة مولت مقاتلين يقاتلون نظام الرئيس «بشار الأسد» في سوريا ودعمت جماعة الإخوان المسلمين، وخاصة في مصر. ولكن هذا ضمن لعبة إقليمية أوسع. ولكن حتى إذا سلمنا بهذه الأمور، فمن العجيب أن تصدر مثل هذه الاتهامات من السعودية، مع تاريخها في دعم الجماعات المسلحة السنية في سوريا وتدخلها العسكري في اليمن.

إن الخطيئة الشنيعة التي تعاقب عليها الدوحة هي استعدادها للاعتراف بأن إيران تحتل موقعا كقوة إقليمية هامة، وأن الإسلاميين السياسيين مثل حماس والإخوان لهم دور يلعبونه في تحديد مستقبل الشرق الأوسط. وبصراحة، تعاقب دولة قطر على رفضها قبول الوضع القائم على مدى السنوات الأربعين الماضية، ولأنها تجرأت على الطعن في الحكمة التقليدية في الخليج التي تجرّم طهران، والتي ترى أن دعم القادة العسكريين وقمع الإسلام السياسي هو الطريق الصحيح في المنطقة.

وفي حين أن هذه القوى الثلاث، السعودية والولايات المتحدة و(إسرائيل) تدفع شعورا بفكرة السلام في الشرق الأوسط، فإن المصالح الذاتية الضيقة هي التي توجههم بشكل متزايد. وهذا الحساب القصير النظر هو ما يدعم تحالفهم المحتمل.

وهذا لا يعني أن قطر طرف بريء لا يستحق أي انتقاد. ويتناقض موقف الدوحة منذ بداية الربيع العربي كبطل للإصلاح السياسي بشكل ملحوظ مع طبيعة نظام الحكم الخاصة بها والتي تتشابه مع طبيعة معظم الأنظمة الخليجية.  وفي إحدى الحالات، قامت الحكومة منذ عام 2004 بإلغاء مواطنة أكثر من 5000 من أفراد عشيرة واحدة، وذلك في ظل مزاعم بأن بعض أفراد هذه الأسرة كانوا متورطين في مؤامرة مقرها السعودية للإطاحة بوالد الأمير الحالي في عام 1996.

ولتبرير هذا القطع الأخير للعلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، أشارت السعودية إلى التعليقات القطرية الأخيرة التي تثني على إيران والمنسوبة إلى أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني». وقد رفضت قطر هذه الادعاءات على أنها «أخبار مزورة» وجزء من هجوم اختراقي واسع النطاق على وكالة الأنباء الوطنية.

ولكن هذه التوترات ليست جديدة. فوجهات نظر قطر حول حماس الإخوان وحتى حول إيران ليست وليدة اللحظة. إلى حد ما، أخذت قطر - التي هي موطن لحوالي 10,000 جندي أمريكي في قاعدة العديد - زمام المبادرة من مبدأ «أوباما» في التعامل مع إيران، مما أدى إلى الوصول للاتفاق النووي المبرم في عام 2015. ووجود هذا التوافق الدبلوماسي كان مبنيا على القاعدة الجوهرية ذات الأهمية الاستراتيجية التي تعني أن الدوحة تتمتع بقدر من الحماية الأمريكية وهي تتابع جدول أعمالها الإقليمي.

وقد تغير ذلك مع وصول إدارة جديدة ومختلفة جدا في واشنطن. وبما أن السيد « ترامب» حاصر نفسه مع زمرة من المستشارين المهووسين بالتهديدين التوأمين: النفوذ الإيراني و «الإرهاب الإسلامي المتطرف»، فمن المنطقي أن السعوديين قد قرروا أن هذه هي اللحظة التي يجب أن يتصرفوا فيها بهذا الشكل . إن معاقبة قطر وعزل إيران يتناسبان أيضا مع تقييم الحكومة الإسرائيلية لمصالحها الاستراتيجية، حيث تواجه حماس في غزة على حدودها الجنوبية الغربية.

الدوحة تتعرف على التوجه الجديد للولايات المتحدة، وهي تتعلم الآن أن هناك ثمن عليها أن تدفعه .

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

الإمارات قطر مقاطعة قطر السعودية ترامب (إسرائيل)