«بلومبيرغ»: الأمير السعودي والشيخ الإماراتي.. تحالف المصالح الهادف إلى إخضاع قطر

الخميس 8 يونيو 2017 09:06 ص

لم يكن إعلان المملكة العربية السعودية وثلاثة من حلفائها القطيعة مع قطر بعد الساعة السادسة من صباح يوم 5 يونيو/حزيران موقعًا، ولكن لم يكن هناك أدنى شك حول من يقف وراء ذلك.

وحمل هذا التحرك لوقف النقل الجوي والبحري وإغلاق الحدود البرية الوحيدة للبلد الخليجية الصغيرة بصمات اثنين من أقوى القادة في العالم العربي، ولي ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» والشيخ «محمد بن زايد»، الرئيس بحكم الواقع لدولة الإمارات العربية المتحدة.

ويؤكد العمل المنسق السلطة المتزايدة لكلا الرجلين اللذين تسيطر بلداهما على كميات هائلة من الثروة النفطية وشراء الأسلحة من الولايات المتحدة. ولقد استخدما كل الإمكانيات المتاحة لهما في الشرق الأوسط في الأعوام الأخيرة لدعم القادة والمجموعات التي يحبونها والوقوف في وجه الذين يعارضونهما. والآن، أصبح لديهم الدعم الصريح من الرئيس «دونالد ترامب» خلال محاولته تشديد الموقف الأمريكي بشأن إيران.

وكان الهدف المعلن هو القضاء على «الإرهاب الذي ترعاه إيران»، وزعموا أنّ قطر تساعد في تمويله، وهو ما قال «ترامب»، على موقع تويتر يوم الثلاثاء، أنّ قادة الشرق الأوسط قد أبلغوه بذلك بشكلٍ أساسيٍ خلال زيارته للسعودية الشهر الماضي.

وأدى التحول المفاجئ ضد أغنى دولة في العالم من حيث دخل الفرد، بفضل احتياطياتها الوفيرة من الغاز الطبيعي، إلى وضع السعوديين والإماراتيين في مواجهة مباشرة مع دولة ما زالت حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة وتستضيف القيادة المركزية الأمريكية. وقد سمح ذلك لـ «بن سلمان» و«بن زايد» بإرسال رسالة واضحة إلى نظيرهما القطري الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني»، البالغ من العمر 37 عامًا، مفادها أنّهما من يديران الموقف في المنطقة.

المصالح المكتسبة

والسؤال المطروح الآن هو ماذا سيحدث تاليًا في المنطقة التي تحاول التعامل مع انخفاض أسعار النفط والحد من تداعيات المعركة الدائمة بين السعوديين وحلفائهم السنة وإيران الشيعية.

يعود الأمر كله في هذا التنافس إلى الجهود الرامية إلى تقويض جماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة تعارضها السعودية والإمارات منذ أعوام، ويرجع ذلك جزئيًا إلى هدفها المعلن المتمثل في السعي للوصول إلى السلطة من خلال الانتخابات. كما ضم التحالف ضد قطر مصر التي أطاحت قيادتها بالإخوان في انقلابٍ عام 2013، بقيادة قائد الجيش المدعوم من قبل الإمارات «عبد الفتاح السيسي»، بالإضافة إلى البحرين.

لكنّ الأزمة السياسية الجديدة لا تنبئ بوضعٍ جيد لأي من الأطراف. فالسعودية عالقة في مأزقٍ دموي في حربها في اليمن ضد المتمردين الموالين لإيران. وفي سوريا، فإن حلفاءها في تراجعٍ مستمر في مواجهة القوات المدعومة من روسيا وإيران. وتعد مصر في حالة من الاضطراب الدائم حتى بعد الدعم السخي بمليارات الدولارات، والذي تلقته من الإمارات والسعودية كدعم سياسي.

وقال «مختار عوض»، وهو باحث في برنامج جامعة جورج واشنطن حول التطرف، أنّ «محمد بن سلمان ومحمد بن زايد يتبعان سياسة عدم التسامح مطلقًا تجاه أي نوعٍ من المشاريع السياسية الراديكالية في المنطقة، سواء كانت سنية أو شيعية». وأضاف أنّ الخطر هو أن يكون الزعيمان «ملتزمين باتباع سياسة لا يبدو أنّها ناجحة».

أهداف مشتركة

وبدأت الإمارات في الانخراط أكثر في المنطقة قبل بضعة أعوام في حين كانت الولايات المتحدة وغيرها من القوى العربية مشتتة في أماكن أخرى. ثم جاءت التغييرات داخل الأسرة المالكة في السعودية، تلاها مغادرة «باراك أوباما»، الذي عكس «ترامب» مسار تقاربه مع إيران الذي صاحب الاتفاق النووي.

وكان «بن زايد»، البالغ من العمر 56 عامًا، من بين أول القادة في المنطقة ارتباطًا بالأمير محمد (31 عامًا) الذي عينه والده الملك «سلمان» وليًا لولي العهد عام 2015.

وظهر الأمير الطموح ووزير الدفاع السعودي أيضًا كقوة دافعة وراء خطة الإصلاح التي كشف عنها العام الماضي والتي تهدف إلى إدخال بلده، في اقتصاد القرن الحادي والعشرين. وقد يكون نموذجه الذي يرغب به مثل دبي، وليس أبوظبي الأكثر تحفظًا والتي يحكمها «بن زايد»، لكنّ العلاقة توطدت.

وقال «ديفيد أندرو واينبرغ»، الزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: «إنّ نهج السياسة الخارجية الإماراتية والسعودية مدفوعٌ إلى حد كبير بالشخصيات». لكنّ هذا في حد ذاته يحمل خطرًا، إذا خلف الملك «سلمان»، على سبيل المثال، ملكًا لا يشارك «محمد بن سلمان» رؤيته. كما أنّ الفشل في اليمن يمكن أن يقوض موقف الأمير في السعودية.

الأمير الصغير

قد تمكنت قطر من خلال ثروتها المستقلة من حقل الغاز الذي تشترك فيه مع إيران من تطوير سياساتٍ خارجية تختلف عن جيرانها. وقد مولت جماعة الإخوان المسلمين في مصر وحماس في قطاع غزة والفصائل المسلحة التي عارضها الإماراتيون والسعوديون في ليبيا وسوريا.

وأصبح «تميم بن حمد آل ثاني» أميرًا عام 2013 بعد تنازل والده عن الحكم. وقال «بيتر ساليسبري»، الباحث البارز في برنامج شاتام هاوس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «لقد اعتبر تمرير الحكم محاولة لإثبات كيفية تكيف قطر مع طرقها الشاذة" في المنطقة». وقد سعى والده من خلال الفوز بحق استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، إلى تعزيز سمعة قطر الدولية من خلال محاولة إعادة تصنيف البلاد كصانع سلام إقليمي.وأض

وأضاف: «ساليسبري» أنّه حين شعرت السعودية والإمارات بعد ذلك بعام «أنّ قطر ما زالت لم تدخل تحت مظلتها السياسية، قطعت العلاقات الدبلوماسية».

وتصاعد كل ذلك هذا الأسبوع. ورفضت الحكومة في الدوحة الاتهامات برعاية التطرف، وقالت أنّ السعوديين يسعون فقط للسيطرة على المنطقة. وفي الوقت الراهن، سعى حاكم الكويت إلى التوسط في حل للمواجهة بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي. لكنّ الجولة الأخيرة من المباراة قد تكون بمحاولة الإطاحة بالقيادة في قطر.

وقال «يزيد صايغ»، الزميل البارز في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت: «بفضل زيارة ترامب الأخيرة، يبدو أنّهم يشعرون بأنّ لهم ظهرًا بسبب تبنيه خطابًا معاديًا للإسلام ومعاديًا لإيران. ويبدو أنّهم يعتقدون أنّ هذا يعني أنّهم يستطيعون فعل ما يريدون».

المصدر | بلومبيرغ

  كلمات مفتاحية

قطر مقاطعة قطر الإمارات السعودية بن سلمان بن زايد