الأزمة الخليجية.. لماذا انتقلت تركيا من مربع الحياد إلى إلقاء ثقلها خلف قطر؟

الخميس 8 يونيو 2017 09:06 ص

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن تركيا، بعد محاولة أولية للبقاء على الحياد في الأزمة الخليجية الراهنة، اضطرت إلى إظهار دعمها الواضح لقطر؛ لأنها لا تريد أن تفقد أصدق حلفائها في المنطقة، والذي يشاطرها نفس المواقف إزاء ملفات عدة في المنطقة.

وأضافت الصحيفة، نقلاً عن خبراء سياسيين، أن تركيا تخشى فرض مزيد من القيود على دورها في المنطقة حال استسلمت قطر لضغوط جيرانها.

وأقر البرلمان التركي، مساء اليوم الأربعاء، قانونا يسمح لأنقرة بنشر المزيد من القوات في قاعدتها العسكرية في قطر، التي تضم حاليا نحو 150 جندياً.

الخطوة عدتها «نيويورك تايمز» تأييداً واضحاً من تركيا لقطر في مواجهة محاولة عزلها من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

وتحتفظ أنقرة بقاعدة عسكرية في قطر، حيث وقعت بين الطرفين في العام 2007، اتفاقية بشأن التعاون في مجالات التدريب العسكري والصناعة الدفاعية ونشر قوات مسلحة في البلدين.

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن خطوة البرلمان التركي جاءت تالية لخطاب ألقاه الرئيس «رجب طيب أردوغان»، انتقد فيه الدول التي اتخذت الإجراءات التي اتخذتها دول خليجية وعربية ضد قطر، بما فيها السعودية والامارات والبحرين ومصر واليمن.

وقال «أردوغان»، في تصريحات لوكالة «فرانس برس»، أول أمس الثلاثاء: «أريد أن أقول بوضوح إننا نرفض العقوبات المفروضة على قطر».

والإثنين الماضي، أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وإغلاق أجوائها أمام الطائرات القطرية. كما أغلقت السعودية، الجار الوحيد لقطر، حدودها أمام حركة المرور القطرية. ووضعت تلك الإجراءات قطر، التي تستورد أغلبية كبيرة من غذائها، في أزمة.

حياد لساعات قليلة

وحسب «نيويورك تايمز»، حاولت تركيا في البداية أن تظل في موقف الحياد من الأزمة الخليجية، وأن تتوسط لنزع فتيلها.

وفي هذا السياق، أجرى «أردوغان»، الإثنين، محادثات هاتفية مع قادة قطر والسعودية وروسيا والكويت، والأخيرة يبذل أميرها جهود وساطة لإنهاء الأزمة الخليجية.

كما حاول «إيلنور سيفيك»، مستشار السياسة الخارجية للرئيس «أردوغان»، إظهار الموقف المحايد لبلاده من الأزمة، قائلا عن أطراف الأزمة: «هم جميعا إخواننا السنة وأصدقائنا».

لكن مع إقرار البرلمان التركي أمس للقانون الجديد، انتقلت أنقرة «من موقع الوسيط المحايد الذي استمر لساعات قليلة إلى دور الدعم القوي لقطر»، حسب «غالب دالاي»، مدير الأبحاث في «منتدى الشرق»، وهو مركز بحثي تركي (غير حكومي).

أيضاً، اجتمع «أردوغان» في انقرة، أمس الأربعاء، مع وزير الخارجية الإيراني «محمد جواد ظريف»، وهو مؤشر آخر على أن تركيا لم تعد تقف على الحياد من الأزمة الخليجية.

تركيا تخشى فقدان أصدق حلفائها

وعن أسباب تغيير تركيا لموقفها من الأزمة الخليجية من الحياد إلى تقديم الدعم القوى لقطر، قال «دالاى»: «تركيا كانت لا تريد أن تضطر إلى الوقوف إلى جانب طرف في هذه الأزمة في مواجهة طرف آخر».

واستدرك: « لكن تركيا تشعر بقلق بالغ من أنه في حال استلمت قطر الضغوط (من جيرانها)، فإن الدوحة ستعيد تقييم علاقاتها مع أنقرة».

ووفق «نيويورك تايمز»، فإن تركيا معزولة نسبياً في المنطقة، وتخشى من فقدان قطر؛ أصدق حليف لها في المنطقة.

وكان أمير قطر، الشيخ «تميم بن حمد»، أول زعيم يتصل هاتفياً بـ«أردوغان» إثر محاولة انقلاب عسكري فاشلة شهدتها مدينتا أنقرة وإسطنبول، منتصف يوليو/تموز 2016، في ليلة تباطأ فيها حلفاء تركيا الآخرون في تقديم الدعم للرئيس التركي.

من جانبه، قدم «أوزغور أونلوهيسارسيكلي»، مدير مكتب «صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة» في أنقرة، تفسيرات لوقوف تركيا إلى جانب قطر في الأزمة الخليجية الراهنة، قائلا إن قطر وتركيا تتشاطران نفس الرؤية في الشرق الأوسط.

وقال: «الدول المتحالفة مع السعودية تريد أن ترى قطر تستسلم، لكن تركيا لا تريد أن ترى ذلك، أو ترى أن قطر تغير استراتيجيتها في الشرق الأوسط؛ لأن الدولتين لها نفس النهج في مصر وسوريا وفلسطين» بالنسبة لجماعة «الإخوان المسلمين»، وحركة «حماس».

واستضافت كل من قطر وتركيا العديد من قيادات وكوادر جماعة «الإخوان المسلمين»، الذين فروا من مصر على خلفية القمع الأمني الذي طالهم بعد الانقلاب العسكري، صيف العام 2016، على «محمد مرسي»، المنتمي للجماعة، وهو أول رئيس مدني منتخب ديموقراطياً في تاريخ مصر.

وقال «دالاى»: «اذا استسلمت قطر لضغوط جيرانها العرب، فان ذلك سيعنى أن دور تركيا في المنطقة سيتعرض لمزيد من القيود».

  كلمات مفتاحية

تركيا قطر الأزمة الخليجية